مقدمة:
سفر العدد ١٢: ٣ ـ ـ كان موسى رجلا متواضعا جدا، أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض.
إنجيل متي ١١: ٢٩، ٣٠ ـ ـ قال يسوع، "إني وديع ومتواضع القلب".
كان هذان الرجلان من أعظم الشخصيات التي عاشت على وجه الأرض في أيما وقت. اختير كلاهما من قبل الله ليكونا مانحين لشريعته. كان يسوع ابن الله السماوي. يجب علينا بالتأكيد أن نسعى إلى الاقتداء بهذين الرجلين.
إنجيل متي ٥ : ٥ ـ ـ طوبى للودعاء (اللطفاء ـ طبعة الملك جيمس الجديدة)، فإنهم يرثون الأرض. يعلن يسوع "بركة" (سعادة) على الودعاء.
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥ : ٢٢، ٢٣ ـ ـ الوداعة هي إحدى ثمار الروح ـ صفات من الجدير بنا أن نمتلكها إذا كنا منقادين بالروح.
سفر الأمثال ١٦: ١٨، ١٩ ـ ـ قبل التحطم الكبرياء وقبل السقوط ترفع الروح. من الأفضل لك أن تكون متواضعا بالروح مع الودعاء.
إذا كنا نسعى إلى السعادة، إلى أن نكون منقادين بالروح، إلى تجنب الهلاك، وإلى أن نكون أناسا عظام مثل موسى ويسوع، فنحن بحاجة إلى التحلي بالحلم والتواضع.
الغرض من هذا الدرس هو دراسة هذه الصفات، ما هي عليه، وكيف تؤثر على حياتنا. سنشير بكثرة في أثناء الدراسة إلى موسى ويسوع بوصفهما نموذجين للحلم والتواضع.
الحلم
يرتبط "الحلم" في أذهان البعض بالضعف، لذا فإن ترجمة هذه الكلمة إلى اللغة الانجليزية هو أمر في غاية الصعوبة. ترجمت هذه الكلمة أحيانا إلى "اللطف" (طبعة الملك جيمس الجديدة)، والذي يلمح بدوره إلى الضعف.
إن الطريقة الفضلى لمعرفة معنى كلمة ما هي دراسة المقاطع التي استخدمت فيها. فيما نقوم بذلك، سنرى أن الحلم هو حالة أو طبيعة القلب [رسالة بطرس الأولى ٣: ٤]، والتي يقبل ويخضع المرء بموجبها عن طيب خاطر ودون مقاومة إلى إرادة ورغبات شخص آخر. لا يتشبث الإنسان الوديع برأيه ـ ليس مشغولا بنفسه وأفكاره ورغباته باستمرار. إنه على استعداد لوضع نفسه في المركز الثاني والرضوخ لتحقيق الصالح العام. الحلم هو نقيض العناد، المصلحة الذاتية، وتوكيد الذات.
ليس الحلم علامة على الضعف (كما يظن البعض)، ولكن على القوة، حيث يتطلب الإذعان للآخرين قدرا كبيرا من ضبط النفس.
التواضع
التواضع هو حالة أو طبيعة الفكر [كتاب أعمال الرسل ٢٠: ١٩]، والتي يدرك المرء من خلالها ضآلة قيمته أو صلاحه الذاتي وأهميته. من الناحية الروحية، يذل المرء نفسه لأنه مدرك لآثامه وهو بالتالي على استعداد للاتكال على الله لتلبية احتياجاته. إنه نقيض الفخر، الغطرسة، وتعظيم الذات.
يؤكد الكتاب المقدس على أن الحلم هو الخضوع إلى الله في المقام الأول (بدلا من الخضوع إلى البشر). يتطلب كل من الحلم والتواضع تجاه الله ما يلي:
كان الفريسي واثقا من صلاحه في نفسه، فصلى في نفسه، شاكرا الله على أنه أفضل من غيره من الناس. لاحظ تأكيد الفريسي على نفسه، تعظيمه لنفسه، وفشله في رؤية آثامه.
أما الجابي فقد التمس الرحمة معترفا بأنه خاطئ. لاحظ الخاتمة في آية ١٤ـ كل من رفع نفسه وضع، ومن وضع نفسه رفع! التواضع هو عكس تعظيم أو تبرير الذات.
بعد سماعه لموعظة حول هذه القصة، صلى أحدهم قائلا، "نحن نشكرك يا رب لأننا لا نفخر مثل ذلك الفريسي!" لقد فعل ذات الشيء الذي كان يقول أنه لا يفعله! نحن جميعا خطاة. لا يحق لنا أن ننظر إلى غيرنا بازدراء كما لو أننا نستحق الخلاص بسبب صلاحنا الفائق، بينما لا يستحقه هؤلاء. لا يمكننا أن نكون أكثر برا من الفريسي إلا من خلال إذلال أنفسنا كما فعل الجابي طالبين من الله المغفرة.
إذا قلنا أننا بلا خطيئة، فنحن كاذبين. نحن جميعا خطاة، وبحاجة إلى الغفران. نحن جميعا نستحق العقاب على خطايانا. رجاؤنا الوحيد في الخلاص هو رغبة الله الرءوف في أن يغفر لنا. نحن لسنا أفضل من الفريسي أو الجابي، بمعنى أننا جميعا خطاة.
عرف موسى أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكلمة الله. لا تأتي النعم المادية عن طريق قدرة الإنسان وقوته، بل من الله. كل ما هو حسن يأتي من الله.
يجب علينا أن ندرك إدراكا كاملا مدى ضعفنا بدونه. يقودنا هذا إلى الاتكال على الله لتلبية احتياجاتنا، وبذلك نمجده ونقدره حق قدره.
الأكبر في ملكوت السماوات هو ذلك الذي يضع نفسه مثل طفل صغير. يقول البعض أن الطفل متواضع لأنه غفور. ربما، لكن الطفل ليس غفورا فقط؛ إنه يعتمد على والديه بالكامل.
كيف يحصل الطفل على ما يحتاج إليه؟ من الذي يوفر له الغذاء، يعتني به، ويكسوه؟ إلى من يهرع عندما يشعر بالألم؟ الطفل ضعيف، لكنه يعرف أن بإمكان ماما وبابا أن يلبيا احتياجاته. وهكذا يقودنا التواضع إلى الاعتراف بكل تذلل بحاجتنا إلى الله.
التواضع اللائق تجاه الله هو اعتراف بالضعف، الإثم، عدم الجدوى، وعدم القدرة على إنجاز أو الحصول على الأمور التي نحتاج إليها بأنفسنا. نحن بحاجة إلى مساعدة من شخص أكبر بكثير مما نحن عليه. يعلم الله ما نحن في حاجة إليه وما فيه صالحنا أفضل مما نعرف، ولديه السلطان ليفعل ما يلزم القيام به. من شأن التواضع أن يجعلنا نثق بإرادته، نقدره حق قدره، ونعظمه بدلا من أنفسنا.
إذا كنا عارفين بنقائصنا وميلنا إلى الخطيئة، بالتباين مع حكمة وسلطان الله، فينبغي أن نكون على استعداد لتنفيذ ما يقوله. ينبغي علينا أن نؤمن بأن إرادته هي الأفضل وبأننا لن نحصل على معونته إلا إذا أطعناه.
سفر العدد ١٢: ٣، ٦، ٧ ـ ـ كان موسى رجلا متواضعا جدا. كان مؤتمنا على كل بيت الله.
سفر الخروج ٤٠: ١٦ ـ ـ فعمل موسى بكل ما أمره الرب به، هكذا عمل.
الرسالة إلى العبرانيين ٨ : ٥ ـ ـ عمل موسى كل شيء على الطراز الذي عرض عليه.
رسالة بولس إلى أهل فيليبي ٢: ٨ ـ ـ أتى يسوع إلى الأرض في هيئة إنسان، فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب.
الرسالة إلى العبرانيين ٤: ١٥ ـ ـ لقد امتحن في كل شيء مثلنا ما عدا الخطيئة.
رسالة بطرس الأولى ٢: ٢١، ٢٢ ـ ـ ترك لنا مثالا لنقتفي آثاره..إنه لم يرتكب خطيئة ولم يوجد في فمه غش.
اشتهر كل من يسوع وموسى بالحلم والتواضع، وكان كلاهما مطيعين لله بالكامل.
رسالة يعقوب ١: ٢١ـ ٢٥ ـ ـ تتطلب الوداعة تجاه كلمة الله أن نلقي عنا كل دنس وشر. كونوا ممن يعملون بهذه الكلمة، لا ممن يكتفون بسماعها.
رسالة يعقوب ٤: ٦ـ ١٠ ـ ـ إن الله يكابر المتكبرين وينعم على المتواضعين. تواضعوا بين يدي ربكم فيرفعكم. اخضعوا لله، اقتربوا منه، طهروا أياديكم، نقوا قلوبكم، اندبوا شقائكم واحزنوا وابكوا. هذا هو الأثر الحقيقي للتواضع في حياتنا، تماما كما في حياة يسوع (رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢).
عندما نتواضع بحق، وندرك ضآلة قيمتنا مقارنة بعظمة الله تعالى، فسوف نخضع عندئذ لمشيئته. هذا هو السبب في أن الكتاب المقدس كثيرا ما يربط التوبة بإذلال النفس. [سفر الملوك الأول ٢١: ٢٧؛ سفر أخبار الأيام الثاني ٧: ١٣؛ نبوءة أشعيا ٥٧: ١٥؛ رسالة بطرس الأولى ٥ : ٥ ـ ٩؛ سفر الأمثال ١٥: ٣١ـ ٣٣]
إنجيل متي ١٦: ٢٤ ـ ـ هنا تعريف ممتاز "للحلم" دون استخدام الكلمة. الحلم هو إنكار الذات.
تقول الأنانية "أريد هذا، وأريد ذاك ..." بينما يقول الحلم، "ماذا يريد الله؟" هل هذا هو الأفضل وفقا لطرق الله؟ إن طرق الله هي أفضل من طرقنا بكثير بحيث يتحتم علينا أن نخضع لها.
قد يقول شخص ما، "حسنا، هل يمكننا أن نرغب في أي شيء على الإطلاق؟" نعم، لكن كن على حذر. بإمكاننا أن نأخذ إرادتنا الخاصة بعين الاعتبار في المسائل التي لا تتعلق بإرادة الله. لكن الإنسان الوديع يراعي بعناية إرادة الله أولا، ثم إرادته الخاصة آخرا. من السهل جدا أن نرغب لا شعوريا في إرضاء أنفسنا، فنقرر أن هذا الأمر أو ذاك ليس مهما بالنسبة إلى الله، بينما هو في الواقع شيء هام بالنسبة إليه. يجب علينا أن نفحص كل تصرف، كل كلمة، بقصد معرفة مدى تأثيرها على خدمتنا لله. ثم نمارس فقط ما نعلم يقينا أنه مرض لله.
يقبل الإنسان الوديع والمتواضع بالاضطهاد، سوء المعاملة، المعاناة، أو المشقات دون أن يتمرد على الله ودون أن يشك في حكمته. يجب علينا أن نسلم بحقيقة أنه قد اختار أن يسمح لهذا بأن يحدث لأجل تحقيق أغراضه الطيبة.
سفر العدد ١١: ١٠ـ ١٥ ـ ـ تكبد موسى أنواعا من المشاكل لا يستطيع معظمنا احتمالها. تذمر الشعب باستمرار من قيادته، على الرغم من أنه لم يفعل سوى ما أمره به الله. كم منا يمكنهم احتمال ذلك؟ لا عجب في أنه كان أكثر الناس على وجه الأرض وداعة! في الحقيقة، كانت هناك شكوى ضده والتي تسببت في التصريح بأنه شديد التواضع (١٢: ١ـ ٣).
كتاب أعمال الرسل ٨ : ٣٢، ٣٣ ـ ـ كشاة سيق إلى الذبح. [نبوءة أشعيا ٥٣ : ٧]
إنجيل متي ٢٦: ٣٩ ـ ـ هل كان من السهل على يسوع أن يساق إلى "الذبح"؟ هل تطلب هذا وداعة؟ قال يسوع، "ولكن لا كما أنا أشاء، بل كما أنت تشاء".
رسالة بولس إلى أهل فيليبي ٢: ٨ ـ ـ تخلى يسوع عن المجد الذي كان له في السماء، فوضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. تأمل مقدار التواضع والوداعة الذي تطلبه تركه للمجد السماوي عن طيب خاطر ومجيئه إلى الأرض ليعيش كإنسان ويموت كمجرم ليخلص الآخرين.
الرسالة إلى العبرانيين ١٢: ٢ـ ٦ ـ ـ يسوع هو قدوتنا. ينبغي أن نكون على استعداد للإذعان إلى المعاناة كما فعل هو. لم يعاني أي منا مثلما عانى يسوع، ومع ذلك فإننا كثيرا ما نميل إلى التمرد من جراء مشاكلنا.
سفر تثنية الاشتراع ٨ : ١ـ ٥، ١٥، ١٦ ـ ـ يسمح الله بالظروف لتأديبنا، لكي نبقى متواضعين، مستسلمين لإرادته، ومتكلين عليه. سوف يعود علينا هذا بالخير في النهاية.
نحن نرغب في تسيير حياتنا الخاصة. يصيبني الذعر عندما أشعر بأني غير قادر على فعل أي شيء بشأن المشاكل التي لا أرغب في مواجهتها. لكن مواجهة الصعوبات، التي لا نستطيع حلها بمفردنا، تساعدنا على أن نصبح متواضعين. نحن نرى ضعفنا ونلتجئ إلى الله طلبا للمساعدة. عندئذ نقدره حق قدره وندرك مدى حاجتنا إليه.
لا يعني هذا أنه ينبغي لنا أن نلقي باللوم على الله لأنه تسبب في حدوث جميع مشاكلنا، أو أننا نعاني من المشاكل بسبب خطايانا. تؤدي خطايانا الخاصة أحيانا إلى معاناتنا من المشاكل. لكن في بعض الأحيان، كما في حالة أيوب، نحن لم نخطئ، لكن الله يسمح لإبليس أن يسبب الصعوبات. إبليس هو المسئول أساسا عن وجود المشاكل، لكن الله يستخدمها لحملنا على التواضع.
رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ١٢: ٧ـ ١٠ ـ ـ مخافة أن يتكبر بولس، جعلت له شوكة في جسده. الشيطان، وليس الله، جلب عليه هذه المشكلة. لكن الله سمح لها بالبقاء، لأنها أفضت إلى صالح بولس. بطريقة مماثلة، قد يسمح الله بالمشاكل لأنها تمنعنا من التكبر والتعويل على النفس.
لا يعني هذا أنه ينبغي لنا أن نضع أنفسنا في ظروف عصيبة، أو أن نتجنب تحسين أوضاعنا. ينبغي علينا أن نتخلص من مشاكلنا، إذا كنا نستطيع ذلك، وأن نشكر الله. لكن لا ينبغي لنا أن نلومه إذا اختار أن يسمح للمشاكل بالاستمرار، بل أن نقدر الدروس التي يمكن أن تعلمنا إياها مثل هذه المشاكل.
تعمل الصعوبات لأجل خيرنا إذا احتملنا بإيمان. يدرك الإنسان الوديع والمتواضع هذا الأمر ويذعن دون تمرد ودون الشعور بالمرارة تجاه الله.
يؤمن البعض أنه لا ينبغي للإنسان الوديع أن يجاهر برأيه ضد الأخطاء. كلما وبخ أي شخص في أيما وقت أناسا آخرين بسبب خطاياهم، ظن البعض أنه متشبث برأيه، عنيد، يحاول فرض إرادته، يريد أن يتعالى، أن ينال ما يريده، وما إلى ذلك. يرغب بعض الناس في "تغيير صورة الكنيسة"، لأنهم يعارضون وقفة النضال ضد الأخطاء. "لا ينبغي لنا أن نكلم الناس بصرامة بشأن أخطائهم. نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر وداعة ومحبة".
تذكر أن الكتاب المقدس يكرم هذين الرجلين خصيصا بسبب وداعتهما وتواضعهما. هل عارض موسى ويسوع أخطاء الآخرين؟
سفر الخروج ٣٢: ١٩، ٢٠ ـ ـ غضب موسى من جراء خطايا شعب الله. الآيات ٢٦ـ ٢٨، ٣٠ ـ ـ قال لهم أنهم خطاة، ودعا إلى اتخاذ إجراءات تأديبية، رغم أنه كان أكثر الناس وداعة على وجه الأرض! هذا تصرف رجل وديع!
قد عرفت أناسا يقولون أنه لا ينبغي للواعظ أن يعظ بغضب. لكن موسى غضب في هذه القضية وفي غيرها من القضايا. وكذلك فعل يسوع.
"لا يبدو هذا تواضعا بالنسبة لي". تشير مثل هذه الآراء إلى عدم فهم الناس للوداعة. موسى هو نموذج لقمة الوداعة.
ليس هناك تناقض بين الوداعة في الكتاب المقدس وبين المعارضة الصارمة للأخطاء. التناقض قائم فقط في أذهان أولئك الذين يسيئون فهم الوداعة.
إنجيل متي ١٥: ٣ـ ٩، ١٢ـ ١٤ ـ ـ وصف يسوع بوضوح خطيئة الفريسيين. أخبر التلاميذ يسوع أن الفريسيين صدموا عند سماع أقواله. هل اعتذر؟ لا، بل مضى يدعوهم بالقادة العميان وطلب من تلاميذه أن يدعوهم وشأنهم. هل كان يحسن به أن يعتذر لأنه ليس وديعا بما فيه الكافية؟
إنجيل متي ٢٣: ١٥ـ ١٧، ٢٧، ٢٨، ٣٣ ـ ـ دعا يسوع الفريسيين مرائين، يستوجبون جهنم، قادة عميان، جهلة وعميان، قبورا مكلسة، ممتلئين رياء وإثما، وأولاد أفاعي. "كيف لكم أن تهربوا من عقاب جهنم؟"
هذه عبارات رجل وديع! "إني وديع ومتواضع القلب".
كان يسوع بلا خطيئة. لا يوجد تناقض بين الوداعة وبين التوبيخ على الخطيئة، حتى إلى حد تسمية فئات محددة من الجماعات أو الأفراد المذنبين.
[إنجيل يوحنا ٨ : ٤١ـ ٤٧، ٥٤، ٥٥]
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٦: ١ ـ ـ إن وقع أحد في فخ الخطيئة، يجب على الروحيين أن يصلحوه بروح الوداعة. لا تعني الوداعة ألا نبين للآخرين أنهم خطاة. يوصينا بولس أن نبين لهم أخطائهم بوداعة.
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ٢٤ـ ٢٦ ـ ـ أدب المخالفين بوداعة عسى أن يفلتوا من فخ إبليس. الناس هم ببساطة على خطأ عند تصورهم أن الشخص الوديع لن يعلم الآخرين على الإطلاق بأنهم على خطأ. ينبغي أن تحملنا الوداعة على إعلام الآخرين بأنهم على خطأ ـ نفس الآيات التي توصينا بالوداعة، تطالبنا أيضا بتصحيح الآخرين!
الحلم، هو الاستعداد للخضوع، لكن خضوعنا الأساسي يجب أن يكون لإرادة الله. يجب على المرء ألا يفرض إرادته الخاصة لإعاقة قضية المسيح، بل يجب عليه الوقوف بحزم دفاعا عن طرق الله إلى درجة مقاومة كل ما يختلف عن طرق الله. لماذا؟ لأن هذا هو ما يقوله الله، لذا يجب علينا تنفيذه وإلا لن نكون خاضعين لله بوداعة!
الوداعة هي السجية التي تطالبنا بالمجاهرة بآرائنا ضد الأخطاء. مثل موسى ويسوع، يريد الإنسان الوديع قبل كل شيء أن يرى أن إرادة الله تحترم وتطاع. عندما يرى الإنسان الوديع أن الناس يتجاهلون إرادة الله، فسوف يثير ذلك السخط في نفسه لأن الناس لا يحترمون إرادة الله. يحرص الإنسان المتواضع على أن تتم إرادة الله!
إن الشيوخ، الواعظين، والمسيحيين الذين يجاهرون برأيهم ضد الخطيئة هم النوع الوحيد الوديع بحق. أولئك الذين لا يوبخون ضد الأخطاء هم الذين ليسوا بودعاء ـ إذ ليس لديهم ما يكفي من الاهتمام بإرادة الله!
سنرى لاحقا أن الوداعة تؤثر على كيفية تكلمنا جهارا. لا ينبغي لنا أن نبدأ بدعوة الناس "أبناء أفاعي"، وما إلى ذلك، عند محاولتنا الأولى لتعليمهم. ويجب كذلك ألا نستخدم مثل هذه اللغة القوية مع أولئك الذين يحاولون القيام بالشيء الصحيح بتواضع لكنهم لا يمتلكون الفهم الصحيح بعد. لكن إذا استمروا في تجاهل الفرص العديدة المتوفرة لهم لمعرفة الحقيقة، تكون هناك حاجة إلى استعمال لغة قوية. لكن في جميع حالات الخطيئة، يجب علينا أن نساعد الناس على الابتعاد عن الخطيئة، والقيام بذلك هو وداعة.
تعبر الوداعة عن نفسها أولا وقبل كل شيء في موقف الإنسان واستعداده للخضوع إلى إرادة الله. هل أنت إنسان وديع؟ هل أنت خاضع لإرادته؟
الوداعة تجاه الله هي من أهم وأبسط معاني التواضع والوداعة التي يجب أن نتحلى بها. لكن كما هو الحال مع المحبة، كذلك هو مع الحلم: إذا كنا ودعاء حقا تجاه الله، سيفضي بنا هذا إلى الحلم والتواضع تجاه الآخرين. يتطلب منا الحلم والتواضع القيام بما يلي في علاقاتنا مع الآخرين:
نحن لا نقول أن من حق الإنسان أن يصدر قوانين دينية تقع خارج نطاق ما تأذن به كلمة الله. لكن كلمة الله تقول أنه لابد لنا أيضا من الخضوع إلى مختلف أشكال السلطات البشرية. لاحظ بعضا من الحالات التي ذكر فيها الحلم والتواضع صراحة بخصوص خضوعنا لهذه السلطات:
رسالة بولس إلى تيطس ٣: ١، ٢ ـ ـ في نفس السياق حيث قيل لنا أن نظهر وداعة (لطفا ـ طبعة الملك جيمس الجديدة) وحلما تجاه جميع الناس (آية ٢)، قيل لنا أيضا أن نطيع ونخضع للحكام وأصحاب السلطة.
رسالة بطرس الأولى ٢: ١٣ـ ١٥ ـ ـ اخضعوا لكل نظام بشري، سواء للملك أو للحكام، أو من لهم التفويض من هؤلاء الحكام. لماذا ينبغي علينا أن نخضع؟ لأن هذه هي إرادة الله. من شأن الخضوع بوداعة إلى شريعة الله أن يفضي بنا إلى الخضوع إلى الحكام بوداعة.
لماذا يرفض البعض الخضوع للقوانين؟ لماذا يحتالون في دفع الضرائب؟ لماذا يخالفون قوانين المرور، وما إلى ذلك؟ لأننا لا نرغب في تنفيذ ما يقوله القانون، نريد أن نفعل ما نريده نحن. نتشبث بإرادتنا الذاتية، ولسنا مستعدين لإنكار ذاتنا. ما هي السجايا التي نحتاج إليها لتفادي مثل هذه المواقف؟ نحن بحاجة إلى الحلم والتواضع ـ الاستعداد لوضع إرادتنا جانبا والخضوع إلى إرادة الحكام.
رسالة بطرس الأولى ٣: ١ـ ٦ ـ ـ يقول الله مرارا وتكرار أنه يتعين على الزوجات أن يكن خاضعات لأزواجهن، وهو يطالب المرأة في خضم هذا التعليم بأن تتزين بروح "الوداعة والهدوء" (اللطف ـ طبعة الملك جيمس الجديدة). لاحظ أن هذا الأمر يأتي في وسط مناقشة طاعة الأزواج. لماذا؟
لماذا تنكر المرأة العصرية مفهوم أن الرجل هو رب الأسرة؟ لماذا تغتاظ وتتمرد العديد من النساء بشأن فكرة إتباع إرادة أزواجهن؟
هناك عدة أسباب، بما في ذلك حقيقة أن الكثير من الأزواج يسيئون استخدام سلطتهم بأنانية ويفشلون في معاملة زوجاتهم باحترام وتقدير (آية ٧). تلاقي بعض الزوجات صعوبة في إطاعة الزوج الذي لا يأخذ برأي زوجته، حتى عندما يفعل ذلك باحترام. لكن بطرس يقول أنه ينبغي على الزوجة أن تطيع زوجها حتى إذا أعرض عن كلمة الله (آية ١).
لماذا يصعب هذا الأمر على المرأة؟ لأن من "المهين" لها للغاية أن تنفذ ما يقوله الرجل. للمرأة أفكارها الخاصة حول ما تريد أن تفعله. "أفكاري جيدة بقدر أفكاره". "عندي اعتزاز بالنفس، كما تعرف". تلاقي العديد من النساء تشجيعا من قبل علم النفس الإنساني الحديث الذي يدعو إلى "تأكيد الذات" و"الدفاع عن مواقفهن". يقول الله أن ما يحتجن إليه هو "روح الوداعة والهدوء".
هناك أشكال أخرى من السلطات التي يجب علينا أن نخضع لها: خضوع الأطفال للوالدين، العاملين لأرباب العمل، إلى آخره. ما من أحد منا حر في أن يفعل ما يريده فقط. نحن جميعا بحاجة إلى تعلم الوداعة والتواضع.
لاحظ أننا نخضع لله أولا؛ نحن لا نطيع البشر إذا أدى ذلك إلى معصية الله (كتاب أعمال الرسل ٥: ٢٩). لكننا ما زلنا لا نفعل ما نريد. إننا ننفذ ما يطالب به الله أولا، ثم ما تطالب به تلك السلطات. نحن لا نفعل ما نريد إلا عندما يسمح الله أو السلطات البشرية المخولة بذلك.
الحل لعنادنا، وموقفنا المتمرد حيال السلطة هو الحلم والتواضع.
عندما يكون الإنسان وديعا ومتواضعا بحق، فإنه لا يستخف أو يقلل من شأن صفات الآخرين الطيبة بهدف إحراز المجد والتكريم والتقدير لنفسه.
"كونوا متعقلين في التفكير" (الإنجيل الأمريكي الحديث). كن صادقا وواقعيا في تقييم نفسك بالمقارنة مع الآخرين. من السهولة أن نظن بأننا أكثر قدرة من غيرنا، بأن أفكارنا هي أفضل من أفكارهم، بأننا نستحق التكريم أكثر من غيرنا، في حين أن هذا قد لا يكون الحال. على وجه التحديد:
اعترف بضعفك وخصوصا بخطاياك.
يميل معظم الناس إلى التغاضي عن خطاياهم الخاصة أو التقليل من خطورتها. عندما أفعل شيئا، فإنه ليس أكثر من ضعف أو نقص في الشخصية؛ عندما تفعل أنت الشيء نفسه، فإنه خطيئة. لقد بينا سابقا أننا جميعا خطاة. لا يستحق أي منا شرف الحياة الأبدية أكثر من الآخر.
قدر صفات الآخرين الجيدة حق قدرها.
يمتلك غيرنا مزايا جيدة، وغالبا ما يكونون أفضل منا في بعض الجوانب. نحن نميل إلى المبالغة في مزايانا الشخصية الحميدة، والمبالغة في صفات الآخرين السيئة. كوننا نمتلك قدرات تختلف عن شخص آخر لا يجعلنا أكثر أهمية أو أحق منهم بالتكريم (لاحظ الآيات ٤، ٥).
سبح الله الذي وهبك سجاياك الحميدة.
"... تعقلوا كل واحد على مقدار ما قسم الله له من الإيمان..." إذا بين التقييم المتعقل أنك مستقيم وذو قدرات، تذكر أنه كان يمكن لك بسهولة أن تولد في ظروف أسوأ بكثير. وأنك مستقيم فقط لأن الله قد غفر لك الذنوب التي ارتكبتها. فسبح الله.
لا يهتم الإنسان الوديع والمتواضع بالتكريم والتمجيد أو إحداث انطباع كبير في الناس. يرفض البعض ممارسة بعض الوظائف أو القبول ببعض المناصب أو العلاقات ما لم يظنوا أنها تعلي من شأنهم في نظر الآخرين. "ماذا سيظن الناس؟" ينجز هؤلاء الأعمال التي ترفعهم في نظر الناس فقط، أما الأعمال المتواضعة، فلا شأن لهم بها.
يقبل الإنسان المتواضع بأية مهمة يعهد بها إليه يمكن أن تساعد الغير، مهما كانت المهمة متواضعة في أعين الناس. وسوف يرافق أي شخص يمكنه مساعدته والذي من شأنه أن يساعده في خدمة الله، حتى لو كان العالم يستصغر هؤلاء الأشخاص.
يأنف البعض من مشاركة الآخرين أفراحهم لدى تلقيهم التكريم والاحترام. يظنون أنهم أحق بهذا التكريم. بينما يأنف البعض الآخر من التعاطف مع مشاكل الغير. يظنون أن هذه المشاكل نشأت عن سوء التدبير.
يفرح الإنسان المتواضع بصدق لفرح الآخرين لدى حصولهم على شيء جيد (وفقا لمعايير الله)، ويتعاطف بصدق مع أحزان الآخرين.
[إنجيل لوقا ١٨: ٩ـ ١٤؛ ١٤: ٧ـ ١١؛ ١٦: ١٥؛ رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٢، ٣]
يضحي الإنسان المتواضع براحته الشخصية في سبيل مساعدة الآخرين. إنه على استعداد للتخلي عن رغباته الخاصة لكي يحصل غيره على ما يحتاجون إليه.
ظن الناس في الماضي، مثلهم الآن، بأن عظمة الإنسان تقاس بمقدار التكريم الذي يعامله به الناس أو مقدار السلطة التي يمتلكها (الآيات ٥ ـ ١٠). وأن الأهمية تنبع من الهيمنة والسيطرة على الآخرين.
لكننا عظام بصدق (جديرين بأن يرفعنا الله) إذا وضعنا أنفسنا من أجل القيام بما فيه الصالح العام، بغض النظر عما يظنه الغير. لا يعني هذا أن السلطة ذميمة. لقد رأينا أن الله قد رسمها، وأن يسوع امتلكها، لكنه مع ذلك كان وديعا. النقطة هي، أن مجرد امتلاكك للسلطة لا يجعل منك شخصا عظيما. مقياس عظمتك هو خدمتك للآخرين، ويمكنك القيام بذلك مع أو بدون حيازة أية سلطة. إلا أن الخدمة تتطلب التواضع.
[إنجيل متي ٢٠: ٢٥ـ ٢٨؛ رسالة بطرس الأولى ٥: ٥]
ليست هذه دعوة إلى التواضع الكاذب بحيث نظن أن الآخرين هم أكثر منا قدرة. هل ينبغي لزوجتي أن تظن بأني أفوقها مهارة في الطهي؟ هل ينبغي لنجار أو موسيقار محترف أن يظن بأني أفضل منه؟ الطبعة الأمريكية الحديثة: "على كل منكم أن يعد غيره أفضل منه". يجب أن أكون على استعداد لأن أعطي الأولوية لاحتياجات الآخرين ومشاكلهم.
الآية الرابعة ـ ـ مهتما لا بمصلحته الخاصة بل بمصالح ألآخرين أيضا.
ينبغي علي أن أهتم بما يعود عليك بالخير بحيث أكون على استعداد لوضع رغباتي الخاصة جانبا من أجل خدمة احتياجاتك.
سفر التكوين ١٣ ـ ـ صنع أبرام هذا مع لوط، فسمح له أن يختار أولا. كان بإمكانه أن يصر، بوصفه أكبر سنا، على أن يختار هو أولا. لكنه وضع نفسه وسمح للوط بالاختيار. يفكر بعض الناس، "أنت أولا، من بعدي".
"بينما أضعك في المقام الأول، تضعني أنت بالمثل في المقام الأول، وهكذا [دواليك]. [النتيجة هي] مجتمعا رائعا لا يزدرى فيه أحد، بل ينظر إلى الجميع بتقدير" (لينسكي). ينبغي علي أن أنكر وأن أضحي بنفسي إلى درجة تجاهل مصلحتي الخاصة حتى أسمح بتلبية احتياجاتك.
الآيات ٥ـ ٨ ـ ـ يسوع هو القدوة، فقد كان وديعا ومتواضعا.
على الرغم من أنه كان في السماء مع الله، في صورة الله، فقد وضع نفسه وظهر في هيئة إنسان على الأرض، وأطاع حتى الموت. لماذا؟ لتلبية احتياجاتنا. لخدمتنا. ينبغي أن يكون ذلك الشعور فيما بيننا (آية ٥).
لقد تعلمنا، على العكس من وجهة نظر بعض الناس، أن الوداعة لا تقتضي أن نلزم الصمت عندما يخطأ الآخرين؛ بل ينبغي علينا أن نبين لهم أخطائهم. لكن من شأن الحلم إزاء الآخرين أن يؤثر على طريقة قيامنا بذلك.
يبين هذا الغرض الصحيح من التعليم: لإصلاح الشخص.
أنك تسعى إلى مساعدته في حمل العبء (آية ٢). أنك تحاول أن تكون مصدر عون. أنك لست هناك لتشمت من سقوطه، وليس لتذكيره بأنك كنت على حق (بهدف التعالي عليه). أنك لست هناك لجرح مشاعره (على الرغم من شعوره بالندم، ليست هذه هي النتيجة النهائية التي تسعى إليها). أنك لست هناك لإضافة المزيد من المشاكل، ولكن لمساعدته على إيجاد حلول لها.
ينبغي أن يؤدى كل عمل بهدف التوصل إلى هذه النتيجة. بالانسجام مع الكتاب المقدس ووفقا للحكمة، لا تتصرف إلا بالطرق التي من شأنها أن تسهم في عودته إلى الله.
على وجه التحديد، دع ذلك الشخص يعلم بأن هذا هو غرضك.
كن رحيما ومتعاطفا. دعه يعلم بأن تحدثك إليه نابع من اكتراثك بشأنه.
قال أحدهم ذات مرة في معرض تقييمه لاثنين من الواعظين: قال لي الأول إني من الهالكين وجعلني أشعر بسروره بسبب ذلك. بينما قال لي الثاني إني من الهالكين، لكنه جعلني أشعر بأسفه الشديد ورغبته في إنقاذي.
لا يمكن لطريقتنا من أن تروق لجميع الخطاة. سوف يغضب البعض مهما كان أسلوب مفاتحتك لهم في الموضوع. كان كل من موسى ويسوع نموذجا للوداعة، لكن الناس تذمروا من موسى باستمرار وقتلوا يسوع! سواء أسعدت الناس أو أغضبتهم، افحص نفسك لكي تتأكد من أن تعليمك ليس نابعا من الغرور وتبرير الذات أو أنه مجرد مناظرة فكرية تسعى من خلالها إلى حسم النقاش لصالحك لمجرد إثبات أن خصمك على خطأ.
تذكر أنك كنت خاطئا ذات مرة. لقد خطئت في الماضي وأنت عرضة للخطأ في المستقبل. فاتح الشخص مراعيا مشاعره بنفس الأسلوب الذي تود أن يفاتحك به الغير، وبما يتفق مع كلمة الله. لا يقصي هذا التوبيخ الصارم بل وحتى الغضب ـ إذا اقتضى الأمر. لكن من الأسهل كثيرا أن تكون متعاطفا مع الآخرين عندما تتذكر أنك كنت يوما ما في نفس هذه الحالة.
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ٢٤ـ ٢٦ ـ ـ كن وديعا في تأديب المخالفين الذين اعتقلهم إبليس. مرة أخرى، الغرض من التأديب واضح: لمساعدة الناس على التوبة والإفلات من قبضة الشيطان. كن معينا (كما سبقت مناقشته).
لكن لاحظ أنه ينبغي علينا أن نتجنب المجادلات (الشجار). لا يعني هذا أن نتجنب إعلام الناس بأنهم على خطأ. قام كل من موسى يسوع بهذا، أكثر الناس وداعة.
لكن النقاش ينحط أحيانا بحيث لا يرتجى منه تحقيق أي نفع أو فائدة في الإفضاء بالناس إلى التوبة. يجادل البعض لتجنب الاعتراف بالخطأ. إنهم لا ينظرون إلى الأدلة بأمانة لكنهم يبحثون عن إجابات تافهة لتلافي الاستسلام.
يحتد غضب البعض أحيانا بحيث يفقدون السيطرة على أنفسهم ويتفوهون بأمور لا يقصدونها حقا (يشمل هذا كلا الطرفين).
يكرر البعض أحيانا نفس الأقوال، بينما يحاول البعض حسم النزاع بتطويل الحديث أو رفع أصواتهم.
كلما اتضح أن الناس قد توقفوا عن الاستماع أو فحص الأدلة بأمانة (يتطلب هذا القدرة على التمييز)، أوقف المناقشة وانتظر ريثما يستعيد الناس هدوئهم.
رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٣: ١٢، ١٣ ـ ـ يؤدي التواضع والحلم إلى التحمل وطول الأناة. [رسالة بولس إلى أهل أفسس ٤: ٢]
طول الأناة هو الصبر. يجب أن نكون على استعداد لمواصلة الجهود. لا تغضب أو تنفعل. لا تيأس لمجرد أن الشخص قد عصى كلمة الله. ماذا يمكن أن يحدث لنا لو أن الله قد يأس منا في كل مرة خالفنا فيها تعاليمه؟
الاحتمال هو التعامل بصبر مع الأشياء التي لا تعجبنا. قد نعاني من ازدراء شخصي من قبل أولئك الذين نقوم بتدريسهم. لا تيأس أو تقابل الإساءة بمثلها. استمر في تعليم الحق. سيهاجمك الخاطئ عند توبيخه في كثير من الأحيان باحثا عن العيوب. قد يغرينا هذا بالكف عن التدريس. إذا أصبح رد الفعل هذا ممارسة ثابتة، ربما ينبغي لك أن تدرس شخصا آخر، لكن لا تكف عن التدريس. لا تيأس لمجرد أن أحدهم قد وجه إليك انتقادا.
يتطلب الاستمرار في فعل الخير على الرغم من المشقة إنسانا وديعا ومتواضعا.
رسالة بولس إلى أهل أفسس ٤: ٢، ٣ ـ ـ تعاملوا بكل تواضع ووداعة، مجتهدين في المحافظة على الوحدة والسلام. يسهم التواضع في تحقيق السلام والوحدة بالطرق التالية على الأقل:
يهتم الإنسان المتكبر والمفعم بالغرور بآرائه وأفكاره. يؤدي هذا إلى النزاع وربما إلى الانقسامات، وقد يتسبب في نزاع مذهبي بإصراره على إتباع طريقته الخاصة بدلا من طرق الله. أنه يصر في كثير من الأحيان على أن يقبل الآخرين أفكاره، في حين أنه ليس على استعداد لقبول أفكار الآخرين. يؤدي هذا إلى نشوء خلافات.
غالبا ما يقضي الحسد على السلام. هذا السلوك بشري وشيطاني. أما الحكمة التي تنزل من عل فهي طاهرة أولا، ثم مسالمة، حليمة، ملؤها رحمة. يمتلئ الإنسان الفخور بالحسد عندما يحرز الآخرين نجاحا أو ينالون تكريما، بينما يرضخ الإنسان الوديع لما فيه خير المجموعة. إنه لا يبالي بالحصول على المجد شخصيا ما دام الخير قد تحقق.
لاحظ أن الحلم لا يزال يتطلب نقاوة العقيدة. السماح ببقاء الخطأ دون تصحيح ليس وداعة ـ طاهرة أولا، ثم مسالمة. يؤدي السلام بأي ثمن إلى الوحدة في الخطيئة. يرغب الشخص الوديع في إرضاء الله أولا، ثم يقنع الناس بالحجة بأفضل الطرق. لكنه لن يفرض رغباته الشخصية التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالكنيسة.
رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٣: ١٢، ١٣ ـ ـ مرة أخرى، يرتبط الحلم بالاستعداد للمغفرة لدى توبة الآخرين. سوف يساعدنا على ذلك أن نتذكر بأننا كنا خطاة. فيما نسعى إلى الحصول على مغفرة الله، ينبغي علينا في نفس الوقت أن نكون على استعداد لكي نغفر للآخرين. إن لم نغفر، لن يغفر الله لنا (إنجيل متي ٦: ١٢).
ما الذي يحول بيننا وبين الاستعداد للمغفرة؟ لماذا نحمل الأحقاد حتى بعد توبة الآخرين؟ الكبرياء. الحل هو الحلم والتواضع.
رسالة بولس إلى أهل رومية ١٢: ١٤، ١٦ـ ٢١ ـ ـ تناقش آية ١٦ التواضع في سياق عدم الانتقام، بل مباركة المضطهدين. يفعل الإنسان المتواضع هذا لسببين. أولا، يقول الله أنه هو الذي يجازي، وأن الإنسان الوديع مستعد للإذعان إلى انتقام الله. ثانيا، لا يميل الإنسان الوديع إلى مبادلة الشر بالشر لإرضاء غروره، لكنه يرغب ببساطة في أن يأخذ الحق مجراه. ليس لدى الشخص المتواضع أية رغبة في الانتقام، إذا أصلح الآخرين الأخطاء التي قاموا بها.
يرغب البعض في إرضاء أنفسهم أولا وبعد ذلك باقي الناس بدرجات متفاوتة. ينفذ بعض الأشخاص ما يريده منهم الآخرون أولا. القاعدة التي يتبعها الإنسان الوديع والمتواضع هي: الله أولا، الآخرون ثانيا، والنفس آخرا.
هل ترقى حياتك إلى مستوى الحلم والتواضع الذي يرضي الله؟ هل تضع احتياجات الآخرين قبل نفسك؟ هل تخضع لله وهل قمت بتصحيح الخطايا في حياتك؟
حقوق الطبع محفوظة ١٩٩٩، ٢٠٠٥، ديڤيد أي ﭘرات
يسمح للأفراد وكذلك للكنائس المحلية بتوزيع هذا المقال كنسخة مطبوعة أو كبريد الكتروني، بشرط أن يستنسخ بكامله حرفيا وبدون تغيير المحتوى أو تحريف المعنى بأي طريقة كانت، وبشرط أن يظهر اسم المؤلف وعنوان صفحتنا الالكتروني بصورة واضحة (David E. Pratte, https://gospelway.com)، وبشرط عدم فرض أجور مادية من أي نوع كان لهذه المواد. تستطيع الصفحات الالكترونية أن تتبادل الاتصال مع هذه الصفحة ولكن لا يسمح لأي منها أن تعيد إنتاج هذا المقال على صفحات الكترونية أخرى.
اضغط هنا لدراسة الإنجيل باللغة الانجليزية
عد إلى الصفحة الرئيسية من أجل مقالات أخرى لدراسة الإنجيل باللغة العربية.
ترجمة ساهرة فريدريك
Please bookmark our site in your favorites.
We welcome links to us from other sites :
gospelway.com
- The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides
Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.