مقدمة :
تأمل هذه الاقتباسات عن عقيدة الكنيسة الغربية:
"إن الله قد قضى منذ الأزل، بالحكمة الكلية والخطة الإلهية لإرادته الخاصة، مجانا، وبشكل غير قابل للتغيير كل ما سيكون: ... بقرار من الله، ولأجل إظهار مجده، قضى لبعض بني البشر والملائكة بالحياة الأبدية، أما الآخرون فحكم عليهم سلفا بالموت الأبدي. هؤلاء الملائكة والبشر، المقدر لهم أو المحكوم عليهم مقدما، قد أفردوا بشكل خاص غير قابل للتغيير: وعددهم ثابت ومحدد بشكل غير قابل للزيادة أو النقصان. أولئك البشر الذين كتبت لهم الحياة، فإن الله، قبل تأسيس العالم، وبحسب قصده الأزلي والثابت، وخطته السرية ومشيئة إرادته الصالحة، قد اختارهم في المسيح، للمجد غير الزائل، بسبب من نعمته المجانية ومحبته فحسب، دون تبصر في الإيمان أو أعمال الخير، أو المواظبة على أي منهما، أو أي شيء آخر في المخلوق، مثل حالته، أو الدوافع التي تحركه ... أما بقية الجنس البشري فقد شاء الله ... أن يحكم عليهم بالخزي والغضب بسبب خطاياهم ... " ـ الفصل الثالث، صفحة ١ـ ٧.
"جميع أولئك الذين قضى لهم الله بالحياة، وأولئك فقط، فهو يسر، في الوقت الذي حدده واستحسنه، أن يدعوهم جميعا، بواسطة كلمته وروحه، من حالة الخطيئة والموت، التي هم عليها بحكم الطبيعة، إلى النعمة والخلاص بواسطة يسوع المسيح ... هذه الدعوة الفعلية هي بسبب من نعمة الله المجانية والخاصة فحسب، وليست بسبب أي شيء متوقع من الإنسان على الإطلاق، الذي هو سلبي في هذه المسألة كلية ... أما الآخرون، غير المنتخبين، فعلى الرغم من أن خدام الكلمة قد يدعونهم، ... مع ذلك فإنهم لا يأتون إلى المسيح في الحقيقة، ولهذا لا يمكنهم أن ينالوا الخلاص ... " ـ الفصل العاشر، صفحة ١ـ ٤.
ومن ثم، فقد قضى الله بشكل غير قابل للتغيير أن يذهب البعض إلى النعيم والبعض الآخر إلى الجحيم، دون اعتبار للخلق، السلوك، الطاعة، الاختيارات، المواقف، أو رغبات المرء الشخصية بأي شكل من الأشكال. هذا إنكار لإرادة الإنسان الحرة أو وكالة الحرية الأخلاقية.
يعلم الإنجيل بالتأكيد أن الله قد سبق وقضى بالحياة الأبدية للمختارين (رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٣ـ ١٤). [قارن رسالة بولس إلى أهل رومية ٨: ٢٨ـ ٣٣؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ١٠؛ رسالة بطرس الأولى ١: ١؛ ٢: ٩؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ٢: ١٣]
السؤال هو: كيف يتم تحديد ما إذا كان شخص بعينه هو في عداد المختارين أم لا؟ هل يتحدد هذا وفق قرار غير مشروط وغير قابل للتغيير من قبل الله؟ أم أن الله قد أتاح فرصة الخلاص لجميع الناس، ثم أعطى لكل إنسان القدرة على أن يختار لنفسه ما إذا كان سيقبل أو يرفض ذلك العرض؟
تزعم الكالڤينية أن قرار خلاص أو عدم خلاص أي إنسان هو بيد الله كلية، وأنه ليس في وسع الإنسان التأثير على هذا القرار. إذا استطعنا أن نثبت أن الله قد أتاح فرصة الخلاص لجميع البشر، فلابد أن يتبع ذلك طبقا لمذهب كالڤين، أن جميع البشر سوف ينالون الخلاص! لكن من الواضح أن هذا الاستنتاج غير صحيح. ومن ثم، فلابد أن يكون المفهوم الكالڤيني حول الانتخاب غير المشروط مفهوما خاطئا.
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٢: ٤ ـ ـ يريد الله أن يخلص جميع الناس ويبلغوا إلى معرفة الحق. [ملاحظة: هؤلاء هم نفس "جميع الناس" الذين ينبغي علينا أن نصلي ما أجلهم ـ آية ١]
رسالة بطرس الثانية ٣: ٩ ـ ـ لا يشاء الله أن يهلك أحد بل أن يبلغ جميع الناس إلى التوبة.
إذا كان الله يرغب حقا في أن يخلص جميع الناس وألا يهلك أي منهم، وإذا كان هذا القرار عائد له كلية (ليس الإنسان مخيرا)، فسوف يخلص جميع الناس ولن يهلك منهم أحد! لابد وأن يكون الاستنتاج المنطقي للانتخاب غير المشروط هو ما تؤمن به الكنيسة الخلاصية!
لكننا نعلم أن القليلين سوف يخلصون والكثيرين سوف يهلكون (إنجيل متي ٧: ١٣، ١٤) [٢٢: ١٤]. وعليه، فإما أن الله لا يرغب حقا في أن يخلص الجميع، أو أن الإنسان مخير!
لأن الله يريد أن يخلص الجميع، فقد أظهر نحو جميع الناس رحمة وعطفا بأن عرض عليهم الخلاص.
رسالة بولس إلى تيطس ٢: ١١ ـ ـ فإن نعمة الله التي تحمل معها الخلاص قد ظهرت لجميع الناس. لاحظ أن ما تأتي به نعمة الله إلى الجميع هو "الخلاص".
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٢: ٦ ـ ـ جاد يسوع بنفسه فداء عن الجميع ("الجميع" هم أولئك الذين يرغب الله في أن يخلصوا ـ آية ٤).
الرسالة إلى العبرانيين ٢: ٩ ـ ـ بنعمة الله ذاق يسوع الموت من أجل كل إنسان. تشير عبارة "كل إنسان" إلى أولئك الذين استعبدهم الخوف من الموت ( آية ١٥)، والذي يشمل كل إنسان.
إنجيل يوحنا ٣: ١٦ـ ـ لأنه هكذا قد أحب الله العالم حتى أنه جاد بابنه الوحيد، كي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لاحظ أن الذين مات يسوع ليخلصهم هم جميع الناس في العالم، الذين يحبهم الله، بما في ذلك أعدائه (إنجيل متي ٥: ٤٣ـ ٤٨).
رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١٨، ١٩ ـ ـ يأتي بر يسوع (موته) بالتبرير إلى "جميع الناس". تشير عبارة "جميع الناس" إلى أولئك الذين أتت عليهم الإدانة نتيجة لخطيئة آدم. وبالتالي، مهما بلغ عدد الناس الذين أدينوا من جراء الخطيئة، فإنهم جميعا مدعوون للانتفاع من موت يسوع.
كان الغرض من موت يسوع هو إتاحة فرصة الخلاص لجميع الناس. إذا كانت مقاطع الكتاب المقدس هذه صحيحة، فإما أن جميع البشر سوف يخلصون (وهو أمر مستبعد)، وإما أن هناك شيئا آخر يجب على كل إنسان القيام به، والذي يحدد ما إذا كان بوسعه الانتفاع من موت يسوع أم لا.
رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ٢: ١٤ـ ـ دعي الناس إلى المجد بواسطة البشارة. من هم المشمولون بهذه الدعوة؟
إنجيل مرقس ١٦: ١٥، ١٦ـ ـ يجب أن تعلن البشارة لكل مخلوق في المعمورة كلها. فمن آمن واعتمد يخلص. [إنجيل متي ٢٨: ١٩]
كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٨، ٣٩ ـ ـ إن الوعد بمغفرة الخطايا وعطية الروح القدس هو للجميع على قدر ما يدعو الرب. لكن الدعوة أرسلت إلى كل شخص في العالم!
يرد أتباع مذهب كالڤين على هذه النقاط بقولهم أن البشارة ينبغي أن تعلن للجميع، مع ذلك، لا يقدر أحد أن يستجيب لتلك الدعوة ما لم يعمل الروح القدس في قلبه بشكل مباشر دون قيد أو شرط كي يساعده على الاستجابة. لكن هذا يجعل من كرازة البشارة ببساطة مجرد مظهر. إذا كان اختيار الروح القدس غير مشروط، فلماذا لا يهدي الروح القدس الإنسان إلى الخلاص ولننسى موضوع الكرازة؟
يقول كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٩ أن وعد الروح هو لجميع المدعوين، وقد بينا سابقا أن البشارة يجب أن تدعو جميع البشر، مات يسوع من أجل الجميع، إلى آخره.
تزعم الكالڤينية أنه لا يوجد في الإنسان ما يعمل كشرط يحمل الله على اختيار إنسان بعينه لتخليصه. الإنسان "سلبي كليا". لكن، لاحظ الشروط التالية التي يدرجها الإنجيل كأمور ضرورية للخلاص، ولاحظ بالإضافة إلى ذلك قول الإنجيل بأن في استطاعة كل إنسان استيفاء هذه الشروط.
إنجيل مرقس ١٦: ١٥، ١٦ ـ ـ البشارة هي للعالم أجمع. أولئك الذين يؤمنون ويعتمدون سوف يخلصون.
إنجيل يوحنا ٣: ١٤ـ ١٦ ـ ـ مات يسوع لأجل العالم أجمع، وكل من يؤمن به لن يهلك بل تكون له الحياة الأبدية.
يعلم الكتاب المقدس بوضوح أن الإيمان هو أحد شروط الخلاص، وأنه يمكن لأي إنسان في العالم استيفاء هذا الشرط.
كتاب أعمال الرسل ١٧: ٣٠، ٣١ ـ ـ يوصي الله جميع الناس في كل مكان بالتوبة. يشير هذا إلى جميع الناس الذين سوف يدينهم يسوع، مما يعني كل إنسان في العالم كله.
رسالة بطرس الثانية ٣: ٩ ـ ـ لا يشاء الله أن يهلك أحد بل أن يتوب الجميع.
لاحظ أنه يجب على جميع الذين سوف يدانون أن يتوبوا (كتاب أعمال الرسل ١٧: ٣٠، ٣١). لكن هؤلاء الذين يجب أن يتوبوا هم أولئك الذين لا يشاء الله أن يهلكوا. ومن ثم، لا يرغب الله في أن يهلك أي إنسان في العالم. إنه يرغب في أن يتوب الجميع.
يعلم الكتاب المقدس بوضوح أن التوبة هي إحدى شروط الخلاص، وأنه يجب على كل إنسان على وجه الأرض أن يستوفي هذا الشرط.
إنجيل متي ١٠: ٣٢ ـ ـ كل من يعترف بي أمام الناس، اعترف به أنا أيضا أمام أبي الذي في السماوات.
إنجيل مرقس ١٦: ١٦ ـ ـ الرسالة التي يجب أن تعلن في العالم كله، هي أن من آمن واعتمد سوف يخلص.
كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٨، ٣٩ ـ ـ الرسالة للجميع، لكل من يدعوهم الله بواسطة البشارة، هي أنه يجب على كل شخص أن يتوب ويعتمد لمغفرة الخطايا.
رسالة بولس إلى أهل رومية ١٠: ١٣، ١٤، ١٧ ـ ـ كل من يدعو باسم الرب ينال الخلاص، لكن لكي يدعو، يجب على الإنسان أن يؤمن، ولكي يؤمن، يجب على الإنسان أن يسمع الإنجيل. يجب أن تعلن البشارة إلى الجميع، ومن بين أولئك الذين يسمعونها، الذين يدعون باسم الرب سوف يخلصون.
يعلم الكتاب المقدس بوضوح أن الخلاص مشروط، وأن في وسع كل إنسان استيفاء تلك الشروط.
يرد أتباع مذهب كالڤين على هذه النقاط بقولهم أن الأشخاص الوحيدين القادرين على استيفاء هذه الشروط بصدق، هم هؤلاء الذين اختارهم الروح القدس دون قيد أو شرط وساعدهم على القيام بذلك. لكن مرة أخرى، يحول هذا كرازة هذه الشروط لجميع الناس إلى مهزلة. إذا كان الخلاص غير مشروط، فلماذا وضع الله شروطا له؟ ما لم يتمكن كل شخص من استيفاء هذه الشروط، فلماذا أصر الله على أن تعلن للجميع؟
تعلم مقاطع الكتاب المقدس أعلاه أن أي شخص يستطيع استيفاء هذه الشروط، لكن الكالڤينية تناقض هذا صراحة وتنكر أن بوسع كل شخص أن يطيع.
تعلم الكالڤينية أنه ليست هناك شروط يستطيع الإنسان استيفائها والتي يمكن أن تؤثر على قرار الله بشأن تخليصه. إذا كان هذا صحيحا، فلن يكون لدى الإنسان أي خيار على الإطلاق في مسألة خلاصه. إذا اختار الله الإنسان، فإنه يخلص بغض النظر عن اختيار ذلك الإنسان. إذا لم يختر الله الإنسان، فإنه يهلك بغض النظر عن اختياره. ومن ثم، ليست هناك صلة بين اختيارات الإنسان وبين خلاصه.
مع ذلك، فإن الإنجيل يعلم بأن لدى الإنسان خيار في أن يرضي الله ويخلص أم لا.
تأمل المقاطع التالية. لماذا قال الله هذه الأشياء ما لم يمتلك الناس القدرة على الاختيار بين استيفاء الشروط اللازمة لإرضائه أو عدم استيفائها.
سفر تثنية الاشتراع ٣٠: ١٥ـ ١٩ ـ ـ وعد الله شعب إسرائيل بالبركات إذا أطاعوه (٢٨: ١ـ ١٤) وباللعنات إذا لم يطيعوه (٢٨: ١٥ـ ٦٨) [قارن الفصلين ٢٩، ٣٠]. ثم حثهم على اختيار حياتهم.
سفر يشوع ٢٤: ١٥ ـ ـ بالمثل، حث يشوع شعب إسرائيل على اختيار الإله الذي سوف يعبدونه. [قارن سفر الخروج ٣٢: ٢٦؛ سفر الملوك الأول ١٨: ٢١]
الرسالة إلى العبرانيين ١١: ٢٤، ٢٥ ـ ـ رفض موسى أن يدعى ابنا لبنت فرعون، وآثر أن يشارك شعب الله في عذابه على التمتع بالخطيئة. [إنجيل لوقا ١٠: ٤٢]
نبوءة أشعيا ١: ١٨ـ ٢٠ ـ ـ تناقش الله مع الإنسان، فهو لا يكره الإنسان على شيء ضد إرادته. إذا شاء البشر أن يطيعوا، باركهم الله. إن أبوا وتمردوا، فسوف يعاقبهم.
إنجيل متي ٢٣: ٣٧ ـ ـ أراد يسوع أن يجمع أورشليم تحت جناحيه، لكنهم لم يريدوا! ملاحظة: فضل يسوع اختيارا معينا، لكن الناس رفضوه لأنه لم يطابق اختيارهم.
من الواضح أن الله لا يختار الإنسان دون قيد أو شرط ثم يكرهه على قبول اختياره. إنه يريد للجميع أن يخلصوا ويدعوهم إلى قبول إرادته، لكنه يترك لهم حرية الاستجابة لدعوته.
إنجيل متي ١٣: ١٤، ١٥ ـ ـ لن يرتد بعض الناس (" يهتدون" ـ طبعة الملك جيمس) ويشفون (روحيا) بواسطة يسوع، لأنهم قد أغلقوا عيونهم ولم يقبلوا تعاليمه. من الواضح أن يسوع كان مستعدا لشفاء هؤلاء الأشخاص إذا اهتدوا، لكنهم قاوموا تعاليمه باختيارهم الشخصي.
رؤيا يوحنا ٢٢: ١٧ ـ ـ من شاء (طبعة الملك جيمس) فليستق ماء الحياة مجانا. إنها مسألة إرادة الإنسان، ويستطيع كل شخص تحديد إرادته بنفسه.
طبقا لمذهب كالڤين، ليس هناك في سلوك الإنسان أو اختياراته ما يمكنه أن يؤثر بطريقة أو بأخرى على تخليص الله لذلك الإنسان. ومن ثم، لا يوجد ما يمكن للإنسان أن يقوم به للتأثير على خلاصه. مع ذلك لاحظ هذه الآيات التي تدل على أن ما يعمله الإنسان يؤثر بالتأكيد على مصيره الأبدي.
رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢ ـ ـ إنكم قد طهرتم نفوسكم حين أطعتم الحق.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ١٣، ١٦ـ ١٨ ـ ـ قدموا أنفسكم وأعضائكم للرب كأسلحة للبر. ذلك الذي تقدم له نفسك كخادم لتطيعه، هو سيدك ـ إما الخطيئة وإما الطاعة. لقد تحرروا من الخطيئة عندما أطاعوا التعليم الذي سلم إليهم.
رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٨ : ٥ ـ ـ وهب أهالي مقدونية أنفسهم للرب.
رسالة بولس إلى أهل فيليبي ٢: ١٢ ـ ـ اعملوا لخلاصكم بخوف ورعدة.
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٤: ١٦ـ ـ أنتبه لنفسك ولتعليمك ... فإنك إذا فعلت ذلك خلصت نفسك والذين يستمعون إليك.
كتاب أعمال الرسل ٢: ٤٠ ـ ـ تخلصوا (خلصوا أنفسكم ـ طبعة الملك جيمس) من هذا الجيل الفاسد.
رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٥: ٢٠ ـ ـ ناشد الله الناس، من خلال سفرائه، ليتصالحوا معه. من الواضح أن الله يريدنا أن نأتي إليه. لكنه لا يفرض، إنه يناشد. يجب على الإنسان بعد ذلك أن يتخذ الخطوة التي تحدد النتيجة النهائية.
بالاستناد إلى هذه الآيات، كيف يمكن لأي شخص أن يستنتج بأن الإنسان هو "سلبي تماما" فيما يتعلق بالخلاص؟ كيف يمكن لكالڤين أن يعلم أنه ليس هناك في الإنسان ما يعمل كشرط يمكنه التأثير على قرار الله بشأن تخليصه؟
من الواضح أن جميع هذه الآيات تدل على قدرة الإنسان على الاختيار وأن ما نعمله سوف يحدد ما إذا اختار الله أن يمنحنا الحياة الأبدية أم لا.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٢: ٦ـ ١١ ـ ـ إذا اختار الله أن يخلص البعض وألا يخلص البعض الآخر، فإما أن يكون الاختيار قائما على سلوك البشر (وبالتالي، مشروط) وإما أن الله يحابي الوجوه. [قارن كتاب أعمال الرسل ١٠: ٣٤، ٣٥]
يستجيب أتباع مذهب كالڤين بقولهم أن هذا يعني ببساطة أن الله سوف يخلص أناسا من جميع الأمم. لكن ذلك هو ليس كل ما يقوله المقطع. إنه يقول أن الله لا يحابي الوجوه لأن اختياره للذين يخلصهم أو يحكم عليهم مبني على أساس سلوك الإنسان! فهو يهب الحياة الأبدية لأولئك الذين يواصلون القيام بالعمل الصالح، ويحكم على المتمردين بالشدة.
إن منح الحياة الأبدية لأولئك الذين يختارون عدم استيفاء الشروط، أو معاقبة أولئك الذين تتوفر فيهم الشروط، يشكل محاباة للبشر. مذهب كالڤين هو نظام قائم في مضمونه على التحيز، المحاباة، والظلم! والأسوأ من هذا، أنه يجعل الله مذنبا بجميع هذه الأمور!
إذا كان الخلاص غير مشروط، وإذا كانت أعمال الإنسان لا تؤثر على خلاصه، يعني هذا أنه إذا قدر لشخص أن يكون في عداد المختارين فإنه سوف يخلص بغض النظر عن تصرفاته لاحقا. ليس من الممكن أن يتصرف بشكل يجعله يهلك لأن الاختيار لم يكن مشروطا.
وبالتالي، إذا تمكنا من إثبات أن الإنسان، بعد أن خلص ذات مرة، قد يتصرف لاحقا بطريقة تسبب له الهلاك، لأمكننا إثبات أن الخلاص لابد أن يكون مشروطا، وأن مذهب كالڤين على خطأ.
بعض أولئك الذين اشتراهم يسوع قد ينكرونه ويهلكون. من الواضح أن مصير الإنسان مشروط. إنه يعتمد على سلوك الإنسان.
لكي "تصبح دعوتنا ويصبح انتخابنا مؤكدين" يجب علينا إضافة الخصال المدرجة هنا إلى إيماننا، لكي لا نتعثر بعد ذلك بل نرث النعيم الأبدي. إنه مشروط!
هناك العديد من المقاطع الأخرى التي تبين أن أحد أبناء الله قد يخطأ إلى درجة الهلاك. هذا هو موضوع آخر في حد ذاته. لكن مقاطعا كهذه تثبت أن الخلاص مشروط وتفند عقيدة الانتخاب في مذهب كالڤين.
إن التعاليم الكالڤينية حول الانتخاب، تشبه الله بملك لديه الألوف من الناس المسجونين في زنزانته (من أجل جريمة رجل آخر ـ خطيئة آدم ). فهو يعلن لهم:
١) أريد أن أطلق سراحكم جميعا.
٢) إن رحمتي بكم ومحبتي لكم حقيقيتان، لذلك سوف يشمل عفوي جميعكم.
٣) إني أحبكم لدرجة أن ابني قد دفع الجزية كي يحرر كل واحد منكم.
٤) بناء عليه، إذا اختار أي منكم أن يترك زنزانته فليفعل ذلك ويذهب حرا!
٥) من ناحية أخرى، فإن زنزاناتكم لا تزال مقفلة وأنا الوحيد الذي لديه المفتاح.
٦) فبغض النظر عما تقولون، تفعلون، أو تريدون، فإني ودون قيد أو شرط، سوف أفتح بعض الأبواب وأطلق سراح بعضكم. أما الباقون، فبغض النظر عما تقولون، تفعلون، أو تريدون، فإني ودون قيد أو شرط، سوف أترك زنزاناتكم مقفلة، وسوف تبقون سجناء إلى الأبد!
هل أراد الملك في الحقيقة أن يطلق سراح الجميع؟ هل كان لديه في الحقيقة رحمة ومحبة نحو الجميع؟ هل شمل عفوه الجميع؟ وهل دفع ابنه الجزية عن الجميع؟ إذا كان الأمر كذلك، وإذا كانت الحرية غير مشروطة، فلماذا لم يطلق سراح جميع السجناء؟
هل كان لدى السجناء في الحقيقة خيار في مسألة حريتهم؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا حرر الملك بعضا منهم فقط بغض النظر عن اختيارهم؟ إذا لم يكن لديهم خيار، فلماذا قال الملك أن بإمكانهم الاختيار؟
تجعل الكالڤينية من الله شخصا غير محب، غير عادل، غير صادق، غير مخلص، ومحابي للوجوه. إذا كان مذهب كالڤين صحيح، فيحسن بنا أن نلقي بأناجيلنا بعيدا، لأنها بالتأكيد لا تعني ما تقوله!
كيف يمكن للملك أن يتصرف إذا كان في الحقيقة صادقا فيما يقوله؟ أولا، ينبغي عليه ألا يسجن أي شخص إلا بسبب جريمته الشخصية.
قد يعفو بعدها عن جميع السجناء، مما يعني معاملة التائب بحق نفس معاملة المجرم العاتي.
يمكنه أن يكون صادقا في رغبته بأن يعرض شروط العفو على جميع السجناء (كأن يعترفون بجريمتهم، يطلبون العفو، ويعلنون الإخلاص للملك ويقومون بخدمته، إلى آخره). وأن يمنح كل سجين الحق في الاختيار بين استيفاء هذه الشروط أو عدم استيفائها. ثم يطلق سراح أولئك الذين يستوفون الشروط، لكن ليس البقية.
قد ينسجم هذا مع رغبة الملك في أن يكون الجميع أحرارا (لأنه يأمل في الحقيقة أن يستوفي الجميع الشروط). لا يزال قرار العفو عملا من أعمال الرحمة. ولا يزال الملك عادلا إذا أبقى في السجن أولئك الذين يرفضون استيفاء الشروط.
هذا هو بالضبط المسار الذي اختاره الله.
غالبا ما تستشهد الكالڤينية بهذه المقاطع من الكتاب المقدس كما لو كان مجرد ذكر الكلمات هو إثبات لسمة القضاء والقدر.
لكننا نتفق جميعا على أن الله قد "اختار" (انتخب) بعض الأشخاص، وأن المنتخبين قد سبق وحكم لهم بالحياة الأبدية. السؤال هو: كيف يتم تحديد ما إذا كان شخص بعينه هو من بين المنتخبين أم لا، وهل يتم تحديد ذلك بشروط أم بغير شروط.
لتوضيح هذا، سنفترض أن رئيس إحدى الدول ذات الخدمة العسكرية الطوعية قد اختار جنود البحرية للقيام بإحدى المهام. يدعو اللواء جنود البحرية "بالمنتخبين"، لأن الرئيس قد اختارهم (بدلا من الأسطول الحربي، الجيش، إلى آخره). لم يختر الرئيس كل فرد منهم على حدة، بل المجموعة بكاملها. لكن، كان كل فرد منهم قد سبق وقرر بنفسه الانتماء إلى تلك المجموعة.
توضيح آخر: اختارت إحدى الشركات المرموقة تخفيض أسعار سلعها في أحد المحلات التجارية. أشار بعدها صاحب المحل التجاري إلى موظفيه بالمنتخبين أو بجماعة مختارة من الناس. لكنهم قد اختيروا كمجموعة، وليس كل بمفرده. لم يتم تعيين أي موظف في الشركة إلا بعد التأكد من تمتعه بالكفاءات المطلوبة.
"النخبة" ما هو إلا اسم آخر لأعضاء الكنيسة المؤمنين. قضى الله للمؤمنين بالخلاص، لكن كل فرد يتخذ قراره الخاص في أن يكون من بين المؤمنين أم لا. ومن ثم، المخلصون هم النخبة، لكن هذا مشروط (وليس غير مشروط) ولديهم خيار. تأمل هذه الأدلة:
رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٥، ١١ ـ ـ قدر لنا على ما ارتضته مشيئته، وفقا لقصده. [رسالة بولس إلى أهل رومية ٨: ٢٨؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١: ٩؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٢: ٧]
يفترض مذهب كالڤين أن الله شاء أن يختار كل فرد دون قيد أو شرط. لكن أين تذكر هذه المقاطع مثل هذا القول؟
يكشف الكتاب المقدس عن إرادة الله فيما يتعلق بخلاص الإنسان. لقد سبق وأثبتنا بواسطة الكتاب المقدس أن إرادة الله تتيح فرصة الخلاص للجميع. ثم تترك لكل فرد الحرية في اختيار استجابته الشخصية.
رسالة بولس إلى أهل أفسس ١:٤ ـ ـ اختارنا الله "فيه" (المسيح). [قارن آية ٦ ـ في الحبيب؛ آية ٧ ـ في الذي؛ الآيتان ١٠، ١١ ـ فيه؛ الآيات ٣، ١٠، ١٣؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١:٩؛ ٢:١٠]
تأمل ظروفهم في المسيح:
* جعلوا أقارب الله (رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ١٢ـ ١٧).
* خليقة جديدة (بولادة ثانية) (رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٥: ١٧؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ٣، ٤).
* ليس بعد الآن من حكم (رسالة بولس إلى أهل رومية ٨: ١).
* النعمة (رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ١).
* الخلاص (رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ١٠).
* الحياة الأبدية (رسالة يوحنا الأولى ٥: ١١، ١٢).
* جميع البركات الروحية (رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٣).
من الواضح أن أولئك الذين هم "في المسيح" هم المنتخبون، الذين قدر لهم الخلاص.
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٣: ٢٦، ٢٧؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ٣، ٤ ـ ـ لقد اعتمدنا في المسيح، بعد السماع، الإيمان، إلى آخره. يجعلنا هذا أعضاء في عائلة الله، الكنيسة، مخلصين من خطايانا.
مرة أخرى، الخلاص مشروط. إنه متاح للجميع، لكن لكل فرد القدرة على الاختيار بين استيفاء الشروط أو عدم استيفائها. لا يناقض هذا تعاليم الإنجيل حول القضاء والقدر بل هو جزء منها.
رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ٣ـ ١٤ ـ ـ يتوجه بولس بخطابه إلى المنتخبين في المسيح. لكن بقية الرسالة تشير إليهم بالكنيسة، جسد المسيح ـ هذه هي الفكرة السائدة في الرسالة.
١: ٢٢، ٢٣ ـ ـ يسوع هو رأس الكنيسة، جسده.
٢: ١٣، ١٦ ـ ـ أن نتصالح "في المسيح" هو أن نتصالح مع جسده أو أهل بيته (آية ١٩)، هيكل الرب (الآيتان ٢١، ٢٢).
٣: ١٠، ١١ ـ ـ قدر لنا وفقا لتدبير الله (١: ١١)، لكن تدبيره الأزلي قد كشف عن يد الكنيسة.
٥: ٢٢ـ ٣٣ ـ ـ يسوع هو رأس ومخلص الجسد، فقد أحبه وبذل نفسه لكي يقدسه ويطهره. لاحظ أن الذين قدر لهم أن يخلصوا هم جسد أو جماعة. [قارن ٣: ٢١؛ ٤: ٤، ١٦]
رسالة بطرس الأولى ٢: ٩، ١٠ ـ ـ أولئك "المختارون" أو المنتخبون هم سلالة، أمة، كهنوت، شعب. نحن مختارون كجماعة، مجموعة، الكنيسة.
كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٢٨ ـ ـ أقتنى يسوع الكنيسة بدمه.
كتاب أعمال الرسل ٢: ٤٧ ـ ـ يضيف الله جميع المخلصين إلى الجسد (الكنيسة).
من الواضح أن الكنيسة هي جماعة المنتخبين، أولئك الذين قدر لهم أن يخلصوا. [إنجيل متي ١٦: ١٨]
رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢، ٢٣ ـ ـ المنتخبون (١: ١، ٢؛ ٢: ٩)، هم أولئك الذين "طهروا نفوسهم" بإطاعة الحق، فولدوا من جديد. ولدوا في عائلة الله ـ الكنيسة (رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٣: ١٥).
رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٢: ١٣ ـ ـ قد اعتمدنا جميعا في جسد واحد.
كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٨، ٤١، ٤٧ ـ ـ عندما نتوب ونعتمد، نتلقى المغفرة ويضيفنا الله إلى الكنيسة.
وبالتالي، عرف الله منذ الأزل أنه سيكون هناك من هم على استعداد لإطاعته وعزم على تأسيس تلك الكنيسة (رسالة بولس إلى أهل أفسس ٣:١٠، ١١)، كجماعة تضم جميع المخلصين (٥:٢٣، ٢٥). هؤلاء هم شعبه الخاص ـ المنتخبين (١:٣ـ ١٤)، وقد قضى لهذا الجسد أن يكون مصيره المجد الأبدي (١:٣ـ ١٤).
من ناحية أخرى، أعطى الله لكل شخص القدرة على أن يختار بين استيفاء الشروط لدخول ذلك الجسد أو عدم دخوله. بعد دخول الجسد، لكل القدرة على الاستمرار في الإيمان وتلقي المكافأة أو السقوط بعيدا والهلاك (سوف يزال هؤلاء من الجسد قبل دخوله إلى المجد ـ إنجيل متي ١٣: ٤١ـ ٤٣؛ رؤيا يوحنا ١٧: ١٤؛ رسالة بطرس الثانية ١: ١٠).
طالما أن الله هو الحاكم الكلي القدرة، والمطلق للكون، فهناك ثمة من يقول أنه يتحكم بشكل مطلق بكل ما يحدث على الأرض (طالع الاقتباسات عن عقيدة الكنيسة الغربية). يعني هذا أنه لابد من أن يختار شخصيا المصير الأزلي لكل فرد. لابد من أن يعود القرار إليه كلية، ولا يستطيع أحد غيره تحديد النتيجة. القول بأن الإنسان مخير هو إنكار لسيادة الله المطلقة. [رسالة بولس إلى أهل أفسس ١: ١١؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٨: ٢٨؛ ١١: ٣٦؛ سفر أخبار الأيام الأول ٢٩: ١١؛ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٦: ١٥؛ سفر المزامير ١١٥: ٣؛ نبوءة أشعيا ٤٦: ١٠]
الإجابة: لا شك في أن الله له حق السيادة ليفعل ما شاءت إرادته أن تفعل. السؤال هو: ما الذي شاء الله أن يفعله؟ هل اختار الله أن يحدد بغير قيد أو شرط المصير الأبدي لكل فرد، أم أنه اختار أن يتيح فرصة الخلاص لكل إنسان وأن يعطيه مجال الاختيار بين القبول أو عدم القبول على أساس من الشروط؟ إذا كان الله ذو سيادة حقا، فإنه يستطيع إذا كانت هذه هي رغبته، أن يعطي الإنسان حق الاختيار!
يعترف أتباع مذهب كالڤين أن آدم كان له حق الاختيار بين إطاعة الله أو عدم إطاعته. إذا كان الأمر كذلك، فلن تنتهك سيادة الله لمجرد أنه قد أعطى الإنسان القدرة على الاختيار. ولن تنتهك سيادته كذلك، إذا أعطانا نحن أيضا الحق في الاختيار.
إذا كانت سيادة الله تعني أنه قد قضى بكل شيء فيما يخص الإنسان، وبأننا لا نملك حق اختيار أي شيء، فلابد وأن يكون قد قضى أن آدم وجميع البشر يجب أن يرتكبوا الخطيئة. يعني هذا أن الله مسؤول عن حقيقة ارتكاب الإنسان للخطيئة ومعاناته من العواقب. لم يكن للإنسان خيار. نحن جميعا خطاة لأن الله قد اختار لنا أن نصبح خطاة.
لكن الله يكره الخطيئة ويوصي البشر بعدم اقتراف الخطيئة (سفر الأمثال ١٥: ٩؛ ٦: ١٦، ١٧؛ إلى آخره). إذن، فالنتيجة المنطقية لمذهب كالڤين هي أن الله قد قضى بأن يفعل الإنسان ذات الشيء الذي يكرهه الله ويوصي البشر ألا يفعلوه. بناء عليه فإن الله منقسم على نفسه (إنجيل متي ١٢: ٢٥؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١: ١٣؛ ١٤: ٣٣). كيف يمكنهم تفادي اتهامهم لله بالرياء؟
توضيح: يشبه مذهب كالڤين الله بأب يوصي ابنه بعدم الذهاب إلى الشارع، وإن ذهب، فسيتلقى صفعة من الأب. ثم يحمل الأب ابنه ويذهب به إلى الشارع ويصفعه لذهابه هناك!
الله هو حاكم الكون المطلق. لكن هذا لا ينفي حقه في إعطاء البشر القدرة على الاختيار.
في هذه الحالة، لابد من أن يتحقق قضائه، ولا يستطيع أحد تغيير ذلك. [سفر أخبار الأيام الأول ٢٩: ١١؛ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٦: ١٥؛ سفر المزامير ١١٥: ٣؛ ٣٣: ١١؛ سفر أيوب ٢٣: ١٣؛ نبوءة أشعيا ١٤: ٢٧؛ ٤٦: ٩، ١٠؛ سفر الأمثال ٢١: ٣٠]
تأمل بعض الأمثلة:
* لا يجرب الله الإنسان لكي يخطئ (رسالة يعقوب ١: ١٣). مع هذا فإن الإنسان يواجه التجربة. لماذا؟ لأن الله يسمح لإبليس (ضمن حدود) أن يجرب الإنسان (سفر أيوب ١). [لاحظ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٤: ٤؛ إنجيل يوحنا ١٢: ٣١]
* يكره الله الخطيئة ويوصي البشر بعدم ارتكابها (طالع أعلاه). مع هذا فإن الخطيئة موجودة. ليس الله مصدر الخطيئة، وإلا لما كان بارا، بل يناقض نفسه لأنه يجبر الإنسان على فعل ما يكرهه هو شخصيا!
الحقيقة هي أن الله قد أعطى الإنسان القدرة على الاختيار بين الطاعة أو عدم الطاعة بعد أن حذره من العواقب. بعد أن قضى للإنسان بالقدرة على الاختيار، فإنه يحترم قضاءه ويسمح لمخلوقاته بالاختيار، حتى عندما تثير هذه الاختيارات استيائه.
* بنفس الطريقة، قضى الله (كما بينت مقاطع الكتاب المقدس السابقة) أن يكون الإنسان قادرا على الاختيار بين استيفاء شروط المغفرة وبذلك يصبح أحد المنتخبين أو عدم استيفائها.
لا، ليس الإنسان حرا تماما في أن يفعل كل ما يريده (هل يمكننا القضاء على الله؟). وضع الله لنا حدودا، لكن الشيء الذي منحنا إياه هو القدرة على إطاعته من عدمها. ليس في هذا انتهاك لسيادة الله، وكذلك ليس هذا ضعفا من جانبه، لأنه هو الذي قضى أن يكون للإنسان تلك القدرة!
إذا كان الله ذو سيادة حقيقية، فهو يستطيع إذا أن يقضي بما يشاء. إذا كان الأمر كذلك، فهو يستطيع أن يقضي بأن يكون للإنسان القدرة على الاختيار! إذا كنت تنكر هذا، فإنك أنت، ولسنا نحن، من ينكر سيادة الله!
ليس السؤال هو ما إذا كان الله ذو سيادة أم لا. السؤال هو: ماذا قرر الله ذو السيادة أن يفعل؟ يقول الإنجيل أن الله قرر أن يعطي الإنسان القدرة على الاختيار بين الطاعة أو عدم الطاعة. هذا هو معنى أن تعمل "كل الأشياء" طبقا لقصده.
لا يستطيع الإنسان تحديد الله، لكن الله يستطيع وغالبا ما يحدد أعماله طبقا لإرادته. فقد يختار ألا يمارس بعض القدرات التي يمتلكها بغرض تحقيق هدف أسمى.
النتيجة المنطقية لمبادئ مذهب كالڤين هي أن الله يتصرف بطريقة مخالفة لإرادته التي كشف عنها. فهو يقول أن بإمكان الإنسان أن يختار بين الطاعة أو عدم الطاعة، وأن الخلاص متيسر للجميع وأن هناك شروطا يمكن لأي إنسان استيفائها ليخلص (كما بينا في مقاطع الكتاب المقدس السابقة). بينما يعلم مذهب كالڤين أنه لا يوجد شيء من هذا القبيل، ليس لدينا خيار، إلى آخره.
هناك بعض الأمور التي لا يمكن لله ممارستها لأنها تتعارض مع خلقه.
* الله لا يكذب ـ ـ رسالة بولس إلى تيطس ١: ٢
* الله لا يخطئ (إنه بار دائما) ـ ـ سفر أخبار الأيام الثاني ١٩: ٧
* الله لا ينكر نفسه ـ ـ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ١٣
* الله لا يتغير ـ ـ الرسالة إلى العبرانيين ١٣: ٨
النتيجة المنطقية لمبادئ مذهب كالڤين هي أن الله يتصرف باستمرار بطريقة تخالف خلقه. فهو يكره الشر، مع ذلك يحكم على البشر بممارسة الشر. إنه لا يكذب، مع ذلك فإنه يقول أشياء لا أساس لها من الصحة في الإنجيل، إلى آخره.
"تبدو" الكثير من البيانات في هذا المقطع وكأنها تتناغم مع مبادئ القضاء والقدر الكالڤينية:
آية ١١ـ ١٣ ـ ـ فضل الله يعقوب على عيسو من قبل أن يولدا أو يفعلا خيرا أو شرا. فقد أبغض عيسو وأحب يعقوب.
آية ١٥ـ ١٨ ـ ـ يرحم الله من يشاء ويقسي قلب من يشاء. هذا أمر يحدده الله وليس الشخص الذي "يشاء" أن يتلقى الرحمة.
آية ١٩ـ ٢٤ ـ ـ يشكل الله البشر للهلاك أو المجد كما يشكل الخزاف الطين.
هذا هو النص الرئيسي الذي بنيت عليه مبادئ القضاء والقدر الكالڤينية. حيث يجادلون بأن معنى هذا هو أن الله يختار أن يخلص بعض الناس أو يحكم على بعضهم الآخر إلى الأبد دون قيد أو شرط، وفقا لأهوائه لا غير.
طالع المواد السابقة. لا يناقض الإنجيل نفسه. لكن وجهة النظر هذه من شأنها أن تجعل الإنجيل متناقض ذاتيا. يجب علينا أن نبحث عن وجهة نظر تنسجم مع الكتاب المقدس بكامله.
١: ١٦ ـ ـ البشارة هي قدرة الله لخلاص كل مؤمن (إنها شرطية، وبوسع كل شخص أن يستوفي الشروط).
٢: ٦ـ ١١ ـ ـ الله لا يحابي أحدا. يتحدد المصير الأبدي لكل إنسان بحسب أعماله، أخيرا كانت أم شرا.
٥: ١٨، ١٩ ـ ـ التبرير بموت يسوع يأتي إلى جميع الناس ـ جميع الناس الذين أتت عليهم الإدانة نتيجة لخطيئة آدم.
٦: ١٣، ١٦ـ ١٨ ـ ـ يجب أن نقدم أعضائنا لله لكي نتحرر من الخطيئة.
تناقش الفصول الثلاثة تعامل الله مع شعب إسرائيل.
٩: ١ـ ٣؛ ١٠: ١ ـ ـ يود بولس ويصلي من أجل خلاص إسرائيل. لماذا فعل هذا إذا كان مؤمنا بأن البعض سوف يدانون بقضاء الله الذي لا تغيير له؟
١٠: ١٣ ـ ـ كل من يدعو باسم الرب ينال الخلاص.
١٠: ٢١ ـ ـ بسط الله يديه لشعب إسرائيل (لدعوتهم)، لكنهم رفضوا.
١١: ٧ـ ١٤ ـ ـ لم تكن "البقية" من شعب إسرائيل مختارة، لأن قلوبهم قد قست. مع هذا، حاول بولس "بشتى الوسائل" أن يخلص بعضا منهم! لماذا حاول هذا؟ يقول مذهب كالڤين أنهم إذا كانوا غير منتخبين، وكانوا قساة، فلن يتمكنوا من الخلاص.
١١: ١٩ـ ٢٤ ـ ـ "قضب" بعض الإسرائيليين غير المنتخبين لعدم إيمانهم، وطعم الوثنيين. لكن يمكن لأولئك الإسرائيليون أن يطعموا ثانية بينما يحرم بعض الوثنيين، يتوقف هذا على إيمانهم أو عدم إيمانهم. الخلاص مشروط؛ يمكن لغير المنتخبين أن يتغيروا ويصبروا مقبولين.
١١: ٣٢ ـ ـ يشمل الله الجميع بالرحمة. يجب أن تشمل هذه الرحمة الإسرائيليين غير المنتخبين الذين تكلمنا عنهم سابقا. وطالما أن الله لا يحابي الوجوه، فلابد من أن تشمل جميع الوثنيين أيضا.
إن رسالة بولس إلى أهل رومية الفصل التاسع ـ نص البرهان الرئيسي لمذهب كالڤين، تخلق متناقضات وصعوبات لا تقهر، عند تفسيرها على طريقة أتباع مذهب كالڤين.
٩: ٤، ٥ ـ ـ ناقش بولس المكانة الرفيعة (النعم والامتيازات) التي منحها الله سابقا لشعب إسرائيل بموجب العهد القديم. فقد تلقوا هذا ببساطة لمجرد كونهم أعضاء في هذه الأمة، لكن هذا لا يثبت ما إذا كانوا سينالون الخلاص الأبدي أم لا.
٩: ٦ـ ٢٣ ـ ـ يدافع بولس عن حق الله المطلق بحكم سيادته، في استخدام شعب إسرائيل كما أختار. على وجه الخصوص، ليس الله ملزما كما يتصور البعض، بإعطاء منزلة رفيعة لكل شخص ينتمي إلى نسل إبراهيم.
٩: ٢٤ـ ١١: ٣٢ ـ ـ ناقش بولس النعم المتاحة لشعب إسرائيل في إطار البشارة، وكيف يمكنهم الحصول على تلك النعم.
يدل العهد القديم نفسه على أن الله أختار نسل أسحق (وليس إسماعيل) ثم أختار نسل يعقوب (وليس عيسو).
يناقش سياق الكلام الوعد لنسل أو أبناء إبراهيم (الآيتان ٧، ٨).
لم يكن هذا وعدا لتخليص أي منهم إلى الأبد. كان وعدا لجعلهم أمة عظيمة، أعطائهم أرض كنعان، وأن يكونوا أسلافا للمسيح (طالع سفر التكوين ١٢: ١ـ ٣؛ ٢٢: ١٦ـ ١٨؛ سفر تثنية الاشتراع ٤: ٣٧، ٣٨؛ ٩: ٤؛ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٣: ١٦).
ومن ثم، فإن "الانتخاب" أو الاختيار (آية ١١)، لا يشير إلى الانتخاب للحياة الأبدية، لكن إلى الذين من خلالهم سوف يتم إنجاز هذه الوعود لإبراهيم. هذا هو الانتخاب الذي تم قبل ولادة يعقوب أو عيسو وقبل أن يفعلا خيرا أو شرا. كان هذا انتخابا "يخدم فيه الكبير الصغير" (آية ١٢)، ولم يكن انتخابا للحياة الأبدية! (غالبا ما أشار الله إلى إسرائيل كشعبه المنتخب أو المختار، لعلاقة هذا الأمر بوعده لإبراهيم، وليس لعلاقته بالحياة الأبدية).
تشير عبارة "الكبير يخدم الصغير" إلى أمتين ـ الأمتان اللتان ستنحدران من يعقوب وعيسو ـ وليس إلى الرجلين شخصيا!
سفر التكوين ٢٥: ٢٢، ٢٣ ـ ـ إن النص الأصلي الذي استشهد به بولس في رسالته إلى أهل رومية ٩: ١٢يذكر صراحة أن العبارة تشير إلى أمتين. إذا كان هذا يعني أن جميع الإسرائيليين سوف يذهبون إلى الجنة وأن جميع الأدوميين سوف يدانون، فإن هذا يعد في الحقيقة محاباة للوجوه.
بطريقة مماثلة، لا تشير عبارة "إني أحببت يعقوب وأبغضت عيسو" إلى المصير الأبدي لأي منهما.
قيلت هذه العبارة بعد موت الرجلين بوقت طويل، وليس قبل ولادتهما ـ سفر ملاخي ١: ٢، ٣. العبارة الوحيدة التي قيلت قبل ولادتهما هي "أن الكبير يخدم الصغير".
تشير هذه العبارة أيضا إلى الأمتين اللتين سوف تنحدران من الرجلين، وليس إلى الرجلين شخصيا (طالع سياق الكلام في سفر ملاخي ١).
"أبغضت" تعني أحببت بدرجة أقل، كما يجب على المسيحيين أن يبغضوا عائلاتهم وحياتهم نفسها (إنجيل لوقا ١٤: ٢٦). ليست هناك أية إشارة إلى الخلاص! (هل يجب أن نتمنى لعائلاتنا الهلاك الأبدي؟)
تثبت هذه العبارات فقط، أن وعد الله لإبراهيم لا يلزمه بإعطاء مقام رفيع لكل شخص من نسل إبراهيم. يبين تاريخ العهد القديم أنه في سبيل إنجاز هذا الوعد، تعين على الله أن يختار مرارا وتكرارا بين مختلف الأفراد فيما يتعلق بالنسل الذي سوف يستخدمه في إنجاز هذا الوعد.
لا توجد أية إشارة هنا إلى المصائر الأبدية. من ناحية أخرى، سوف نرى في وقت لاحق، أن بولس قد ناقش مسألة الخلاص، وأظهر أن الله ليس ملزما بتخليص جميع بني إسرائيل وإنما "البقية" فقط (١١: ١ـ ٥).
ذلك الذي يظهر رحمة، هو الذي يقرر من هم الذين سيشملهم برحمته، لا يعود هذا القرار إلى المشمولين بها (الآيات ١٥، ١٦، ١٨).
الرحمة هي إظهار العطف لمن لا يستحقه. يتبع ذلك أن من يطلب الرحمة (الذي "يشاء" أو "يحكم" ـ إسرائيل) لا يستطيع أن يحدد شروط الحصول عليها. هذا أمر يحدده الشخص الذي يشمل بالرحمة.
بتطبيق هذا على إسرائيل، نرى أن ليس من حقهم الإصرار (كما يبدو أنهم قد تصوروا) على أن يستمر الله في إعطائهم مكانة متميزة لمجرد أنه قد فعل ذلك ذات مرة، فقد نالوا تلك المكانة بفضل رحمة الله، لكنه يستطيع أن يسحب تلك المكانة المتميزة متى ما شاء.
الكلمة الأساسية هنا هي كلمة "يشاء".
يهب الله الرحمة لمن "يشاء". يفترض أتباع مذهب كالڤين (دون أدلة)، أن معنى هذا هو أن الله يشاء أن يرسل البعض إلى النعيم والبعض الآخر إلى الجحيم دون قيد أو شرط. لا شك في أن الله يستطيع أن يفعل ما يشاء؛ لكن هل يشير سياق الكلام هنا إلى أن هذا هو ما يشاء الله أن يفعله؟ إذا كان الأمر كذلك، أين؟ لا يتحدث هذا المقطع عن المصائر الأبدية.
لا شك في أن الخلاص هو مسألة رحمة، وبالتالي يشمل الله برحمته من يشاء ـ لا يستطيع الإنسان أن يملي شروط الخلاص. لكن الإنجيل يكشف عن إرادة الله بخصوص الخلاص، وقد رأينا أن إرادته حول هذا الموضوع هي إتاحة فرصة الخلاص المشروط للجميع وإعطائهم حرية الاختيار بين الامتثال أو عدم الامتثال. ذكرت تلك المشيئة في وقت لاحق وفي مكان آخر. لكنها ليست حتى قيد البحث هنا.
يصف هذا المقطع قسوة قلب فرعون (آية ١٧).
استخدم الله شعب إسرائيل بطريقة إيجابية في إنجاز وعده لإبراهيم، في حين أنه استخدم فرعون بطريقة سلبية. كان فرعون حاكم مصر عندما أصبح شعب إسرائيل أمة عظيمة وعندما غادروها للذهاب إلى أرض كنعان الموعودة.
يدل العهد القديم على أن الله قد قسى قلب فرعون، لكن فقط بعدما قسى فرعون قلبه بنفسه عدة مرات (سفر الخروج ٨: ١٥، ٣٢؛ ٩: ١٢؛ ١٠: ١، ٢٠، ٢٧؛ قارن سفر المزامير ٩٥: ٨؛ الرسالة إلى العبرانيين ٣: ٨)
استخدم الله فرعون، لكن لأي غرض؟ آية ١٧ـ استخدمه الله ليظهر قدرته وينادى باسم الله في الأرض كلها (بواسطة الضربات وعبور البحر الأحمر). ليس في هذا أي كلام عن الخلاص الأبدي لأي شخص لكنه عمل جلب فيه الله الإجلال لنفسه.
لا يوجد هنا ما يقول أن الله قد تسبب دون قيد أو شرط في أن يصنع البعض الشر أو أن يهلكوا دون خيار. كان فرعون بالفعل (بحسب اختياره) رجلا شريرا، فاستخدمه الله لإنجاز هدفه وجلب بهذا المجد لنفسه.
في إنجاز وعده لإبراهيم، أظهر الله رحمة تجاه إسرائيل وقسوة تجاه عدوهم فرعون. استخدم الله أناسا وأمما لإنجاز هدفه. لكن هذا ليس حديثا عن خلاصهم. لم ينتهك الله مطلقا حق أي إنسان في أن يطيعه أو يخالفه.
أعطى الله لإسرائيل مكانة مرموقة كأمة لأجل تحقيق غرضه في إنجاز وعوده لإبراهيم. بفعله هذا، كان له الحق في سحب تلك المكانة المرموقة متى ما شاء، لأن ذلك لم يكن له أية علاقة باستحقاقهم. وقبل كل شيء، لا يوجد هنا ما يخبرنا عن كيفية تحديد أو اختيار الله للذين سوف يخلصون أو يهلكون إلى الأبد.
يؤكد الله هنا على حقه في التعامل مع الإنسان كيفما يشاء. لا يملك الإنسان حق الاعتراض.
ينطبق سياق الكلام على شعب إسرائيل.
على وجه الخصوص، يستطيع الله أن يصنع من نفس الجبلة (إسرائيل) آنية شريفة وآنية خسيسة. رفع الله مكانة إسرائيل في الماضي لتحقيق إرادته في إنجاز وعده لإبراهيم. تحقق ذلك الوعد بالكامل عندما مات يسوع على الصليب. إذا اختار الله بعد ذلك أن يسحب من إسرائيل مكانة "الأمة الأثيرة"، فليس لهم حق الاعتراض (كما يبدو أن البعض منهم قد فعل).
التأكيد على أن الإنسان يمتلك القدرة على القيام بكل ما يختاره، لا يخبرك في حد ذاته، ماذا كان اختياره!
رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٩: ١ـ ١٨ ـ ـ دافع بولس عن حق المبشرين في الزواج أو الدعم المادي. لكنه في الواقع رفض ممارسة أي من هذه الحقوق.
إنجيل متي ٢٦: ٣٩، ٥٣، ٥٤ ـ ـ كان بإمكان الله أن ينقذ يسوع من الموت، لكن تلك لم تكن إرادته.
قد تؤكد أن لديك القدرة على لكمي بقبضتك، لكنك لم تختر أن تفعل ذلك (ليس بعد).
يؤكد الله هنا على حقه في الاختيار كما يسره، لكن ذلك لا يخبرنا في حد ذاته عما ينطوي عليه هذا الاختيار. إنه بالتأكيد لا يخبرنا عن كيفية اختياره لأولئك الذين سوف يخلصون، طالما أن هذا ليس حتى موضوع النقاش هنا.
لا ينطبق هذا المقطع على مصير الإنسان الأبدي ولكن على حق الله في سحب مكانة إسرائيل المتميزة كأمة.
يتعلق اختيار الله هنا بكيفية استخدامه لشعب إسرائيل في إنجاز وعده لإبراهيم. فقد استخدمهم لسنوات عديدة بطريقة تمجده. عندما أنجزت المواعيد (بسبب موت يسوع)، لم يعد هناك ما يدعو للإبقاء على مكانتهم المجيدة، فسحبها الله. ذلك كان حقه، كما أن الخزاف يستطيع أن يصنع ما يشاء من كتلة الطين.
مع ذلك، لله الحق في عمل ما يشاء بخصوص الخلاص (بما ينسجم مع خلقه). لكن لا يوجد هنا ما يطلعنا على كيفية اختياره أو تحديده للذين سوف يخلصون أو يهلكون.
لاحقا في ٩: ٢٤ـ ١١: ٣٢ ـ ـ يناقش بولس كيفية اختيار الله لأولئك الذين سوف يخلصون أو لا يخلصون. إنه يبين هناك أن الله يظهر رحمة تجاه الجميع (١١: ٣٢). أولئك الذين يؤمنون ويطيعون سوف يخلصون (١٠: ١٣ـ ١٧). هذا هو بالضبط ما تعلمه جملة من المقاطع الأخرى.
لله الحق في أن يفعل بالإنسان ما يشاء. لقد استخدم إسرائيل في تحقيق قصده، ثم توقف عن استخدامهم. إنه لا يناقش الخلاص هنا، مع هذا يستطيع الله أن يخلصنا أو ألا يخلصنا وفقا لأية معايير يختارها بنفسه. المعيار الذي اختاره هو إتاحة فرصة الخلاص للجميع على أساس من الشروط، ثم ترك لكل إنسان قرار استيفاء الشروط أو عدم استيفائها.
قبل أن يفعلوا خيرا أو شرا، عرف الله مقدما أن أشخاصا بعينهم سوف يكونون خطاة، أنبياء، إلى آخره. أمثلة:
يهوذا ـ إنجيل يوحنا ١٣: ٢١ـ ٢٦؛ ٦: ٧٠؛ إنجيل متي ٢٦: ٢٠ـ ٢٥، ٥٠؛ كتاب أعمال الرسل ١: ١٦ـ ٢٠، ٢٥
فرعون ـ سفر الخروج ٤: ٢١؛ ١٤: ١٧، ١٨
الأنبياء ـ نبوءة إرميا ١:٥؛ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ١: ١٥
يجادل أتباع مذهب كالڤين بقولهم، طالما أن الله عليم بكل شيء، فلابد أنه يعرف كل شيء عن حياة كل إنسان، حتى قبل ولادته. حالما يعلم الله شيئا، يصبح ذلك الشيء قضاء لا يمكن تجنبه. لذا، فإن مصير الإنسان الأبدي مرسوم قبل ولادته. ليس للإنسان أي خيار.
كان يهوذا شريرا بالفعل قبل أن يخون يسوع ـ إنجيل يوحنا ١٢: ٦. لم يتنبأ أحد بهذا الشر.
كان فرعون شريرا أيضا قبل أن يقسي الله قلبه ـ سفر الخروج ٨: ١٥، ٣٢؛ ٩: ١٢.
لم يجعل الله من هؤلاء رجالا أشرار. إنه ببساطة علم مسبقا ما ستكون عليه اختياراتهم، ثم استخدمهم وفقا لذلك. إذا كان الحدس والتنبؤ بالشيء يعني أن الله قد قضى به، وبالتالي ليس للإنسان أي خيار، ثم طالما أن الإنسان قد أخطأ، فلا بد أن الله قد حكم عليه بارتكاب الخطيئة! هذا انتهاك لخلقه البار، كما سبقت مناقشته.
كان موت يسوع أيضا معلوما مسبقا ومتنبأ به ـ نبوءة أشعيا ٥٣؛ إنجيل يوحنا ٣: ١٤؛ ١٢: ٢٧؛ إنجيل متي ١٦: ٢١. مع ذلك يدل إنجيل متي ٢٦: ٥٣ على أن يسوع كان قادرا على منعه. كان لديه خيار على الرغم من حقيقة أن الأمر كان متنبأ فيه.
قدر ليسوع أن يموت بسابق تعيين من الله (رسالة بطرس الأولى ١: ٢٠؛ كتاب أعمال الرسل ٢: ٢٣؛ ٤: ٢٨؛ إنجيل لوقا ٢٢: ٢٢). انطوى هذا على ارتكاب الخطيئة من قبل أولئك الذين قتلوه. إذا كان هذا يعني أن الأمر قد قضي به، وبالتالي لم يكن لهؤلاء أي خيار، إذا فقد قضى الله مرة أخرى أن يرتكب الإنسان الخطيئة!
لله القدرة على العلم المسبق بجميع الأشياء، لكنه يختار في بعض الأحيان ألا يستعمل تلك المقدرة. تستند قدرته على الحدس على قدرته على صنع كل الأشياء. لكنه لا يفعل كل ما هو قادر على فعله.
سفر التكوين ١١: ٥ ـ ـ عند بناء برج بابل، "نزل الله ليرى" ما كان الناس يفعلونه.
سفر التكوين ١٨: ٢٠، ٢١ ـ ـ نزل الله ليرى ما كانت سدوم وعمورة تفعلانه.
سفر التكوين ٢٢: ١٢ ـ ـ بعد أن أثبت إبراهيم استعداده للتضحية بإسحق، قال الله، "الآن عرفت أنك متق لله..."
لابد لحجج أتباع مذهب كالڤين من أن تفشل لأنها تجعل الله منتهكا لإرادته الخاصة وخلقه الشخصي البار.
الخلاص متاح لجميع البشر، وهو في متناول كل إنسان. لكن يجب على كل شخص أن يختار لنفسه ما إذا كان سوف يستجيب أم لا، وكل شخص قادر على هذا الاختيار.
هل يعني هذا أن الخلاص هو ضمن إطار قدرة الإنسان، وليس ضمن إطار قدرة الله؟ كلا على الإطلاق.
توضيح: لنفترض أن أحد البحارة قد ناول طوق نجاة مربوط بحبل لشخص على وشك الغرق. لم يكن الغريق قادرا على إنقاذ نفسه بنفسه. كان البحار هو المنقذ، لكن لا يزال يتعين على الغريق أن يختار الإمساك بالطوق وأن يواصل الإمساك به حتى يصير على متن المركب.
الله هو مصدر ومعطي الخلاص. الخلاص هو نعمة من الله. لكنه قد قضى أن يختار الإنسان لنفسه ما إذا كان سوف يقبل الخلاص المعروض عليه أم لا.
حقوق الطبع محفوظة ١٩٩٨، ديڤيد أي. پرات
يسمح للأفراد وكذلك للكنائس المحلية بتوزيع هذا المقال كنسخة مطبوعة أو كبريد الكتروني، بشرط أن يستنسخ بكامله حرفيا وبدون تغيير المحتوى أو تحريف المعنى بأي طريقة كانت، وبشرط أن يظهر اسم المؤلف وعنوان صفحتنا الالكتروني بصورة واضحة (David E. Pratte, https://gospelway.com)، وبشرط عدم فرض أجور مادية من أي نوع كان لهذه المواد. تستطيع الصفحات الالكترونية أن تتبادل الاتصال مع هذه الصفحة ولكن لا يسمح لأي منها أن تعيد إنتاج هذا المقال على صفحات الكترونية أخرى.
اضغط هنا لدراسة الإنجيل باللغة الانجليزية
عد إلى الصفحة الرئيسية من أجل مقالات أخرى لدراسة الإنجيل باللغة العربية.
ترجمة ساهرة فريدريك
Please bookmark our site in your favorites.
We welcome links to us from other sites :
gospelway.com
- The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides
Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.