ملكوت يسوع: هل هو روحي 

في طبيعته، أم سياسي، مدني، ومادي؟

ماذا تعلم العقيدة الألفية حول ملكوت يسوع؟ هل سيكون ملكوتا دنيويا وماديا كمملكة داود في العهد القديم؟هل سيملك يسوع مدة ألف عام حرفي من عرش مادي في أورشليم على حكومة مدنية وسياسية؟ هل صحيح أن ملكوت يسوع ليس موجودا بعد، لكنه سيؤسسه عند مجيئه الثاني؟ أم أن الملكوت هو موجود الآن بالفعل في شكل ملكوت روحي هو الكنيسة، التي تشدد على الخلاص من الخطيئة والحياة الأبدية؟ هل تنسجم تعاليم العقيدة الألفية مع الكتاب المقدس؟

مقدمة:

ينكر الكثير من الناس الطابع الروحي لملكوت يسوع. ينطبق هذا بشكل خاص على أولئك الذين يؤمنون بالعقيدة الألفية:

"إن الإدعاء بأن يسوع هو جالس الآن على عرش ألآب ويملك على ملكوت روحي هو الكنيسة، لا يفي ببساطة بمواعيد العهد ... يجب أن يتم تشكيل مملكة دنيوية حرفية ... " ـ العنصرة (نقلا عن ميلر، صفحة ٩٨).

ومن ثم، يعتقد البعض أن ملكوت يسوع ليس موجودا الآن، ولكن سيتم تأسيسه عندما يعود. وأن ذلك الملكوت سيكون ماديا ودنيويا. مملكة مدنية كمملكة داود في العهد القديم

قد يوافق البعض الآخر على أن الملكوت موجود الآن، وربما وافقوا على أن الملكوت هو الكنيسة، إلا أنهم يخفقون في إدراك أهميته الروحية. نتيجة لذلك، لا يجدون بأسا في ممارسة العديد من أنشطة "الإنجيل الاجتماعي" المادية.

تأمل خصائص الملكوت وفقا للعهد الجديد التي تبين أنه روحي أساسا في جوهره.


١. مصطلحات وصفية


لقد تعلمنا في دراسة سابقة أن الملكوت ليس إلا مصطلح آخر للكنيسة (إنجيل متي ١٦: ١٨، ١٩؛ الرسالة إلى العبرانيين ١٢: ٢٣، ٢٨؛ إلى آخره). راجع الدراسة حول الملكوت والكنيسة.

إلا أن الكنيسة هي بالتأكيد جسد روحي، موجود لمساعدة الناس على نيل الخلاص، عبادة الله، أن تكون لدينا علاقة سليمة مع الله، والحصول على الحياة الأبدية. إنها ليست حكومة سياسية دنيوية.

يدل هذا على أن الملكوت هو روحي في جوهره. سوف تؤكد النقاط الأخرى التي سنقوم بدراستها على الطابع الروحي للكنيسة أيضا، وسوف تدعم الخلاصة التي توصلنا إليها وهي أن الملكوت هو نفسه الكنيسة. 


٢. النشوء


لقد أظهرنا سابقا أن الملكوت قد بدأ في أورشليم في يوم العنصرة وفقا للإصحاح الثاني من كتاب أعمال الرسل. لكن طبيعة هذا الحدث كانت روحية.

التنبؤات

إنجيل مرقس ٩: ١؛ كتاب أعمال الرسل ١: ٤ ـ ٨ ـ ـ وعد يسوع الرسل أن ملكوته سيأتي بقوة في أورشليم متى ما أتى الروح القدس. لكن الغرض من مجيء الروح القدس هو تمكينهم من الشهادة ليسوع.

إنجيل لوقا ٢٤: ٤٥ ـ ٤٩ ـ ـ سوف يبشر الرسل بالتوبة ومغفرة الخطايا عندما يلبسون قوة من العلى. ومن ثم، فقد بدأ الملكوت عندما تلقى الرسل القدرة على تعليم الناس كيفية الخلاص من الخطيئة. [إنجيل متي ٢٨: ١٨ـ ٢٠؛ إنجيل مرقس ١٦: ١٥، ١٦]

التحقيق في الإصحاح الثاني من كتاب أعمال الرسل

تحقق الوعد بالروح عندما وهب الروح القدس الرسل القدرة على الوعظ (آية ٤). كانت رسالتهم هي تعريف الناس أن يسوع كان هو المسيح (آية ٣٦)، وأنه يملك الآن على عرش داود من عن يمين الله (آية ٣٠ ـ ٣٥)

آية ٣٨ ـ قيل للحاضرين أنه ينبغي عليهم أن يتوبوا ويعتمدوا لمغفرة الخطايا، وبذلك يخلصون أنفسهم من ذلك الجيل الفاسد (آية ٤٠). كان أولئك الذين اهتدوا يواصلون العبادة (آية ٤٢)، ومنذ ذلك الحين كان أولئك الذين ينالون الخلاص يضافون إلى الجماعة التي بدأت آنذاك (آية ٤٧).

وبالتالي، فقد ركز الملكوت في بداية نشأته على حاجة الإنسان إلى الخلاص من الخطيئة. لا يشبه هذا ما يتوقعه المرء عند نشوء مملكة سياسية أو دنيوية. لم يكن هناك ملك منظور على عرش فخم، مراسم تتويج، استعراض عسكري، عزف موسيقي، وما إلى ذلك.

إنجيل لوقا ١٧: ٢٠، ٢١

سأل الفريسيون يسوع عن ابتداء ملكوت الله. متى سيأتي؟

أجابهم يسوع أن ملكوت الله لا يأتي "بشكل منظور". وأنه لن يكون في وسعهم م أن يروه كما كانوا يتوقعون، قائلين أنه "هنا" أو "هناك". بل سيكون في داخلهم.

لا ينسجم هذا الوصف مع مملكة دنيوية، إذ يمكن تحديد مكان وجودها، حدودها، عاصمتها، من هو ملكها، إلى آخره. 

لن يكون لمملكة يسوع حدود مادية، وليس لها ملك متوج منظور جالس على عرش. ملكها هو في السماء، يملك في قلوب الناس بموجب شريعة الله.

ملاحظة: عندما سأل الناس متى سيبدأ الملكوت، أجابهم يسوع واصفا طبيعة الملكوت. لماذا؟ إن سبب جهل اليهود لزمن بدأ الملكوت هو أنهم لم يكونوا يبحثون عن النوع الصحيح من الممالك. [راجع تعريف ثاير للملكوت]

تظهر إجابة يسوع أنه عندما يفهم الناس الطابع الروحي للملكوت، يمكنهم عندئذ أن يفهموا متى سيبدأ. يسيء أتباع العقيدة الألفية وآخرون غيرهم فهم متى بدأ الملكوت لأنهم لا يزالون يجهلون طابعه الروحي. 


٣. الحكومة


المسيح هو ملك مملكته. ولكن هل يتعلق ملكه بالأمور الدنيوية والسياسية أم الأمور الروحية؟ 

يسود يسوع المسيح الآن من عن يمين الله ـ سفر المزامير ١١٠: ١ـ ٤

ما الذي يفعله من عن يمين الله؟

كتاب أعمال الرسل ٥: ٣١ ـ ـ رفع الله يسوع بيمينه وجعله سيدا ومخلصا ليهب التوبة ومغفرة الخطايا. [رسالة بولس إلى أهل رومية ٨: ٣، ٤]

باعتباره ملكا، يكشف يسوع عن شرائعه في كلمته.

ما هي الأمور المعنية في شرائعه؟

إنجيل متي ٢٨: ١٨ـ ٢٠ ـ ـ أولي يسوع كل سلطان، لذا ينبغي على الرسل تعليم الناس أن يعتمدوا للحصول على الخلاص (إنجيل مرقس ١٦: ١٥، ١٦)

رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ١٦ ـ ـ البشارة التي أرسل يسوع هؤلاء الرجال لإعلانها بسلطانه، هي قدرة الله لخلاص جميع البشر. [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٤: ٣٧]

مملكة المسيح "ليست من هذا العالم" ـ إنجيل يوحنا ١٨: ٣٦

عندما سؤل إذا كان ملكا، أكد يسوع أن مملكته "ليست من هذا العالم".

إذا كان ملكا دنيويا (مثل داود)، لقاوم لتجنب الاعتقال (مثلما فعل داود). لماذا لم يقاوم؟ لأن مملكته "ليست من هنا".

يقول أنصار العقيدة الألفية أنه من أجل تأسيس مملكته، سوف يخضع يسوع أعدائه، على غرار داود، بواسطة القوة المادية (في معركة هرمجدون، وما إلى ذلك). كما يقولون أنه لم يقاوم عند مجيئه الأول لأنه كان يفتقر إلى الدعم بين الناس. إلا أن يسوع أعلن بوضوح سبب عدم مقاومته: لأن مملكته ليست من ذلك النوع من الممالك!

يسوع هو ملك، لكن سلطانه ليس سياسيا. لا تتعلق قوانينه بالسياسة، بل بعلاقة الإنسان الروحية مع الله والخلاص الأبدي.

[إنجيل يوحنا ١٨: ٣٧؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ١٠: ٣ ـ ٥؛ إنجيل متي ٢٢: ١٧ـ ٢١؛ ٢٦: ٥٣؛ إنجيل يوحنا ٦: ١٥؛ ١٨: ١ـ ١١؛ ١٠: ١٨؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٦: ١٠ـ ١٨]


٤. الغرض


لابد للملكوت من أن ينجز الأهداف التي تنسجم مع طبيعته. لفهم أهدافه ينبغي أن نفهم طبيعته. هل صمم لخدمة أغراض مادية وسياسية أم أغراض روحية؟ 

توضح حياة يسوع الأهداف الروحية للملك:

يوافق حتى أتباع العقيدة الألفية على أن يسوع جاء إلى الأرض ليصبح ملك مملكته. ولكن ماذا كان مركز اهتمامه وهدفه من الحياة؟ هل عمل على تحقيق أهداف سياسية، أو شكل جيشا لمحاربة أعدائه لكي يحظى بشعبية بين أوساط اليهود؟

الوعود لمريم ويوسف

إنجيل لوقا ١: ٣٢، ٣٣ ـ ـ وعد الملاك مريم أن ابنها سيكون ملكا.

إنجيل متي ١: ٢١ ـ ـ وعد الملاك يوسف أن يسوع سيخلص شعبه من خطاياهم.

عبارات يسوع

إنجيل لوقا ٥: ٣٢ ـ ـ قال يسوع أنه جاء ليدعو الخطاة إلى التوبة. [إنجيل لوقا ١٩: ١٠]

إنجيل متي ٢٠: ٢٨ ـ ـ جاء ليبذل حياته فدية عن كثيرين (كفارة عن الخطيئة).

وعليه فقد جاء يسوع ليصبح ملكا، ولكنه جاء ليخلص الناس من الخطيئة وقضى حياته في تعليم الناس كيفية عبادة الله وإرضائه. يقول أتباع العقيدة الألفية أنه جاء ليصبح ملكا دنيويا، لا ليموت. لكنه قال أنه جاء ليبذل حياته فداء عن كثيرين. هل حاول في أيما وقت أن يشكل جيشا أو أن يكتسب قوة سياسية؟ إن ملكوته هو ملكوت روحي، وليس مادي.  

يدل كهنوت يسوع على الغرض الروحي من ملكوته.

سفر المزامير ١١٠: ١ـ ٤؛ سفر زكريا ٦: ١٢ ـ ـ تنبأ العهد القديم بأن يسوع سيكون ملكا وكاهنا في نفس الوقت (كما نوقش في وقت سابق). إلا أن عمل الكاهن هو عمل روحي.

الرسالة إلى العبرانيين ٨: ١، ٣ ـ ـ يسوع هو الآن عظيم كهنة جالس عن يمين الله. إلا أن الغرض من تعيين عظيم الكهنة هو تقريب القرابين والذبائح. بالمثل، كان من الضروري أن يكون لدى يسوع شيئا يقربه. 

الرسالة إلى العبرانيين ١٠: ١٠ـ ١٢ ـ ـ ما قدمه هو جسده كقربان للتكفير عن الخطايا. [٩: ١١، ١٢، ٢٦ ـ ٢٨]

أي أن يسوع جاء إلى الأرض ليكون كاهنا بينما كان ملكا. لكن هذا يعني أنه تعين عليه أن يقدم كفارة وكانت الكفارة التي قدمها هي حياته. وبالتالي فقد جاء ليموت، وسلطانه كملك هو روحي في طابعه.

تدل الرسائل على الغرض الروحي من الملكوت.

رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ١٣، ١٤ ـ ـ لقد انتقلنا من الظلمات إلى ملكوت ابن الله، فكان لنا فيه الفداء وغفران الخطايا. يهتم الملكوت بالخلاص الروحي للإنسان. [آية ١٨ـ ٢٣]

رسالة بولس إلى أهل رومية ١٤: ١٧ ـ ـ ليس الملكوت شيئا ماديا (كالأكل والشرب)، بل بر وسلام وفرح في الروح القدس ـ أشياء روحية. هذا هو السبب في أنه لا ينبغي لنا أن نتسبب في هلاك أحد أفراد الملكوت روحيا بسبب أشياء مادية.

يجب أن يتطابق الغرض من الملكوت مع طبيعة الملكوت. لا يظهر أي مقطع أن الملكوت قد حقق أهدافا سياسية، أو شن حربا، وما إلى ذلك. إن الغرض الأساسي من الملكوت هو تلبية احتياجات الإنسان الروحية. لذلك، لابد أن يكون الملكوت في المقام الأول روحيا في طابعه.


٥. العبادة


كتاب أعمال الرسل ٢: ٤٢ ـ ـ عندما أضيف الناس في المرة الأولى إلى الملكوت في عيد العنصرة، كان أولئك التلاميذ يواظبون على الصلاة، وتناول عشاء الرب، وغيرها من أعمال العبادة.

إنجيل لوقا ٢٢: ٢٩، ٣٠ ـ ـ يجب على التلاميذ أن يأكلوا ويشربوا على مائدة الرب في ملكوته متذكرين موته من أجل خطايانا.

تم التعبد في الملكوت. من المؤكد أن التعبد هو عمل روحي. يدل هذا على الطابع الروحي للملكوت. [الرسالة إلى العبرانيين ١٢: ٢٨؛ ١٣: ١٥]


٦. دخول الملكوت


كما درسنا في وقت سابق، يدخل المرء الملكوت عن طريق سماع البشارة، الإيمان، التوبة، والمعمودية (إنجيل مرقس ١: ١٤، ١٥؛ إنجيل يوحنا ٣: ٣، ٥؛ كتاب أعمال الرسل ٨: ١٢؛ إلى آخره).

لكن هذه هي الشروط اللازمة للحصول على الغفران والخلاص من الخطيئة (إنجيل مرقس ١٦: ١٦؛ كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٨؛ ٢٢: ١٦؛ رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢، ٢٣؛ ٣: ٢١؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ١٦؛ وغيرها).

إنجيل يوحنا ٣: ٣ ـ ٧ ـ ـ لدخول الملكوت، يجب على المرء أن يولد من الماء والروح. لاحظ الآية السادسة: مولود الجسد يكون جسدا، ومولود الروح يكون روحا. يناقش يسوع هنا ولادة روحية، وليس جسدية. الولادة الروحية تضع الإنسان في عائلة روحية

يدخل المرء إلى الملكوت عن طريق الولادة الروحية، بإطاعته لشروط الحصول على مغفرة الخطايا. من الواضح أن هذا العمل هو عمل روحي يضع الإنسان في عائلة روحية، وليست مادية أو سياسية. هذه العائلة الروحية هي ملكوت يسوع.


٧. وجوه الاختلاف بين العهدين


عندما يعلم أتباع العقيدة الألفية أن ملكوت يسوع هو ملكوت مادي، دنيوي، وسياسي، فإنهم يخفقون في تمييز الاختلافات بين طبيعة العهد القديم والعهد الجديد. في العهد القديم، كانت الحكومة السياسية على اتصال وثيق بالقيادة الدينية مع اختلاف بسيط في الواجبات. أما في العهد الجديد، لا ينصب التركيز في ملكوت يسوع (الكنيسة) على السياسة أو الأمور المادية. 

ا. وجوه الاختلاف بين العهدين

العهد الجديد: حقائق روحية

مراجع الكتاب المقدس

العهد القديم: ظلال مادية

ختان القلب

كولوسي ٢: ١١؛ رومية ٢: ٢٨، ٢٩؛ غلاطية ٦: ١٥

ختان جسدي

موت يسوع

عبرانيين ٨: ٤ ـ ٦؛ ١٠: ١ـ ١٠

ذبائح الحيوانات

ولادة جديدة روحية

يوحنا ٣: ٣ ـ ٧؛ بطرس الأولى ١: ٢٢، ٢٣؛ غلاطية ٣: ٢٤ ـ ٢٧

ولادة جسدية

هيكل روحي ومكان مقدس

عبرانيين ٨: ٢؛ ٩: ٢٤؛ أفسس ٢: ٢١، ٢٢؛ بطرس الأولى ٢: ٥

هيكل مادي ومكان مقدس

حروب روحية وأعداء روحيون

أفسس ٦: ١٠ ـ ١٨؛ كورينثوس الثانية ١٠: ٤، ٥؛ رومية ١: ١٦

حروب مادية وأعداء ماديون

عظيم كهنة سماوي

عبرانيين ٨: ١ـ ٥

عظيم كهنة دنيوي

يهود أو إسرائيليون روحيون

رومية ٢: ٢٨، ٢٩؛ فيلبي ٣: ٣؛ غلاطية ٦: ١٦

يهود أو إسرائيليون ماديون

كهنة روحيون وقرابين روحية

بطرس الأولى ٢: ٥، ٩؛ عبرانيين ١٣: ١٥؛ رومية ١٢: ١

كهنوت دنيوي

أمة روحية

بطرس الأولى ٢: ٩ـ ١٠

أمة دنيوية

ملكوت روحي

يوحنا ١٨: ٣٦؛ عبرانيين ١٢: ٢٨

مملكة دنيوية

ب. مقاطع محددة

كما جاء في العديد من الآيات أعلاه، ينسجم مفهوم الملكوت الروحي مع التركيز على الأمور الروحية في العهد الجديد. يتناقض التركيز المادي الذي تدعو إليه العقيدة الألفية مع هذه الآيات ويواصل التركيز على الأمور المادية كما جاء في العهد القديم. لاحظ بعض الآيات المحددة:

الرسالة إلى العبرانيين ٨: ٤ـ ٦

كان كهنة العهد القديم وشرائعه صورة وظل للحقائق السماوية (الروحية). كانت أحكاما بشرية فرضت إلى وقت الإصلاح (٩: ١٠). وقد حل محلها الآن أشياء سماوية أو روحية.

هذا العهد الجديد، بتركيزه على الأمور الروحية، هو عهد أفضل مبني على مواعد أفضل، لأن المسيح قد نال خدمة أفضل. لاحظ أن الروحي هو أرفع شأنا، وأن المادي هو أقل شأنا.

ومع ذلك، تعيدنا العقيدة الألفية إلى العهد القديم وتركيزه على الأشياء المادية ـ إلى ما هو أقل شأنا والذي مات المسيح لإزالته. [١٠: ١؛ ٩: ٢٣؛ ٦ ـ ١٠]

إنجيل متي ٦: ١٩ ـ ٢١، ٣٣

لا ينبغي لنا أن نكنز لأنفسنا كنوزا في الأرض بل في السماء. ينبغي علينا أن نسعى إلى تحقيق الأهداف الروحية والبر قبل الماديات والمصالح الدنيوية. إن الملكوت هو جزء من هذا التركيز على الأمور الروحية.

تؤكد العقيدة الألفية على المصالح المادية والجسدية. يسعى الناس إلى تحقيق السلام والرخاء المادي، الصحة والجمال، النفوذ السياسي، وما إلى ذلك على الأرض خلال العصر الألفي السعيد. يشجع هذا الناس على التأكيد على الأمور المادية وكأنها أكثر أهمية من المسائل الروحية. يحرف مثل هذا التفكير الطابع الروحي لملكوت العهد الجديد. 

إنجيل يوحنا ٦: ١٥، ٢٧، ٦٣

هم اليهود باختطاف يسوع ليقيموه ملكا بالقوة، لكنه انسحب منهم (آية ١٥). تقول العقيدة الألفية أن يسوع أراد أن يصبح ملكا دنيويا بالقوة لكنه لم يتمكن من ذلك لأن الأمة رفضته. لكن الإنجيل يقول الإنجيل أن الناس أرادوا أن يجعلوه ملكا، لكنه رفض ذلك!

قال يسوع أن الناس كانوا شديدي الاهتمام بالأمور المادية، وأنه ينبغي عليهم بدلا من ذلك التركيز على الأمور الروحية (آية ٢٧). وقال أن الروح هو الذي يحيي أما الجسد فلا يجدي نفعا (آية ٦٣). بعدئذ رفضه الناس لأنه رفض أن يصبح ملكا دنيويا وشدد بدلا من ذلك على المسائل الروحية (آية ٦٦).

يريد أتباع العقيدة الألفية إعادتنا إلى نفس التركيز على الماديات الذي اتسم به يهود العهد القديم الذين رفضوا يسوع! 

رسالة بولس إلى أهل رومية ٨: ٤ ـ ٩

لإرضاء الله، يجب علينا أن نسلك سبيل الروح، وليس الجسد. يجب أن ينصب اهتمامنا على الله وعلاقتنا به، وليس على الأشياء المادية. تتناقض العقيدة الألفية مع هذه الآية بشكل مباشر، وذلك باللجوء إلى الشهوات الجسدية والرغبات المادية لدى الناس.

إن الاهتمام بما هو للجسد هو عداوة لله (آية ٧) ويؤدي إلى الموت (آية ٦). لن نبلغ إلى الحياة والسلام الحقيقيين إلا عندما نسلك سبيل الروح. لا تهمل العقيدة الألفية الجانب الروحي الذي يركز عليه ملكوت يسوع فقط، ولكنها تشجع بشكل متعمد نفس نوع التفكير الذي جاء يسوع للقضاء عليه!  

رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٢: ١١ـ ٣: ٢

نحن نمارس اليوم الختان الروحي، وليس الجسدي (آية ١١). لقد دفنا معه في المعمودية، وبها أيضا أقمنا معه (آية ١٢). لقد أزال يسوع العهد القديم لأنه كان مخالفا لنا وكان مجرد ظل للأمور المستقبلة (آية ١٤ ـ ١٧).

فأما وقد أقمنا معه (في المعمودية ـ ٢: ١٢)، ينبغي علينا أن نرغب في الأمور التي في العلى، حيث المسيح قد جلس عن يمين الله (ويسود كملك)، لا في الأمور التي على الأرض (٣: ١ـ ٣).

تؤدي العقيدة الألفية بالناس إلى القيام بعكس ما يريده يسوع. إنها تشجع الناس على السعي وراء الأشياء المادية على الأرض، عندما يملك يسوع على الأرض في مملكة دنيوية في المستقبل.

هذا هو سبب أهمية فهم طبيعة الملكوت. عندما يدرك الناس أن جلوس يسوع عن يمين الله يعني أن يسوع هو ملك الآن (١: ١٣)، فسوف يوجهون أذهانهم نحو الأهداف الروحية، السماوية. سبب رغبة الناس في الأمور الأرضية هو أنهم يتوقعون ملكوتا أرضيا.

[رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٥: ٤٤، ٤٦؛ رسالة بولس إلى أهل فيلبي ٣: ٢ـ ٩؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٦: ١٠ ـ ١٨؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ١٠: ٣ ـ ٥؛ إنجيل متي ١٦: ٢١ ـ ٢٨؛ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٤: ٨؛ إنجيل لوقا ١٠: ٣٨ ـ ٤٢]

خاتمة

ارتكب يهود القرن الأول خطأ أساسيا عندما أخفقوا في إدراك الطابع الروحي لملكوت يسوع، وهذا هو نفس الخطأ الذي يرتكبه أتباع العقيدة الألفية في العصر الحديث. ولأنهم لا يستوعبون أن الله قد اعتزم منذ البدء أن يكون الملكوت روحيا، فإنهم يرفضونه ويبحثون عن ملكوت مستقبلي تماما كما فعل اليهود في أيام يسوع. النتيجة هي تحريف كامل لخطة الله.

حقوق الطبع محفوظة ١٩٧٨، ١٩٩٥، ٢٠٠٥ ديڤيد أي. پرات

يسمح للأفراد وكذلك للكنائس المحلية بتوزيع هذا المقال كنسخة مطبوعة أو كبريد الكتروني، بشرط أن يستنسخ بكامله حرفيا وبدون تغيير المحتوى أو تحريف المعنى بأي طريقة كانت، وبشرط أن يظهر اسم المؤلف وعنوان صفحتنا الالكتروني بصورة واضحة (David E. Pratte, https://gospelway.com)، وبشرط عدم فرض أجور مادية من أي نوع كان لهذه المواد. تستطيع الصفحات الالكترونية أن تتبادل الاتصال مع هذه الصفحة ولكن لا يسمح لأي منها أن تعيد إنتاج هذا المقال على صفحات الكترونية أخرى. 

اضغط هنا لدراسة الإنجيل باللغة الانجليزية

 

عد إلى الصفحة الرئيسية من أجل مقالات أخرى لدراسة الإنجيل باللغة العربية.

ترجمة ساهرة فريدريك

Please bookmark our site in your favorites.

THE GOSPEL WAY | COURSES / COMMENTARIES, etc. | BIBLE | SALVATION | CHURCH | CHRISTIAN'S LIFE | GOD | MORALITY | MANKIND | INVITATIONS | FAMILY | CREATION | AUDIO | ARTICLES | TOPICS | RELIGIONS | PUBLICATIONS | VIDEO | GOVERNMENT | EMAIL ARTICLES

Subscribe to our free Bible study email lists. E-mail us at the Gospel Way Gospelway icon

We welcome links to us from other sites :
gospelway.com - The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides

See our Frequently Asked Questions (FAQ) if you have questions about our site.

Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.

Hit-meter: 51291845