مقدمة:
إن موضوع نعمة الله ورحمته هو واحد من أهم وأجمل مواضيع الإنجيل. لا يمكن لأي شخص أن يدعي حسن إطلاعه على الإنجيل بصدق، إذا كان ينكر حاجة الإنسان إلى النعمة.
* تدعي العقيدة الخلاصية أن نعمة الله سوف تخلص جميع الناس.
* تقول الكنيسة الكاثوليكية أن هيئة الكهنوت (رجال الدين) توزع نعمة الله من خلال الأسرار المقدسة. وبالتالي، يجب على المرء أن يعترف إلى كاهن للحصول على الغفران، وما إلى ذلك.
* يقول مذهب كالڤين أن نعمة الله تمتد إلى مجرد عدد محدود من الأشخاص الذين اختارهم الله دون قيد أو شرط، بصرف النظر عن إرادتهم، طابعهم، سلوكهم، إلى آخره. وأنه ما أن يمنح الله الخلاص لأحد هؤلاء المنتخبين، فإنه لن يهلك أو يسقط عن النعمة بعد ذلك على الإطلاق.
* تعلم الطوائف البروتستانتية عموما عقيدة الخلاص "بالنعمة وحدها" و"بالإيمان فقط"، وبالتالي فإن العنصر الأساسي في خلاص المرء هو موقفه تجاه الله فقط، الطاعة ليست ضرورية.
* يعلم بعض أعضاء الكنائس المحافظة أن من الضروري للإنسان أن يطيع لكي يصبح ابنا لله، وأنه يبقى بعد ذلك في حالة النعمة ما دام "موقفه جيد"، بغض النظر عن حقيقة استمراره في التمرد على كلمة الله. لهذا السبب، فإنهم يرون أنه لا ينبغي لنا توبيخ أمثال هؤلاء، بل الشركة معهم على الرغم من خطاياهم.
نحن لن نبحث بعمق جميع الآراء البديلة المدرجة أعلاه، لكننا من ناحية أخرى، سنقدم المعلومات الأساسية التي يمكن استخدامها في فحص هذه الآراء بشكل أعمق.
تأمل بعض التعريفات الأساسية:
"النعمة" ـ "شعور ودي، محبة ـ لطف، فضل ... اللطف الذي يفيض على المرء أفضالا لا يستحقها ... يستخدم كتبة العهد الجديد لفظة (النعمة) لإبراز ذلك اللطف الذي يهب الله من خلاله أفضالا حتى لأولئك الذين لا يستحقونها، ويمنح الخطاة العفو عن آثامهم، ويعرض عليهم قبول الخلاص الأبدي من خلال المسيح" ـ جريم ـ ويلكي ـ ثاير. ومن ثم، فإن النعمة هي "فضل غير مستحق".
"الرحمة" ـ "الشفقة والشعور الودي تجاه البائسين والحزانى، مصحوبا بالرغبة في التخفيف عنهم" ـ جريم ـ ويلكي ـ ثاير.
وبالتالي، تنطوي كلا من النعمة والرحمة على الشفقة والإحسان تجاه أولئك الذين هم في ظروف بائسة. تؤكد الرحمة على الظروف التعيسة والبائسة للأشخاص موضع الرحمة، بينما تؤكد النعمة على عدم جدارتهم أو استحقاقهم للإحسان.
[تبين مقاطع الإنجيل فيما يتعلق بالنعمة، أن الأشخاص الثلاثة في الله جميعهم يظهرون رحمة: ألآب (رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ٧؛ إلى آخره)، الابن (رسالة بولس إلى أهل رومية ١٦: ٢٠؛ إلى آخره)، والروح (الرسالة إلى العبرانيين ١٠: ٢٩)]
سوف نتأمل في هذه الدراسة المواضيع التالية:
لماذا نحتاج إلى النعمة؟ ما الذي يمكن أن تتيحه لنا؟
رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٧ ـ ـ لنا في المسيح الفداء بدمه، أي الصفح عن الزلات، على مقدار نعمته الوافرة. لاحظ أهمية دم يسوع في ما يتعلق بالنعمة. تعين على البشر أن يموتوا إلى الأبد بسبب خطاياهم، لكن نعمة الله وفرت ذبيحة للموت عوضا عنا، كي لا نموت نحن.
رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨ ـ ـ فبالنعمة نلتم الخلاص بفضل الإيمان، فليس ذلك منكم؛ بل هو هبة من الله. يعني "الخلاص"، الإنقاذ أو التحرير من الأذى أو الخطر. تعرض الخطيئة نفوسنا للخطر والإدانة بالعقوبة الأبدية، لكن الله يتيح لنا الحرية. نحن لا نستحق الحرية، لذا فهي ليست منا، لكنها هبة من الله. ومن ثم فإنها نعمة ـ فضل غير مستحق.
رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٣ـ ٧ ـ ـ خلصنا الله وبررنا بلطفه، برحمته، ونعمته. تعني "بررنا" أنه أعلن عن صلاحنا أو برنا ـ الإعلان بأن المرء هو ما ينتظر منه أن يكون. نحن لسنا جديرين أو نحن لا نستحق أن نقف مثل هذا الموقف الحسن أمام الله على أساس الأعمال التي قمنا بها. بل على العكس، نحن جميعا قد خطئنا (رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٣)، وأجرة الخطيئة هي الموت (رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ٢٣).
استنادا إلى أعمالنا، نحن جميعا نستحق العقوبة الأبدية. لكن الله أرسل ابنه ليموت عوضا عنا لكي نستطيع بدلا من ذلك أن ننال الحياة الأبدية ـ هبة نحن لا نستحقها بالتأكيد. هذه هي النعمة السامية أو "الحظوة على غير استحقاق". يحسن بنا أن نخر على ركبتينا كل يوم لنشكر الله عليها.
لكن أيا من هذا لا يثبت أن بإمكاننا الحصول على الخلاص دون القيام بأي عمل. إنه يعني، أنه ليس هناك ما يمكننا القيام به لكي نستحق أو نكون جديرين بالغفران.
[رسالة بولس إلى تيطس ٢: ١١ـ ١٤؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٣ـ ٢٦؛ إنجيل لوقا ١: ٧٦ـ ٧٨؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١: ٩؛ كتاب أعمال الرسل ١٥: ١١؛ ٢٠: ٣٢؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١٢ـ ٢١؛ ٤: ٢ـ ٨؛ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ١: ١٣ـ ١٦؛ رسالة بطرس الأولى ١: ٣ـ ١٦]
تبعدنا الخطيئة أو تفصلنا عن الله (نبوءة أشعيا ٥٩ : ١، ٢). توحدنا المغفرة بالنعمة ثانية في الشركة مع الله.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٥ : ١ـ ٢ ـ ـ فلما بررنا بالإيمان حصلنا على السلام مع الله ... وبه أيضا بلغنا بالإيمان إلى هذه النعمة التي فيها نحن قائمون. نحن لسنا بعد الآن أعداء الله.
رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ١ـ ٥، ١١ـ ١٣، ١٨، ١٩ ـ ـ يغيرنا الخلاص بالنعمة (آية ٥، ٨) من أموات في خطايانا (أي مفصولين عن الله ـ آية ١٢)، إلى أحياء (جعلنا أقارب أو أصلح بيننا وبين ألآب وجعل لنا سبيلا إليه). يصيرنا ذلك أبناء الله، ومن أهل بيته (آية ١٩).
لنفترض أن شخصا ما يتصرف نحوك كعدو ويسيء معاملتك باستمرار. هل من شأنك أن ترغب في أن يكون هذا الشخص أحد أفراد أسرتك؟ هل من شأنك أن تسمح لابنك أن يموت لكي يستطيع ذلك الشخص أن يصبح واحدا من أفراد عائلتك؟ هذا هو ما أفضت نعمة الله به إلى صنعه من أجلنا. [رسالة بطرس الأولى ٢: ٩، ١٠]
رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ٢: ١٦، ١٧ ـ ـ أحبنا الله ووهبنا بنعمته عزاءا أبديا ورجاءا حسنا.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١، ٢ ـ ـ نستطيع البلوغ إلى النعمة، لذلك نحن نفتخر بالرجاء في المجد.
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ١ ـ ـ تشدد بالنعمة التي في المسيح.
رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٩: ٨ ـ ـ لدينا بنعمة الله ما يكفي من مؤونة في كل شيء، ويفضل عنا لكل عمل صالح. إنها توفر لنا جميع البركات الروحية التي نحتاج إليها في خدمتنا لله.
[سفر المزامير ٨٤ : ١١؛ رسالة بطرس الأولى ٤: ١٠، ١١؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١٢: ٦؛ الرسالة إلى العبرانيين ٤: ١٤ـ ١٦؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ١: ١١، ١٢؛ كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٣٢]
رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٧ ـ ـ حتى نبرر بنعمته فنصير بحسب الرجاء ورثة الحياة الأبدية.
كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٣٢ ـ ـ الله هو قادر بكلمة نعمته على أن يشيد البنيان ويجعل لكم الميراث مع جميع المقدسين.
رسالة بطرس الأولى ١: ٣، ٤، ٧ ـ ـ قد ولدنا ثانية بوافر رحمة الله لرجاء حي محفوظ لنا في السماوات ... حمد ومجد وإكرام عند ظهور يسوع.
من منا يستطيع أن يفحص حياته ويقول بأمانة أنه يستحق مثل هذه البركات؟ لكن الله يتيحها لنا على أي حال. هذه هي "الحظوة على غير استحقاق".
[رسالة بطرس الأولى ٥: ١٠؛ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ١: ١٣ـ ١٦؛ رسالة يهوذا ٢١]
تزخر التعاليم البشرية فيما يتعلق بالنعمة بالتكهنات.
يدعي مذهب كالفن أن الروح القدس سوف يعمل في قلب الشخص بشكل مباشر، بصرف النظر عن الإنجيل، لإعطائه "نعمة لا يمكن مقاومتها".
يقول آخرون، "من المؤكد أن نعمة الله ستغطي خطايا" شخص ما أو مجموعة معينة. وأنا أسأل، "كيف عرفتم هذا؟ هل هناك مقطع في الكتاب المقدس ينص على ذلك؟" لا يوجد مثل هذا المقطع، مع ذلك يتكهن البعض إلى ما لا نهاية.
كيف لنا أن نعرف ما هي الأمور التي ستتيحها لنا النعمة؟ هل يحق لنا أن نقول أن نعمة الله ستغطي خطايا معينة، إذا لم تكن لدينا أية مقاطع تنص على ذلك؟
ليست هناك طريقة أخرى لمعرفة ما ستتيحه النعمة أو لن تتيحه، أو من هم الأشخاص الذين سوف تخلصهم أو لن تخلصهم.
رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٥ ـ ١١ ـ ـ نصبح نحن أبناء الله على ما ارتضته مشيئته (آية ٥). لنا فيه الصفح عن الزلات على مقدار نعمته الوافرة، التي أفاضها علينا، فاطلعنا على سر مشيئته، أي ذلك التدبير الذي ارتضى أن يعده في نفسه (آية ٩). نحن ورثة وفقا لتدبيره، وهو يفعل كل شيء كما تريده مشيئته (آية ١١).
في جميع هذه الأمور، لاحظ أن نعمة الله تعمل وفقا لمشيئته وتدبيره. الشخص الذي يشمل بالحظوة، هو الذي يقرر كيف، أو من هم الذين سيشملهم بها.
إحدى النقاط الرئيسية في رسالة أفسس هي أن الكتاب المقدس يكشف عن سر إرادة الله (٣: ٣ـ ٥؛ ١: ٩). يؤهلنا الكتاب المقدس لكل عمل صالح (رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٣: ١٦، ١٧). لذلك، فإن السبيل الوحيد لمعرفة أي شيء عن نعمة الله هو من خلال كلمة الله!
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١: ٨ ـ ١٠ ـ ـ خلصنا الله ودعانا وفقا لتدبيره ونعمته، الذي كشف عنه بالمسيح الذي جعل الحياة والخلود مشرقين بالبشارة. تعمل نعمة الله وفقا لتدبير الله. لكن البشارة تكشف عن تدبير الله. فإذا أردنا أن نفهم النعمة، يجب علينا أن ندرس البشارة!
لا يحق لنا أن نفترض (ناهيك عن أن نعلم) أن نعمة الله ستتيح لنا أي شيء ما عدا ما يقول الإنجيل أنها سوف تتيحه. لا يجوز لنا أن نتوقع منها أن تخلص سوى أولئك الذين تقول كلمته أنها سوف تخلصهم.
كتاب أعمال الرسل ١٥: ١١ ـ ـ ينال اليهود الخلاص بنعمة الله كما ينالها الوثنيون. لاحظ أن نعمة الله تخلص بأسلوب معين ـ هناك ثمة طريقة تعمل بها. علاوة على ذلك، فإن نعمته تخلص جميع البشر بنفس الأسلوب. كيف لنا أن نعرف ما هو الأسلوب الذي ينال به الوثنيون الخلاص (وبالتالي جميع البشر)؟
آية ٧ ـ ـ سمع الوثنيون كلمة البشارة وآمنوا.
١١: ١٤ ـ ـ كلمهم بطرس كلاما ينالون به الخلاص (قارن ١٠: ٣٣ـ ٤٨). لن ينال أحد الخلاص من خلال العمل المباشر من قبل الروح القدس بصرف النظر عن الكلمة. تخلص النعمة من خلال الكلمة.
كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٢٤ـ ٣٢ ـ ـ كانت خدمة بولس هي أن يشهد لبشارة نعمة الله، وقد استودعهم وعظه كلمة نعمة الله (آية ٣٢). لاحظ الصلة بين النعمة والكلمة. الطريقة الوحيدة لفهم النعمة هي من خلال الكلمة. [آية ٢٠، ٢١، ٢٥، ٢٦؛ ١٤: ٣]
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ١: ٦ـ ٩ ـ ـ نحن مدعوون بنعمة المسيح. لكن إذا اتبعنا بشارة أخرى، فإننا نرتد عن ذاك الذي دعانا بنعمته. إذا بشرنا بشارة أخرى، نكون ملعونين. للحصول على فوائد نعمة الله، يجب علينا أن نطيع البشارة. إتباعنا لتعاليم أخرى يسقطنا عن النعمة. [٥: ٤]
رسالة بولس إلى تيطس ٢: ١١، ١٢ ـ ـ ظهرت نعمة الله لتعلمنا كيف نعيش. نعمة الله تعلم! لمعرفة النعمة، يجب تعليمنا. كيف يمكن تعليمنا؟ من خلال وحي الله الوحيد، الكتاب المقدس.
[رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ٥، ٦؛ رسالة بطرس الأولى ٥: ١٢؛ ١: ١٠ـ ١٢؛ رسالة بطرس الثانية ١: ٢؛ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٦: ١٦؛ إنجيل يوحنا ١: ١٧؛ كتاب أعمال الرسل ٤: ٣٣؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٣: ٢ـ ٨]
يؤكد هذا ما تعلمناه للتو. ما تتيحه النعمة، فإنها تتيحه من خلال البشارة.
الدعوة
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١: ٩ ـ ـ نحن مدعوون وفقا للنعمة. [رسالة بولس إلى أهل غلاطية ١: ٦]
رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ٢: ١٤ ـ ـ نحن مدعوون بالبشارة.
التعليم
رسالة بولس إلى تيطس ٢: ١١، ١٢ ـ ـ ظهرت نعمة الله لجميع البشر لتعليمنا.
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٣: ١٦، ١٧ ـ ـ يعلمنا الكتاب المقدس ويقومنا ويعدنا لكل عمل صالح.
الإيمان
كتاب أعمال الرسل ١٨: ٢٧ ـ ـ آمن التلاميذ بفضل النعمة.
رسالة بولس إلى أهل رومية ١٠: ١٧ ـ ـ يأتي الإيمان عن طريق سماع كلمة الله. [إنجيل يوحنا ٢٠: ٣٠، ٣١]
الخلاص
رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٥، ٨ ـ ـ نلتم الخلاص بالنعمة. [رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١: ٩؛ كتاب أعمال الرسل ١٥: ١١]
رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ١٦ ـ ـ البشارة هي قدرة الله للخلاص. [رسالة يعقوب ١: ٢١؛ كتاب أعمال الرسل ١١: ١٤]
التشديد
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ١ـ ـ تشدد بالنعمة التي في المسيح. [رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ٢: ١٦، ١٧]
رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ٩ـ ١١ ـ ـ امتلئوا من معرفة مشيئته متشددين بقدرته العزيزة. [كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٣٢؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١٦: ٢٥، ٢٦]
الحياة الأبدية
رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٧ ـ ـ حتى نبرر بنعمته فنصير بحسب الرجاء ورثة الحياة الأبدية.
إنجيل يوحنا ٦: ٦٣، ٦٨ ـ ـ كلام يسوع هو كلام الحياة الأبدية.
يتهمنا البعض، عندما نعظ بأنه يجب على أولئك الذين يمارسون الخطيئة أن يتوبوا ويطيعوا الله لكي ينالوا الخلاص، بأننا "نؤدي دور الله"، "نضع أنفسنا في منزلة الله"، أو "نحد من نعمة الله". لكن هؤلاء الأشخاص أنفسهم يقولون أحيانا، "أنا أؤمن بأن نعمة الله ستغطي أولئك الخطاة".
الموضوع هو: ماذا يقول الإنجيل؟ السبيل الوحيد لمعرفة ما ستتيحه نعمة الله أو لن تتيحه هو معرفة ما تقوله الكلمة.
إذا كان الكتاب المقدس ينص على أنه يجب على أولئك الذين يمارسون الخطيئة أن يتوبوا لكي يرضوا الله، فإننا لا نؤدي دور الله عندما نعظ بذلك. نحن ببساطة نعلم كلمة نعمة الله: نحن نقول لهم ما يقول الله أنه يجب عليهم القيام به لكي يحصلوا على نعمته!
إذا قال البعض أن الله سيخلص أولئك الذين يمارسون الخطيئة، لكنهم لا يستطيعون أن يجدوا المقاطع التي تعلم ذلك، فلماذا لا يكونون هم الذين قد وضعوا أنفسهم في منزلة الله؟ لماذا يتهم أولئك الذين يوبخون على الخطيئة فقط بأنهم "يلعبون دور الله"؟
إنجيل يوحنا ١: ١٧ ـ ـ النعمة والحق أتيا عن يد يسوع المسيح. ليس هناك تناقض بين النعمة والحق؛ إنهما يعملان معا.
إنجيل يوحنا ١٧: ١٧ ـ ـ كلمة الله هي حق. لذلك تعمل النعمة طبقا لكلمة الله.
الله هو الوحيد الذي يمكنه أن يحدد ما تغطيه نعمته، والسبيل الوحيد لمعرفة ذلك هو من خلال ما يقوله في الإنجيل. إذا وسعنا نطاق ما تشمله نعمة الله إلى أكثر مما تورده كلمته، أو إذا حددنا نطاق نعمته بأقل مما تحدده الكلمة، فإننا في كلتا الحالتين على حد سواء "نلعب دور الله". ما نحن بحاجة إليه هو التقليل من التكهنات حول النعمة والإكثار من "هكذا قال الرب".
يختلف رجال الدين حول ما إذا كانت النعمة مشروطة أم غير مشروطة.
تعني النعمة المشروطة أنه من أجل الحصول على الغفران، ومن أجل الاستمرار في الحصول على البركات التي تنشأ عنه، فإن هناك بعض الأمور التي يتعين على المرء القيام بها. يعتمد حصول المرء أو عدم حصوله على النعمة على اختياره الفردي، تصرفاته، تفكيره، كلامه، إلى آخره.
بينما تعني النعمة غير المشروطة أن المغفرة والبركات التي تنشأ عنها توهب لبعض الأفراد بغض النظر عن اختياراتهم أو سلوكهم. يمنحهم الله النعمة بناء على قراره الخاص فقط، دون النظر إلى إرادتهم، رغباتهم، أو أعمالهم.
ندرج هنا القليل فقط من الكثير من مقاطع الكتاب المقدس التي ينبغي النظر فيها.
كثيرا ما يخلط الناس بين البركات المشروطة والبركات المستحقة. يستنتج البعض أنه، طالما أننا لا نستطيع أن نستحق المغفرة، فلا يمكن أن تكون هناك شروط للحصول عليها، وبأننا إنما ننكر النعمة بقولنا أنه يجب على الشخص أن يفعل شيئا لينال الغفران.
يحتوي الإنجيل على العديد من الأمثلة عن الحصول على بركات الله من خلال النعمة، على الرغم من أن ذلك تطلب استيفاء بعض الشروط. أولئك الذين استوفوا الشروط، حصلوا على البركات. لو كانوا قد أخفقوا في استيفاء الشروط، لما حصلوا على البركات. مع ذلك، فإنهم لم يستحقوا البركات لاستيفائهم الشروط، لذا كانت المسألة لا تزال مسألة نعمة.
آية ٢ ـ ـ قال الله أنه قد أسلم أريحا إلى إسرائيل. يقول البعض أن الخلاص هو هبة، وأنه ليس هناك ما يمكننا القيام به لكي ننالها (رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨، ٩). لكن أريحا كانت هي الأخرى هبة من الله، هل تعين على الإسرائيليين أن يفعلوا شيئا للحصول عليها؟
الآيات ٣ـ ٥ ـ ـ للحصول على الهبة، تعين على الشعب أن يطوف حول المدينة مرة واحدة كل يوم لمدة ستة أيام، وسبع مرات في اليوم السابع مع نفخ الأبواق والهتاف. عندما قاموا بذلك، سقط السور من مكانه.
تأمل بعض الأسئلة:
* هل كان هذا فضلا من الله؟ نعم، كانت هبة منه (آية ٢).
* هل استحقوا الهبة بسبب الطواف وما إلى ذلك؟ لا، ليس الطواف جديرا بتدمير أسوار أي مدينة. كان ذلك فضلا غير مستحق ـ بركة لم يستحقوها ـ ومن ثم، فقد حصلوا عليها بالنعمة.
* لكن هل كانت هناك شروط تعين على الشعب استيفائها للحصول على الهبة؟ نعم. هل كان من شأنهم أن يحصلوا عليها دون استيفاء تلك الشروط؟ لا. ومن ثم، فإنها نعمة مشروطة!
الرسالة إلى العبرانيين ١١: ٣٠ ـ ـ يوضح هذا المثال بالذات نوع الإيمان الذي نحتاج إليه لإرضاء الله والخلاص بموجب نظام النعمة في الإنجيل (قارن ١٠: ٣٩؛ ١١: ٦). مثلما تطلب إيمان إسرائيل منهم أن يطيعوا من أجل الحصول على هبة الله بالنعمة، كذلك يتطلب منا الإيمان أن نطيع من أجل الحصول على هبة الخلاص بالنعمة. لكنها ما تزال نعمة، لأن الشروط لا تستحق الهبة.
قال أليشاع لنعمان أن يمضي فيغتسل في نهر الأردن سبع مرات ليبرأ من برصه (آية ١٠). نفذ نعمان ما قيل له في نهاية المطاف وشفي (آية ١٤). أسئلة:
* هل كان هذا فضلا من الله؟ نعم.
* هل استحق الغطس في الماء الهبة؟ لا، ليس الغطس سبع مرات في أي نهر جديرا بإزالة البرص. كان هذا فضلا غير مستحق، ومن ثم نعمة.
* لكن هل تعين على نعمان أن يستوفي شروطا معينة للحصول على الهبة؟ نعم. هل كان من شأنه أن يحصل عليها دون استيفاء تلك الشروط؟ لا. ومن ثم، فإنها نعمة مشروطة!
يمكن للنعمة أن تكون مشروطة! حقيقة أنه يجب على الإنسان أن يفعل شيئا للحصول عليها لا يتناقض بالضرورة مع مفهوم النعمة. على وجه التحديد، إذا كان الغطس في الماء شرطا لإزالة البرص، لكنه مع ذلك ما زال هبة بالنعمة، فلماذا لا يكون الغطس في الماء إذن (المعمودية) بالمثل شرطا لإزالة الخطيئة، مع ذلك فإنه لا يزال هبة بالنعمة؟
بثلاث مئة رجل فقط، هزم جدعون عددا لا يحصى من المدينيين. أسئلة:
* هل كان هذا فضلا من الله؟ نعم. قال الله أنه خلص إسرائيل (آية ٧، ٩).
* هل استحق إسرائيل البركات؟ لا، لقد حملوا المشاعل، نفخوا في الأبواق، وهتفوا، لكن هذا ليس جديرا بأن يهزم مثل هذا الجيش. كان هذا فضلا غير مستحق، ومن ثم نعمة.
* لكن هل كانت هناك شروط تعين على إسرائيل استيفائها للحصول على الهبة؟ نعم، تعين عليهم تطويق العدو، حمل المشاعل، النفخ في الأبواق، والهتاف. هل كان من شأنهم الحصول عليها دون استيفاء الشروط؟ لا. إنها من ثم، نعمة مشروطة!
لاحظ الآية الثانية: رتب الله هذا عمدا حتى لا يفتخر إسرائيل ويقول أن يده قد خلصته. مع ذلك كانت لا تزال هناك شروط تعين عليهم استيفائها.
لاحظ الموازاة مع رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨، ٩، المقطع الذي يعلم أن الخلاص هو هبة بالنعمة، وليس من أنفسنا أو أعمالنا. يقول الكثيرون أن هذا يعني بأنه ليس هناك ما يمكننا القيام به للحصول على الخلاص. لكن لاحظ:
إسرائيل وجدعون (سفر القضاة ٧) | خلاصنا (رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨، ٩) |
---|---|
الخلاص من مدين | الخلاص من الخطيئة |
هبة من الله | هبة من الله |
بالنعمة | بالنعمة |
لم يكتسب بأيدي البشر | لم يكتسب بأعمال الإنسان |
لا يستطيع الإنسان أن يفتخر | لا يستطيع الإنسان أن يتباهى |
هناك شروط مطلوبة (الطاعة) | هناك شروط مطلوبة (الطاعة) |
آية ٧، ٨ ـ ـ هل نال نوح الخلاص بالنعمة؟ نعم، نال نوح حظوة في عيني الرب ـ فضل غير مستحق. [لاحظ أن سفر الأمثال ٣: ٣٤ يستخدم نفس لفظة "النعمة" لكن رسالة يعقوب ٤: ٦ تستشهد بتلك الآية، حيث استخدمت لفظة "النعمة" من العهد الجديد في ترجمتها.]
الآيات ١٣ـ ١٥، ٢٢؛ ٧: ٥ ـ ـ هل تعين على نوح أن يقوم بأي شيء لكي ينال الخلاص بالنعمة؟ نعم، لقد بنى الفلك ونفذ كل ما أمر به الله. هل كان من شأنه أن ينجو دون بناء الفلك؟ لا. ومن ثم، نعمة مشروطة.
الرسالة إلى العبرانيين ١١: ٧ ـ ـ مرة أخرى، يستشهد بهذا المثال بالذات لتعليمنا كيف أننا ننال الخلاص من الخطيئة بالإيمان (١٠: ٣٩؛ ١١: ٦). توضح أمثلة العهد القديم كيف أننا ننال الخلاص في العهد الجديد بالنعمة من خلال الإيمان، وأن كلاهما يتطلبان استيفاء بعض الشروط. [رسالة بطرس الأولى ٣: ٢٠، ٢١؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١٥: ٤]
[أمثلة أخرى من الإنجيل عن النعمة المشروطة: سفر الخروج ١٧: ١ـ ٦؛ سفر العدد ٢١: ٦؛ سفر التكوين ١٩: ١٩؛ الرسالة إلى العبرانيين ١١]
* يعلن المذيع عن تقديم جائزة قيمة إلى أي كان، شريطة أن يتصل بالإذاعة ويكون ترتيبه السابع. هذا فضل غير مستحق، "هبة". ولكن يجب استيفاء بعض الشروط للحصول عليه.
* تمنح وصية أحد الأشخاص مبلغ مليون دولار إلى وريثه شريطة أن يكون متزوجا، أن يعيش في مكان معين، أو إذا استوفى بعض الشروط الأخرى.
* يعطي متبرع ما مبلغ مليون دولار إلى إحدى الكليات شريطة أن يسمى المبنى باسمه.
يمكن للنعمة أن تكون مشروطة. حقيقية أنه يجب على الإنسان أن يفعل شيئا للحصول على الهبة لا يعنى أنه قد استحقها ولا يدحض حقيقة أنها هبة بالنعمة.
لقد أثبتنا أنه يمكن للنعمة أن تكون مشروطة. وجود الشروط لا ينفي النعمة. أنظر الآن في نعمة العهد الجديد، وعلى وجه التحديد، في النعمة التي يخلص أو يغفر الله بها للإنسان خطاياه. هل هذه النعمة مشروطة أم لا؟ لاحظ أولا الطبيعة الشاملة للنعمة.
رسالة بولس إلى تيطس ٢: ١١ ـ ـ قد ظهرت نعمة الله ينبوع الخلاص لجميع الناس.
رسالة بولس إلى أهل رومية ١١: ٣٢ ـ ـ أغلق الله على جميع الناس في العصيان، ليرحمهم جميعا.
الرسالة إلى العبرانيين ٢: ٩ ـ ـ ذاق يسوع الموت بنعمة الله من أجل كل إنسان. يريد الله أن يخلص جميع الناس، لذلك مات يسوع فداء عن الجميع (رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٢: ٤، ٦؛ إنجيل يوحنا ٣: ١٦؛ رسالة بطرس الثانية ٣: ٩؛ إنجيل مرقس ١٦: ١٥، ١٦).
رسالة بولس إلى أهل رومية ٢: ١١ ـ ـ الله لا يحابي الوجوه.
[كتاب أعمال الرسل ١٠: ٣٤، ٣٥؛ ١٥: ١١؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١٥ـ ٢١]
تقضي هذه الحقيقة على الانتخاب غير المشروط والكفارة غير المحدودة في مذهب كالفن.
ينفي مذهب كالفن الصارم أن نعمة الله هي حقا في متناول الجميع أو أن يسوع مات حقا عوضا عن الجميع. يقول أن موت يسوع لا يتيح نعمة الخلاص سوى لأولئك الذين اختارهم الله دون قيد أو شرط قبل بدأ العالم. أما البقية، فإنهم من الهالكين ولا يمكنهم الحصول على النعمة.
لكن المقاطع السابقة أعلاه تتناقض مع هذا الرأي بإثبات أن نعمة الله تشمل الجميع وأن يسوع مات عوضا عن الجميع. إن نظرة مذهب كالفن إلى النعمة تجعل من الله محابيا للوجوه بقوله أن نعمة الله وفوائد موت يسوع لا تشمل سوى عدد قليل من الناس بغض النظر عن اختيارهم أو سلوكهم.
علاوة على ذلك، لا تترك لنا هذه الآيات سوى خيارين:
(١) إذا كانت نعمة الله غير مشروطة فإن جميع الناس إذن سوف ينالون الخلاص، طالما أن نعمته تشمل الجميع. هذه شمولية، لكنها تتناقض مع المقاطع التي تبين أن كثيرين سوف يهلكون (إنجيل متي ٧: ١٣، ١٤، ٢١ـ ٢٣؛ ٢٥: ٣١ـ ٤٦؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ١: ٦ـ ٩؛ إلى آخره).
(٢) البديل الوحيد الآخر هو أن الحصول على النعمة هو أمر مشروط. إنه متيسر للجميع، لكن يجب على كل إنسان أن يختار ما إذا كان سوف يلبي الشروط أم لا. ومن ثم، فإن الله ليس محابيا للوجوه لأنه جعل الخلاص في متناول الجميع. مع ذلك فإن كثيرين سوف يهلكون، لأنهم يرفضون استيفاء الشروط.
الطريقة الوحيدة للتوفيق بين ما يعلمه الإنجيل من أن نعمة الله هي في متناول الجميع وأن الله ليس محابيا للوجوه وبين حقيقة أن كثيرين سوف يهلكون هي أن نعترف بأن النعمة هي أمر مشروط. تأمل الآن الأمثلة الإنجيلية التي تؤكد ذلك.
هل تعين على الأشخاص الذين نالوا الخلاص بالنعمة بموجب تعاليم البشارة استيفاء بعض الشروط؟ على وجه الخصوص، هل كانت المعمودية شرطا ضروريا لمغفرة خطاياهم؟
كتاب أعمال الرسل ١٥: ٧ـ ١١ ـ ـ نحن ("اليهود") ننال الخلاص بالنعمة كما "بنفس الأسلوب" (طبعة الملك جيمس الجديدة والطبعة الأمريكية المعتمدة، "تماما مثلما" ـ طبعة الملك جيمس) يناله هؤلاء ("الوثنيين"). تخلص النعمة بطريقة أو بأسلوب معين. هذا الأسلوب هو نفسه بالنسبة للجميع، يهودا كانوا أم وثنيين. ما هو ذلك الأسلوب؟ هل هو مشروط أم لا؟
لاحظ أولا اليهود الذين اعتنقوا المسيحية في كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٦ـ ٤١.
كتاب أعمال الرسل ٢: ١٤، ٣٨ ـ ـ تحدث إليهم بطرس. قيل لهم ما يجب عليهم القيام به. تعمل النعمة وفقا لما تكشف عنه كلمة الله، وليس عن طريق التكهن أو ببعض الطرق الغامضة.
آية ٣٦ ـ ـ تعين عليهم أن يعلموا يقينا (أن يؤمنوا) بيسوع.
آية ٣٨ ـ ـ تعين عليهم أن يتوبوا ويعتمدوا لمغفرة الخطايا. قام بذلك ٣٠٠٠ رجل (آية ٤١).
هل استحق هؤلاء اليهود الخلاص؟ ليس بأكثر مما استحقه نعمان، أو جدعون، أو نوح، إلى آخره. لم تستحق الأعمال التي قاموا بها الهبة التي حصلوا عليها. لكن هل كانت الطاعة ضرورية للحصول على الهبة؟ نعم بكل ما في الكلمة من معنى. ومن ثم، نعمة مشروطة.
يقول كتاب أعمال الرسل ١٥: ١١ أن اليهود والوثنيين ينالون الخلاص بنفس الطريقة. دعونا نتأمل اعتناق قرنيليوس للمسيحية، أول اعتناق مسجل للوثنيين.
كتاب أعمال الرسل ١١: ١٤؛ ١٠: ٣٣ ـ ـ طلب إلى قرنيليوس أن يسمع كلاما به ينال الخلاص. فاجتمع مع أصدقائه للاستماع إلى ما سيقوله بطرس. [١٥: ٧]
١٠: ٤٣ ـ ـ قال بطرس أن كل من آمن بيسوع ينال غفران الخطايا. ثم تحدث في وقت لاحق عن ذلك الحدث قائلا أنهم سمعوا كلمة البشارة وآمنوا (١٥: ٧). وأن قلوبهم قد طهرت بالإيمان (١٥: ٩).
١١: ١٨ ـ ـ وهب الله الوثنيين التوبة التي تؤدي إلى الحياة.
١٠: ٣٤، ٣٥ ـ ـ من عمل البر كان مرضيا عند الله.
١٠: ٤٧، ٤٨ ـ ـ بتحدثه إليهم بكلمات بها ينالون الخلاص، أمرهم بطرس أن يعتمدوا بالماء.
ينال اليهود والوثنيون الخلاص بالنعمة على نفس النحو. إنه مشروط، الشروط هي دائما نفسها! وتتضمن هذه الشروط المعمودية.
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ١: ١٣ـ ١٦ ـ ـ نال بولس الخلاص بنعمة الله، وهو مثال للذين سيؤمنون بيسوع في سبيل الحياة الأبدية. علاوة على ذلك، بولس هو الرسول الذي أكد على تعليم الخلاص بالنعمة. فهل كان خلاصه الخاص نموذجا للنعمة المشروطة أم غير المشروطة؟
كتاب أعمال الرسل ٩: ١ـ ٦ ـ ـ اضطهد بولس المسيحيين، لكن يسوع ظهر له على الطريق إلى دمشق. قال له أن يذهب إلى المدينة ليقال له ما يجب عليه عمله. كانت هناك أمور يجب عليه القيام بها، وتعين إخباره بها (من الواضح أنه كان قد آمن وتاب عند هذه النقطة).
٩: ١٨؛ ٢٢: ١٦ ـ ـ تلقى هناك المعمودية لأن الرجل الذي أرسله الله ليخبره ماذا يجب عليه أن يفعل قال له أن يقوم ويعتمد ليغسل خطاياه.
بولس، الرسول الذي علم الخلاص بالنعمة، نال هو نفسه الخلاص بنعمة مشروطة، بما في ذلك المعمودية ليغسل بذلك خطاياه.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١، ٢ ـ ـ ليست الرسالة إلى رومية سوى مقال عن الخلاص بالنعمة من خلال الإيمان بموجب تعاليم البشارة. هل كان خلاص أهل رومية مشروطا أم غير مشروط؟ نحن مبررون بالإيمان لأننا، بالإيمان، بلغنا إلى النعمة. [٣: ٢٢ـ ٢٦؛ ٤: ٢ـ ٨، ١٤ـ ١٦؛ ١٠: ١٤]
١: ١٦؛ ١٠: ١٧ ـ ـ البشارة هي قدرة الله لخلاص كل مؤمن. يأتي الإيمان عن طريق الاستماع إلى كلمة الله.
١: ٥؛ ١٦: ٢٦ ـ ـ لكن، كما هو الحال مع جميع الأمثلة الأخرى التي استشهدنا بها سابقا، لابد أن يكون هذا إيمان الطاعة. ما هي الطاعة المطلوبة بالتحديد؟
٢: ٤ـ ١٠ ـ ـ يحملنا لطف الله على التوبة. أولئك الذين لن يتوبوا، سوف يتلقون الغضب يوم الغضب.
١٠: ٩، ١٠ ـ ـ يجب على الإنسان أن يؤمن بقلبه، لكن لابد أن يكون هذا الإيمان إيمان الطاعة، لأنه يجب على المرء أن يعترف بلسانه لينال الخلاص. إذا كانت الطاعة غير مشروطة، فليست هناك إذن حاجة إلى الإيمان أو الاعتراف.
٦: ٣، ٤، ١٧، ١٨ ـ ـ لكي نتحرر من الخطيئة يجب علينا أن نطيع التعليم الذي سلم إلينا. يشمل هذا المعمودية، طالما أننا بالمعمودية نعتمد في المسيح ونعتمد كذلك في موته، فنسلك في حياة جديدة (نولد ثانية).
تبين مقالة بولس عن الخلاص بالنعمة أن النعمة مشروطة، وأن المعمودية هي من ضمن تلك الشروط. المغفرة هي هبة نحن لا نستحقها، لكن يجب علينا استيفاء بعض الشروط للحصول عليها.
رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٥، ٨، ٩ ـ ـ ليس أهالي أفسس أنفسهم (أنتم) سوى مثال عن الخلاص بالنعمة من خلال الإيمان. دعونا إذن نفحص اعتناقهم للمسيحية. هل كانت هذه النعمة مشروطة أم غير مشروطة؟
١: ٧، ١٣ ـ ـ غفرت لهم خطاياهم بالنعمة بعد أن سمعوا كلمة الحق وآمنوا. قال بولس لشيوخ أفسس أنه شهد لبشارة نعمة الله (كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٢٤، ٢٧، ٣٢). نحن بالنعمة ننال الخلاص بفضل الإيمان (رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨، ٩). لكن الإيمان هو أحد شروط الخلاص. إذا كانت النعمة غير مشروطة، ما هي الحاجة إذن إلى الإيمان؟ [كتاب أعمال الرسل ١٩: ٨، ١٠]
كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٢٠، ٢١ ـ ـ لم يعلم بولس مجرد الإيمان بيسوع، ولكن أيضا التوبة إلى الله. [١٩: ٨، ١٩]
كتاب أعمال الرسل ١٩: ٥ ـ ـ اعتمد الناس نتيجة لوعظ بولس.
نجا نوح بالنعمة، لكنها كانت مشروطة. تعين عليه أن يطيع، لكن طاعته لم تصيره مستحقا للبركات.
على وجه التحديد، فصل الماء نوحا (الذي حصل على النعمة) عن الأشرار الذين أدينوا. يوضح هذا خلاصنا بالنعمة لأن في حالتنا أيضا، الماء هو من ضروريات خلاصنا. المعمودية تخلصنا.
ليست السلطة في الماء، كذلك ليست المعمودية جديرة بمنحنا الخلاص. السلطة هي في موت المسيح وقيامته. لكن عندما يكون لدينا إيمان الطاعة، كالذي كان لدى نوح، فنستوفي شروط الخلاص، ننال عندئذ الخلاص بالنعمة من خلال الإيمان، مثل نوح تماما.
[كتاب أعمال الرسل ١٨: ٢٧؛ ٨: ٢٢؛ إنجيل يوحنا ١: ١٢ـ ١٧؛ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ٤ـ ٦؛ رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٣ـ ٨؛ الرسالة إلى العبرانيين ١٢: ١٤، ١٥]
طالما أن كلمة الله حق (إنجيل يوحنا ١٧: ١٧)، وطالما أن الحق لا يناقض نفسه أبدا، فنحن نعلم يقينا أنه لا توجد تناقضات في الإنجيل. غير أن العديد من الناس يشعرون بالتشويش لأن بعض المقاطع حول النعمة تبدو لهم وكأنها متناقضة.
تأمل بعض الأمثلة:
نحن ننال الخلاص بالنعمة من خلال الإيمان، وليس من الأعمال (رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨، ٩) لكن الإنسان يبرر بالأعمال، لا بالإيمان وحده (رسالة يعقوب ٢: ٢٤) |
مرة أخرى،
إذا كان الخلاص بالنعمة، فليس هو إذا بالأعمال (رسالة بولس إلى أهل رومية ١١: ٦) لكن من اتقاه وعمل البر كان عنده مرضيا (كتاب أعمال الرسل ١٠: ٣٥) |
و،
نحن لسنا في حكم الشريعة، بل في حكم النعمة (رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ١٤) لكن بولس قال أنه "في حكم شريعة المسيح" (رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٩: ٢١) |
[طالع أيضا رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٣ـ ٧؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١: ٩؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٤: ٥]
أحد أسباب تشوش البعض حول هذه المسائل هو أنهم يدرسون جزءا مما يقوله الإنجيل فقط دون ربط جميع الأجزاء معا. السبب الآخر هو أن البعض يتجاهلون المقاطع التي تبدو وكأنها تختلف عما يؤمنون به أو تلقنوه. وبالتالي فإنهم قد يدرسون بعض المقاطع التي تتحدث عن النعمة لكنهم يتجاهلون المقاطع الأخرى. النتيجة هي التشويش.
إذا كان الإنجيل لا يناقض نفسه، فلا بد أن يكون هناك انسجام. دعونا ندرس تعاليم الإنجيل عن النعمة، الشريعة، والأعمال، بأخذ مقاطع عن جميع هذه المفاهيم وربطها معا.
تبين دراسة مختلف المقاطع أنه يمكن أن يكون للكلمة نفسها معان مختلفة في مختلف السياقات. أحد أسباب تشوش البعض هو أنهم يفترضون معنى محددا لإحدى الكلمات، ثم يحاولون فرض هذا المعنى على جميع السياقات.
الأمثلة في هذه الدراسة هي:
النعمة هي فضل غير مستحق ـ بركة أو هبة ينالها المرء على الرغم من عدم استحقاقه لها. لكن من الممكن أن تشير الكلمة ذاتها إلى أنواع مختلفة من النعم.
* النعمة غير المشروطة هي تلك التي يحصل عليها المرء دون أن يكون لديه خيار في هذه المسألة. تفاض النعمة بغض النظر عن اختيار، طابع، معيشة، وسلوك الشخص الذي يحصل عليها.
* النعمة المشروطة هي هبة متيسرة، ولكن يجب على المرء أن يقوم ببعض الأمور أو أن يتصرف بطرق معينة من أجل الحصول عليها. تتيح نعمة الله الهبة، لكن لكل منا القدرة على الاختيار بين القيام أو عدم القيام بالأعمال المطلوبة للحصول عليها. على الرغم من ذلك فإن أعمالنا لا تستحق الهبة.
يمكن لأي من هذين التعريفين أن يوافق معنى النعمة. لا يمكن تحديد المعنى المقصود في حالة بعينها إلا من خلال السياق. يفترض الكثيرون أنه لابد للنعمة من أن تكون غير مشروطة، لكن هذا يؤدي إلى استنتاجات خاطئة، لأن نعمة البشارة، وكما ثبت لدينا بالفعل، هي نعمة مشروطة.
الشريعة هي ببساطة الأوامر (أو مجموعة من الأوامر)، الأحكام، أو المبادئ التي ينتظر من الإنسان الخضوع لها. لكن مرة أخرى، يشير العهد الجديد إلى عدة أنواع مختلفة من الشرائع. [يخضع كل شخص لشريعة ما ـ رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ١٦، ١٩]
* شريعة الخطيئة ـ رسالة بولس إلى أهل رومية ٧: ٢٣ [٧: ٢٥؛ ٨: ٢]. هذا هو مبدأ إطاعة الشخص لإرادته الشخصية أو إرادة شخص آخر بخلاف الله (إنه في الحقيقة إنما يطيع الشيطان). لاحظ أن الآيات ٧: ٢٢، ٢٣ تقول أن هذه الشريعة تختلف عن شريعة الله.
* شريعة الأعمال ـ رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٧. لاحظ أن هذه تختلف عن شريعة الإيمان. شريعة موسى هي مثال لشريعة الأعمال. سوف نرى عند دراسة المزيد حول هذا النوع من الشرائع لاحقا، أن البشارة ليست من هذا النوع من الشرائع.
* شريعة المسيح (رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٦: ٢)، تسمى أيضا "شريعة الإيمان" (رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٧)، "شريعة الله" (رسالة بولس إلى أهل رومية ٨: ٧)، "شريعة روح الحياة" (رسالة بولس إلى أهل رومية ٨: ٢)، أو "شريعة الحرية" (رسالة يعقوب ١: ٢٥؛ ٢: ١٢). تقول رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٩: ٢٠، ٢١ أن هذه هي شريعة، لكنها ليست الشريعة (الموسوية) التي يخضع لها اليهود.
مرة أخرى، توافق جميع هذه المصطلحات تعريف الشريعة، لكنها شرائع مختلفة. لا يمكن تحديد المعنى المقصود في حالة بعينها إلا من خلال السياق.
كثيرا ما يصبح البعض مشوشين لأنهم يفترضون أنه لا يمكن أن يكون هناك سوى نوع واحد من الشرائع. فتجدهم يفترضون، عند قراءتهم للمقاطع التي تقول أننا لا ننال الخلاص بالأعمال (مثل العهد القديم)، بأن خلاصنا ليس مرتبطا بأية شريعة. عندما ندرك أن هناك أنواعا مختلفة من الشرائع، يمكننا أن نرى كيف أننا قد لا ننال الخلاص بشريعة معينة، لكن قد يكون لا يزال هناك نوع من الشرائع ضروري لخلاصنا.
يشير العمل إلى الصنيع، التصرفات، ما يقوم به المرء. لكن مرة أخرى، تذكر مختلف السياقات في العهد الجديد أن هناك أنواعا مختلفة من الأعمال.
* أعمال الجسد ـ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ١٩ـ ٢١. تنتهك هذه الأعمال شريعة الله وهي بالتالي آثمة (توازي هذه شريعة الخطيئة). مثل هذه الأعمال لا تخلص وإنما تسبب لنا الإدانة. [رسالة بولس إلى أهل رومية ١٣: ١٢ـ ١٤]
* أعمال الشريعة (أو الأعمال التي تبرر الإنسان) ـ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٢: ١٦؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٨ [رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٥]. هذه مآثر تمارس كجزء من "شريعة الأعمال". مرة أخرى، سوف نناقش هذه بإسهاب في وقت لاحق وسنرى أنها لا تستطيع أن تبرر وأنها ليست الأعمال التي تقتضيها البشارة.
* أعمال الإيمان أو الأعمال التي تمارس بهدف إطاعة الإنجيل ـ رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي ١: ٣ [رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ٦]. هذه هي الأعمال الناجمة عن الإيمان كجزء من شريعة الإيمان. تمارس هذه، ليس بهدف الحصول على النعم، ولكن لاستيفاء الشروط التي تؤهلنا للحصول على هبات نحن لا نستحقها. [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٥: ٥٨؛ إنجيل يوحنا ٦: ٢٨، ٢٩]
مرة أخرى، توافق جميع هذه المصطلحات تعريف الأعمال، لكنها مع ذلك أنواعا مختلفة من الأعمال. لا يمكن تحديد المعنى المقصود في حالة بعينها إلا من خلال السياق.
لكن الناس يقرؤون المقاطع التي تقول أننا لا ننال الخلاص بالأعمال، ويفترضون بالتالي أنه ليست هناك علاقة بين أي نوع من الأعمال وبين الخلاص. لكن عندما ندرك أن البشارة تشير إلى أنواع مختلفة من الأعمال، نفهم عندئذ أنه، على الرغم من وجود أعمال لا تخلصنا، لا تزال هناك أنواعا أخرى من الأعمال الضرورية للحصول على الخلاص.
هذا هو الحل لمشكلة التناقض الظاهري بين المقاطع المذكورة أعلاه. تقول بعض الآيات أننا لا ننال الخلاص بالأعمال أو الشريعة، بينما تقول آيات أخرى أننا ننال الخلاص بالأعمال وأننا يجب أن نخضع للشريعة للحصول على الخلاص. الحل الوحيد هو أن هذه المقاطع تتحدث عن أنواع مختلفة من الشرائع وأنواع مختلفة من الأعمال.
تنفي الكثير من الطوائف، بهدف التقليل من أهمية الطاعة (ولاسيما المعمودية)، أن العهد الجديد هو شريعة. فهم ينكرون أن الطاعة، وبأي شكل من الأشكال، هي عنصر أساسي للخلاص.
يعلن بعض أعضاء الكنائس "التي تقوم على نظام المؤسسات" وحتى بعض الكنائس "المحافظة" عن تصريحات مماثلة. سمعت أحد الواعظين يقول ذات مرة "ليس العهد الجديد مجموعة من القوانين. إنه مجموعة من رسائل الحب".
شأنها في ذلك شأن معظم التعاليم الزائفة، تتضمن هذه ما يكفي من الحقيقة لتمويه الخطأ، وذلك بالتلميح إلى أهمية المحبة، وإنكار ضرورة الطاعة. فيستنتجون بناء على ذلك أنه ينبغي علينا الاستمرار في الشركة مع أعضاء الكنيسة الذين يعصون الإنجيل، وأن نتغاضى عن عصيانهم، إذا بدا أنهم مخلصون. عندما ندعو إلى وجوب التوبة، يتهمنا البعض بأننا "نلتزم بالقوانين حرفيا"، وبأننا نرجو الخلاص من خلال الالتزام بالقوانين.
نحن نوافق على أن العهد الجديد ليس نظاما للتبرير من خلال العمل بالشريعة. ولكن هل تمثل الشريعة عنصرا أساسيا من البشارة بأي شكل من الأشكال؟
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٦: ٢ ـ ـ يجب أن نتمم العمل بشريعة المسيح. توجد شريعة للمسيح، وينتظر منا أن نتممها.
رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٩: ٢٠، ٢١ ـ ـ لم يكن بولس "بلا شريعة من الله، لأنه في حكم شريعة المسيح". يقول البعض أننا لسنا في حكم الشريعة على الإطلاق. ينفي بولس هذا، فهو لم يكن في حكم الشريعة التي يخضع لها اليهود (شريعة موسى)، لكن هذا لا يعني أنه بلا شريعة. فقد كان لا يزال في حكم شريعة المسيح.
نبوءة أشعيا ٢: ٢، ٣ ـ ـ بتأسيس الله لبيته (الكنيسة ـ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٣: ١٥)، خرجت شريعة الله من أورشليم إلى جميع الأمم. [كتاب أعمال الرسل ٢؛ إنجيل لوقا ٢٤: ٤٧]
رسالة يعقوب ٢: ٨ ـ ـ محبة القريب هي الشريعة السامية. إذا كانت الطاعة غير مطلوبة بموجب العهد الجديد، فالمحبة ليست مطلوبة إذن، إذ أن المحبة هي شريعة! لا تتناقض المحبة بالضرورة مع الشريعة. قولنا أن المحبة تلغي الشريعة هو إساءة فهم لكل من المحبة والشريعة. [قارن رسالة بولس إلى أهل رومية ١٣: ٨؛ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ١٤]
رسالة يوحنا الأولى ٣: ٤ ـ ـ الخطيئة هي مخالفة الناموس. ما لم يكن هناك ناموس، فليس هناك إذن شيء اسمه خطيئة. إذا لم نكن مطالبين بالخضوع إلى الشريعة، فإن اقترافنا للخطايا ليس مهما. أولئك الذين يزعمون أننا بلا شريعة إنما يدافعون عن الخطيئة، لأن الخطيئة هي أثم (طبعة الملك جيمس الجديدة).
لكن جميع الناس قد خطئوا (رسالة يوحنا الأولى ١: ٨، ١٠؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٣). نحن بحاجة إلى نعمة الله لكي ننال الصفح عن خطايانا (رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٧). إذا كانت إطاعة الشريعة ليست ضرورية، فإن اقتراف الخطايا ليس بمشكلة، كما أننا لسنا بحاجة إلى النعمة للحصول على مغفرة الخطايا. ليس إلغاء الشريعة سوى إلغاء لحاجتنا إلى النعمة!
أولئك الذين يقولون أننا بلا شريعة، إنما ينكرون حاجتنا إلى النعمة. القول بأن الطاعة ليست أساسية هو تقليل من حاجتنا إلى النعمة وإلى موت يسوع.
[الرسالة إلى العبرانيين ٨: ١٠؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٧؛ رسالة يعقوب ١: ٢٥؛ ٢: ٨، ١٢]
مرة أخرى، نحن نوافق على أن العمل بالشريعة لا يبررنا. لكن هل يعني هذا أنه ليس هناك أي نوع من الأعمال الضرورية لخلاصنا بأي حال من الأحوال؟
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ٦ ـ ـ في المسيح يسوع إنما القيمة للإيمان العامل بالمحبة.
كتاب أعمال الرسل ١٠: ٣٤، ٣٥ ـ ـ من اتقى الله من أية أمة وعمل البر كان عنده مرضيا.
رسالة يعقوب ١: ٢٢، ٢٥ ـ ـ كونوا ممن يعملون بالكلمة لا ممن يكتفون بسماعها. ذاك الذي يواظب على العمل، سيكون سعيدا في عمله.
رسالة يعقوب ٢: ١٤ـ ٢٦ ـ ـ أبوسع الإيمان أن يخلص ما لم يقترن بالأعمال (آية ١٤)؟ مثل هذا الإيمان هو ميت في حد ذاته. يسير العمل والإيمان جنبا إلى جنب، فبالأعمال يبرر الإنسان وليس بالإيمان وحده.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٢: ٦ـ ١٠؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٥: ١٠ ـ ـ سوف يجازي الله في الدينونة كل منا بحسب أعماله. فننال الحياة الأبدية بالثبات على العمل الصالح، وبعمل الخير.
[إنجيل يوحنا ٦: ٢٨، ٢٩؛ رسالة بولس إلى أهل فيلبي ٢: ١٢؛ إنجيل يوحنا ٥: ٢٨، ٢٩؛ رسالة يوحنا الأولى ٢: ١٧؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي ١: ٣؛ كتاب أعمال الرسل ٩: ٦]
بحكم تعريفها، ليست الشريعة سوى مجموعة من القوانين أو الأوامر. ليس التقليل من أهمية الشريعة سوى تقليل لأهمية الخضوع للأوامر. لكن لاحظ المقاطع التي تبين مدى أهمية الأوامر:
إنجيل متي ٢٢: ٣٧ـ ٣٩ ـ ـ محبة الله والقريب هما أعظم جميع الوصايا. قولنا أن المحبة واجبة يعني أنه يجب علينا أن نحافظ على الوصايا، لأن المحبة هي وصية. ليس إنكار ضرورة إطاعة الوصايا سوى إنكار لضرورة المحبة. [لاحظ أن مقارنة هذا المقطع برسالة يعقوب ٢: ٨ تبين أن الشريعة = الوصايا]
إنجيل يوحنا ١٤: ١٥؛ رسالة يوحنا الأولى ٥: ٣ ـ ـ من أحب الله، حفظ وصاياه. ليس الحب والحفاظ على الوصايا أمرين متضادين، بل يسيران جنبا إلى جنب. إذا قلت أنك لا تؤمن بضرورة حفظ الوصايا فإنك تعترف بأنك لا تحب محبة صحيحة! [إنجيل يوحنا ١٤: ٢١ـ ٢٤؛ رسالة يوحنا الثانية ٦]
رسالة يوحنا الأولى ٢: ٣ـ ٦ ـ ـ لكي نعرف الله ونقيم فيه، يجب علينا أن نحفظ وصاياه. قولك أن الحفاظ على الوصايا ليس ضروريا هو اعتراف بأنك لا تعرف الله!
رسالة يوحنا الأولى ٣: ٢٣ ـ ـ الإيمان هو وصية. أولئك الذين يقولون أن الأوامر ليست ضرورية للخلاص إنما يقولون بغير قصد أن الإيمان ليس ضروريا، لأن الإيمان هو وصية.
كتاب أعمال الرسل ١٧: ٣٠، ٣١ ـ ـ أمر الله جميع الناس في كل مكان بالتوبة. القول بأن الأوامر ليست ضرورية إنما يعني أن التوبة ليست ضرورية، لأن التوبة هي أمر. يقول الله أننا بدونها سوف نهلك (رسالة بطرس الثانية ٣: ٩؛ إنجيل لوقا ١٣: ٣، ٥).
كتاب أعمال الرسل ١٠: ٤٧، ٤٨ ـ ـ معمودية الماء هي وصية. لكن العديد من المقاطع تبين أنها ضرورية للخلاص (كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٨؛ ٢٢: ١٦؛ إنجيل مرقس ١٦: ١٦؛ رسالة بطرس الأولى ٣: ٢١؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ٣، ٤).
يوافق معظم الناس طوعيا على أن الإيمان والتوبة ضروريان، على الرغم من حقيقة أنهما من ضمن الأوامر. الأمر الرئيسي الذي يصر البعض على أنه غير لازم هو المعمودية. لكن إما أن يكون الحفاظ على الوصايا ضروريا للخلاص أو أنه ليس كذلك. إذا كان الحفاظ على الأوامر ليس ضروريا، فإن المحبة، الإيمان، والتوبة ليست ضرورية هي الأخرى. لكن إذا كنا نقر بأن الحفاظ على الوصايا هو أمر ضروري، فلماذا إذن نعارض ضرورة المعمودية؟
[إنجيل متي ٢٨: ١٨ـ ٢٠؛ إنجيل يوحنا ١٢: ٤٧ـ ٥٠؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٤: ٣٧]
مرة أخرى، بحكم تعريفها، الشريعة هي ببساطة ذلك الشيء الذي ينبغي أن يطاع. إذا كانت الشريعة غير ضرورية بموجب البشارة، فكذلك هي الطاعة إذن. لكن إذا كانت الطاعة ضرورية، فكذلك هي الشريعة أيضا.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ١٧، ١٨ ـ ـ مباشرة، بعد قوله أننا لسنا بعد في حكم الشريعة بل في حكم النعمة، قال بولس أننا تحررنا من الخطيئة بإطاعتنا للتعليم الذي سلم إلينا.
الرسالة إلى العبرانيين ٥: ٩ ـ ـ يسوع هو سبب الخلاص الأبدي لجميع الذين يطيعونه.
إنجيل متي ٧: ٢١ـ ٢٧ ـ ـ لن ندخل ملكوت السماوات، ما لم نعمل إرادة ألآب. لا يكفي أن نعرف ما هي تعاليم يسوع أو أن نزعم أننا نؤمن بأنه رب.
رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢ ـ ـ إننا نطهر أرواحنا بإطاعة الحق.
رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ١: ٨، ٩ ـ ـ أولئك الذين لا يطيعون البشارة سيعاقبون بالهلاك الأبدي.
[رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ٥؛ ١٦: ٢٦]
صحيح أن البشارة ليست نظاما للتبرير بالعمل بالشريعة، من ناحية أخرى، من الصحيح أيضا أن البشارة هي الشريعة التي بموجبها، فإن الأعمال وإطاعة الأوامر هي أمور ضرورية للحصول على الخلاص. لكن تذكر أن كلمات مثل "الشريعة"، "الأعمال"، إلى آخره، يمكن أن تعني أمورا مختلفة.
دعونا نواصل الدراسة لتحديد المفهوم الذي تقتضي البشارة من خلاله القيام بالأعمال، والمفهوم الذي ليست البشارة من خلاله شريعة للأعمال. سوف نرى أيضا كيف يتناسق هذا جميعه مع النعمة.
لكي نستطيع أن نفهم العلاقة بين النعمة، الإيمان، الأعمال، والطاعة في الخلاص، دعونا ندرس التناقض بين نظامين للتبرير في الإنجيل.
العمل بالشريعة | النعمة من خلال الإيمان |
---|---|
حياة مثالية بلا خطيئة | يمكن تبرير الخاطئ |
الخطايا لا تمحى | غفران دائم |
يجب أن يستحق التبرير | التبرير غير مستحق |
استنادا إلى جهود الإنسان | استنادا إلى موت يسوع |
يفتخر الإنسان بنفسه | يمجد الإنسان الله |
يثق الإنسان بنفسه | يثق الإنسان بيسوع |
لا يخلص أحد | يمكن للجميع أن يخلصوا |
يستخدم مصطلح "العمل بالشريعة" للإشارة إلى نظام أو مبدأ أساسي من المبررات: يقف الإنسان مبررا أمام الله لأنه ببساطة قد حافظ على الأوامر بشكل صحيح. هذا هو أساسا نوع الشريعة التي ينتمي إليها العهد القديم، وهذا هو نوع الشريعة التي يشير إليها العهد الجديد عندما يقول أننا لا ننال الخلاص "بأعمال الشريعة". ليست البشارة "شريعة أعمال" بهذا المعنى.
لاحظ بعض خصائص أعمال الشريعة بوصفها نظاما للتبرير (تشير العديد من المراجع هنا إلى شريعة العهد القديم، لكن المبدأ ينطبق على أية شريعة من نفس نوع العهد القديم).
لكي يقف الإنسان مبررا أمام الله في الدينونة، يتعين عليه أن يعيش حياته بأكملها دون انتهاك أي من أوامر الله.
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٣: ١٠ـ ١٢ ـ ـ ملعون من لا يثابر على العمل بكل ما كتب في سفر الشريعة. هذا اقتباس عن سفر تثنية الاشتراع ٢٧: ٢٦ ويصف نظاما من الأحكام كالعهد القديم. لا يبرر الإنسان هنا على أساس الغفران، بل يجب على المرء أن يعمل بكل ما تأمر به الشريعة لكي لا يقف أبدا موقف المذنب. [رسالة يعقوب ٢: ١٠؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١٠: ٥؛ سفر الأحبار ١٨: ٥]
الشخص الوحيد الذي عاش حياته بلا خطيئة بموجب الشريعة هو يسوع (الرسالة إلى العبرانيين ٤: ١٥). للوقوف مبررا بموجب مثل هذه الشريعة، يتعين على المرء أن يعيش حياة خالية من الخطايا مثلما عاش يسوع.
الرسالة إلى العبرانيين ١٠: ١ـ ٤، ١١ـ ـ قربت بموجب الشريعة الذبائح والقرابين التي لا تستطيع أن تمحو الخطايا بشكل دائم. كانت الذبائح ذكرى للخطايا كل سنة.
إذا أخطأ المرء بموجب هكذا نظام، فإن الشريعة تعجز بحد ذاتها عن منحه الغفران الدائم. لا يملك مثل هؤلاء الخطاة سوى الرجاء في ثمة ترتيب آخر سوف يأتي لاحقا لتبريرهم. تم هذا بموت يسوع ـ حيث امتد دمه ليشمل بالغفران الدائم أولئك الذين هم في حكم العهد القديم (الرسالة إلى العبرانيين ٩: ١٥). لكن الشريعة نفسها التي عاش أولئك الناس بموجبها لم تمنحهم الغفران الدائم. لو لم يكن يسوع قد أتى ومات، لما كان لديهم رجاء.
هذا هو السبب في أن التبرير بموجب مثل هذا النظام يتطلب أن يعيش الإنسان حياة من الكمال دون ارتكاب أية خطيئة. إذا أخطأ المرء، صار تحت لعنة الموت (نبوءة حزقيال ١٨: ٢٠؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ٢٣)، لكن الشريعة نفسها لم تمنح غفرانا دائما. [رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٣: ٢١]
يشير "العمل بالشريعة"، بوصفه نظاما للتبرير، إلى الشريعة بمفردها ـ بدون غفران. لا يأتي التبرير بموجب مثل هذا النظام إلا بسبب، وفقط بسبب، عدم ارتكاب ذلك الشخص لأي خطأ.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٤: ٤ ـ ـ إن الذي يعمل، لا تحسب له الأجرة من قبيل النعمة بل من قبيل الدين.
إذا عاش المرء حياته دون ارتكاب أية خطيئة، فإنه يستحق التبرير. إنه يستحق أن يعتبره الله شخصا صالحا، لأنه لم يرتكب أي خطأ على الإطلاق. لا يستطيع الله معاقبته بحق، لأنه لا يستحق العقاب. وهو يبرر، ليس لأن خطاياه قد غفرت، لكن لأنه لم يرتكب على الإطلاق أية خطيئة تحتاج إلى غفران.
هذه هي الطريقة التي استخدمت فيها "الأعمال" و"الشريعة" في جميع سياقات الفصل الرابع من الرسالة إلى أهل رومية. تذكر أنه يمكن لهذه الكلمات أن تحمل معان أخرى؛ لكن المعنى الوحيد الذي يمكن أن يطابق هذا السياق هو حياة الكمال دون أية خطيئة، طالما أن هذا هو النوع الوحيد من الأعمال الذي يستحق التبرير باعتباره مسألة دين. الشخص الذي يخطأ يستحق العقوبة (رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ٢٣)، ولذلك فإن السبيل الوحيد لاستحقاق التبرير هو عدم ارتكاب الإثم.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٤: ٤ ـ ـ يجب على الشخص إنقاذ نفسه عن طريق صلاحه الخاص. إذا ارتكب إثما في أي وقت، فلا يمكن له أبدا بعدئذ أن يكون صالحا؛ لذلك لا بد له من الاعتماد على مقدرته الخاصة للعيش دون خطيئة. [سفر القضاة ٧: ٢]
رسالة بولس إلى أهل رومية ٤: ٢ ـ ـ إذ استحق الإنسان أن يكون بارا لأنه لم يرتكب أي إثم على الإطلاق، فمن الجائز أن يفتخر بشأن إنجازه [قارن سفر القضاة ٧: ٢]. لاحظ مرة أخرى أن "الأعمال" هنا لابد وأن تشير إلى العيش بلا خطيئة، لأن هذا هو النوع الوحيد من الأعمال التي تجيز للإنسان الافتخار بخلاصه. إذا أخطأ في أي وقت واحتاج إلى المغفرة، فلن يكون لديه ما يفتخر بشأنه.
إذا أنقذ الإنسان نفسه عن طريق العيش بلا خطيئة، فإنه لن يحتاج إلى مغفرة. وبالتالي، لن نحتاج إلى الثقة في تضحية يسوع. من الواضح أن الله قد عرف بأن الإنسان لا يستطيع أن ينال الخلاص على أساس العيش بلا خطيئة، وإلا فلماذا أرسل يسوع ليموت؟ [رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٢: ٢١؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٤: ١٤]
رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٠، ٢٣ ـ ـ جميع الناس قد خطئوا، لذلك لن يبرر أحد من البشر إذا عمل بحسب الشريعة. لا توفر الشريعة أية وسيلة للغفران الدائم، وبالتالي فإن السبيل الوحيد للتبرير بموجب هذا النظام هو العيش بلا خطيئة. لم يحقق أحد هذا على الإطلاق (ما عدا يسوع)، لذلك لم ينجو أحد على الإطلاق بموجب ذلك النظام.
ما أنجزته الشريعة في نهاية المطاف، هو أنها أثبتت للبشر أنهم خطاة لا يستحقون الحياة الأبدية (آية ٢٠).
[رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٣: ١٠ـ ١٢؛ ٢: ١٥، ١٦؛ كتاب أعمال الرسل ١٣: ٣٨، ٣٩]
كثيرا ما تستخدم مقاطع مثل تلك المذكورة أعلاه لمحاولة إثبات أن أعمال الطاعة (ولاسيما المعمودية) ليست ضرورية بموجب البشارة. مع ذلك، فإنهم لا يثبتون أي شيء من هذا القبيل، لأن "الشريعة" في هذه السياقات لا تشير إلى البشارة، و"العمل بالشريعة" لا يشير إلى إطاعة شروط المغفرة في البشارة. بدلا من ذلك، تشير هذه المصطلحات إلى حياة بلا آثام يستحق الإنسان بموجبها الخلاص، لأنه لم يذنب أبدا. إنهم يشيرون إلى نظام من التبرير يختلف كليا عن البشارة.
درسنا في وقت سابق أمثلة تبين أن البشارة هي نظام للخلاص بالنعمة من خلال الإيمان، إلا أنها لا تزال تتطلب من الإنسان إطاعة بعض الشروط من أجل الحصول على المغفرة. ومن ثم، فإنها مشروطة، لكنها ما تزال على الرغم مع ذلك نظاما للنعمة.
دعونا نلخص الآن التبرير بالنعمة من خلال الإيمان بوصفه نظاما للتبرير، بمقارنته بالعمل بالشريعة بوصفه نظاما للتبرير.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٣، ٢٤ ـ ـ يمكن تبرير حتى أولئك الذين أخطئوا بموجب هذا النظام. على الرغم من أننا قد أخطئنا، فإن بوسعنا بالرغم من ذلك أن ننال التبرير على أساس المغفرة. تلك هي النعمة (فضل غير مستحق). [رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١، ٢؛ رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٣، ٧]
رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٧ ـ ـ لنا الفداء والمغفرة بدم يسوع على مقدار نعمته الوافرة. [٢: ٨، ٩؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٤: ٥ ـ ٧]
الرسالة إلى العبرانيين ١٠: ١١ـ ١٤، ١٧ ـ ـ لم تتمكن الذبائح من محو الخطايا، لذلك تعين تكرارها. لكن يسوع قرب الذبيحة الكاملة، والتي أزالت الخطايا تماما بحيث أنها لا تعود تذكر.
تعلمنا في وقت سابق أن هذه المغفرة هي في متناول جميع الناس (رسالة بولس إلى تيطس ٢: ١١، ١٢). لكن هناك شروطا يجب على المرء استيفائها للحصول عليها. إذا لم يكن الشخص قد أصبح ابنا لله بعد، فإن تلك الشروط تشتمل على الاستماع، الإيمان، التوبة، الاعتراف، والمعمودية (كتاب أعمال الرسل ١٥: ٧ـ ١١؛ ٢: ٣٨؛ ١٠: ٣٤ـ ٤٨؛ ٢٢: ١٦؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١٠: ٩ـ ١٧؛ ٦: ٣ـ ١٨؛ إلى آخره). أما بالنسبة إلى أبناء الله الذين يخطئون، فإن الشروط هي التوبة والصلاة (كتاب أعمال الرسل ٨: ٢٢؛ رسالة يوحنا الأولى ١: ٩).
رسالة بولس إلى أهل رومية ٤: ٤ـ ٧ ـ ـ إنها مسألة نعمة، وليست دينا. مرة أخرى، لابد أن تشير "الأعمال" في هذا السياق إلى حياة الكمال الخالية من الخطيئة، والتي من شأنها أن تستحق التبرير دون نعمة. [١١: ٦؛ ٦: ١٤]
لكن التبرير بالنعمة يعني الخلاص لأولئك الذين "لا يعملون" أو "بصرف النظر عن العمل بالشريعة". هذه هي "الأعمال" المشار إليها في الآيتين ٢، ٤ (العصمة الكاملة) [قارن ٣: ٢١، ٢٨]. من هنا، يعني التبرير بالإيمان أنه يمكن لجميع البشر أن ينالوا الخلاص بالنعمة، على الرغم من أنهم لم يعيشوا حياة خالية من الخطيئة.
تفسر الآية السابعة كيف يحدث هذا: عن طريق مغفرة الخطايا. إذا عمل الإنسان بموجب الشريعة ولم يخطئ أبدا، فإنه ينال الخلاص عن طريق أعمال الشريعة. لكن إذا أخطأ واحتاج إلى مغفرة، فإن ذلك يتطلب نعمة الله.
لا يعني الخلاص بالنعمة بصرف النظر عن الأعمال أنه لا توجد أوامر يجب علينا إطاعتها للحصول على الخلاص. تدل العديد من المقاطع الأخرى على أننا يجب أن نطيع شروط المغفرة. ما يعنيه ذلك هو أننا ننال الخلاص بالمغفرة، وذلك لأننا لم نستحق الخلاص عن طريق حياة خالية من الخطيئة.
وبالتالي، ليس الخلاص قائما على جهود الإنسان، ولكن على تضحية يسوع (رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٧). [رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨، ٩؛ رسالة بولس إلى تيطس ٣: ٥؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١: ٩؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٤، ٢٥]
لا يمكن الحصول على الغفران إلا من خلال دم يسوع. بنعمة الله، مات يسوع ليمنحنا الخلاص. ومن ثم، فإن الخلاص هو هبة، وهو ليس متيسرا أو قائما على جهود الإنسان.
مرة أخرى، ما تعنيه جميع المقاطع التي تقول أن الخلاص ليس من الأعمال أو ليس من الشريعة هو أنه لم يتحقق على أساس جهود الإنسان بحيث أنه يستحق الخلاص لأنه عاش حياة خالية من الخطيئة.
ليس المقصود من هذه المقاطع إنكار أنه يجب على الإنسان أن يستوفي بعض الشروط لينال المغفرة. النقطة الأساسية هي أن الإنسان ليس مصدر القوة التي يقوم عليها التبرير. الله هو مصدر البر، لأنه يغفر خطايا الإنسان على أساس تضحية يسوع.
رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨، ٩ ـ ـ إذا كان أحد قد نال الخلاص بفضل حياة خالية من الخطيئة، فله أن يفتخر. لكن إذا كان الإنسان قد أخطأ وأصبح مستحقا للعقاب، لكن رحمة الله أتاحت له المغفرة، فإن ذلك الإنسان قد خسر حقه في أن يفتخر بشأن خلاصه. بدلا من ذلك، ينبغي عليه الإشادة بنعمة الله. [رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٧؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١: ٢٩ـ ٣١]
عندما تحذر مثل هذه المقاطع من التفاخر، يمكنك أن تدرك بأن الأعمال التي تجري مناقشتها لا تشير إلى الشروط التي ينال الإنسان بموجبها المغفرة. لا يمكن أن يكون هناك تفاخر بشأن المغفرة. فلابد أن هذه المقاطع تحذر من التفاخر بأعمال الشريعة التي يستحق الإنسان بها التبرير لكونه قد عاش حياة خالية من الخطيئة.
على وجه التحديد، لا يمكن للمقاطع التي تمنع عن التفاخر بالأعمال أن تستبعد المعمودية بأية حال. لا يملك الإنسان بأية حال سببا للتفاخر، إذا تعمد من أجل مغفرة الخطايا. القصد من المعمودية هو أن يعترف المعتمد بأنه إنسان خاطئ وقد أتى إلى الله طالبا منه المغفرة بقلب متواضع، وليس للتفاخر بشأن إنجازاته البشرية. هذا هو ما تعلمه رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨، ٩ وما أشبه من المقاطع. [قارن سفر القضاة ٧: ٢]
رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ٨؛ إنجيل يوحنا ٣: ١٦ ـ ـ بموجب نظام التبرير بسبب الإعمال، لن يحتاج الإنسان الذي يعيش بلا خطيئة إلى موت يسوع. إن من شأنه أن ينقذ نفسه عن طريق الثقة بقدرته البشرية. لكن طالما أنه ليس من شأن أي شخص أن ينجو بهذه الطريقة، فإن الجميع بالتالي هم بحاجة إلى الإيمان بيسوع. [رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٢، ٢٦؛ ٤: ٢٤؛ إنجيل لوقا ١٨: ٩ـ ١٤؛ إلى أخره]
عندما يعترف الإنسان بأنه قد أخطأ وأنه بحاجة إلى المغفرة ـ عندما يأتي إلى الله طالبا منه المغفرة بدم يسوع ـ فإنه يظهر بذلك أنه لا يضع ثقته في قدرته البشرية الخاصة. عندما يستوفي الشروط التي يتطلبها يسوع للحصول على المغفرة، فإنه بذلك يظهر الإيمان، لا في نفسه، ولكن في يسوع. هذا هو بالضبط ما يتطلبه الخلاص بالإيمان!
يزعم الأشخاص الذين ينكرون أن الطاعة هي أمر ضروري، بأنهم يفعلون ذلك لإيمانهم بأننا ننال الخلاص بنعمة الله والإيمان بيسوع. إنهم بذلك إنما يظهرون في الواقع أنهم لا يفهمون ما يقوله الإنجيل عن الطاعة، كما أنهم لا يفهمون ما يقوله عن النعمة والإيمان.
عندما يثق الناس حقا في يسوع، فإنه سينفذون كل ما يقول بأن عليهم القيام به لكي ينالوا المغفرة! عندما يخبرنا يسوع بما يجب علينا القيام به لكي ننال الخلاص، لكننا ننكر أننا بحاجة إلى تنفيذ ذلك، فنحن نظهر أننا لا نؤمن به حقا.
كتاب أعمال الرسل ١٣: ٣٨، ٣٩ ـ ـ لم تتمكن شريعة موسى من تبرير البشر لأنها تطلبت حياة خالية من الخطيئة. طالما أن الجميع قد خطئوا، يصبح الخلاص بموجب مثل هذا النظام أمرا بعيد المنال. [كتاب أعمال الرسل ١٥: ١٠، ١١]
يمكن للبشر بموجب البشارة، الحصول على المغفرة من خلال يسوع على الرغم من خطاياهم. يضع ذلك الخلاص في متناول الجميع، لأن يسوع مات عوضا عن الجميع وبوسع كل إنسان أن يستوفي الشروط.
ليس الفرق بين التبرير من خلال نظام الأعمال والتبرير بالنعمة من خلال الإيمان هو أن أحدهما يتطلب الطاعة بينما لا يتطلبها الآخر. الاثنان يتطلبان الطاعة. الفرق باختصار، هو أن الأول يفتقر إلى الصفح الدائم وبالتالي يجعل من الخلاص أمرا مستحيلا على جميع الذين قد أخطئوا، في حين أن الثاني يجعل الخلاص في متناول الجميع من خلال إتاحة مغفرة حقيقية للخطايا.
عندما نفهم تعاليم الإنجيل عن النعمة، الأعمال، والشريعة، بشكل صحيح، فسوف ندرك أنه لا ينبغي لنا أن نقلل من أهمية الشروط التي وضعها الله للحصول على الغفران. ينبغي علينا أن نحترم تلك الشروط وأن نطيعها. لا ينبغي لنا أيضا أن نقلل من أهمية عيش حياة نقية، طالما أن التوبة هي أحدى شروط المغفرة، والتي تتطلب منا الالتزام بعيش حياة نقية.
من ناحية أخرى، لا يجوز لنا بعد استيفاء شروط المغفرة، أن نصبح أبرارا في عين أنفسنا، كما لو كنا نستحق الحياة الأبدية، أو كما لو كنا قد حصلنا عليها بسبب صلاحنا الخاص. بدلا من ذلك، يجب علينا أن نعترف بأننا خطاة وبأننا نستحق العقاب، لكن نعمة الله غفرت لنا ومنحتنا الحياة الأبدية.
هذه هي في الواقع نعمة، ويجب أن تحملنا على تسبيح الله على نعمته، وتسبيح يسوع على موته، إلى الأبد.
حقوق الطبع محفوظة ١٩٩٧، ٢٠٠٦، ديڤيد أي. ﭘرات
يسمح للأفراد وكذلك للكنائس المحلية بتوزيع هذا المقال كنسخة مطبوعة أو كبريد الكتروني، بشرط أن يستنسخ بكامله حرفيا وبدون تغيير المحتوى أو تحريف المعنى بأي طريقة كانت، وبشرط أن يظهر اسم المؤلف وعنوان صفحتنا الالكتروني بصورة واضحة (David E. Pratte, https://gospelway.com)، وبشرط عدم فرض أجور مادية من أي نوع كان لهذه المواد. تستطيع الصفحات الالكترونية أن تتبادل الاتصال مع هذه الصفحة ولكن لا يسمح لأي منها أن تعيد إنتاج هذا المقال على صفحات الكترونية أخرى.
اضغط هنا لدراسة الإنجيل باللغة الانجليزية
عد إلى الصفحة الرئيسية من أجل مقالات أخرى لدراسة الإنجيل باللغة العربية.
ترجمة ساهرة فريدريك
Please bookmark our site in your favorites.
We welcome links to us from other sites :
gospelway.com
- The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides
Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.