مقدمة:
تعتبر العقيدة الألفية عقيدة خطيرة لعدة أسباب. تتركز اعتراضاتي الرئيسية في أنها (وربما عن غير قصد) تقلل من شأن سلطان المسيح، موت المسيح، وأهمية الكنيسة والبشارة، بينما ترفع في نفس الوقت من شأن الأهداف المادية، القومية اليهودية (محاباة الوجوه)، والأعراف الموسوية. تؤثر هذه المشاكل على خدمتنا لله في الزمن الحاضر. [للاطلاع على تفاصيل حول هذه النقاط، راجع المقالات الأخرى حول العقيدة الألفية]
علاوة على ذلك، تتناقض العقيدة الألفية أيضا مع تعاليم واضحة في البشارة حول مجيء يسوع الثاني. الغرض من هذه الدراسة هو فحص هذه التناقضات.
يختلف أتباع العقيدة الألفية اختلافا شاسعا في وجهات نظرهم. فيما يلي خلاصة عامة كما يؤمن بها كثيرون منهم، لكن تذكر أن هناك العديد من الاختلافات. [طالع كتاب كلمة الله النبوية، بقلم فوي والاس، صفحة ٣٤٧ ـ ٣٤٩؛ كتاب الشبل والحمل على كوكب الأرض، بقلم رودني ميلر]
سوف يأتي يسوع أولا بشكل غير منظور، غير معلوم من قبل عامة الناس (المجيء أو الحضور المادي)، ليقيم الأموات الصالحين، ويختطفهم من الأرض مدة سبع سنوات حافلة "بالابتهاج". خلال هذا الوقت ستكون هناك معاناة شديدة على الأرض تسمى "المحنة".
في نهاية السنوات السبعة، ستجتمع قوى الشر لمحاربة يسوع، الذي سيعود بشكل منظور (الظهور أو التجلي) لهزيمتهم في معركة هرمجدون.
سيقيم يسوع بعد ذلك مملكة دنيوية مدنية، والتي سيسود عليها كملك من أورشليم مدة ألف عام. في نهاية الأعوام الألف، سوف يقام الموتى الأشرار، وبعد ذلك يدان جميع الناس وينالون مكافآتهم الأبدية.
يعلم الإنجيل أن يسوع سيأتي مرة أخرى شخصيا، تماما كما ذهب (كتاب أعمال الرسل ١: ٩ـ ١١). فيما نتأمل ماذا سيحدث عندما يأتي، يرجى ملاحظة التناقضات مع العقيدة الألفية.
إنجيل يوحنا ٥: ٢٨، ٢٩ ـ ـ ستأتي "ساعة" يقوم فيها "جميع" الذين في القبور، سواء كانوا صالحين أم أشرار. تشير "الساعة" إلى فترة (قصيرة) محددة من الزمن. وبما أن أتباع العقيدة الألفية يصرون على تفسير النبوءات حرفيا، فإن هذا لا يدع مجالا لمدة ألف عام تفصل بين قيامة الأشرار وقيامة الأخيار. الاختلاف بين قيامة الأخيار والأشرار هو ليس زمان حدوثهما، ولكن المكافأة التي سيتلقاها كل منهما.
كتاب أعمال الرسل ٢٤: ١٥ ـ ـ تطلع بولس إلى قيامة (واحدة) لكل من الأبرار والفجار، وليس إلى قيامتين يفصل بينهما ألف عام. [٢٣: ٦]
[يزعم البعض أن "قيامة الموتى" تختلف عن "القيامة من بين الأموات" لكن قارن رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ١٨ برؤيا يوحنا ١: ٥؛ كتاب أعمال الرسل ٢٣: ٦ برسالة بولس إلى أهل فيلبي ٢: ١١؛ إنجيل لوقا ٢٠: ٣٥ بإنجيل متي ٢٢: ٣٠]
رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٤: ١٨ ـ ـ الأشياء المرئية هي مؤقتة وليست دائمة. يدعي البعض أن الأرض يجب أن تبقى إلى الأبد، ولكن بناء على هذا المقطع فلابد من تدمير الأرض في نهاية المطاف.
يعطي الإصحاح الثالث من رسالة بطرس الثانية معلومات عن تدمير الأرض. يجب أن يفسر هذا المقطع حرفيا، طالما أن سياق النص هو تعليم مذهبي، وليس رمزي أو شعري. وبما أن أتباع العقيدة الألفية يصرون على تفسير النبوءات حرفيا، فمن الجدير بهم أن يفعلوا ذلك هنا.
آية ٣، ٤ ـ ـ يتساءل المستهزئون عن موعد مجيء يسوع (المجيء أو الحضور المادي)، الذي يقول أتباع العقيدة الألفية أنه مجيء غير مرئي يسبق سنوات الاختطاف والعصر الألفي. لكن كلا "المجيئين" سيسبقان الملك الألفي.
آية ٥، ٦ ـ ـ دمر الله الأرض ذات مرة بالطوفان. وبالمثل فإن الأرض والسماء الحاليتان محفوظتان للنار في يوم الدينونة وهلاك الكافرين.
آية ٨، ۹ ـ ـ فيما ننتظر ذلك اليوم، يصبر الله لكي يتوب الناس ولا يهلكون.
آية ١٠ـ ١٣ ـ ـ عندما يأتي "يوم الرب" ستزول السموات مشتعلة، وتنحل العناصر مضطرمة، سيحدث هذا في يوم الدينونة (آية ٧) وهو يوم مجيء يسوع أو الحضور المادي (آية ٤).
يعني هذا المقطع أن دينونة وتدمير الأرض ستكون عند مجيء يسوع الثاني (الحضور المادي)، وليس ثمة ألف عام لاحقا.
آية ١٤ـ ١٧ ـ ـ علم بولس الشيء نفسه، بما في ذلك بعض الأمور التي يصعب فهمها. إلا أن أولئك الذين يحرفون هذا التعليم إنما يفعلون ذلك لهلاكهم. فتنبهوا لئلا تنقادوا إلى الضلال فيهوى عنكم ثباتكم. أي أن التعليم الكاذب حول هذه الأمور يمكن أن يؤدي بنا إلى المعصية والضلال.
[يجادل البعض، وفقا للآية الثامنة، أن "يوم الرب" قد يمثل ألف سنة. إلا أن الآية تقول أيضا أن "ألف سنة هي بمقدار يوم واحد". بالتالي وبحسب منطقهم، قد يدوم العصر الألفي مدة يوم حرفي واحد! في الواقع، فإن الآية الثامنة تصف طول مدة الانتظار حتى مجيء يسوع، وليس الفترة الزمنية التي سيقضيها هنا. وتصف طول هذه المدة بالنسبة إلى الله، وليس الناس.]
ليس هناك مجال لألف عام تفصل بين مجيء يسوع (الحضور المادي) والدينونة.
لدى مجيء الرب (الحضور المادي)، (آية ١٥)، سيكون الصالحين، سواء كانوا أحياء أو أموات، مع الرب إلى الأبد (دائما ـ آية ١٧). هذه هي المكافأة الأبدية، وليست اختطافا يدوم سبع سنوات.
علاوة على ذلك، لن يكون هذا المجيء (الحضور المادي) صامتا، غير مرئي، أو غير ملحوظ. بل سيرافقه انطلاق صوت رئيس الملائكة، وصوت النفخ في بوق الله (آية ١٦). وسيعلم الأشرار متى يكون هذا لأنهم لن يعانوا من المحن فقط، بل الهلاك ـ ٥: ٣
يقول البعض أن "فيقوم أولا الذين ماتوا في المسيح" (آية ١٦) يعني أنهم سيقومون في القيامة الأولى، التي تسبق قيامة الأشرار بألف عام. غير أن السياق يقابل بين الأموات في المسيح (آية ١٣) والأحياء في المسيح (آية ١٦)، وليس بالموتى الأشرار. تقول الآية السادسة أن الأموات في المسيح سيقومون أولا، ثم سيخطف أولئك الذين هم أحياء في المسبح لملاقاة الرب (آية ١٧). ليست قيامة الأشرار مذكورة هنا وهي ليست قيد البحث.
"في ذلك اليوم" عندما يجيء يسوع (آية ١٠) ويظهر من السماء مع ملائكته (آية ٧)، سوف يحدث ما يلي: سيجازي الله بالراحة المسيحيين المضايقين (آية ٤، ٧) وينتقم من الذين لا يعرفون الله ولا يطيعون البشارة بلهيب النار، بالعقوبة، وبالهلاك الأبدي (آية ٧ـ ٩)
سيدخل الصالحون راحتهم من العناء في نفس "اليوم" الذي سيعاقب فيه الأشرار. إلا أن العقيدة الألفية تقول أن الصالحين سيرتاحون ويفرحون خلال الاختطاف والعصر الألفي قبل معاقبة الأشرار.
عندما يجيء يسوع مع ملائكته القديسين، ستحشر لديه جميع الأمم وسيفصل الصالحين عن الأشرار. سيرث الصالحون الحياة الأبدية وسيذهب الأشرار إلى النار الأبدية (آية ٤١، ٤٦).
لن يكون هناك مجيئين، ولن يتمتع الأبرار بالراحة والنعيم مدة ألف عام بالإضافة إلى سنوات الاختطاف السبعة قبل أن تتم معاقبة الأشرار، بل سيأخذ الاثنان مكافأتيهما في نفس الوقت.
رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٥: ٢٢ـ ٢٦ ـ ـ لدى مجيء يسوع (الحضور المادي)، عندئذ يكون المنتهى، حين يسلم الملك لأبيه، بعد أن يقيم جميع الذين ماتوا في آدم (آية ٢٢)]
[الرسالة إلى العبرانيين ٩: ٢٧؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٥: ١٠؛ إنجيل متي ١٦: ٢٧ ـ ـ بعد الموت تكون الدينونة، لينال كل واحد جزاء ما عمل وهو في الجسد، أخيرا كان أم شرا. عندما يأتي يسوع، سيجازي حينئذ كل امرئ. راجع إنجيل لوقا ١٦: ١٩؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ١: ٧، ٨]
[يقول أتباع العقيدة الألفية أن يسوع سيأتي خفية (الحضور المادي) "من أجل" القديسين لاختطافهم لديه مدة سبع سنوات، ثم يجيء في نهاية السنوات الألف بشكل منظور "مع" القديسين (الظهور). لكن رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ٢: ٨ تشير إلى "ظهوره (تجليه) عند مجيئه (الحضور المادي)". وتقول رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي ٣: ١٣ أن مجيئه (الحضور المادي) سيكون "مع" القديسين وليس "من أجل" القديسين.]
* ويليام ميلر حدد عام ١٨٤٤، ثم عام ١٨٤٥. بدأ أتباعه طائفة السبتيين.
* تشارلز رسل والقاضي رذرفورد، من جماعة شهود يهوه، حددا عام ١٩١٤ ثم ١٩١٨.
* هربرت ارمسترونغ (كنيسة الله العالمية) وشهود يهوه قالوا أو لمحوا إلى أن يسوع سيعود عام ١٩٧٥، لكنهم تراجعوا عند اقتراب ذلك الموعد.
* زعم آخرون أن يسوع سيعود عام ٢٠٠٠.
يحاول البعض الآخر مراقبة العلامات ويقولون أن يسوع سيأتي قريبا، عادة خلال فترة حياتهم.
قد يعود في أي وقت، ولا يستطيع أحد أن يعرف متى يكون ذلك.
رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي ٥: ١ـ ٦ ـ ـ وفيما يتعلق "بالأزمنة والأوقات" (بمجيء يسوع ليقيم الأموات ٤: ١٥)، فإن يوم الرب يأتي كالسارق في الليل (بغتة دون أية علامات أو تحذيرات) ـ ـ آية ١ـ ٣. نحن لا نجهل اليوم المحدد فقط، لكن وحتى الأزمنة والأوقات.
آية ٤ ـ ٦ ـ ـ بما أن الوقت غير معروف، ينبغي علينا أن نسهر ونكون مستعدين في كل وقت. ما هي قيمة معرفة الوقت المحدد؟ إذا كنا نعرف أنه سيعود في عام ٢٠١٠، سينتظر الناس حتى عام ٢٠٠٩ للبدء في الطاعة! في أثناء ذلك، قد يباغتنا الموت في أية لحظة. إذا كان سيأتي، أو إذا كنا سنموت في أية لحظة، يجب أن يكون ذلك دافعا لنا لكي نعيش باستقامة في كل وقت.
رسالة بطرس الثانية ٣: ١٠ ـ ـ سيأتي يوم الرب كاللص. ليس بوسع أي شخص أن يحدد اليوم أو السنة. أولئك الذين يحددون التواريخ يسمون أنفسهم بصفة المعلمين الكذبة، لأنهم يزعمون معرفة ما يقول الإنجيل صراحة أنه غير معلوم من قبل أي شخص.
[إنجيل متي ٢٤: ٣٥، ٣٦، ٤٢، ٤٤، ٥٠. لاحظ أن بولس وبطرس كانا يعرفان أنه لن يعود خلال فترة حياتهما ـ كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٢٩، ٣٠؛ إنجيل يوحنا ٢١: ١٨، ١٩؛ (رسالة بطرس الثانية ١: ١٤)]
فحصنا في دراسات سابقة معظم المقاطع التي يستخدمها أتباع العقيدة الألفية من كلا العهدين القديم والجديد لدعم وجهة نظرهم. سوف نتأمل هنا النصوص الرئيسية التي يستخدمونها من العهد الجديد. وبما أن الإنجيل لا يناقض نفسه، يجب علينا ألا نفسر هذه النصوص بطرق تتعارض مع نصوص أخرى واضحة المعنى.
كثيرا ما يستشهد أتباع العقيدة الألفية بنصوص رمزية، ويربطون بينها دون إثبات أنها ترتبط بعضا ببعض، يتجاهلون السياق، ثم يجزمون بأمور لا أساس لها. إذا تحديت استنتاجاتهم، طالبوك بتفسير هذه الآيات. إذا عجزت عن ذلك، يستنتجون بأنهم لابد وأن يكونوا على حق!
إيضاح: رأى رجلان امرأة عبر الشارع. قال الأول، "ها هي زوجتك". أجاب الثاني، "هذه ليست زوجتي". الأول: "من هي إذن؟" الثاني: "لا أعرف". الأول: "إذا كنت لا تعرف من تكون، فكيف تعرف أنها ليست زوجتك؟" الثاني: "لأني أعرف زوجتي، وهي ليست تلك المرأة!"
يركز أتباع العقيدة الألفية على هذه المقاطع لإثبات وجهة نظرهم. يجب عليهم أن يبرهنوا بأن استنتاجاتهم يقوم على تفسير هذه الآيات. إذا اختلفت معهم، فلست ملزما بتفسير ما تعنيه؛ يجب أن أبين ببساطة أنها لا تعني ما يدعيه أتباع العقيدة الألفية. لقد أثبتنا من قبل وجهة نظرنا من خلال مقاطع عقائدية أخرى لا لبس فيها. لا يتعين علي أن أفهم مقاطع رمزية لأعرف أنها لا تعلم أشياء تتناقض مع مقاطع عقائدية أخرى واضحة.
لا يقول المقطع شيئا عن ملك يسوع على الأرض مدة ألف عام، ومن ثم لا بمكن استخدامه لإثبات تعاليم العقيدة الألفية. إنه يستخدم أساسا لإثبات أن يسوع هو موشك أن يأتي بالإضافة إلى "اختطاف خاصته". لكننا درسنا سابقا أنه لن تكون هناك علامات لمجيء يسوع الثاني.
آية ١ـ٣
بدأ النقاش بنبوءة تدمير الهيكل (الذي وقع عام ٧٠ بعد الميلاد). سأل التلاميذ يسوع متى سيحدث هذا، وما هي علامات مجيئه ونهاية العالم. كان التلاميذ، وليس يسوع، هم الذين ربطوا تدمير الهيكل بنهاية العالم.
إنجيل مرقس ١٣: ٢ـ ٤ ـ ـ تتعلق العلامات بمجيء يسوع للقضاء وتدمير الهيكل كعقوبة إلهية. [إنجيل لوقا ٢١: ٥ ـ ٧]
آية ٤
حذرهم يسوع لئلا يضلهم أحد. يضل الكثير من الناس اليوم في هذه المسائل.
آية ٥ ـ ١٤
يمكن إثبات أن جميع هذه العلامات التي جاءت في الإنجيل وسجلت في التاريخ قد تمت قبل تدمير أورشليم عام ٧٠ بعد الميلاد:
(١) المسحاء والمعلمون الدجالون (آية
٥، ١١، ٢٣ـ ٢٥؛ راجع كتاب أعمال الرسل ٨؛ ٥: ٣٦؛
والاس، صفحة ٢٤٩).
(٢) الحروب وإشاعات عن الحروب (آية
٦، ٧). لاحظ "ولكن لا تكون النهاية عندئذ". (والاس
، صفحة ٢٤٩).
(٣) المجاعات والزلازل (آية ٧؛
كتاب أعمال الرسل ١١: ٢٨؛ والاس، صفحة ٢٥٠).
(٤) اضطهاد المسيحيين (آية ٨ ـ
١٣؛ كتاب أعمال الرسل ٦ ـ ١٢، وغيرها)
(٥) ستعلن البشارة في جميع أنحاء العالم، وحينئذ تأتي النهاية
(آية ١٤). لاحظ أن هذا تحقق في القرن الأول ـ طالع
رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ٥، ٦، ٢٣.
آية ١٥ـ ٢٠ ـ ـ العلامة الأخيرة والحض على الهرب من المدينة.
آية ١٥ ـ ـ شناعة الخراب التي تكلم عنها النبي دانيال قائمة في المكان المقدس [نبوءة دانيال ٩: ٢٧؛ ١١: ٣١؛ ١٢: ١١]. يفسر إنجيل لوقا ٢١: ٢٠ معنى هذه النبوءة وهو أن أورشليم ستكون محاطة بالجيوش الرومانية. [راجع إنجيل متي ٢٣: ٣٨]
آية ١٦ ـ ٢٠ ـ ـ عندئذ ينبغي على من هو في اليهودية أن يهرب إلى الجبل. إنجيل لوقا ٢١:٢٠، ٢١ ـ عندما تكون "أورشليم" محاطة، ينبغي على الناس في المدينة أن يفروا هاربين، وينبغي على أولئك الذين هم خارج المدينة ألا يعودوا إليها. إذا كان هذا يصف عودة يسوع لاختطاف خاصته، فلماذا ينبغي عليهم أن يهربوا إلى التلال؟ لماذا ينبغي على أولئك الذين هم في أورشليم واليهودية فقط أن يفروا؟ [إنجيل لوقا ٢١: ٢٤]
يقول جوزيفوس أن الرومان دخلوا الهيكل، ثم تراجعوا دون سبب معروف، وفر المسيحيون، ثم بدأ الحصار (والاس، صفحة ٢٥٢).
آية ٢١ـ ٣١ـ ـ نبوءة المعاناة خلال الحصار والخراب
آية ١٨ـ ٢٦ ـ ـ فستحدث عندئذ شدة عظيمة. يقول جوزيفوس أن المجاعة، الأمراض، والحرب قتلت ٠٠٠,١٠٠,١ شخصا. (والاس، صفحة ٢٥٣).
آية ٢٧ـ ٣١ ـ ـ سيأتي ابن الإنسان في القضاء والدمار. هذا مجيء رمزي، وليس شخصي. يستخدم العهد القديم لغة مماثلة في مجيء الله لتدمير الأمة والحكم عليها (نبوءة أشعيا ١٩: ١؛ ١٣: ١٠؛ ٢٧: ١٣؛ ٣٤: ٤، ٥؛ نبوءة إرميا ١٥: ٩؛ نبوءة حزقيال ٣٢: ٧، ٨؛ سفر يوئيل ٢: ١٠، ٣٠، ٣١؛ راجع إنجيل متي ٢٦: ٦٤؛ سفر المزامير ٩٧: ٢، ٣).
[يرسل ملائكته (تعني حرفيا "رسله")، ويشير جمع المختارين إلى إعلان البشارة التي انتشرت نتيجة للاضطهاد اليهودي (نبوءة أشعيا ١١: ١١ ـ ١٦؛ كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٩؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١٥: ١٢؛ والاس، صفحة ٢٥٤؛ راجع "المختارين" في آية ٢٢]
آية ٣٢ـ ٣٤ ـ ـ موجز لطبيعة العلامات وأزمنة الأحداث
آية ٣٢، ٣٣ ـ ـ تشبه هذه العلامات علامات المواسم. بها تعلمون أن الحدث قريب على الأبواب.
آية ٣٤ ـ ـ هذه هي الآية الدليلية. "لن يزول هذا الجيل حتى تحدث هذه الأمور كلها". دمرت أورشليم في غضون ٤٠ عام من هذا الوقت.
"الجيل" (جين باليونانية) ـ جميع الناس الذين يعيشون في نفس الوقت ... تستخدم خصيصا للإشارة إلى الشعب اليهودي الذي يعيش في نفس الفترة من الزمن ..." گرم ـ ويلكي ـ ثاير.
[أمثلة، إنجيل متي ٢٣: ٣٦؛ ١٢: ٣٩ ـ ٤٥؛ ١٧: ١٧؛ ١١: ١٦؛ إنجيل لوقا ١٧: ٢٥؛ كتاب أعمال الرسل ٢: ٤٠؛ رسالة بولس إلى أهل فيلبي ٢: ١٥؛ الرسالة إلى العبرانيين ٣: ١٠. لاحظ أن الناس الذين يعيشون في المستقبل أو الماضي البعيد هم جيل مختلف ـ إنجيل لوقا ١: ٤٨، ٥٠؛ كتاب أعمال الرسل ١٣: ٣٦؛ ١٤: ١٦؛ ١٥: ٢١؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٣: ٥، ٢١؛ رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ٢٦]
من الجائز أن يكون هذا الجزء لا يزال يشير إلى تدمير أورشليم، أو قد يبدأ نبوءة عن مجيء يسوع الثاني الشخصي (مع تدمير حرفي للأرض والسماء ـ آية ٣٥؛ راجع رسالة بطرس الثانية ٣). في كلتا الحالتين، فإن الدرس المستفاد هو أنه، كما حدث في أيام نوح، عندما داهم الطوفان الناس على حين غرة، كذلك ولذلك يجب على المسيحيين أن يكونوا مستعدين دائما. [قارن والاس، صفحة ٢٧٥]
آية ٤٠، ٤١ ـ ـ اثنان في الحقل أو اثنتان تطحنان ـ يؤخذ الواحد ويترك الآخر. يشير هذا ببساطة إلى الانفصال.
لاحظ أن المقطع لا يقول أن أحدهما سينقل بعيدا في ظروف غامضة ليكون مع يسوع. ولا يقول إلى أين "سيؤخذ" أو ما الذي سيحدث للآخر الذي "ترك".
إذا كان هذا عن خراب أورشليم، فسيفر المؤمنون وستكتب لهم النجاة، وسيبقى غير المؤمنين ويعانون؛ ومن ثم، انفصال (آية ١٥، ١٦).
وإذا كان عن عودة يسوع شخصيا، فسيحشر الجميع أمام يسوع للدينونة (٢٥: ٣١ـ ٤٦). من الاثنين الذين كانا في الحقل، إلى آخره، سيكون هناك انفصال عندما يقفان أمام يسوع للدينونة ـ سيؤخذ واحد إلى الثواب الأبدي، وسيترك الآخر للهلاك.
على أية حال، لا يبرهن الفصل الرابع والعشرون على صحة وجهة نظر العقيدة الألفية.
اقرأ آية ٤ ـ ٦. هذا هو المقطع الوحيد في الكتاب المقدس الذي يذكر مدة ١٠٠٠ عام من أي نوع من الملك، أما "النصوص الدليلية" الأخرى التي يلجأ إليها أتباع العقيدة الألفية فإنها لا تذكر حتى هذه الأعوام الألف من الملك. إذا كان هذا المقطع لا يثبت شيئا عن ١٠٠٠ عام من ملك المسيح على الأرض حرفيا، فلن يثبته أي مقطع في أي مكان آخر.
قيامة حرفية يتبعها ألف عام حرفي من الملك.
رؤيا يوحنا ١: ١، ٢ ـ ـ تبين مقدمة الكتاب أن الرسالة ستبلغ إلينا بالرموز أو "العلامات". كانت الرؤى التي رآها يوحنا قد "اشيرت" إليه. تعني "اشيرت" أنها قد كشفت له "بالعلامات أو الإشارات" ـ گريم ـ ويلك ـ ثاير (المشتقة من "إشارة، علامة، رمز") بحكم التعريف، تشير الإشارة أو العلامة إلى شيء آخر، وليس إلى ذاتها حرفيا. (من الأمثلة التي توضح استخدام "الإشارة": إنجيل يوحنا ١٢: ٣٢، ٣٣؛ ٢١: ١٨، ١٩؛ كتاب أعمال الرسل ١١: ٢٨).
لاحظ بعض الأمثلة عن الرموز في رؤيا يوحنا ٢٠: السلسلة (آية ١)، التنين (آية ٢)، نفوس الذين ضربت أعناقهم (آية ٤)، الوحش (آية ٤). هل هذه كلها أشياء حرفية؟
لاحظ بعض الرموز التي وردت في رؤيا يوحنا: البغي العظيمة (١٩: ٢)، الحمل (١٩: ٩)، عرس الحمل (١٩: ٩)، فارس يمتطي فرسا أبيضا (١٩: ١١)، عيناه كلهب النار (١٩: ١٢)، يخرج سيف من فمه (١٩: ١٥، ٢١)، يدوس معصرة غضب الله (١٩: ١٥). هل هذه أوصاف حرفية لملك واقعي؟
إذا كانت هذه الأوصاف غير واقعية بل رمزية، فلماذا تفسر الأعوام الألف، القيامة الأولى، أو الملك، تفسيرات حرفية، دنيوية، ومادية؟ هل يجوز أن يستخدم مقطع ورد في سياق رمزي للتوصل إلى استنتاجات تتعارض تماما مع حقائق واضحة وردت في سياقات مذهبية في أجزاء أخرى من الإنجيل؟
لاحظ بعض الاستخدامات الرمزية الواضحة للرقم ١٠٠٠ التي وردت في سياقات شعرية أو نبوية. الفكرة هي التعبير عن رقم كبير وكامل: التمام أو الاكتمال لثمة كمية كبيرة.
سفر المزامير ٥٠:
١٠ ـ ـ لأن لي حيوان الوعر والبهائم على الجبال الألف.
سفر المزامير ١٠٥: ٨ ـ ـ يتذكر
للأبد عهده، الكلمة التي أوصى بها إلى ألف جيل.
سفر المزامير ٩٠: ٤؛ رسالة بطرس
الثانية ٣: ٨ ـ ـ إن يوما واحدا عند الرب بمقدار ألف سنة، وألف سنة بمقدار يوم
واحد.
قيامة جميع الأبرار
يقول أتباع العقيدة الألفية أن جميع الأبرار سيشاركون في القيامة الأولى، لكن المقطع يقول أنها قيامة أولئك الذين قطعت أعناقهم من أجل شهادة يسوع (آية ٤) ـ الشهداء الذين قطعت رؤوسهم. إذا فسرنا المقطع تفسيرا حرفيا، الأمر الذي يصر عليه أتباع العقيدة الألفية، فما هو مصير أولئك القديسون الأمناء الذين لم تقطع رؤوسهم؟
ملك على الأرض، وفي أورشليم بالتحديد.
لا يذكر المقطع الأرض، أورشليم، أو حتى فلسطين. جميع هذه الأمور هي عناصر أساسية بالنسبة إلى العقيدة الألفية، ولكن لا يمكن العثور على أي منها في رؤيا يوحنا ٢٠، وهو المقطع الوحيد الذي يرد فيه ذكر ألف عام من الملك. أين هو المقطع الذي يقول حتى أن قدمي يسوع ستطئان الأرض مرة أخرى، ناهيك عن الملك من أورشليم في فلسطين؟
ملك مدني، وسياسي مثل داود.
لا ترد طبيعة الملك في أي مكان على أنها سياسية مثل داود. إلا أن هذا هو ما تقتضيه العقيدة الألفية.
ملك يلي مجيء يسوع الشخصي الثاني.
ليس مجيء يسوع الشخصي الحرفي الذي يسبق الأعوام الألف مذكورا في أي مكان. [المعركة في الفصل التاسع عشر هي معركة رمزية مثل المجيء في القضاء في العهد القديم ـ راجع الملاحظات أعلاه حول إنجيل متي ٢٤]
كيف يمكن لهذا المقطع أن يكون النص الدليلي والأساسي الذي يعزز ويبرهن على صحة العقيدة الألفية، إذا كان يخلو من ذكر معظم العناصر الرئيسية للمذهب؟ كل ما يذكره هو ١٠٠٠ عام، ملك، وقيامة، لكن السياق يدل ضمنا على أنها أمور رمزية وليست واقعية. وجميع العناصر الرئيسية الأخرى للمذهب مفقودة. هل هذا هو أساس متين للإيمان بالعقيدة الألفية؟
ربما أمكن تحسين التفسير التالي، لكنني أسعى ببساطة إلى توضيح حقيقة وجود تفسيرات تتطابق مع المقطع وتنسجم مع غيره من مقاطع الكتاب المقدس.
سياق الكتاب
وجهت رؤيا يوحنا إلى الكنائس السبعة في آسية، التي كانت تعاني من الاضطهاد (١:٤؛ الفصل الثاني، الفصل الثالث). وكتبت لإعطاء الأمل في الخلاص (٢: ٩، ١٠؛ ٣: ١٣). وتناقش أمورا لابد من حدوثها "وشيكا" (١: ١، ٣؛ ٢٢: ٦، ١٠، ١٢، ٢٠). وقد كتبت بلغة رمزية لكي يفهمها المسيحيون، ولا يفهمها الأعداء [راجع إنجيل متي ١٣: ١١]
٦: ٩ـ ١١ ـ ـ ورأيت تحت المذبح نفوس الذين ذبحوا في سبيل كلمة الله. يسألون متى سيتم الانتقام لدمائهم. على الرغم من إخلاصهم، يبدو أنهم عانوا الهزيمة ويريدون أن يعرفوا متى ستكتب لهم الغلبة.
القيامة ـ رمز آخر
٢٠: ٤ ـ ٦ ـ ـ سوف تملك نفوس الشهداء الذين قطعت رؤوسهم بانتصار. قيامة الجسد هي انتصار على الموت. وبالتالي فإن "القيامة" هي بمثابة رمز للانتصار ـ في هذه الحالة انتصار على الظالمين الذي يتسببون في المعاناة والاضطهاد (راجع نبوءة أشعيا ٢٦: ١٣ـ ١٩؛ سفر هوشع ١٣: ١٤؛ نبوءة حزقيال ٣٧: ١ـ ١٤). لاحظ بصورة خاصة نبوءة حزقيال، حيث عانى الناس وظنوا أنهم بغير رجاء. لكن الله وهبهم الرجاء، متمثلا بالقيامة والعودة إلى الحياة.
إذا كان هذا هو المقصود هنا، فإن مسيحي القرن الأول قاسوا المعاناة والاضطهاد وكانوا بحاجة إلى الرجاء. هل فقدوا الأمل؟ كلا، التأكيد هنا هو أنهم سيكونون منتصرين! سيحيون مرة أخرى ـ أي أنهم سينتصرون، وهذا الضمان بالنصر يعطي الأمل. هذه هي "القيامة الأولى" ـ قيامة الرجاء والغلبة على الرغم من المعاناة والاضطهاد.
الملك مع المسيح ـ رمز آخر
في ٢: ٢٦، ٢٧ وعد يسوع أنه سيعطي الغالبين سلطانا كما تلقى هو السلطان من ألآب وسيحكمون الأمم بعصا من حديد. وفي ٣: ٢١ وعد الكنيسة التي في اللاذقية وعدا مماثلا وهو أنهم سيجلسون معه على عرشه كما جلس هو مع أبيه على عرشه بعد أن غلب.
ولكن كيف يسود يسوع؟ إنه يسود الآن كملك على مملكته الروحية الكنيسة. راجع سفر المزامير ١١٠: ٥، ٦ (راجع ١ـ ٤)؛ رؤيا يوحنا ١٢: ٥؛ كتاب أعمال الرسل ٢: ٢٩ـ ٣٦؛ ١٣: ٣٣؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٢٠ـ ٢٣ (اقرأ دراستنا حول ملك المسيح الروحي في كنيسته). وسيملك أمناءه معه: رؤيا يوحنا ١: ٥، ٦؛ ٣: ٢١؛ ٥: ٩، ١٠؛ ٢٠: ٤، ٦؛ ٢٢: ٥؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١٧؛ إنجيل لوقا ١٩: ١١ـ ٢٧؛ إنجيل متي ٢٥: ٢١، ٢٣؛ ١٩: ٢٨؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ١٢؛ نبوءة دانيال ٧: ٩، ٢٢؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٦: ٢.
يترتب على ذلك أن الإشارة إلى جلوس المسيحيين على عرش المسيح هي إشارة روحية، وليست مادية، تماما كما أن حكم يسوع هو حكم روحي وليس مادي. يصف المقطع رمزيا انتصار المسيحيين المضطهدين على أعدائهم. لقد قتل القديسين (الموت/الهزيمة) لكنهم سيقامون ليحكموا محققين النصر على أعدائهم. لا تشير الأعوام الألف إلى فترة محددة من الزمن بل تمثل اكتمال النصر (١٠٠٠ تمثل الاكتمال).
التطبيق بالنسبة لنا هو أنه، تماما كما عانى هؤلاء الناس في سبيل الرب، فكذلك نحن في بعض الأحيان. ولكن كما انتصر هؤلاء في النهاية ليملكوا على أعدائهم، فكذلك نحن.
العقيدة الألفية هي نظرية غير مبرهنة وغير قابلة للبرهان. لا تقدم النصوص المستخدمة في دعمها أي دليل على أنها تطابق ما تزعمه النظرية.
خطورة هذا المذهب هو أنه يتناقض، ينفي، ويقلل من شأن الكثير من الحقائق الأساسية في البشارة. أنها أكثر بكثير من مجرد تكهنات لا أساس لها. أنها عقيدة باطلة تفضي بأولئك الذين يؤمنون بها إلى الاستخفاف بمكانة المسيح، طبيعة ملكوته، أهمية كنيسته، البشارة، موته، وأهمية المسائل الروحية بشكل عام.
يجب على كل مسيحي حقيقي معارضتها.
حقوق الطبع محفوظة ١٩٩٥، ٢٠٠٦، ديڤيد أي. پرات
يسمح للأفراد وكذلك للكنائس المحلية بتوزيع هذا المقال كنسخة مطبوعة أو كبريد الكتروني، بشرط أن يستنسخ بكامله حرفيا وبدون تغيير المحتوى أو تحريف المعنى بأي طريقة كانت، وبشرط أن يظهر اسم المؤلف وعنوان صفحتنا الالكتروني بصورة واضحة (David E. Pratte, https://gospelway.com)، وبشرط عدم فرض أجور مادية من أي نوع كان لهذه المواد. تستطيع الصفحات الالكترونية أن تتبادل الاتصال مع هذه الصفحة ولكن لا يسمح لأي منها أن تعيد إنتاج هذا المقال على صفحات الكترونية أخرى.
اضغط هنا لدراسة الإنجيل باللغة الانجليزية
عد إلى الصفحة الرئيسية من أجل مقالات أخرى لدراسة الإنجيل باللغة العربية.
ترجمة ساهرة فريدريك
Please bookmark our site in your favorites.
We welcome links to us from other sites :
gospelway.com
- The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides
Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.