عقيدة الخلق في الإنجيل

ما مدى أهميتها بالنسبة إلى إيمان المسيحيين؟

ما مدى أهمية عقيدة الخلق بالنسبة إلى الدين المسيحي؟ هل يجوز للمؤمن أن يقبل بنظرية التطور العضوي بتوجيه من الله؟ هل تنطوي رواية الخلق في سفر التكوين على حقائق واقعية وأحداث تاريخية، أم أنها مجرد خرافة وأسطورة رمزية؟ هل يجوز لنا أن نؤمن بأن أيام الخلق تمثل عصورا طويلة، أم يجب أن نسلم بأنها مجرد أيام وفقا للمعنى الحرفي للكلمة؟ ما هي الصلة بين الخلق وبين حكمة، وقدرة، وإلوهية، وطبيعة الله الأزلية؟ هل يشكل خلق العالم دليلا أساسيا على وجود إله حقيقي واحد وعلى أن الإنجيل هو كلمة الله؟

مقدمة:

سفر التكوين ١: ١ـ ـ في البدء خلق الله السموات والأرض. يدعي الكتاب المقدس بوضوح مرة بعد أخرى، بأن الله خلق السموات والأرض وكل شيء في الطبيعة.

يشكك البعض في أهمية هذه العقيدة بالنسبة إلى إيمان المسيحيين.

يؤمن البعض بأن أيام الخلق تمثل عصورا طويلة قد تمتد لآلاف أو ملايين السنين، أو أن مثل هذه العصور الطويلة قد مرت بين الأيام المذكورة في الفصل الأول من سفر التكوين. في محاولة للدفاع عن مثل هذه النظريات، يقول قوم آخرون أنه ينبغي علينا أن نتهاون مع مثل هذه المعتقدات، لأن الخلق ليس عقيدة أساسية على أي حال. ترى جماعة أخرى أهمية في موت يسوع، ودفنه، وقيامته، ومعموديتنا واقتدائنا به، لكنهم لا يؤمنون بأن رواية الخلق هي على نفس الدرجة من الأهمية، لذلك لا ينبغي لنا أن نتخذها قاعدة أساسية لإيماننا.  

الغرض من هذه الدراسة هو التأمل في مغزى وأهمية عقيدة خلق العالم بالنسبة إلى المسيحية.

هل من الضروري حقا أن نؤمن بها؟ لماذا أو لم لا؟

سوف نرى أن فهم الخلق والتسليم به هو أمر أساسي بالنسبة إلى إيماننا بوجود الله وبأن الإنجيل هو إرادته تعالى.

يجب أن تحل هذه المسائل حتى قبل النظر في أهمية موت يسوع. إذا كنا لا نؤمن بالله والإنجيل، فهل هناك ما يدعو إلى الإيمان في تضحية يسوع؟

تعامل مدرسو العهد الجديد في بعض الأحيان مع عابدي الأوثان، الذين لا يؤمنون بالله الحقيقي. وقبل أن يناقشوا موت يسوع، بدأوا بإعطاء أدلة على ضرورة إيمان أمثال هؤلاء القوم في الله (كتاب أعمال الرسل ١٤، ١٧). شملت هذه الأدلة عقيدة الخلق. تشكل عقيدة الخلق دون ريب، قاعدة أساسية لإيمان المسيحيين. 

جميع المعتقدات التي تقوض، أو تستخف، أو تضعف من عقيدة الخلق الكتابية، إنما تقوض بذلك، وتستخف، وتضعف من الإيمان بوجود الله وطبيعته، ومن الإنجيل بوصفه كلمة الله.

هذا صحيح، ليس فيما يتعلق بنظرية التطور فقط، ولكن بأي رأي من شأنه أن يضعف عقيدة الخلق.

تأمل الأدلة الكتابية على أهمية عقيدة الخلق بالنسبة إلى إيماننا في الله وكلمته.


أولا. يصف الخلق مكانة الإنسان


قبل أن نفحص ما تبرهن عليه عقيدة الخلق بخصوص الله، تأمل ما تبرهن عليه بخصوص الإنسان.

ا. خلق الإنسان على صورة الله، أدنى بقليل من الملائكة.

تعاليم الخلق

سفر التكوين ١: ٢٦، ٢٧ـ ـ قال الله لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا.

سفر المزامير ٨: ٣ـ ٥ ـ ـ كلل الله الإنسان بالمجد والكرامة، وجعله أدنى مرتبة بقليل من الملائكة.

يؤدي عدم تقديرنا لهذا إلى سوء معاملتنا للآخرين.

سفر التكوين ٩: ٥، ٦ـ ـ حرم الله سفك الدم، لأن الإنسان صنع على صورة الله.

رسالة يعقوب ٣: ٩، ١٠ـ ـ من الخطأ أن نلعن أي إنسان، لأن البشر خلقوا على صورة الله.

السبب في أنه من الخطأ إساءة معاملة أي إنسان آخر هو أنهم مخلوقون على صورة الله، وهم يتمتعون بنفس الأهمية التي لنا لدى الله. إساءة معاملتهم هو إساءة معاملة من هم على مثال الله.

لهذا السبب، كثيرا ما قال يسوع أن كل ما نصنعه للآخرين قد صنعناه له (إنجيل متي ٢٥: ٣١ـ ٤٦).

يؤدي عدم فهم هذه التعاليم إلى ممارسة مفاهيم تطورية مثل "البقاء للأصلح"، أو "القوة تصنع الحق". يعتقد البعض أنه إذا كان بإمكانهم السيطرة على الآخرين، فإنهم يمتلكون حق القيام بذلك لأنهم "الأصلح". تجسدت مثل هذه المفاهيم بشكل متطرف في عمليات الإبادة بالإحراق والمجازر الشيوعية: القضاء على أولئك الذين "ليسوا كفؤا"! 

عندما نفهم عقيدة الخلق الكتابية، فسوف ندرك حينئذ لماذا لا يجوز لنا إساءة معاملة غيرنا من البشر. نحن لم نصنعهم، إنهم لا ينتمون إلينا. إنهم ينتمون إلى الله ـ نفس الإله الذي صنعنا والذي ننتمي إليه نحن أيضا. وهم يشاركونه في طبيعته في نواح كثيرة، لذا يجب علينا عدم الإساءة إليهم.

[سفر ملاخي ٢: ١٠؛ سفر أيوب ٣١: ١٣ـ ١٥؛ سفر الأمثال ١٤: ٣١؛ ١٧: ٥؛ ٢٢: ٢]

ب. خلق الإنسان ليتسلط على الحيوانات والأرض.

تعاليم الخلق

سفر التكوين ٢: ٧ـ ـ على النقيض من نظرية التطور، لم ينشأ الإنسان من الحيوانات. نحن نختلف عن الحيوانات اختلافا جوهريا، فقد جبلنا الله من التراب على صورته.

سفر التكوين ١: ٢٦، ٢٨ـ ـ خلق الله الإنسان ليتسلط على جميع الكائنات الحية الأخرى وليخضع الأرض.

سفر المزامير ٨: ٦ـ ٨ ـ ـ صنع الله الإنسان وأولاه سلطانا على جميع أعمال يديه، وجعل كل شيء تحت أقدامنا (خاضعا لنا).

سفر المزامير ١١٥: ١٤ـ ١٦ـ ـ خلق الله السموات والأرض ثم أعطى الأرض لبني آدم. يعني هذا، أننا نخضعها لسيطرتنا لكي نستخدمها لأغراضنا. يمتلك الله الحق في إعطائنا هذه السلطة، لأنه صنع كلانا ـ نحن والأرض.

يؤدي عدم فهم هذه التعاليم إلى التقليل من قيمة الإنسان والمغالاة في قيمة الحيوانات والأرض.

يعجز أنصار نظرية التطور، الجمعيات التي تطالب بحقوق الحيوان، حركة العصر الجديد، والوثنيون، عن رؤية السيادة الصحيحة التي يمتلكها الإنسان على الحيوانات والأرض.

ينظر البعض إلى الأرض بوصفها شيء حي، إلهة اسمها گايا، لذلك يتعين علينا أن نحاول إرضائها والعناية بها، حتى أن بعضهم يعبدون الأرض.

يرى آخرون أن قتل الحيوانات لا يختلف عن قتل البشر من الناحية المعنوية، لذلك لا ينبغي لنا أن نأكل اللحوم أو نرتدي الفراء، وما إلى ذلك. نشر أحد الطلاب على شبكة الانترنت مؤخرا أن زوجته تعارض ممارسته للصيد، لأنها لا تريده أن يقتل الحيوانات، بل ترغب في شراء اللحوم من المتجر! 

سفر التكوين ٩: ٢ـ ٦ـ ـ سلمت الحيوانات إلى أيدينا (سيطرتنا) لتكون لنا مأكلا. نحن صنعنا على صورة الله، لكن الحيوانات ليسوا كذلك.

رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٤: ٣، ٤ـ ـ يحرم بعض الناس تناول اللحوم، لكن الله خلقهم ليتناولهم الإنسان بشكر.

لا يعادل قتل الحيوانات في قيمته المعنوية قتل البشر. لماذا؟ بسبب عقيدة الخلق! فقد خلق الله الحيوانات والأرض لتكون خاضعة لسيطرتنا. لا يبرر هذا القسوة أو التبديد أو أي شكل آخر من أشكال سوء الإدارة، لكنه يبرر استخدامنا إياهم لفائدتنا.

يؤدي عدم فهمنا أو عدم إيماننا بعقيدة الخلق الكتابية إلى الإخفاق في فهم مكانتنا في الكون. هل هناك ما هو أبسط من ذلك؟!


ثانيا. يكشف الخلق عن قدرة كلمة الله.


ا. تم إنجاز الخلق بالكلمة التي نطقها الله.

سفر التكوين ١: ٣، ٦، ٩، ١١، ١٤، ٢٠، ٢٤، ٢٦ـ ـ خلق الله كل شيء بمجرد كلمة من فمه. نطق الله بما ينبغي أن يكون، فكان كذلك!

سفر المزامير ٣٣: ٦ـ ٩ـ ـ صنعت السموات بكلمة الرب، وبنسمة فمه. وكذلك فيما يتعلق بالأرض وجميع سكانها: إنه قال فكان، وأمر فوجد.

سفر المزامير ١٤٨: ٣ـ ٥ ـ ـ بأمر من الله خلقت جميع الأجناد السماوية.

الرسالة إلى العبرانيين ١١: ٣ـ ـ نحن ندرك بالإيمان أن العالمين أنشئت بكلمة الله.

صنع الله معجزات أخرى بكلمة من فمه، وبهذه الطريقة يبرهن الله على قدرة أو سلطان كلمته. لاحظ: إنجيل متي ٨: ٥ ـ ١٣؛ رسالة بطرس الثانية ٣: ٥ ـ ٧. طالع سفر المزامير ١٠٥: ٣١، ٣٤؛ ١٠٦: ٩؛ إنجيل يوحنا ١١: ٣٩ـ ٤٤؛ ٥: ٢٨، ٢٩. 

الخلق هو دليل موثوق على سلطان كلمة الله.

ب. بالمثل، تم الكشف عن الخلاص في البشارة بقدرة كلمة الله.

رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١: ١٨ـ ٢٥ـ ـ فإن رسالة ("كلمة" ـ حاشية طبعة الملك جيمس الجديدة) الصليب حماقة عند الذين يسلكون سبيل الهلاك، وأما عندنا فهي قدرة الله. فإننا نبشر بمسيح مصلوب، هو قدرة الله وحكمة الله.

الرسالة إلى العبرانيين ٤: ١٢ـ ـ إن كلام الله حي ناجع، أمضى من كل سيف ذي حدين.

رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ١٦ـ ـ البشارة هي قدرة الله لخلاص كل مؤمن.

هل لدينا ما يبرر إيماننا بأن في وسع البشارة أن تنقذنا؟ هل هناك ما يدل على أنه ينبغي علينا أن نؤمن بها وأن نكرس حياتنا في إطاعتها على رجاء أن نفوز في النهاية بالحياة الأبدية؟

السبب في أنه ينبغي علينا أن نؤمن بالبشارة هو أنها كلمة الله. إن قدرة كلمة الله التي أتت بالكون إلى الوجود هي نفس القدرة التي تعمل في الكلمة المكتوبة. كان الغرض من جميع المعجزات هو التأكيد على شخص الله وتأييد صدق رسالته. هل هناك ما يدعو إلى الثقة في قدرة كلمة الله في البشارة، ما لم يكن قد خلقنا بقدرة كلمته؟ (إنجيل مرقس ١٦: ٢٠؛ كتاب أعمال الرسل ٢: ٢٢؛ ١٤: ٣؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ١٢: ١١، ١٢؛ الرسالة إلى العبرانيين ٢: ٣، ٤).

يترتب على هذا أن جميع الآراء التي تستخف أو تقوض عقيدة الخلق، إنما تستخف أو تقوض بذلك أيضا من الثقة في قدرة الإنجيل، بما في ذلك الإيمان في قدرة البشارة على تخليصنا من خطايانا! هل هناك ما هو أبسط من ذلك؟ كيف يمكن ألا يكون هذا أمرا ضروريا لخلاصنا؟   

[رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٤: ٦؛ نبوءة أشعيا ٥٥: ٦ـ ١١؛ رؤيا يوحنا ١: ١٦؛ رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢ـ ٢٥]


ثالثا. يدل الخلق على أن الله هو أصل كل شيء حي.


ا. وهب الله الحياة لجميع الكائنات الحية.

سفر التكوين ١: ١١، ١٢، ٢٠، ٢١، ٢٤ـ ٢٧؛ ٢: ٧، ٢١ـ ٢٣ـ ـ في البدء، خلق الله جميع أشكال الحياة: النباتات، الطيور، الأسماك، الحيوانات البرية، والناس. جاءت الحياة بكاملها من الله.

نبوءة أشعيا ٤٢: ٥ ـ ـ خلق الله السموات وبسط الأرض. وهب الشعب الذي عليها نسمة، والسائرين فيها روحا.

رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٦: ١٣ـ ـ الله هو الذي يحيي كل شيء.

جميع المقاطع التي تنص على أن الله خلق الإنسان، تؤكد بالمثل على أن الله هو واهب الحياة. تؤكد عقيدة الخلق أن الحياة بكل أشكالها تأتي من الله، وأنه بدون الله، لن تكون هناك حياة. 

[سفر أيوب ٣٣: ٤؛ سفر المزامير ١٠٠: ٣؛ ١٣٩: ١٣ـ ١٦؛ سفر الأمثال ٢٢: ٢؛ نبوءة أشعيا ٦٤: ٨؛ نبوءة إرميا ٢٧: ٥؛ الرسالة إلى العبرانيين ١٢: ٩؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٨: ٦]

ب. يدل هذا على أن الله هو الإله الحي.

تأتي حياتنا من حياته. نحن أحياء، لأنه حي إلى الأبد (طالع النقطة التالية)، ولأنه وهبنا الحياة.

سفر التكوين ١: ٢٦، ٢٧ـ ـ لقد خلقنا في صورة الله. يتطلب كل ما يشمله كوننا في صورة الله، أن يكون الله حيا بالتأكيد. [٩: ٦]

كتاب أعمال الرسل ١٤: ١٥ـ ـ دعا بولس عابدي الأوثان إلى ترك هذه الأباطيل (الأصنام) والرجوع إلى الإله الحي، الذي صنع السماء والأرض والبحار وكل شيء فيها. إذا كان الله قد خلق الحياة، فلابد أن يكون حيا. الله هو الإله الحي، لكن الأصنام لا تمتلك هذه القدرة.

كتاب أعمال الرسل ١٧: ٢٤ـ ٢٩ـ ـ مرة أخرى قال بولس لدى وعظه عابدي الأوثان أن الله صنع العالم، وأنه هو الذي يهب لجميع الخلائق الحياة والنفس وكل شيء، ففيه حياتنا وحركتنا وكياننا. نحن من سلالته، فلا ينبغي أن نحسب اللاهوت شيئا غير ذي حياة مثل الذهب أو الفضة أو الحجر.

رؤيا يوحنا ١٠: ٦ـ ـ الله الحي أبد الدهور، خلق السماء وما فيها والبر وما فيه والبحر وما فيه.

كيف يمكن للحياة أن تنشأ من مصدر غير ذي حياة؟ لا يمكن للشمس، المحيطات، الجبال، وما إلى ذلك، أن تكون هي الله. وينطبق نفس الشيء على التماثيل المصنوعة من المعادن أو الحجارة أو الخشب، إذ ليست فيها حياة. إذا كنا من سلالة الله الذي أعطانا الحياة، فلابد أن يكون هو نفسه حيا. لهذا السبب تشير إليه الكثير من الآيات "بالإله الحي". 

يدل الخلق على أن الله لابد أن يكون حيا. 

[سفر أيوب ٣٣: ٤؛ إنجيل متي ١٦: ١٦؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي ١: ٩؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٦: ١٦]

ج. بطريقة مماثلة، الله هو مصدر الحياة الروحية والأبدية.

بعد أن وهبه الحياة في الخلق، أنذر الله الإنسان بأن عاقبة الخطيئة هي الموت، الجسدي والروحي على حد سواء. جلب آدم وحواء بخطيئتهما الموت الجسدي على الجنس البشري. كما أنهما انفصلا روحيا عن الله (الموت الروحي)، وهذا هو ما يحدث لجميع الناس عندما يخطئون (سفر التكوين ٢: ١٦، ١٧؛ ٣: ١ـ ١٩؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٥: ١٤ـ ٢١؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢: ١ـ ١٩).

بالتالي، وهب الله الحياة للإنسان، لكن الإنسان جلب على نفسه الموت. والآن، الله هو الوحيد الذي يستطيع أن يهب الحياة للإنسان مرة أخرى.

يسوع هو  الطريق إلى الحياة الروحية (الشركة مع الله)

إنجيل يوحنا ١: ١ـ ٤ـ ـ الكلمة (يسوع) كان في البدء، به كان كل شيء. فيه كانت الحياة. كان حيا وهو مصدر الحياة ـ هو ليس مصدر الحياة الجسدية فقط ولكن أيضا الحياة الروحية.

إنجيل يوحنا ١٤: ٦ـ ـ أنا الطريق والحق والحياة. لا يمضي أحد إلى ألآب إلا بي. بعد الانفصال عن الله بسبب الخطيئة، لا يمكن لأي إنسان أن يكون في شركة مع الله إلا من خلال يسوع، معطي الحياة.

رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ٤ـ ـ بعد المعمودية، نحن نسلك في جدة الحياة. تدعى هذه بالولادة من جديد، فبواسطتها نصبح أبناء الله بالروح. هل هناك من يستطيع أن يمنحنا هذه الحياة الجديدة سوى معطي الحياة؟ (طالع رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ٥: ١٧؛ إنجيل يوحنا ١: ١٢، ١٣؛ ٣: ١ـ ٧؛ رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢ـ ٢٥؛ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٣: ٢٦، ٢٧).

يسوع هو معطي الحياة الأبدية

رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ٢٣ـ ـ أجرة الخطيئة هي الموت، وأما هبة الله فهي الحياة الأبدية في يسوع المسيح ربنا. سيعيش أولئك الذين يحرصون على طاعة الرب مع الله إلى الأبد في الحياة الأبدية. الله هو الذي يهب لهم هذه الحياة.

إنجيل يوحنا ٦: ٦٣، ٦٨ـ ـ كلمات يسوع هي روح وحياة، وهي تعطي الحياة الأبدية. طالما أن يسوع هو معطي الحياة الأبدية، فإن الطريقة الوحيدة لمعرفة كيفية الحصول على الحياة الأبدية هي من خلال تعاليمه.

إنجيل متي ٢٥: ٤٦ـ ـ في الدينونة، سينال الأشرار العقوبة الأبدية، لكن الأبرار سينالون الحياة الأبدية

ما لم يكن الله قد خلقنا، فهل هناك ما يدعو إلى اعتباره مصدر الحياة؟ هل هناك ما يدعو إلى الثقة في أنه سيمنحنا الحياة الأبدية أو الحياة بعد الموت؟ ألا ينبغي علينا بدلا من ذلك أن نبحث عمن وهبنا الحياة أصلا، وأن نثق فيه باعتباره مصدر الحياة في المستقبل؟

جميع الآراء التي تستخف أو تقوض عقيدة الخلق الكتابية، إنما تقوض بذلك من إيماننا في الله بوصفه معطي الحياة. يقوض هذا من ثقتنا في أنه هو مصدر الحياة الروحية، والقيامة، والحياة الأبدية. كيف يمكن ألا يكون هذا أمرا أساسيا بالنسبة إلى المسيحيين؟

[رسالة بولس إلى أهل أفسس ٤: ٢٤؛ رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٣: ١٠؛ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٤: ١٠؛ إنجيل يوحنا ١١: ٢٥؛ رسالة يوحنا الأولى ٥: ١١، ١٢، ٢٠؛ إنجيل يوحنا ٣: ١٦]


رابعا. يدل الخلق على وجود الله الأزلي.


ا. الله موجود منذ الأزل قبل خلق العالم.

إنجيل يوحنا ١: ١ـ ٣ـ ـ الكلمة (يسوع ـ آية ١٤) كان في البدء مع الله وكان هو الله. به كان كل شيء.

رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ١٦، ١٧ـ ـ كل شيء خلق به (يسوع)، وهو قبل كل شيء. إذا كان الله قد خلق كل شيء، فمن البديهي أنه كان موجودا قبل الأشياء التي خلقها.

نبوءة أشعيا ٤٠: ٢٨ـ ـ الرب إله سرمدي، خالق أقاصي الأرض (طالع أيضا سفر المزامير ٩٠: ٢ أدناه).

حقيقة أن الله قد خلق كل شيء آخر، تشير بداهة إلى أنه هو نفسه سرمدي. بخلاف ذلك، يصبح من المعقول أن نسأل عمن خلقه. تنص عقيدة الخلق على أنه خالق أزلي غير مخلوق.

ب. سوف يحيا الله إلى الأبد بعد أن تفنى الخلائق.

سفر المزامير ١٠٢: ٢٥ـ ٢٧(الرسالة إلى العبرانيين ١: ١٠ـ ١٢) ـ ـ في البدء أسس الله الأرض، وهي صنع يديه. هي تبلى، وهو يبقى. ليس لسنواته انتهاء.

الأمور المادية تأتي وتذهب، يوجد لها بداية ونهاية، لكن الله أزلي في الماضي، وكذلك في المستقبل.

سفر المزامير ٩٠: ٢ـ ـ من قبل أن أوجدت الجبال، وكونت الأرض والدنيا، من الأزل وإلى الأبد، أنت الله.

رؤيا يوحنا ١٠: ٦ـ ـ الحي أبد الدهور، هو الذي خلق السماء وما فيها، والبر وما فيه، والبحر وما فيه.

الإيمان بسرمدية الله هو أمر ملزم لكونه متضمن في صلب عقيدة الخلق الكتابية. جميع الآراء التي تستخف أو تقوض من إيماننا في الخلق، إنما تستخف أو تقوض أيضا من إيماننا في سرمدية الله.

[نبوءة إرميا ١٠: ١١، ١٢]


خامسا. يدل الخلق على حكمة الله المطلقة.


ا. يكشف الخلق عن حكمة الله.

سفر المزامير ١٣٦: ٥ ـ ٩ـ ـ بالفطنة صنع الله السموات والأجرام السماوية.

نبوءة إرميا ٥١: ١٥ـ ـ هو الذي صنع الأرض بقوته، وبسط السموات بحكمته. [١٠: ١٢]

سفر الأمثال ٨: ٢٢ـ ٣١ـ ـ تكلمت الحكمة قائلة أنها كانت مع الله قبل أن يكون العالم، وأنها كانت هناك عندما خلق الله الكون.

من الواضح أن خلق الكون يتطلب قدرا كبيرا من الحكمة: الأجرام السماوية، الأرض، النباتات، الحيوانات، والإنسان. كيف يمكن لأي شخص أن يصنع هذا كله دون حكمة لا تصدق؟ 

[سفر الأمثال ٣: ١٩؛ سفر المزامير ١٠٤: ٢٤]

ب. تفوق هذه الحكمة قابلية الإنسان على الفهم.

سفر الجامعة ١١: ٥ ـ ـ كما أنك لا تدري ما هو مسلك الريح، وكيف تتكون العظام في جوف الحامل، كذلك لا تدري عمل الله صانع كل شيء.

نبوءة أشعيا ٤٠: ٢٨ـ ـ خالق أقاصي الأرض، لا يعيي ولا يتعب. ولا يسبر فهمه.

رسالة بولس إلى أهل رومية ١١: ٣٣ـ ٣٦ـ ـ كل شيء منه وبه وإليه (أي هو الذي خلق كل شيء). ما أعسر إدراك أحكامه وتبين طرقه. فمن الذي عرف فكر الرب أو من الذي كان له مشيرا؟

بمراقبة الكون، يمكننا معرفة أنه لابد لصانعه من أن يكون في غاية الحكمة. لكن علاوة على ذلك، يمكننا إدراك أنه لابد لحكمته من أن تفوق مستوى حكمتنا بدرجة غير محدودة. برغم دراسة البشر للخلق، فلا تزال هناك الكثير من الأمور التي لا نتمكن حتى من فهم كيفية أدائها لعملها، ناهيك عن القدرة على التخطيط لها وخلقها أصلا!

يكشف الكون عن حكمة الله السامية.

[سفر أيوب ٣٨]

ج. بما أننا مخلوقات الله، يجب علينا أن نتوجه إليه بوصفه المصدر المطلق للحكمة.

سفر المزامير ١١٩: ٧٣ـ ـ يداك صنعتاني وكونتاني؛ هبني فهما لأتعلم وصاياك. عندما ندرك أن الله قد خلقنا، فسوف نقدر مدى حكمته. ينبغي علينا بعد ذلك أن نتوجه إليه كمصدر للحكمة فيما يتعلق بكيفية معيشتنا لحياتنا.

سفر الأمثال ٣: ١٩ـ ٢٦ـ ـ الرب بالحكمة أسس الأرض وبالفطنة ثبت السموات. لذا ينبغي علينا أن نحفظ التبصر والتدبر، حينئذ نسير بأمان ولا نخشى تعثر أقدامنا.

سفر الأمثال ٨: ٣٠ـ ٣٦ـ ـ عندما ندرك أن الله خلق العالم بحكمة، ينبغي علينا آنئذ أن نصغي إلى حكمة الله. اسمعوا التأديب وكونوا حكماء ولا تهملوه. من وجد الحكمة، وجد الحياة، ونال رضا الله. كل من يبغض الحكمة يحب الموت.

هل هناك ما يدعو إلى الإيمان بقدرة حكمة الله؟ لماذا ينبغي علينا أن نثق في حكمة الله لتوجيه حياتنا؟ بسبب الأدلة على حكمته في الأعمال العظيمة التي صنعها ولاسيما في الخلق. عندما ترى أدلة على حكمة الله العظيمة في الخلق، هل يمكنك أن ترغب في ما عداه لتوجيه حياتك؟ هل يمكنك بعد ذلك أن تثق في حكمتك الخاصة أو في حكمة أي إنسان آخر؟ [سفر الأمثال ١: ٧]

سفر المزامير ١٩: ٧؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٣: ١٥ـ ١٧ـ ـ لكن تذكر، أن الكتاب المقدس يكشف لنا عن حكمة الله لتوجيه حياتنا.

ما لم يكن الله قد خلقنا، فهل هناك ما يدعونا إلى الثقة في حكمته؟ هل هناك ما يدعو إلى إتباع التعليمات التي تأمرنا بها كلمته؟ ألا ينبغي علينا بدلا من ذلك أن نبحث عمن خلقنا وأن نضع ثقتنا في حكمته؟

مرة أخرى إذن، جميع الآراء التي تستخف أو تقوض عقيدة الخلق، أنما تستخف بذلك وتقوض ثقتنا في حكمة الله. وهذا بدوره يقوض أسباب إتباعنا للإنجيل بوصفه كشف عن حكمة الله. كيف يمكن ألا يكون هذا أمرا أساسيا وجوهريا بالنسبة إلى إيمان المسيحيين؟


سادسا. يدل الخلق على قدرة الله المطلقة.


ا. يكشف الخلق عن قدرة الله العظيمة.

سفر المزامير ٨٩: ١١ـ ١٣ـ ـ أسس الله المسكونة وكل ما فيها. ذراعه قادرة ويده قوية. [سفر المزامير ٦٥: ٦؛ ٨٦: ٨ ـ ١٠]

نبوءة إرميا ١٠: ١٢ـ ـ هو الذي صنع الأرض بقوته. [٥١: ١٥]

نبوءة إرميا ٢٧: ٥ ـ ـ أنا صنعت الأرض والبشر والبهائم التي على وجه الأرض، بقوتي العظيمة وبذراعي المبسوطة.

رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ٢٠ـ ـ فمنذ خلق العالم لا يزال ما لا يظهر من صفاته، أي قدرته الأزلية وإلوهيته ظاهرا للبصائر في مخلوقاته، فلا عذر لهم إذا.

لابد لأي مراقب للكون من أن يتساءل عن أصله. لا يوجد تفسير معقول سوى أن كائنا ساميا ذو حكمة وقدرة قد صنعه. من الواضح أن هذا يتطلب قدرة عظيمة، لذا فإن كل من لا يؤمن بهذا الإله وقدرته هو بغير عذر.

ب. تفوق هذه القدرة المقدرة البشرية بمراحل.

سفر أيوب ٩: ٨ ـ ١٠ـ ـ هو الباسط السماء والكواكب. صانع عظائم لا تسبر وعجائب لا تحصى.

نبوءة إرميا ٣٢: ١٧ـ ـ آه أيها السيد الرب، ها أنك صنعت السموات والأرض بقوتك العظيمة وذراعك المبسوطة، وليس عليك أمر عسير.

سفر أيوب ٢٦: ٧ـ ١٤ـ ـ واصفا مختلف الأعمال التي قام بها الله عندما خلق الكون، قال أيوب، "أما رعد جبروته، فمن يدركه؟"

لم يتطلب خلق الكون قدرة عظيمة فحسب، لكن كان لابد لهذه القدرة من أن تكون أعظم بكثير من المقدرة البشرية. لا يمكن لأي إنسان أن يخلق مثل هذا الكون. ليس بوسعنا حتى أن نخلق شيئا حيا واحدا! ليس في وسعنا بأي حال إدراك مثل هذه القدرة السامية، ناهيك عن المقدرة على محاكاتها.

[سفر المزامير ٣٣: ٦ـ ٩]

ج. ينبغي علينا باعتبارنا خلائق الله، أن نثق في قدرته على رعايتنا وتخليصنا.

سفر المزامير ١٢١: ٢ـ ـ تأتي نصرتي من عند الرب، صانع السماء والأرض. [١٢٤: ٨؛ ١٤٥: ٥، ٦]

نبوءة أشعيا ٤٠: ٢٨ـ ٣١ـ ـ الله هو الخالق. لا يتعب ولا يعيي. يؤتي التعب قوة، ولفاقد القدرة يكثر الحول.

هل هناك ما يدعو إلى الثقة في قدرة الله؟ هل هناك ما يدعو إلى الإيمان بأنه يفي بوعوده في منحنا الحياة الأبدية إذا أخلصنا له؟ نعم، فقد برهن على قدرته في العجائب التي صنعها ولاسيما في الخلق. هل يمكنك أن تشك في قدرته بعد أن ترى أدلة عنها في الخلق؟ هل يمكن أن تكون هناك قدرة أعظم منها؟

رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١: ١٨ـ ٢٥ـ ـ الضعف من الله أوفر قوة من الناس. ففي المسيح (الخالق ـ إنجيل يوحنا ١: ١ـ ٣) تكمن قوة الخلاص. القوة التي خلقت العالم، هي نفس القوة التي تخلصنا وتمنحنا الحياة الأبدية. [كتاب أعمال الرسل ٤: ١٢؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ١٦؛ الرسالة إلى العبرانيين ٧: ٢٥]

لابد وأن يكون الذي خلقنا أعظم قوة في الكون. ما لم يكن إله الإنجيل قد خلقنا، فهل هناك ما يدعو إلى الثقة في قدرته؟ ألا ينبغي علينا بدلا من ذلك أن نبحث عمن خلقنا وأن نضع ثقتنا في قدرته؟

أي رأي يقوض أو يستخف بعقيدة الخلق، إنما يقوض أيضا من ثقتنا في قدرة الله. وهذا بدوره يقوض ثقتنا في قدرة الله على تخليصنا ومنحنا الحياة الأبدية! لا تقل لي أن مثل هذه الأمور لا تحظى بالمقام الأول بالنسبة إلى المسيحيين! هل يمكن أن يكون هناك ما هو أكثر أهمية؟


سابعا. يدل الخلق على أحقية الله في التحكم في الكون.


طالما أن الله قد خلق الكون، فإن له الحق والقدرة على التحكم فيه، وأن يصنع به ما يشاء.

ا. ينتمي الكون إلى الله، لأنه هو الذي صنعه.

سفر المزامير ٢٤: ١، ٢ـ ـ للرب الأرض وكل ما فيها، الدنيا وساكنوها، لأنه هو الذي أسسها وأرساها.

سفر المزامير ٨٩: ١١، ١٢ـ ـ لك السموات، لك الأرض أيضا، والمسكونة وملؤها، لأنك خلقتها وأسستها.

طالما أن الله قد خلق الكون وهو ملكه، يلزم منطقيا أن تتحكم قدرته فيه.

[سفر المزامير ٩٥: ٥؛ ٧٤: ١٦، ١٧؛ ١٠٠: ٣]

ب. طالما أنه قد صنعه، فإنه يسوده بوصفه الرب.

نبوءة أشعيا ٢٩: ١٦ـ ـ لا يحق للطين أن ينتقد جابله. لذلك لا يحق لنا أن ننكر أو ننتقد صانعنا. هو الذي صنعنا، لذا فإنه يمتلك الحق في أن يصنع منا ما يشاء. يجب أن نخضع إلى إرادة خالقنا. [٤٥: ٩، ١٠؛ ٦٤: ٨؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٩: ٢٠ـ ٢٤]

كتاب أعمال الرسل ١٧: ٢٤ـ ـ الله، الذي صنع العالم وما فيه، هو رب (سيد) السماء والأرض. إنه يسود لأنه الخالق.

رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ١٥ـ ١٧ـ ـ كما بنى يسوع الكنيسة وله المقام الأول فيها (آية ١٨)، فهو كذلك البكر على كل الخلائق. فقد خلقت به (بقدرته) ومن أجله (لخدمة أغراضه). [الرسالة إلى العبرانيين ٢: ١٠]

رسالة بطرس الأولى ٤: ١٩ـ ـ نحن نستودعه نفوسنا مواظبين على عمل الخير، لأنه الخالق.

رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ٢٥ـ ـ إنه لخطأ أساسي أن "نخدم" المخلوق بدلا من الخالق. تعني الخدمة هنا أن نطيعه بوصفه الله (طالع الآيات ٢٠ـ ٢٥ والسياق).

لماذا ينبغي علينا أن نتقي الله ونحفظ وصاياه (سفر الجامعة ١٢: ١٣)؟ لأنه خلقنا لأجل هذا الغرض. بوصفه صانعنا، فإن له كل الحق في أن يتوقع طاعتنا. بوصفنا خلائقه، فإن من واجبنا أن نقدم له الطاعة التي يتطلبها. ما لم نفهم الخلق، فلن نستطيع أن نفهم حتى السبب أو الغرض من وجودنا!

[سفر تثنية الاشتراع ٣٢: ٥، ٦؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ١١: ٣٦؛ سفر أخبار الأيام الأول ١٦: ٢٦، ٣٦؛ سفر المزامير ٩٦: ٢ـ ١٠؛ ١٠٠: ٢، ٣؛ نبوءة إرميا ٢٧: ٥؛ ٥: ٢٢؛ سفر الخروج ٤: ١١؛ ٢٠: ٩ـ ١١؛ ٣١: ١٦، ١٧؛ سفر العدد ١٦: ٢٢؛ نبوءة أشعيا ٥١: ١٢، ١٣]

ج. يمتلك الله سلطة معاقبتنا أو مكافأتنا، اعتمادا على إرضائنا له من عدمه. 

سفر التكوين ٦: ٦، ٧؛ ٧: ٤ـ ـ ندم الرب على صنعه للإنسان لأن شروره قد كثرت، وعزم على محوه عن وجه الأرض. بما أن الله خلق الإنسان، وبما أن الإنسان عجز عن خدمة الغرض الذي صنع من أجله، كان من حق الله القضاء على ما خلقه.

نبوءة أشعيا ٢٧: ١١ـ ـ أصبح بعضهم فاسدين إلى حد أن الله الذي صنعهم قرر ألا يرحمهم؛ ذلك الذي كونهم، لن يرأف بهم. الله هو الخالق. سواء أظهر نحونا رحمة ورأفة أم لا، فذلك القرار يعود إليه.  

ينكر الكثير من الناس حق الله في معاقبة البشرية أو القضاء عليها بسبب الخطيئة. "لا أستطيع أن أؤمن بإله يفعل ذلك". بصراحة، سواء آمنت بهذا أم لم تؤمن به، فلن يغير ذلك شيئا من واقع الأمر. إذا كان الله قد خلقنا حقا، فإنه يمتلك القدرة على أن يفعل بنا ما يشاء، بغض النظر عما نريده أو نؤمن به.

الخلق هو حقيقة تاريخية بسيطة. يترتب على هذا أنه، بما أن الله قد خلقنا، فإنه يمتلك حق مكافأتنا أو القضاء علينا. إذا كان طاغية، فليس هناك ما يمكننا القيام به حيال ذلك. يجب علينا أن نمجده كل يوم، ليس لمجرد أنه خالقنا، بل لأنه إله الرحمة والصبر!

ما لم يكن إله الإنجيل قد خلقنا، فبأي حق يمكنه أن يتحكم فينا؟ لماذا لا نبحث بدلا من ذلك عن الإله الذي خلقنا ونفعل ما يقوله؟

أي رأي يستخف أو يقوض عقيدة الخلق، إنما يقوض بذلك من إيماننا بقدرة الله على التحكم في حياتنا. وهو يضعف أو يقضي على فهمنا لواجبنا في إطاعته.

فهمنا لعقيدة الخلق هو أمر أساسي حتى بالنسبة إلى فهمنا للغرض من وجودنا نفسه. هل هناك من يستطيع أن يقول أن هذا الأمر لا يحتل المرتبة الأولى في اهتمامات المسيحيين؟ 


ثامنا. يدل الخلق على حق الله في عبادتنا له.


ا. يستحق الله تعبدنا له لأنه هو الذي خلقنا.

حقيقة أن الله قد خلقنا تكشف بوضوح عن قدرة وحكمة على درجة من العظمة تحتم علينا أن نعبده، وليس أي شخص آخر (مثل الأصنام، وما إلى ذلك).

سفر تثنية الاشتراع ٣٢: ١٥ـ ١٨ـ ـ وبخ الشعب لأنه ترك الإله الذي خلقه وعبد آلهة أخرى، ونسي الرب الذي ولده.

سفر المزامير ٨٦: ٨ ـ ١٠ـ ـ ينبغي على جميع الأمم أن تسجد أمام الله وأن تمجد اسمه، لأنه خلقهم. هو وحده الله وليس في الآلهة نظيره في العظمة، لأنهم لا يستطيعون القيام بأعمال مثل أعماله (بما في ذلك الخلق).

سفر المزامير ١٤٩: ١، ٢ـ ـ ينبغي على الشعب أن يسبح الرب وأن يبتهج بصانعه.

يجب على المخلوق أن يمجد خالقه. تثبت قدرة الله على الخلق أنه يستحق منا العبادة دون أدنى شك. لم يخلقنا أحد سواه؛ لذلك لا ينبغي لنا أن نعبد أحد غيره.

[سفر المزامير ١٣٩: ١٣، ١٤؛ ٨: ٣ـ ٩]

ب. يستحق الله عبادتنا له بسبب عظمة جميع الأشياء التي صنعها.

سفر المزامير ٩٥: ١ـ ٧ـ ـ هلموا لنجثو أمام صانعنا، فإنه هو إلهنا. يداه جبلتا اليابسة.

سفر المزامير ١٤٨: ١ـ ٦ـ ـ ينبغي على جميع الأجناد السماوية أن تسبح اسم الرب، لأنه أمر فخلقت.

رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ٢٥ـ ـ بما أن قدرة الله وإلوهيته تظهران للبصائر في مخلوقاته، فلا عذر للناس إذن (آية ٢٠) عندما يتقون ويعبدون المخلوق بدلا من الخالق.

لاحظ بعناية أن هذه هي حقيقة أساسية بكل معنى الكلمة بالنسبة إلى جميع المسيحيين: لا تستحق أي خليقة العبادة. لا ينبغي أن نعبد سوى الخالق، لأنه هو وحده الذي يمتلك سلطة مطلقة.

رسالة بولس إلى أهل رومية ١١: ٣٦ـ ـ فكل شيء هو منه وبه وإليه. له المجد أبد الدهور. لماذا ينسب المجد إلى الله؟ لأن كل الأشياء هي منه ومن خلاله ـ أي، هو الخالق. وهذا في حد ذاته هو سبب كاف لتمجيده إلى الأبد!

رؤيا يوحنا ٤: ١١ـ ـ أنت أهل أيها الرب إلهنا لأن تنال المجد والإكرام والقدرة. لماذا؟ لأنه خلق كل الأشياء. بمشيئته خلقنا وبمشيئته نحيا.

رؤيا يوحنا ١٤: ٦، ٧ـ ـ تقول البشارة الأبدية أنه ينبغي على كل قبيلة ولسان وشعب أن يتقوا الله الذي خلق السماء والأرض.

لاحظ بعناية أننا لا نعبد الله ونطيعه لمجرد أن يسوع مات على الصليب ليمنحنا الحياة الأبدية. كان الجنس البشري مدينا لله بهذه العبادة قبل فترة طويلة من وقوع هذا الحدث، ولا نزال ندين لله بالعبادة لأنه هو الذي خلقنا.

ما لم يكن إله الإنجيل قد خلق الكون، فهل هناك ما يدعونا إلى عبادته؟ ألا ينبغي علينا بدلا من ذلك أن نبحث عمن خلق السموات والأرض، وأن نعبده؟

أي رأي يستخف أو يقوض عقيدة الخلق الكتابية، إنما يقوض بذلك أيضا أسباب عبادتنا لله ذاتها. وهو يقوض من إيماننا في حق الله بعبادتنا له!

[سفر نحميا ٩: ٦؛ سفر أخبار الأيام الأول ١٦: ٢٥ـ ٢٩؛ سفر المزامير ٩٦: ٢ـ ٩؛ ٣٣: ٦ـ ٩؛ ١٩: ١؛ ١٠٣: ٢٢؛ سفر الجامعة ١٢: ١؛ نبوءة أشعيا ٤٣: ٧، ٢١؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٨: ٥، ٦]


عاشرا. وباختصار، يبرهن الخلق أن الله هو الله!


نستنتج من الأدلة السابقة أن الخلق هو الدليل الذي يبين بوضوح أن إله الإنجيل هو الإله الحقيقي. هذا هو سبب اعترافنا به كإله، وهذا هو السبب في أنه من الخطأ الاعتراف بأي شيء أو شخص آخر بوصفه الله.

تصح هذه الاستنتاجات بالضرورة من كل ما سبق لنا دراسته. كما أنها تفهم ضمنا أو ترد في المقاطع التالية. 

ا. مقاطع من العهد القديم

سفر الملوك الثاني ١٩: ١٥ـ ـ صلى حزقيا أمام الرب وقال، أنت وحدك الله، أنت صنعت السموات والأرض. [نبوءة أشعيا ٣٧: ١٦]

سفر المزامير ٨٦: ٨ ـ ١٠ـ ـ وحدك أنت الله. ليس في الآلهة مثلك. جميع الأمم التي صنعتها تأتي وتسجد أمامك.

سفر المزامير ٩٥: ١ـ ٧ـ ـ الرب إله عظيم وعلى جميع الآلهة ملك عظيم. البحر هو صنعه، ويداه جبلتا اليابسة. هلموا نسجد أمام الرب صانعنا، فإنه هو إلهنا.

نبوءة أشعيا ٤٥: ١٨ـ ـ لأنه هكذا قال الرب خالق السموات، هو الله، جابل الأرض وصانعها، ومرسي قواعدها: "إني أنا الرب وليس من رب آخر".

نبوءة إرميا ١٠: ١١، ١٢ـ ـ "الآلهة" التي لم تصنع السموات والأرض، تباد من الأرض! إذا لم يكن إله الإنجيل قد صنع الكون، فهو إذن إله زائف وسوف يباد. هل هناك ما يدعو إلى طاعته باعتباره إلها؟

طالع الاستنتاج أدناه بشأن سفر أخبار الأيام الأول ١٦: ٢٥ـ ٣٥ وسفر المزامير ٩٦: ٢ـ ١٠.

يعلن العهد القديم أنه قد ثبت بوضوح أن الله هو الله، لأنه خلق السماء والأرض. ليس بوسع أي شيء أو أي شخص آخر أن يكون الله، لأنهم لم يخلقوا السماء والأرض. الخلق هو السمة المميزة للذي هو الله!

المسألة هي: من هو الإله ومن هو الذي ليس بإله؟ من المؤكد أن هذه ليست مسألة خاصة بتعاليم العهد القديم فقط، والتي يمكن أن تتغير في العهد الجديد. لقد تغيرت الأوامر بشأن كيفية خدمتنا لله، لكنها لم تتغير بشأن من هو الله أو كيفية معرفة أنه هو الله (الرسالة إلى العبرانيين ١٣: ٨). كيف يمكن ألا يشكل هذا عنصرا أساسيا بالنسبة إلى إيماننا؟

[سفر نحميا ٩: ٦؛ سفر المزامير ١٠٠: ٣؛ ٨: ٣ـ ٩؛ نبوءة أشعيا ١٧: ٧؛ ٤٠: ٢٥، ٢٦؛ ٤٢: ٥ ـ ٩؛ نبوءة إرميا ١٤: ٢٢؛ ٥١: ١٥ـ ١٩]

ب. مقاطع من العهد الجديد

كتاب أعمال الرسل ٤: ٢٤ـ ـ رفع التلاميذ أصواتهم إلى الله فقالوا: "يا سيد، أنت هو الإله الصانع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها".

كتاب أعمال الرسل ١٤: ١٥ـ ـ ينبغي على عابدي الأوثان أن يتركوا هذه الأباطيل وأن يهتدوا إلى الإله الحق، الذي صنع السماء والأرض والبحر وكل شيء فيها.

كتاب أعمال الرسل ١٧: ٢٤ـ ٢٩ـ ـ مرة أخرى، قيل لعابدي الأوثان أنه لا ينبغي لهم أن يعبدوا أصناما من الذهب أو الفضة. الإله الحقيقي الذي هو رب السماء والأرض، هو الذي خلق العالم ووهبنا الحياة. نحن من سلالته، لذلك ينبغي علينا أن نبحث عنه مع أنه غير بعيد عن كل منا.

رسالة بولس إلى أهل رومية ١: ٢٠ـ ـ لا تكشف مخلوقات الله عن قدرته فقط، بل تظهر إلوهيته أيضا. فهي تبرهن على أنه هو الله، وأولئك الذين لا يعترفون به لا عذر لهم. أولئك الذين يرفضون هذه الحقائق سوف ينحرفون عن سبيل الفضيلة أكثر فأكثر وسوف يرفضهم الله كلية (راجع الآيات ١٨ـ ٣٢).

جاء في العهد الجديد، كما في العهد القديم، أن الخلق هو البرهان عمن هو الإله الحقيقي. الإله الحقيقي هو الذي خلق السماء والأرض. لا يستطيع شيء آخر أو شخص آخر أن يكون الله لأنهم لم يخلقوا السماء والأرض.

ما لم يكن إله الإنجيل قد خلق السماء والأرض والجنس البشري، فهل هناك ما يدعونا إلى الاعتراف بأنه الله؟ ما لم يكن قد صنع الكون، فهو ليس الله! ومن شأنه أن يكون إلها زائفا، وينبغي علينا بدلا من إتباعه أن نبحث عن الإله الذي خلقنا وأن نطيعه.  

أي رأي يستخف أو يقوض عقيدة الخلق الكتابية، إنما يستخف أو يقوض بذلك من قدرتنا على الاعتراف بمن هو الله! كيف يمكن إذن ألا تكون عقيدة الخلق جزءا لا يتجزأ من البشارة؟ 

خاتمة

سفر أخبار الأيام الأول ١٦: ٢٥ـ ٣٦ (سفر المزامير ٩٦: ١ـ ١٠) ـ ـ كيف نعرف أنه ينبغي علينا أن نسبح الله، أن نهابه، أن نعبده، أن نعترف بسيادته، أن ندعوه ليخلصنا، وأنه آت ليدين الأرض؟ لماذا لا نثق بأنفسنا، أو بشيء في الطبيعة، أو ثمة صنم؟ لأن الله خلق السماء وأسس الأرض. هذا هو السبب!

قد نجادل بأن هناك معجزات أخرى تدل على قدرة الله، وتؤكد عليها. لكن كل المعجزات الأخرى ليست سوى أدلة أخرى أو أدلة إضافية تكشف عن القدرة التي أظهرها الله في الخلق. هل تكشف أية معجزة أخرى عن قدر أعظم من القدرة أو الحكمة اللتان تجلتا في الخلق؟

نبوءة إرميا ٣٢: ١٧ـ ـ آه أيها السيد الرب، ها أنك صنعت السموات والأرض بقوتك العظيمة وذراعك المبسوطة، وليس عليك أمر عسير. إذا كان الله قادرا على صنع الكون، فهو قادر على القيام بأي شيء. لا يمكن لأية معجزة أخرى أن تبرهن على عظمة قدرة الله أكثر من الخلق. 

تكشف المعجزات الأخرى ببساطة عن قدرة الله على التحكم في ما خلقه أصلا، بما في ذلك القيامة. إذ أنها ليست سوى إعطاء الحياة مرة أخرى إلى من كان يمتلكها سابقا. كيف يمكن لهذا أن يكون أكثر عظمة من خلق كل أنواع الحياة أصلا؟

إذا كانت عقيدة الخلق التي يكشف عنه الفصل الأول في سفر التكوين لا تشكل عنصرا أساسيا بالنسبة إلى إيمان المسحيين، فلماذا ينبغي علينا معارضة نظرية التطور بتوجيه من الله؟ لماذا لا نؤمن بنظرية التطور ونقبل بها، طالما أنها تعترف بوجود الله الذي يوجهها؟ لماذا ينبغي على المسيحيين أن يعارضوا مثل هذا الرأي ما لم يكن الخلق جزءا أساسيا من إيماننا؟

في الواقع، فإن عقيدة الخلق الكتابية هي جزء أساسي من البشارة، لأنها جوهرية بكل معنى الكلمة لمسألة ما إذا كان الإنجيل هو كلمة الله أم لا، وما إذا كان إله الإنجيل هو الإله الحقيقي أم لا! كيف يمكن لهذه ألا تكون عقيدة أساسية بالنسبة إلى إيماننا؟

الوعظ بأن عقيدة الخلق لا تشكل عنصرا أساسيا بالنسبة إلى المسيحيين ليس سوى إنكار للحقائق الأساسية في البشارة. تشكل مثل هذه الآراء التبشير "ببشارة أخرى" وعدم الثبات في بشارة المسيح (رسالة بولس إلى أهل غلاطية ١: ٨، ٩؛ رسالة يوحنا الثانية ٩).

حقوق الطبع محفوظة ٢٠٠٠، ديڤيد أي. ﭘرات 

يسمح للأفراد وكذلك للكنائس المحلية بتوزيع هذا المقال كنسخة مطبوعة أو كبريد الكتروني، بشرط أن يستنسخ بكامله حرفيا وبدون تغيير المحتوى أو تحريف المعنى بأي طريقة كانت، وبشرط أن يظهر اسم المؤلف وعنوان صفحتنا الالكتروني بصورة واضحة (David E. Pratte, https://gospelway.com)، وبشرط عدم فرض أجور مادية من أي نوع كان لهذه المواد. تستطيع الصفحات الالكترونية أن تتبادل الاتصال مع هذه الصفحة ولكن لا يسمح لأي منها أن تعيد إنتاج هذا المقال على صفحات الكترونية أخرى. 

اضغط هنا لدراسة الإنجيل باللغة الانجليزية

 

عد إلى الصفحة الرئيسية من أجل مقالات أخرى لدراسة الإنجيل باللغة العربية.

ترجمة ساهرة فريدريك

Please bookmark our site in your favorites.

THE GOSPEL WAY | COURSES / COMMENTARIES, etc. | BIBLE | SALVATION | CHURCH | CHRISTIAN'S LIFE | GOD | MORALITY | MANKIND | INVITATIONS | FAMILY | CREATION | AUDIO | ARTICLES | TOPICS | RELIGIONS | PUBLICATIONS | VIDEO | GOVERNMENT | EMAIL ARTICLES

Subscribe to our free Bible study email lists. E-mail us at the Gospel Way Gospelway icon

We welcome links to us from other sites :
gospelway.com - The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides

See our Frequently Asked Questions (FAQ) if you have questions about our site.

Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.

Hit-meter: 51508925