النبوات المتعلقة بموت يسوع والبشارة  

هل تنبأ العهد القديم بالبشارة وصلب يسوع أم أنهما تغييرين غير متوقعين في خطة الله؟

ما هي العواقب المترتبة على الإيمان بعقيدة العصر الألفي السعيد فيما يتعلق بموت يسوع؟ هل اضطر الله إلى تغيير خططه عندما رفض اليهود يسوع وصلبوه بشكل غير متوقع؟ هل وضع الله البشارة موضع الاستعمال بدلا من العهد الذي توقعه؟ هل كانت البشارة وتضحية يسوع بنفسه شيئين متوقعين تنبأ بهما العهد القديم، أم أنهما تغييرين طارئين في خطة الله؟ هل سيؤسس يسوع عند عودته مملكة دنيوية تقرب فيها الذبائح بحسب التعاليم الموسوية من قبل الكهنوت اللاوي في الهيكل في أورشليم؟ هل تتفق عقيدة مجيء المسيح الثاني قبل العصر الألفي السعيد مع الكتاب المقدس؟ 

مقدمة:

رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٥: ١ـ ٤ ـ ـ إن الحقائق الأساسية التي ترتكز عليها البشارة هي موت يسوع، ودفنه، وقيامته. يسير موت يسوع يدا بيد مع بشارة يسوع. أي إنكار أو تقليل من شأن أحدهما، هو إنكار وتقليل من شأن الآخر.

كثيرا ما يلمح المؤمنون بعقيدة العصر الألفي السعيد إلى أن موت يسوع والبشارة كانا أمرين طارئين، غير متوقعين، غير مرتقبين، ومفاجأين.  

تأمل هذه الاقتباسات:

"لأن الأمة قد رفضته، الرب ... (يسحب) عرض المملكة ... ويعلن عن بدء برنامج جديد كلية، غير معلن، وغير متوقع ـ الكنيسة" ـ عن كتاب ما سيكون من بعد، العنصرة، صفحة ٤٦٣، (نقلا عن ميلر، صفحة ٤٣).

 

"... ينظر التدبيريون (الذين يؤمنون بأن الله قد تعامل مع الإنسان بطرق ـ تدابيرـ مختلفة في فترات زمنية منفصلة) إلى الزمن الحاضر كفترة فاصلة غير متوقعة لم يتنبأ بها العهد القديم بشكل محدد ..." ـ ـ من كتاب المملكة الألفية، بقلم والڤأورد، صفحة ٢٢٧ (نقلا عن ميلر، صفحة ٤٥).

[لاحظ أن التدبيريون هم الشكل الأكثر شيوعا من أتباع العقيدة الألفية]

 

"ليس هناك ما هو أوضح لمن يقرأ العهد القديم من أن التوقعات المسبقة الواردة فيه لم تتنبأ بوجود فترة زمنية تفصل بين المجيء الأول والثاني" ـ والڤأورد، المملكة الألفية، صفحة ٢٢٨، (نقلا عن مكگويگان وجوردان، شريحة رقم ١٦٠).

"... يصر أتباع عقيدة العصر الألفي السعيد على أن العهد الجديد كما كشف عنه العهد القديم يخص إسرائيل ويتطلب تحقيقا في المملكة الألفية" ـ والڤأورد، المملكة الألفية، صفحة ٢١٠، (نقلا عن مكگويگان وجوردان، شريحة رقم ١٠٥).

ومن ثم، يزعم العديد من أتباع العقيدة الألفية أن يسوع جاء إلى الأرض متوقعا تماما أن يؤسس ويملك على مملكة دنيوية. لم تكن الكنيسة شيئا متوقعا تنبأ به الله قبل مجيء يسوع إلى الأرض، والبشارة التي نبشر بها الآن ليست العهد الجديد الذي تنبأ به العهد القديم. لكن اليهود بدلا من ذلك، رفضوا يسوع وقتلوه بشكل غير متوقع، لذلك وضع الله الكنيسة موضع الاستعمال إلى أن يتمكن يسوع من العودة إلى الأرض لإقامة مملكته الدنيوية. وبالتالي، فإن الفترة ما بين مجيء يسوع الأول والثاني ـ عهد الكنيسة والبشارة الذي نعيش فيه الآن ـ كانت كل هذه الفترة غير مرتقبة وغير متوقعة.

تأمل الاستنتاجات التي تتبع بالضرورة عن فكرة مجيء المسيح قبل العصر الألفي السعيد (رغم أن بعضهم قد لا يقبل هذه الاستنتاجات):

قتل اليهود يسوع لأنهم رفضوه. إذا كان رفض اليهود ليسوع شيئا غير متوقع وغير مرتقب، فلابد إن موت يسوع إذن، كان شيئا غير متوقع وغير مرتقب.

مات يسوع ليقتني الكنيسة بدمه (كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٢٨؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٥: ٢٢ـ ٢٦). إذا كانت الكنيسة شيئا غير متوقع وغير مرتقب، فلابد أن موت يسوع إذن، كان هو الآخر شيئا غير متوقع وغير مرتقب.

البشارة هي رسالة الخلاص بواسطة موت يسوع (رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٥: ١ـ ٤؛ ١: ١٨ـ ٢٥). إذا كانت البشارة شيئا لا متوقع، فإن موت يسوع إذن كان شيئا لا متوقع.

صحيح أن معظم أتباع العقيدة الألفية يزعمون أنهم يؤمنون بأن يسوع مات ليخلصنا من خطايانا، إلا أن النتائج المنطقية التي تترتب على تعاليمهم هي أن موته كان شيئا غير متوقع وغير مرتقب. من ناحية أخرى، إذا كان موت يسوع شيئا متوقعا ومرتقبا، فلابد أن تكون عقيدة العصر الألفي السعيد على خطأ عندما تزعم أن رفض اليهود له والبشارة والكنيسة لم تكن أمورا متوقعة أو مرتقبة. 

تسعى هذه الدراسة إلى فحص نبوءات الكتاب المقدس المتعلقة بالبشارة وموت يسوع.

سوف تؤكد النتائج أن موت يسوع والبشارة هما جانبان أساسيان من خطة الله الأبدية. وسوف ندحض في الوقت ذاته عقيدة العصر الألفي السعيد. لاحظ أننا قد سبق وأثبتنا في درس سابق أن العهد القديم قد تنبأ بإقامة الكنيسة.  

ملاحظة: هذه الدراسة هي جزء من سلسلة من المقالات المتعلقة بالملكوت من وجهة نظر عقيدة العصر الألفي السعيد. لفهم الصورة الشاملة، يرجى مراجعة جميع المقالات التي تضمها هذه السلسلة.  


١. موت يسوع ورفض اليهود له


هل تنبأ الله بموت يسوع، وهل كان هذا معلوما لديه قبل وقوعه، أم أنه كان تغييرا غير متوقع في خطة الله لأن اليهود رفضوا يسوع بشكل غير متوقع؟

ا. النبوات المتعلقة بموت يسوع.

يقول العهد الجديد أن الله توقع موت يسوع.

كتاب أعمال الرسل ٢: ٢٣ ـ ـ قال بطرس لليهود في يوم الخمسين أنهم قد صلبوا يسوع "بقضاء الله وعلمه السابق". كان الله يعلم مسبقا أن هذا سيحدث.

[رسالة بطرس الأولى ١: ١٨ـ ٢٠؛ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ١: ٤؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٤ـ ٩]

يقول العهد الجديد أن العهد القديم تنبأ بموت يسوع.

إنجيل لوقا ٢٤: ٤٤ ـ ٤٧ ـ ـ قال يسوع، أن كتب الشريعة والمزامير والأنبياء، تنبأت بأن المسيح يجب أن يتألم ويقوم من بين الأموات. [آية ٢٥ ـ ٢٧]

كتاب أعمال الرسل ٣: ١٨ ـ ـ أتم يسوع ما أنبأ به الله من ذي قبل بلسان جميع أنبيائه، وهو أن المسيح سوف يتألم.

رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٥: ٣ ـ ـ مات المسيح من أجل خطايانا كما ورد في الكتب.

تزعم العقيدة الألفية أن البشارة وموت يسوع كانا أمرين غير متوقعين. إلا أن العهد الجديد يقول أن العهد القديم قد تنبأ بموت يسوع. وبالتالي، إذا كانت عقيدة العصر الألفي السعيد صحيحة، فإن البشارة إذن ليست فقط شيئا غير متوقع؛ بل هي كذبة! من ناحية أخرى، إذا كانت البشارة صحيحة، فإن العقيدة الألفية باطلة!

[كتاب أعمال الرسل ٢٦: ٢٢، ٢٣؛ ١٧: ٢، ٣؛ ١٣: ٢٦ـ ٣٣؛ إنجيل لوقا ١٨: ٣١ـ ٣٣؛ رسالة بطرس الأولى ١: ١٠، ١١]

أمثلة من نبوءات العهد القديم بشأن موت يسوع:

سفر زكريا ١٢: ١٠ ـ ـ سوف ينظرون إلى من طعنوا. يقول إنجيل يوحنا ١٩: ٣٧ أن هذه النبوءة قد تحققت بموت يسوع.

سفر زكريا ١٣: ٧ ـ ـ اضرب الراعي فتتبدد الخراف. يقول إنجيل متي ٢٦: ٣١ أن هذه النبوءة قد تحققت بموت يسوع.

نبوءة أشعيا ٥٣: ٥ ـ ١٢ ـ ـ قد انقطع من أرض الأحياء (آية ٨)، قربت نفسه ذبيحة إثم (آية ١٠)، أسلم نفسه للموت (آية ١٢). تحقق هذا بموت يسوع وفقا لكتاب أعمال الرسل ٨: ٣٢ ـ ٣٥؛ إنجيل لوقا ٢٢: ٣٧.

[وفقا لكتاب أعمال الرسل ٣: ٢٥، ٢٦ أتم يسوع مواعد سفر التكوين ١٢: ٣ ؛ قارن سفر التكوين ٣: ١٥]

وبالتالي، في حين أن تعاليم العقيدة الألفية تقتضي ضمنا أن موت يسوع كان أمرا غير مرتقب وغير متوقع، تقول كلمة الله أن موت يسوع كان شيئا متوقعا سبق التنبؤ به.

ب. النبوات المتعلقة برفض اليهود ليسوع

قتل اليهود يسوع لأنهم رفضوه؛ وقد رأينا أن موت يسوع كان شيئا متوقعا ومرتقبا. يترتب على ذلك أن رفض اليهود ليسوع كان شيئا متوقعا سبق التنبؤ به. لاحظ بعض المقاطع المحددة التي تؤكد صحة ذلك.

نبوءات العهد القديم

نبوءة أشعيا ٥٣: ١ـ ٣ـ ـ لن يؤمن الناس بالمسيح (آية ١)، بل سيزدرونه ويرفضونه (آية ٣). يعقب ذلك النبوءة بشأن موته. يذكر العهد الجديد أن هذه النبوءة قد تحققت برفض إسرائيل له (إنجيل يوحنا ١٢: ٣٧، ٣٨؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١٠: ١٦ـ ٢١).

سفر المزامير ١١٨: ٢٢، ٢٣ ـ ـ الحجر الذي رذله البناؤون، قد صار رأس الزاوية. هذه هي مشيئة الرب. تحقق هذا عندما رفض اليهود يسوع (كتاب أعمال الرسل ٤: ١٠، ١١). وعليه، فقد عرف الله وتتنبأ مسبقا بأن اليهود سيرفضون يسوع.

سفر المزامير ٢: ١ـ ٦ ـ ـ سوف يتآمر الحكام، الأمم، والشعوب، ضد الله ومسيحه (يسوع المسيح)، إلا أن الله هزأ بهم (آية ٤) ومسح مليكه على جبل صهيون (آية ٦). تحقق هذا عندما عارض الوثنيون، وشعب إسرائيل، والحكام يسوع. ومع ذلك فقد حققوا بكل هذا ما قضت مشيئة الله بحدوثه من ذي قبل (كتاب أعمال الرسل ٤: ٢٤ـ ٢٨). [إنجيل متي ٢١: ٣٣ـ ٤٦؛ رسالة بطرس الأولى ٢: ٣ـ ١٠]

تزعم عقيدة العصر الألفي السعيد أن الله لم يكن يعرف سلفا بأن الشعب اليهودي سوف يرفض يسوع؛ عندما رفضوه بشكل غير متوقع، لم يتمكن الله من مسحه ملكا. لكن وفقا للكتاب المقدس، فقد تنبأ الله وعلم مسبقا، وقضى بهذا كله. عندما عارض الناس ابنه، بدلا من تغيير خطته، هزأ الله بهم، ومسح المسيح ملكا على أي حال!

تجعل العقيدة الألفية الله من الضعف بحيث أنه لم يكن يعلم سلفا ماذا سيحدث، وبحيث يتمكن البشر العاديون من إحباط تدبيره الأزلي. إذا كان الأمر كذلك، كيف يمكننا معرفة أن الله يستطيع مسح يسوع ملكا عند مجيئه الثاني؟ يقول الله أنه قادر على فعل ما يشاء على الرغم من معارضة الناس، وهذا هو بالضبط ما فعله عندما جاء يسوع في المرة الأولى!

[قارن سفر المزامير ٢٢: ٦ ـ ٨؛ بإنجيل متي ٢٧: ٤١ ـ ٤٣؛ قارن نبوءة أشعيا ٦: ١ـ ٣، ٩ بإنجيل متي ١٣: ١٠ـ ١٥؛ كتاب أعمال الرسل ٢٨: ٢٣ـ ٢٧؛ إنجيل يوحنا ١٢: ٣٧ـ ٤١]

بيانات من العهد الجديد

إنجيل يوحنا ٢: ١٩ـ ٢٢ ـ ـ في بداية خدمته العامة، وبعد وقت قصير من معجزته الأولى (آية ١١)، تنبأ يسوع برفض الناس له وبموته. إلا أن أتباع العقيدة الألفية يقولون أنه لم يتنبأ بهذا إلا بعد أن بشر لفترة من الزمن وأصبح من الواضح أن اليهود سوف يرفضونه.

رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٤: ٤، ٥ ـ ـ جاء يسوع إلى الأرض "عندما حان ملء الزمان" ليفتدي البشر. أي أن الله أرسل يسوع في الوقت المناسب. تقول العقيدة الألفية أنه أرسل يسوع لإقامة مملكة دنيوية، إلا أنه لم يتمكن من ذلك لأن اليهود رفضوه بشكل غير متوقع؛ يعني هذا أن الوقت لم يكن مناسبا.

إذا كان القصد هو إنشاء مملكة دنيوية، فإنه لم يكن الوقت المناسب. ولكن إذا كان القصد هو أن يرفض ويموت ليفتدي الجنس البشري، فقد كان إذن الوقت المناسب.

إنجيل يوحنا ١٧: ٤ ـ ـ قال يسوع أته قد أتم العمل ("أنجز" ـ الطبعة الأمريكية القياسية) الذي وكله إليه ألآب ليعمله. تقول العقيدة الألفية أنه جاء لتأسيس مملكة دنيوية لكنه لم يستطع فأرجأ ذلك إلى وقت لاحق ـ أي أنه لم يتم العمل. ولكن إذا كان الرفض والموت هو العمل المقصود، فقد أتمه.

الرسالة إلى العبرانيين ٢: ١٤، ١٥ ـ ـ من خلال الموت، هزم يسوع إبليس. لكن إذا كانت العقيدة الألفية صحيحة، فإن موت يسوع كان انتصارا للشيطان: فقد منع يسوع من إقامة المملكة الدنيوية التي جاء لتأسيسها. تحول العقيدة الألفية انتصار يسوع إلى هزيمة! [إنجيل متي ١٢: ٢٩؛ رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٢: ١٤، ١٥؛ إنجيل لوقا ١٠: ١٨؛ رسالة يوحنا الأولى ٣: ٨]

كتاب أعمال الرسل ٢: ٢٢، ٢٣ ـ ـ قال بطرس أن رفض اليهود ليسوع قد جرى بقضاء الله وعلمه السابق. هل كان بطرس على خطأ، أم أن العقيدة الألفية على خطأ؟ [كتاب أعمال الرسل ١٣: ٢٧ـ ٣٣]

لقد رفض اليهود دائما أنبياء الله. ولو كانوا قد قبلوا يسوع لكان ذلك شيئا مذهلا! (كتاب أعمال الرسل ٧: ٣٨ـ ٤١، ٥١ـ ٥٣؛ إنجيل متي ٢٣: ٢٩ـ ٣٧). إذا كان الله قد أرسل يسوع إلى الأرض على أمل أن يقبله اليهود، فلابد أنه كان يجهل التاريخ اليهودي برمته! 

تدعي العقيدة الألفية أن يسوع جاء متوقعا تأسيس مملكة دنيوية كما تنبأ العهد القديم، لكن بدلا من ذلك رفضه اليهود على نحو غير متوقع فلم يتمكن من تأسيسها. إلا أن العهد القديم قد تنبأ بوضوح بأن اليهود سيرفضون يسوع.  

ج. العواقب التي كانت ستترتب على عدم رفض اليهود ليسوع

مات يسوع بسبب رفض اليهود له. مات ليقتني الكنيسة، والبشارة هي رسالة الخلاص بموته. هناك من يزعم أن هذا كله كان أمرا مفاجئا وغير متوقع من قبل الله. لو فرضنا أن خطة الله قد سارت كما تزعم العقيدة الألفية أن الله قد توقع لها أن تسير، وأن يسوع لم يمت، فماذا بعد؟ 

رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٧؛ إنجيل متي ٢٦: ٢٨ ـ ـ قد صار الفداء والغفران والصفح متاحا لنا من خلال دم يسوع. إذا كان هذا غير متوقع، كما تقول العقيدة الألفية، فكيف كان بوسع الناس أن ينالوا الخلاص؟ [رسالة بطرس الأولى ٢: ٢٤؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ٦ ـ ١٠؛ ٣: ٢٣ ـ ٢٦؛ رسالة بطرس الأولى ١: ١٨، ١٩؛ ٣: ١٨؛ رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ٢٠ ـ ٢٢؛ الرسالة إلى العبرانيين ٩: ١١ـ ١٥]

كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٢٨؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٥: ٢٣ ـ ٢٦ ـ ـ على وجه التحديد، مات يسوع ليقتني ويخلص الكنيسة. لا يمكن العثور على الخلاص إلا في الكنيسة (كتاب أعمال الرسل ٢: ٤٧). إذا لم يكن هذا كله ضمن خطة الله، فكيف كان لنا أن نحصل على الخلاص؟

إنجيل متي ١٦: ٢١ ـ ٢٣ ـ ـ عندما تنبأ يسوع بموته، وبخه بطرس قائلا أن هذا لن يحدث أبدا. ولكن لماذا رفض بطرس فكرة موت يسوع؟ لأن بطرس، كسائر اليهود وأتباع العقيدة الألفية، ظن أن يسوع قد جاء ليملك على مملكة دنيوية. لم يكن للموت مكان في هذه الخطة. 

وبخ يسوع بطرس قائلا أنه كان يعمل أعمال الشيطان ويفكر أفكار البشر، وليس الله. كان يركز على المنافع المادية، وليس الخلاص الروحي. كيف يختلف أتباع العقيدة الألفية عن بطرس؟ كيف كان للبشر أن يحصلوا على الخلاص لو كان يسوع قد حقق توقعات بطرس وأتباع العقيدة الألفية؟

إنجيل لوقا ٢٤: ٤٧ ـ ـ لأن يسوع تألم وقام من الموت، يبشر بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم (بما في ذلك الوثنيون). كيف كان بإمكان الوثنيين الحصول على الخلاص لو لم يرفض اليهود يسوع؟

رسالة بولس إلى أهل رومية ١١: ١١ ـ ـ أدى سقوط اليهود برفضهم يسوع، إلى حصول الوثنيين على الخلاص. ماذا لو كان اليهود لم يرفضوا يسوع، كما توقع الله أصلا على حد زعم أتباع العقيدة الألفية؟ ما هو تأثير ذلك على الوثنيين؟

تشدد العقيدة الألفية على أهمية اليهود بشكل كبير، يفترض أن الاحتياطات فد اتخذت بطريقة أو بأخرى لتوفير الخلاص لليهود. ولكن ماذا عن الوثنيين، بما في ذلك الغالبية منا ومعظم أتباع العقيدة الألفية؟

رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ١١ ـ ١٩ ـ ـ كان الوثنيون غرباء عن عهود الموعد، بغير رجاء وبدون إله. أما في ظل البشارة، فقد أصبحوا أقارب بدم المسيح (آية ١٣)، ومصالحين إلى الله في جسد واحد بالصليب (آية ١٦). فلم يعودوا بعدئذ غرباء أو نزلاء، بل من أبناء وطن القديسين ومن أهل بيت الله (الكنيسة) (رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٣: ١٥). لولا الكنيسة، لكان الوثنيون لا يزالون بغير رجاء.

يقتبس كتاب أعمال الرسل ١٥: ١٥ ـ ١٨ ـ ـ عن سفر عاموس ٩: ١١، ١٢ مبينا أن الله سيعيد بناء خيمة داود (بيته أو ملكه) لكي ما يطلق اسم الله على جميع الأمم. يبين يعقوب أن هذا قد تحقق عندما استشهد في رسالته بسفر عاموس، كما توقع الله منذ القديم، منذ الأزل. يترتب على ذلك أن الخيمة قد أعيد بناؤها. تحقق هذا في الكنيسة وفي البشارة، التي يقول أتباع العقيدة الألفية أن كلتاهما كانتا غير متوقعتين.

هناك فرصة لخلاص الوثنيين بسبب عهد الكنيسة/البشارة الحالي فقط، الذي يقول أتباع العقيدة الألفية أنه لم يكن متوقعا. كيف يمكن ألا تكون لدى الله خطة لخلاص الوثنيين؟ كيف يمكن لهذا الخلاص أن يكون نتيجة حدث طارئ؟ إذا كانت الأمور قد جرت كما يفترض بأن الله قد توقع لها الله أصلا، كيف كان لنا أن نحصل على الخلاص؟

يجب على أتباع العقيدة الألفية أن يواجهوا حقيقة أن مفهومهم لخطة الله الأصلية لا يتضمن توفير الخلاص للوثنيين. لو كان اليهود لم يرفضوا يسوع، ولو كان قد نجح في تأسيس مملكته الدنيوية، لكانت منزلة اليهود الخاصة قد استمرت دون انقطاع، ولكان الوثنيون قد استمروا في كونهم غرباء، مفصولين عن عهود الموعد.


٢. البشارة والعهد الجديد


إن الكنيسة وموت المسيح هما جانبان أساسيان من البشارة، لكن أتباع العقيدة الألفية يقولون أن هذه كلها كانت أمورا مفاجئة لم يتنبأ بها العهد القديم وأنها استحدثت فقط لأن اليهود رفضوا يسوع بشكل غير متوقع. ويقولون على وجه الخصوص، أن البشارة ليست هي العهد الجديد الذي وعد به العهد القديم.  

ا. البشارة في خطة الله

هل كانت البشارة شيئا طارئا غير متوقع؟ هل تفي البشارة بنبوءات العهد القديم عن مجيء عهد جديد؟

سفر المزامير ١١٠: ٤؛ سفر زكريا ٦: ١٢، ١٣

سيكون المسيح كاهنا على عرشه على رتبة ملكيصادق (ملكا وكاهنا في نفس الوقت). لكن الملوك بموجب العهد القديم كانوا من سبط يهوذا، بينما اقتصر الكهنوت على سبط لاوي.

الرسالة إلى العبرانيين ٧: ١١ـ ١٤ ـ ـ لكي تتحقق في المسيح نبوءة كونه كاهنا على رتبة ملكيصادق، لابد له أن يكون كاهنا من سبط آخر غير سبط لاوي. وبما أن الشريعة لم تسمح بذلك، فإن النبوءة تعني بالضرورة أن الشريعة سوف تتغير.  

نستنتج من ذلك أن العهد القديم قد تنبأ أنه سيستبدل بعهد جديد عندما يملك المسيح بصفة كاهن. إلا أنه كاهن بموجب عهد نافذ المفعول الآن وسيستمر إلى الأبد دون تغيير في الكهنوت (٧: ٢٤؛ ٨: ١، ٦؛ ٩: ١١). ومن ثم، فقد جاء في العهد القديم بوضوح أنه سيكون هناك عهد جديد، وأنه سيصبح نافذ المفعول بزوال العهد القديم عندما يملك يسوع ككاهن. تحقق هذا كله في البشارة، وبالتالي فقد تم التنبؤ بالبشارة في نبوءات العهد القديم.  

نبوءة إرميا ٣١: ٣١ـ ٣٤؛ الرسالة إلى العبرانيين ٨: ٦ـ ١٢

نبوءة إرميا ٣١: ٣١ـ ٣٤ ـ ـ وعد الله بعهد جديد مختلف عن العهد الذي قطعه في جبل سيناء. لاحظ أن هذا العهد سيأتي عندما تتم إزالة العهد القديم، وأن الخطايا لن تذكر من بعد بموجب هذا العهد.

يقتبس كاتب الرسالة إلى العبرانيين ٨: ٦ـ ١٢ عن نبوءة إرميا ٣١: ٣١ ـ ٣٤ ويشير بوضوح إلى أن هذا قد تحقق في العهد الجديد الذي نحيا في ظله الآن. هذا هو العهد الذي جعل المسيح وسيطا له (آية ٦) (بصيغة المضارع). لقد نال هذه الخدمة، لذلك فهو وسيط لهذا العهد الجديد. لقد تم إنجاز هذا الأمر، وليس حدثا لم يأتي بعد. 

الرسالة إلى العبرانيين ۹: ١٥ـ ١٧ ـ ـ إنه وسيط العهد (بصيغة المضارع). لكي يصبح وسيطا فقد توجب عليه أن يموت ليفتدي البشر من الخطيئة. لا يصبح هذا العهد الجديد نافذ المفعول إلا عند موت الموصي (يسوع). ومن ثم، فستتم إزالة القديم ووضع الجديد موضع التنفيذ بعد موت يسوع. لاحظ أن هذا تنبؤ آخر بأن يسوع يجب أن يموت، وأن ذلك كان ضروريا لإعطائنا العهد الجديد! [رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٢: ١٤؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ١١ـ ١٦]

الرسالة إلى العبرانيين ١٠: ١ ـ ٤، ٩، ١٠، ١٤ـ ١٨ ـ ـ كانت قرابين العهد القديم عاجزة عن محو الخطايا (كانت تذكر كل عام). إلا أن يسوع أبطل المشيئة (العهد) الأولى ليقيم الأخرى، وبتلك المشيئة صرنا مقدسين من خلال تضحيته بنفسه، مما حقق نبوءة إرميا ٣١ من أن خطايانا لن تذكر من بعد!

من شأن العهد الجديد الذي تنبأ به إرميا أن يصبح نافذ المفعول عندما يزال القديم وعندما تكون هناك تضحية بوسعها أن  تمحو الخطايا فلا تعود تذكر من بعد. حدث هذا كله نتيجة لموت يسوع. الخلاصة: كان كلا من العهد الجديد وموت يسوع معلومين مسبقا على حد السواء، والعهد الجديد الذي تنبأ به العهد القديم هو نافذ المفعول الآن.

نبوءة أشعيا ٢: ٢ـ ٤؛ ١١: ١، ٦ـ ١٠

نبوءة أشعيا ٢: ٢ـ ٤ ـ ـ عندما يوطد بيت الرب في رأس الجبال، تخرج الشريعة (كلمة الرب) من أورشليم (صهيون). وقد أظهرنا في دراسة سابقة أن هذا تحقق عند تأسيس الكنيسة.

إنجيل لوقا ٢٤: ٤٧؛ إنجيل مرقس ١٦: ١٥، ١٦ ـ ـ عند ابتداء الكنيسة، ينبغي أن تعلن البشارة (رسالة التوبة ومغفرة الخطايا) إلى جميع الأمم ابتداء من أورشليم. يحقق هذا نبوءة أشعيا ٢: ٢ـ ٤.

يعترض أتباع العقيدة الألفية على هذا التفسير لأنه لا تزال هناك حروب بين الأمم، ولأن الرماح لم تضرب مناجل بعد، وما إلى ذلك. مرة أخرى، إنهم ينظرون إلى هذا ماديا، وليس روحيا، لذلك يخلصون إلى أنه لم يتحقق بعد. ولكن لنتأمل معا آية مماثلة.

نبوءة أشعيا ١١: ١، ٦ـ ١٠ ـ ـ سيخرج غصن أو فرع من جذع (أصول) يسى. من المتفق عليه أن هذا الغصن هو المسيح. وسيؤدي هذا إلى تعايش البهائم والحيوانات الوحشية بسلام. من الواضح أن هذا هو بنفس أهمية الإصحاح الثاني. [قارن الرسالة إلى العبرانيين ١٢: ٢٢، ٢٣؛ نبوءة حزقيال ٣٤: ٢٥]

لاحظ آية ١٠ ـ ـ في ذلك اليوم، تلتمس الأمم هذا الأصل. إذا استطعنا تحديد متى سيحدث هذا، فسوف نعرف متى ستتحقق النبوءات حول السلام.

تقتبس رسالة بولس إلى أهل رومية ١٥: ١٢ـ ١٦ عن نبوءة أشعيا ١١: ١٠ كدليل على أن البشارة هي للناس أجمعين سواء كانوا يهودا أم وثنيين (رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ١٦). وبالتالي يبرهن الوحي على أن السلام الذي جاء في نبوءة أشعيا ١١ (ونبوءة أشعيا ٢) قد تحقق عند مجيء يسوع الأول، لأنه منح الوثنيين الخلاص من خلال البشارة.

إنجيل يوحنا ١٤: ٢٧ ـ ـ أعطانا يسوع بمجيئه الأول سلاما، يختلف عن سلام العالم (سلاما غير مادي). أعطانا سلاما كيلا تفزع قلوبنا أو تضطرب: سلاما روحيا، وليس ماديا. [رسالة بولس إلى أهل فيلبي ٤: ٦، ٧]

رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ١٤ـ ١٦ ـ ـ أحلت البشارة السلام بين اليهود والوثنيين لأنها أزالت العهد القديم الذي كان جدارا يفصل بينهما (آية ١١ـ ١٣). هذا هو المعنى الذي أحلت به كلمة الله (البشارة) السلام بين الأمم. لقد تحقق في الكنيسة من خلال البشارة.

رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١ ـ ـ فلما بررنا بالإيمان، حصلنا على السلام مع الله بربنا يسوع المسيح. [سفر زكريا ٦: ١٢، ١٣؛ رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ٢٠ ـ ٢٢؛ ٣: ١٥؛ سفر ميخا ٥: ٢ ـ ٥]

إن السلام الذي ورد في نبوءة أشعيا ٢ و ١١ هو سلام روحي في مملكة روحية هي الكنيسة: سلام مع الله وسلام بين اليهود والوثنيين في المسيح. وسوف يحدث هذا طبقا للإصحاح الثاني من نبوءة أشعيا عندما تخرج كلمة الرب من أورشليم. تحقق هذا في البشارة. ومن ثم، فقد تنبأ العهد القديم بالبشارة.

القول بأن هذه التنبؤات لم تتحقق يقلل من شأن البشارة ويجعل السلام المادي أكثر أهمية من السلام الروحي. هذا هو الخطأ الأساسي في العقيدة الألفية. إنها تؤكد على الأمور المادية وكأنها أكثر أهمية من الأمور الروحية. 

رسالة بولس إلى أهل رومية ١٦: ٢٥، ٢٦

كانت البشارة سرا ظل مكتوما مدى الدهور فكشف وأعلن الآن بكتب الأنبياء.

رسالة بولس إلى أهل أفسس ٣: ٣ ـ ٦ ـ ـ إن سر البشارة هو أن الوثنيين هم شركاء في الوعد في المسيح يسوع من خلال البشارة [رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ١٦]. إذا كان هذا شيئا طارئا لم يحدث إلا بسبب رفض اليهود ليسوع بشكل غير متوقع، فما الذي كان سيحدث للوثنيين لو لم تكن خطة الله قد تغيرت بشكل مفاجئ؟

السر هو الشيء الذي، ولفترة طويلة، لا يعلمه سوى عدد قليل من الأشخاص الذين شاركوا شخصيا في أحداثه. إنه غير مفهوم كليا من قبل الناس بشكل عام، أو لم يكشف عنه بالكامل إلى عامة الناس، لكنه يعلن في النهاية أو يصبح معلوما في وقت لاحق.

أي أن الله كان عالما بخطته في البشارة منذ بدأ العالم، وقد أعطى تلميحات وقرائن خلال العهد القديم (كتلك التي قمنا بدراستها)، لكنها كانت في ذهنه طوال الوقت. كانت مرتقبة ومتنبأ بها من قبل الله. لكنها أصبحت معلومة وكشف عنها بالكامل إلى بني البشر فقط بعد موت يسوع وبدء التبشير بالرسالة في يوم العنصرة.

[رسالة بولس إلى أهل أفسس ٣: ٣ ـ ١١؛ رسالة بطرس الأولى ١: ٩ـ ١٢]

ب. العقيدة الألفية والعودة إلى العمل بالأعراف الموسوية

تقتضي العقيدة الألفية العودة إلى العمل بالأعراف الموسوية.

إذا كانت البشارة ليست هي ما توقعه الله أصلا، فما الذي خطط له؟ إذا كان سوف يضع خطته الأصلية موضع التنفيذ عندما يعود يسوع، فما عسى أن تكون تلك الخطة؟ تأمل هذه الاقتباسات:

فيما يتعلق بوصف حزقيال للهيكل، يقول والڤأورد: "... افتراض أنه سيكون هناك بناء لهيكل مستقبلي في الألفية كمركز للعبادة هو شيء معقول إلى أبعد الحدود" ـ المملكة الألفية، صفحة ٣١٠ (نقلا عن مكگويگان وجوردان، شريحة رقم ٤٦).

 

ويسترسل قائلا: "لكن من المهم، أن يتبنى دارسو عقيدة العصر الألفي، الذين يبدون فهما للتفسير الحرفي لتعاليم العقيدة الألفية، مفهوم الهيكل الحرفي والقرابين الحرفية" ـ المملكة الألفية، صفحة ٣١٥ (نقلا عن مكگويگان وجوردان، شريحة رقم ١٤٦).

 

"إن هيكل حزقيال هو معبد مستقبلي سيتم بناؤه في فلسطين على النحو المبين خلال الألفية" ـ  العنصرة، ما سيكون من بعد،  صفحة ٥١٤، (نقلا عن ميلر، صفحة ٢٠٨).

 

"ستكون أورشليم مركز العبادة في ذلك العصر" ـ العنصرة، ما سيكون من بعد، (نقلا عن ميلر، صفحة ٢٠٨).

 

"إن التفسير الحرفي للألفية الذي يقدمه العهد القديم هو المشكلة التي تحيط بتفسير مقاطع مثل نبوءة حزقيال ٤٣: ١٨ـ ٤٦: ٢٤؛ سفر زكريا ١٤: ١٦؛ نبوءة أشعيا ٥٦: ٦ ـ ٨؛ ٦٦: ٢١؛ نبوءة إرميا ٣٣: ١٥ـ ١٨؛ ونبوءة حزقيال ٢٠: ٤٠ـ ٤١، التي تدعو جميعا إلى إعادة تأسيس الكهنوت وإعادة تأسيس نظام التضحيات الدموية" ـ العنصرة، ما سيكون من بعد،  صفحة ٥١٧، (نقلا عن ميلر، صفحة ٢٠٨).

تأمل العواقب الناجمة عن هذه الآراء التي تدعو إليها عقيدة العصر الألفي:

إن مفاهيم عقيدة العصر الألفي الموصوفة أعلاه تترتب على تفسيرهم الحرفي والمادي للنبوءة.

سفر تثنية الاشتراع ٣٠: ١ـ ١٠ ـ ـ يزعم أتباع العقيدة الألفية أن هذه الآيات لم تتحقق بعد. لكنهم يتوقعون أن إسرائيل بحسب الجسد، ستعود إلى فلسطين في العصر الألفي السعيد، وستعمل بشريعة موسى (آية ٢، ٨)، الفرائض المكتوبة في "كتاب الشريعة" (آية ١٠).

تعلم المقاطع الأخرى التي يعتمدون عليها أن الهيكل سيعاد بناؤه، وأن التضحيات الجسدية الدموية سوف تقرب من قبل الكهنوت اللاوي، وما إلى ذلك. وبما أنهم يجادلون بأن هذا سيتحقق ماديا، فإن الاتساق يتطلب منهم أن يجادلوا لإعادة تطبيق النظام الموسوي بأكمله. [سفر حزقيال ٤٠: ٣٨ـ٤٣؛ ٤٢:١٣؛ ٤٣:٢٧؛ ٤٥:١٧؛ ٤٦:٢٠؛ سفر زكريا ١٤:١٦، ١٧] 

في الواقع، فإن العديد من النبوءات التي يستشهدون بها قد تحققت في عودة إسرائيل من السبي البابلي، لكنها كانت نبوءات مشروطة، وقد تحققت بقدر استيفاء إسرائيل للشروط فقط. تمت النبوءات الأخرى في ملكوت العهد الجديد، إلا أنها تحققت بصورة روحية وليست مادية.

ولكن تأمل العواقب المترتبة على وجهات نظرهم فيما يتعلق بالبشارة.

رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ٣ ـ ـ من عمل بجزء من الشريعة فهو ملزم أن يعمل بالشريعة جمعاء. عندما يزعم أتباع العقيدة الألفية أن الكهنوت، القرابين، وما إلى ذلك، سوف يتعين مراعاتها في العصر الألفي السعيد، يتعين عليهم أن يجادلوا بأن النظام الموسوي بكامله ("كتاب الشريعة") سوف يعاد تطبيقه (سواء قبلوا هذا الاستنتاج أم لم يقبلوه).

الرسالة إلى العبرانيين ٧: ١١ـ ١٤ ـ ـ تطلب التغيير من الكهنوت اللاوي إلى كهنوت المسيح تغييرا في الشريعة. لكن العهد الجديد لا يشترط أن يقتصر الكهنوت على سبط لاوي أو تقريب ذبائح الحيوانات. وبالتالي وباستخدام نفس المنطق، فإن إعادة الكهنوت اللاوي وتقريب ذبائح الحيوان يقتضي إزالة البشارة!

رسالة بولس إلى أهل رومية ٧: ٢ـ ٦ ـ ـ استخدم بولس الزواج ليبرهن على أننا لا نستطيع أن نتبع الشريعة والبشارة في نفس الوقت. مراعاة كلا النظامين في نفس الوقت هو كالزنا الروحي. كالمرأة المتزوجة من رجلين في نفس الوقت. لذا وبالمثل، فإن العودة إلى شريعة موسى في العصر الألفي السعيد تتطلب أن نترك البشارة وإلا نكون قد ارتكبنا زنا روحيا.

علاوة على ذلك، فإن نظام البشارة هو في المقام الأول عن الكنيسة، بما في ذلك المعمودية لدخول الكنيسة، عشاء الرب في الكنيسة، إلى آخره. تقول العقيدة الألفية أن هذا كله كان ترتيبا مؤقتا أضيف حتى عودة يسوع، ولم يكن قط جزءا من خطة الله الأصلية. من ثم، ومرة أخرى، يقتضي موقفهم أن يحل نظام آخر محل البشارة، بما في ذلك الأعراف الموسوية.

علاوة عليه، فإن العصر الألفي السعيد بالنسبة لهم، هو الهدف المثالي الذي ينتظرونه ويرجونه. من الواضح أنه أسمى مما لدينا الآن. العواقب الناجمة عن ذلك هي أن النظام الألفي، بما في ذلك التضحية بالحيوان، الكهنوت اللاوي، الهيكل الأرضي، وما إلى ذلك، ستكون أسمى مما لدينا الآن في البشارة!

وبالتالي، وبعد التلميح إلى أن موت يسوع حدث نتيجة رفض اليهود له بشكل غير متوقع، يمضي العديد من أتباع العقيدة الألفية قدما إلى الإعلان بجرأة أن تضحيته لم تكن تضحية كافية لكل وقت وأن البشارة ستستبدل بنظام أفضل يتضمن هيكلا ماديا، كهنوتا دنيويا، سيادة يهودية، وتضحيات جسدية حيوانية! 

تعاليم الكتاب المقدس

كتاب أعمال الرسل ١٥: ٩ـ ١٠ ـ ـ أراد بعض اليهود فرض العهد القديم على الوثنيين (آية ٥). قال بطرس أن تلك الشريعة كانت نيرا لم يقو آباؤنا ولا نحن قوينا على حمله، لذلك استبدله الله بنظام الإيمان (البشارة). وضع هذا النير ثانية على أعناق التلاميذ هو تجريب الله. فلماذا نعود إليه؟

رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٣: ٦ـ ١١ ـ ـ كانت الشريعة، المنقوشة حروفها في الحجارة، خدمة الموت والحكم على الناس. هذه هي الشريعة التي أعطيت من قبل موسى عندما لم يتمكن الناس من النظر إلى وجهه لأنه كان يشع (آية ١٣). كيف يمكنها أن تكون أسمى من النظام "الفائق المجد"؟

رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٢: ١٤ ـ ـ محا يسوع ما كان علينا من صك وما فيه من أحكام ضدنا. لماذا نعود إليه؟ 

رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ١٤ـ ١٦ ـ ـ كان العهد القديم جدارا يفصل بين اليهود والوثنيين، لأنه أعطى اليهود مكانة متميزة لم تكن متوافرة للوثنيين. العودة إلى ذلك النظام يضع اليهود مرة أخرى في تلك المكانة المتميزة. هذا هو بالضبط ما يقول أتباع العقيدة الألفية أنه سيحدث، لكن ليس هذا سوى إعادة بناء الجدار الذي مات يسوع لإزالته!

الرسالة إلى العبرانيين ٧: ١١ـ ١٤؛ ٨: ٤ ـ ـ لم يكن بوسع يسوع أن يصبح كاهنا في ظل النظام الموسوي، لأنه لم يكن من سبط لاوي. إذا أعيد فرض هذا النظام، فلن يكون كاهنا لنفس السبب! إنهم يقولون أنه كاهن الآن، لكنه ليس ملكا (على المملكة التي تنبأ بها العهد القديم). وسيكون ملكا في العصر الألفي السعيد، لكنه لن يكون كاهنا. ومن ثم، فإنه لن يكون أبدا "كاهنا على عرشه" على رتبة ملكيصادق (سفر زكريا ٦: ١٢، ١٣؛ سفر المزامير ١١٠: ٤). 

الرسالة إلى العبرانيين ٨: ٦؛ ٧: ٢٢ ـ ـ العهد الجديد (البشارة) هو أفضل من النظام الموسوي. إلا أن العقيدة الألفية تقول أن النظام الموسوي هو أفضل من البشارة! [٩: ١١ـ ١٥، ٢٣؛ ٧: ١٨، ١٩]

الرسالة إلى العبرانيين ١٠: ١ـ ٤، ٩ـ ١٨ ـ ـ إن السبب الرئيسي لتفوق البشارة هو ذبيحة يسوع. لم يكن بوسع ذبائح الحيوانات التي قربت بموجب النظام الموسوي أن تمحو الخطايا، إلا أن ذبيحة يسوع بموجب البشارة تمحو الخطايا فلا تعود تذكر من بعد. يقول أتباع العقيدة الألفية أن الله لم يتوقع قط موت يسوع، إلا أنه خطط لإعطائنا نظاما يعيد التضحية بالحيوانات، التي لا تستطيع أن تمحو الخطايا! وهذا في رأيهم هو نظام أفضل؟! [٩: ٦ـ ١٠]

رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ١ـ ٤ ـ ـ لقد حررنا المسيح من الشريعة القديمة. ويجب ألا نعود إلى نيرها مرة أخرى. إذا فعلنا ذلك، فلن ينفعنا المسيح في شيء، وسنسقط عن النعمة. وتلك هي بالضبط عواقب الإيمان بالعقيدة الألفية.

خاتمة

يستخف أتباع العقيدة الألفية عن غير قصد بموت يسوع وينكرون أهميته. إنهم يجعلونه شيئا طارئا وغير متوقع، رقعة أضافها الله لأنه لم يتمكن من إنجاز العمل الذي أراد القيام به أصلا. وهم يفعلون الشيء نفسه بالكنيسة التي مات يسوع ليقتنيها وبالبشارة التي هي رسالة موته.

مات يسوع لكي يزيل العهد القديم ويقيم العهد الجديد (البشارة)، لكنهم ينكرون حتى أن العهد الجديد المتنبأ به قد حل! ويقولون أن الأعراف الموسوية، التي مات يسوع ليزيلها، سوف يعاد تطبيقها. يستخف هذا كله بموت يسوع بشكل يدعو إلى العجب.   

أسوة ببعض يهود القرن الأول، يسعى أتباع العقيدة الألفية إلى مكانة متميزة لليهود وفرض العمل بجوانب عديدة من شريعة موسى. قال بولس أن يهود القرن الأول كانوا "أخوة كذابين" ... "لم نذعن لهم خاضعين ولو ساعة، لتبقى لكم حقيقة البشارة" (رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٢: ٤، ٥). لذلك يجب علينا أن نحذر التهويد الحديث الذي تدعو إليه العقيدة الألفية.

حقوق الطبع محفوظة ٢٠٠٣، ديڤيد أي پرات

يسمح للأفراد وكذلك للكنائس المحلية بتوزيع هذا المقال كنسخة مطبوعة أو كبريد الكتروني، بشرط أن يستنسخ بكامله حرفيا وبدون تغيير المحتوى أو تحريف المعنى بأي طريقة كانت، وبشرط أن يظهر اسم المؤلف وعنوان صفحتنا الالكتروني بصورة واضحة (David E. Pratte, https://gospelway.com)، وبشرط عدم فرض أجور مادية من أي نوع كان لهذه المواد. تستطيع الصفحات الالكترونية أن تتبادل الاتصال مع هذه الصفحة ولكن لا يسمح لأي منها أن تعيد إنتاج هذا المقال على صفحات الكترونية أخرى. 

اضغط هنا لدراسة الإنجيل باللغة الانجليزية

 

عد إلى الصفحة الرئيسية من أجل مقالات أخرى لدراسة الإنجيل باللغة العربية.

ترجمة ساهرة فريدريك

Please bookmark our site in your favorites.

THE GOSPEL WAY | COURSES / COMMENTARIES, etc. | BIBLE | SALVATION | CHURCH | CHRISTIAN'S LIFE | GOD | MORALITY | MANKIND | INVITATIONS | FAMILY | CREATION | AUDIO | ARTICLES | TOPICS | RELIGIONS | PUBLICATIONS | VIDEO | GOVERNMENT | EMAIL ARTICLES

Subscribe to our free Bible study email lists. E-mail us at the Gospel Way Gospelway icon

We welcome links to us from other sites :
gospelway.com - The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides

See our Frequently Asked Questions (FAQ) if you have questions about our site.

Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.

Hit-meter: 51292142