مقدمة:
يدعي الإنجيل أنه المعيار الذي يحدد الصواب والخطأ في القضايا الأخلاقية والدينية، وأن الله نفسه قد أوحى به ليخبرنا كيف يجب علينا أن نعيش. لكن هل يمكننا التأكد من أنه قد تم الحفاظ على النص الأصلي للرسالة، وأنها قد نقلت إلينا بدقة على مر القرون؟
يشك نقاد النص أحيانا في الحفاظ على الكتاب المقدس، ويزعمون أن "مئات الأخطاء" قد تسللت إلى المخطوطات القديمة على مر السنين. يشك آخرون في لائحة أسفار الكتاب المقدس، بقولهم أن بعض الأسفار قد فقدت أو أنه ينبغي إضافة أسفار أخرى. ماذا عن الأﭘوكريفا؟
هل فقدت بعض أجزاءه؟ هل أضيفت أجزاء أخرى لم يوحى بها؟
ملاحظة: لا يتسع المجال في هذه الدراسة لإبراز الأدلة على أن الإنجيل قد أوحي به من قبل الله. يمكن الإجابة على هذا السؤال لمن يودون معرفة الإجابة بصدق، لكن لابد لنا من إحالة هؤلاء الأشخاص إلى دراسات أخرى عن هذا الموضوع (طالع المواضيع في نهاية هذه الدراسة). سوف نفترض في هذه الدراسة أن الإنجيل هو من وحي الله، وسوف نتأمل هنا في الحفاظ، سلسلة النسب، والنقل عن النص الأصلي للإنجيل فقط، لنرى إذا كان قد تم الحفاظ عليه بدقة على مر القرون.
يعلم الإنجيل أن الله هو كلي القدرة وليس عليه أمر عسير (نبوءة إرميا ٣٢: ١٧، ٢٧؛ إنجيل متي ١٩: ٢٦؛ إنجيل مرقس ١٤: ٣٦؛ سفر أيوب ٤٢: ٢). لذلك فإنه إذا أختار الحفاظ على الكتب المقدسة من عبث يد الإنسان، فهو قادر على ذلك كليا. وعليه فإن السؤال هو، هل اختار الله الحفاظ على الكتاب المقدس أم لا.
تأمل المبادئ التالية:
جميع البشر قد خطئوا وبحاجة إلى المغفرة ـ ـ رسالة بولس إلى أهل رومية ٣: ٢٣؛ ٦: ٢٣؛ رسالة يوحنا الأولى ١: ٨، ١٠.
يرغب الله في أن يرتد الجميع عن الخطيئة ويخلصوا ـ ـ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٢: ٤؛ رسالة بطرس الثانية ٣: ٩؛ رسالة بولس إلى تيطس ٢: ١١، ١٢.
مات يسوع لكي يكون الخلاص في متناول كل إنسان ـ ـ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٢: ٦؛ الرسالة إلى العبرانيين ٢: ٩؛ إنجيل يوحنا ٣: ١٦؛ إنجيل متي ١١: ٢٨ـ ٣٠.
للحصول على الخلاص، يجب علينا أن نسمع، أن نؤمن، وأن نطيع البشارة ـ إنجيل يوحنا ٦: ٤٤، ٤٥؛ ٨: ٢٤، ٣٢؛ الرسالة إلى العبرانيين ٥: ٩؛ رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي ١: ٨، ٩؛ رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ١٧، ١٨؛ ١: ١٦؛ ١٠: ١٤، ١٧.
وبالتالي يرغب الله في أن تعلن البشارة إلى جميع الناس، حتى تتاح لهم فرصة الإيمان بها وإطاعتها ـ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٢: ٤؛ إنجيل متي ٢٨: ١٨ـ ٢٠؛ إنجيل مرقس ١٦: ١٥، ١٦؛ كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٨، ٢٩؛ ١٧: ٣٠، ٣١؛ إنجيل لوقا ٢٤: ٤٧؛ رسالة بولس إلى أهل كولوسي ١: ٢٨.
البشارة، التي كشفت للرسل في القرن الأول، هي بشارة كاملة، تؤهلنا لكل ما هو صالح وكل ما نحتاج إليه لنرضي الله ـ إنجيل يوحنا ١٤: ٢٦؛ ١٦: ١٣؛ رسالة بطرس الثانية ١: ٣؛ رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٣: ١٦، ١٧؛ كتاب أعمال الرسل ٢٠: ٢٠، ٢٧؛ إنجيل متي ٢٨: ١٨ـ ٢٠؛ رسالة يعقوب ١: ٢٥.
نستنتج من المقاطع السابقة أن جميع الناس بحاجة إلى البشارة، وأن الله يرغب في أن تكون البشارة في متناول الجميع، لذلك فإن البشارة قد كشفت بصورة كاملة وصحيحة وكافية في القرن الأول. وبما أن الجميع بحاجة إلى البشارة، فإن الناس في يومنا هذا بحاجة إليها أيضا. وطالما أن الله يريد أن يعرفها الجميع، فنحن على ثقة من أنه سيجعلها في متناول جميع الناس اليوم. السؤال هو إذا: كيف تأتى البشارة إلينا اليوم؟
سفر الخروج ٢٤: ٣، ٤، ٧ ـ ـ دون موسى في كتاب جميع أقوال الرب وأحكامه التي يجب على الشعب أن يطيعها.
سفر تثنية الاشتراع ٢٨: ٥٨، ٥٩؛ ٣٠: ٩، ١٠ ـ ـ كل من يحفظ أحكام هذه الشريعة المكتوبة في هذا السفر، يكون مباركا، وإلا، فسوف يعاني.
سفر تثنية الاشتراع ٣١: ٩ـ ١٣، ٢٤ـ ٢٩ ـ ـ كتب موسى الشريعة ووضعها حيث يتمكن الجميع من قراءتها في المستقبل فيتعلمون مخافة الرب ويتقيدون بجميع كلمات تلك الشريعة.
نبوءة إرميا ٣٦: ١ـ ٤ ـ ـ أمر الله إرميا أن يكتب في سفر جميع الكلمات التي أعطاها الله له ليعلم شعب إسرائيل التوبة.
رسالة بطرس الثانية ١: ٢١ ـ ـ حمل الروح القدس رجال الله الأتقياء على أن يتكلموا من قبل الله.
رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٤: ٣٧ ـ ـ ما كتبه بولس هو وصايا الرب.
إنجيل يوحنا ٢٠: ٢٩ـ ٣١ ـ ـ كتب يوحنا إنجيله لكي يكون لدى الناس سجل بمعجزات يسوع من قبل شاهد عيان، وعليه يستطيعون الإيمان بيسوع وتكون لهم الحياة باسمه، على الرغم من أنهم لم يروه شخصيا (قارن ٢١: ٢٤، ٢٥).
رسالة يوحنا الأولى ١: ١ـ ٤؛ ٢: ١ـ ١٧ ـ ـ كتب يوحنا رسالته لكي تكون لدى الناس شهادة بخصوص يسوع من قبل شاهد عيان، لتكون لهم شركة مع الله، لئلا يخطئوا، ولتعريفهم بوصايا الله التي يجب أن تطاع.
رؤيا يوحنا ١: ١، ٢، ١٠، ١١، ١٩؛ فصل ٢و ٣ ـ ـ أوعز يسوع إلى يوحنا أن يكتب رسالة من يسوع والروح القدس إلى كنائس آسية بخصوص وصية يسوع لهم (قارن ١٤: ١٣؛ ١٩: ٩؛ ٢١: ٥).
رسالة بولس إلى أهل أفسس ٣: ٣ـ ٥ ـ ـ كتب بولس ما تلقاه بالوحي من الروح لكي يتمكن الآخرون من فهم ما تلقاه.
إنجيل لوقا ١: ١ـ ٤؛ كتاب أعمال الرسل ١: ١، ٢ ـ ـ كتب لوقا لكي يستيقن القارئ من صحة ما تلقاه من تعليم بخصوص حياة يسوع و نشأة الكنيسة.
رسالة يهوذا ٣ ـ ـ كتب يهوذا بشأن الخلاص وحض الناس على الجهاد في سبيل الإيمان على الرغم من خطر المعلمين الدجالين.
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٥: ١٨ ـ ـ ما يسمى "بالكتاب المقدس" على النحو الصحيح، يتضمن اقتباسات من كتابات العهد الجديد (إنجيل لوقا ١٠: ٧) إلى جانب كتابات العهد القديم.
رسالة بطرس الثانية ٣: ١٥، ١٦ ـ ـ صنف بطرس رسائل بولس واضعا إياها في موازاة "الكتب المقدسة الأخرى". ومن ثم، يجب معاملتها بنفس الاحترام الواجب للكتب الأخرى.
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٣: ١٤ـ ١٧ ـ ـ كل الكتاب المقدس (القديم والجديد على السواء) هو من وحي الله، يفيد في التعليم والتقويم لنكون متأهبين لكل عمل صالح. مثلما أعطيت كتابات العهد القديم لإرشاد الناس إلى إتباع ما يرضي الله في أيامهم، كذلك فإن العهد الجديد هو بمثابة دليل موحى به في هذا العصر.
كما درسنا سابقا، فإن جميع البشر بحاجة إلى معرفة إرادة الله، كما أن الله يرغب في أن تتاح تلك الفرصة إلى جميع البشر. لتلبية هذه الحاجة، أوحى الله إلى الإنسان بتدوين رسالته في الكتاب المقدس.
تفيد الكلمة الملفوظة الجمهور الذي يستمع إليها مباشرة فقط، ولا يمكن تكرارها للآخرين إلا عن طريق الذاكرة (بكل ما تتصف به ذاكرة الإنسان من الضعف والقابلية للخطأ). أحد الأسباب التي دعت إلى تدوين الكتاب المقدس ككلمة مكتوبة هو أن الرسالة يمكن أن تنسخ وتعمم، لتكون في متناول أشخاص آخرين بالإضافة إلى أولئك الذين وجهت إليهم مباشرة.
قصد الله على وجه الخصوص أن تستخدم الكلمة المكتوبة في إرشاد وتعليم الأجيال القادمة من الناس، حتى بعد الجيل الذي كتبت فيه. هذا هو ما جعل من الضروري الحفاظ على الكلمة بشكل دقيق.
سفر تثنية الاشتراع ١٧: ١٨ـ ٢٠ ـ ـ كان على ملوك إسرائيل في المستقبل أن ينسخوا لهم نسخة من الشريعة لقراءتها وتطبيقها على نحو صارم دون تغيير. لكن لاحظ أن إسرائيل لم يكن لهم ملك حتى عدة أجيال بعد أن قيل هذا (آية ١٤).
سفر تثنية الاشتراع ٣١: ٩ـ ١٣، ٢٤ـ ٢٩ ـ ـ كتبت كلمات الشريعة ووضعت حيث تكون في متناول الشعب. بعد موت موسى، قرأت الشريعة على الناس كل سبع سنوات لتذكيرهم بها ولتعليم أبنائهم (الذين لم يعرفوا الشريعة)، من أجل أن تطاع من قبل الجميع.
سفر المزامير ١٠٢: ١٨ ـ ـ كتب المزمر "للجيل الآتي".
من الواضح أن الغاية من الشريعة القديمة هو أن تكون معيارا للسلطة أو نموذجا تتبعه الأجيال المقبلة. سوف نرى لاحقا، أن هذه الشريعة قد حفظت وكانت لا تزال تتبع كقانون ومرجع لمئات السنين فيما بعد، تماما كما قصد الله.
إنجيل يوحنا ٢٠: ٢٩ـ ٣١ ـ ـ كتب يوحنا لكي يتمكن أولئك الذين لم يروا يسوع أو يشهدوا معجزاته من قراءة ما دونه شاهد عيان، وبذلك يستطيعون أن يؤمنوا بيسوع وأن تكون لهم الحياة الأبدية. لكن هذا يعني أن ما دون قد كتب خصيصا لأشخاص مثلنا اليوم.
رسالة بطرس الثانية ١: ١٢ـ ١٥ـ ـ صرح بطرس بوضوح أنه قد كتب ما كتب لكي يكون لدى الناس مدونة بتعاليمه لتذكيرهم بها في المستقبل، حتى بعد موته.
رسالة بطرس الثانية ٣: ١، ٢ ـ ـ على وجه الخصوص، كتب بطرس لتذكير الناس بالوصايا التي كشف عنها رسل يسوع.
رسالة بطرس الثانية ٣: ١٥، ١٦؛ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٥: ١٨ـ ـ حتى في القرن الأول، درس الناس ما كتبه الرجال الملهمون في العهد الجديد واتخذوه شريعة لهم. على وجه الخصوص، كانت كتابات بولس ولوقا معروفة لدى الناس الذين كتب لهم أشخاص آخرون.
علاوة على ذلك، صنفت هذه الكتابات في موازاة "الكتب المقدسة" الأخرى، مما يفسر سبب تعميمها ودراستها. وقد أعترف بهذه الكتابات كبيانات موثوق بها صادرة عن إرادة الله والتي ينبغي على الناس دراستها لأجل إطاعة الله، مثل العهد القديم بالضبط (رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٣: ١٦، ١٧؛ رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٤: ١٦؛ كتاب أعمال الرسل ٢: ٣٩؛ إنجيل مرقس ١٤: ٩؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي ٥: ٢٧).
عندما أوحى الله لرجاله الملهمين بتدوين الكتب المقدسة، كانت غايته هي أن تستخدم تلك الكتابات المقدسة في تعريف البشر بإرادته في أماكن أخرى وأزمنة مقبلة. كانت هذه هي نفس غايته من العهد القديم، ومن الواضح أنه قد قصد أن يستخدم العهد الجديد في هذا الصدد، كما استخدم العهد القديم. يترتب على ذلك، وفي سبيل تحقيق هذا الغرض، أنه قد تعين الحفاظ على الكتاب المقدس بدقة من أجل الأجيال المقبلة.
اختار الله ألا يكشف عن إرادته دفعة واحدة، بل بصورة تدريجية على مدى ١٥٠٠ عام من موسى إلى نهاية القرن الأول. خلال تلك الفترة، وكما درسنا سابقا، أوحى الروح القدس إلى بعض الأشخاص بشكل مباشر، بالتبشير بإرادة الله وكتابتها على حد سواء.
لكن كانت خطة الله، بعد أن تم الكشف عن إرادته وتدوينها بالكامل، هي أن يضع نهاية للقوة الخارقة التي سلم الروح القدس الرسالة بواسطتها. عند ذلك، تصبح الكلمة المكتوبة هي الوسيلة الوحيدة الموحى بها المتوفرة لدينا للتعرف بواسطتها على رسالة الله
النبوءة، التكلم باللغات، والمعرفة الخارقة، هي ثلاثة من الهبات الروحية التي أفاضها الروح القدس لتسليم إرادة الله للإنسان (١٢: ٧ـ ١١). لكن هناك ما هو أهم أو "أكثر عظمة" من هذه المواهب (١٢: ٣١)، تلك هي المحبة (الفصل الثالث عشر). المحبة هي أعظم من المواهب الروحية لأن المحبة، الإيمان، والرجاء سوف تبقى (آية ١٣) حتى بعد أن تتوقف المواهب الروحية (آية ٨).
سوف تتوقف هذه المواهب لأنها "ناقصة" (آية ٩)، وسوف تتوقف متى ما جاء الكامل أو ذلك البالغ حد الكمال (آية ١٠). ملاحظة: هناك تباين بين "الكامل" وبين المواهب التي كانت "ناقصة". بمعنى أن المواهب كانت جزئية وأنها سوف تتوقف متى ما تمت طبيعتها الناقصة أو استعيض عنها بما هو غير جزئي.
بأي معنى كانت المواهب "جزئية"؟ التفسير الوحيد الذي يتفق مع الإنجيل هو أن المواهب، في الوقت الذي كتب فيه بولس، كانت قد أنجزت الغرض منها في الكشف عن إرادة الله جزئيا فقط. تم تسليم الوحي بواسطة هذه المواهب، ولم يكن ذلك العمل قد اكتمل بعد. لكن عندما أنجز العمل، كانت المواهب قد أنجزت بذلك مهمتها بالكامل ولم يعد هناك حاجة إليها، فتوقفت.
لابد إذا من أن "الكامل" يشير إلى الكشف الكامل عن إرادة الله، وحين تم الكشف عنه بالكامل وعلى نحو كاف، توقفت المواهب الروحية. لكن الحق بأكمله، وفقا لما ورد في الآيات المذكورة سابقا، قد كشف عنه للرسل في القرن الأول، وتم تدوينه في الإنجيل.
اكتمل تدوين إرادة الله بأكملها ("شريعة الحرية الكاملة" ـ رسالة يعقوب ١: ٢٥) قبل نهاية القرن الأول، وعندما حدث ذلك، توقفت جميع وسائل الوحي الأخرى من الروح القدس، وأصبحت الكلمة المكتوبة أو الكتاب المقدس هو الوسيلة الوحيدة الموحى بها لتعريف الإنسان بإرادة الله.
يوصينا يهوذا بالجهاد في سبيل "الإيمان الذي سلم للقديسين مرة وإلى الأبد" (طبعة الملك جيمس الجديدة، الطبعة الأمريكية المعتمدة، إلى آخره؛ تورد طبعة الملك جيمس "مرة"). تشير عبارة "مرة وإلى الأبد" إلى "ما تم إنجازه بشكل يجعل صلاحيته ثابتة دون الحاجة إلى تكرار" (ثاير).
استخدمت نفس الكلمة للإشارة إلى موت يسوع، والذي حدث مرة واحدة فقط، على العكس من التضحية بالحيوانات في العهد القديم والتي تطلب تكرارها باستمرار (الرسالة إلى العبرانيين ٩: ٢٦، ٢٨؛ ١٠: ١٠؛ ٧: ٢٦، ٢٧؛ رسالة بطرس الأولى ٣: ١٨). بلغت تضحية يسوع بنفسه حد الكمال بحيث أنه لم تكن هناك حاجة إلى تكرارها ـ "مرة وإلى الأبد".
بالمثل، سلمت البشارة إلى شعب الله "مرة" واحدة فقط. وعندما سلمت بالكامل، لم تكن هناك حاجة إلى تكرارها. إذا لم تكن هناك حاجة إلى تكرار تضحية يسوع بنفسه فليست هناك حاجة إلى تكرار تسليم البشارة عن طريق الوحي إلى الإنسان مرة أخرى.
إذا كان الله قد قصد أن تعلن البشارة إلى جميع الناس، على ألا تسلم إلى الإنسان مرة أخرى، يترتب على ذلك بالضرورة أن يكون قد قصد الحفاظ على تلك الرسالة المكتوبة التي سلمها هو أصلا، لكي تكون في متناول الناس في جميع العصور.
كان الرسل معنيون متى ما تلقى أي شخص القدرة على تسليم رسالة البشارة بتوجيه مباشر من الروح القدس. تلقى الرسل أنفسهم تلك القدرة في يوم الخمسين ـ العنصرة (كتاب أعمال الرسل ١: ٢ـ ٨؛ ٢: ١ـ ١١)، بينما تلقى آخرون تلك القدرة عندما وضع الرسل أيديهم عليهم شخصيا (كتاب أعمال الرسل ٨: ١٤ـ ٢١؛ ١٩: ١ـ ٧). تلقى أهل بيت قرنيليوس القدرة على التكلم بالألسن بينما كان بطرس يكلمهم، لكي يعلم اليهود أن الوثنيين أيضا يمكنهم تلقي البشارة (كتاب أعمال الرسل ١٠: ١ـ ١١: ١٨). لكن في كل حالة، من دون استثناء، كان الرسل معنيين عند تلقى أي شخص لهذه القدرة. [قارن إنجيل يوحنا ١٤: ٢٦؛ ١٦: ١٣.]
لكن لكي يكون المرء رسولا، لابد من أن يكون شاهد عيان ليسوع بعد قيامته (كتاب أعمال الرسل ١: ٢١، ٢٢؛ ٢٦: ١٦؛ رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ٩: ١؛ ١٥: ١ـ ٨؛ إنجيل يوحنا ١٥: ٢٧). كان لابد للمرء أيضا من امتلاك قدرات خارقة لتأكيد دعوته الرسولية (رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ١٢: ١٢). لكن ليس هناك اليوم من يستطيع أن يكون شاهد عيان للمسيح القائم من الموت، وليس هناك من يمكنه الإتيان بمعجزات كتلك التي قام بها الرسل.
لذلك، لا يوجد رسل اليوم، كما لا يوجد اليوم من ألقى الرسل بأيديهم عليه. لهذا لا يوجد هناك وسيلة يستطيع الناس بواسطتها تلقي قدرات روحية خارقة بتوجيه مباشر من الروح القدس.
(من أجل معلومات إضافية، طالع الحلقات في نهاية هذه الدراسة)
تقودنا جميع هذه الحقائق إلى الخلاصة الضرورية بأن مصدر الإلهام الوحيد الذي يمكن للبشر اليوم تلقي إرادة الله من خلاله هو الإنجيل. لكن الناس لا يزالون بحاجة إلى الحقيقة، ولا زال الله يريد لهم أن يعرفوا الحقيقة، يترتب على هذا بالضرورة، أن الله قد حافظ على الكاتب المقدس بدقة إلى يومنا هذا حتى يتمكن الناس من معرفة الحق.
من خلال دراستنا لغاية الله من الكتاب المقدس، توصلنا إلى أن الله لابد وأن يكون قد قصد أن يحافظ على كلمته المكتوبة ككشف صحيح عن إرادته للأجيال القادمة. تأمل الآن في بعض مقاطع الكتاب المقدس التي تذكر بشكل مباشر أن هذه كانت نيته بالفعل.
سفر المزامير ١١٩: ١٦٠، ١٥٢ـ ـ كل حكم من أحكام الله سوف يبقى إلى الأبد.
نبوءة أشعيا ٤٠: ٨ ـ ـ ليست كلمة الله كالزهر الذي يتفتح ثم يذوي. كلمة الله سوف تبقى إلى الأبد.
نبوءة أشعيا ٣٠: ٨ ـ ـ كتبت كلمات الله في سفر ليكون لليوم الأخير دائما وإلى الأبد.
إنجيل يوحنا ١٢: ٤٨ـ ـ سوف تديننا كلمة يسوع في اليوم الأخير، وعليه فمن الضروري أن تبقى إلى يوم الدينونة، وأن تكون في متناول كل إنسان، لكي نتمكن من معرفة ما يجب علينا عمله لإعداد أنفسنا للدينونة. غير أن الكتاب المقدس هو المصدر الوحيد الموحي به اليوم لكلمات يسوع. لهذا السبب، يتطلب عدل الله ورغبته في خلاص البشر أن يحافظ على الكتاب المقدس إلى يوم الدينونة.
رسالة يوحنا الثانية ٢ـ ـ الحق سيكون معنا إلى الأبد.
رسالة بطرس الثانية ١: ١٥ـ ـ كتب بطرس لكي يستطيع الناس تذكر تعاليمه بعد موته "دائما" (طبعة الملك جيمس، طبعة الملك جيمس الجديدة) أو "في كل مرة" ( الطبعة الأمريكية المعتمدة).
رسالة بطرس الأولى ١: ٢٢ـ ٢٥ ـ ـ يجب أن نطيع الحق لكي نتطهر من الخطيئة ونولد من جديد. ذلك الحق سوف يحيا، يثبت، ويبقى إلى الأبد. فهو ليس كالزرع الذي ينبت ثم يذوي. هذا هو بالضبط ما قاله أشعيا في ٤٠: ٨، لكنه ينطبق هنا على البشارة. إن الله سوف يحفظ العهد الجديد تماما كما حفظ العهد القديم.
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٣: ١٦، ١٧ ـ ـ قد رأينا أن العهد الجديد يحتوي على "كتب مقدسة" تماما مثل العهد القديم (رسالة بطرس الثانية ٣: ١٥، ١٦؛ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ٥: ١٨). كما حافظ الله على كتب العهد القديم لإرشاد الناس إلى معرفة إرادته، فلابد كذلك من أن يحافظ على كتب العهد الجديد بالمثل، إذا كانت سوف تهيئ الناس "لكل عمل صالح".
إذا كنا نؤمن أن الله هو كائن سامي كلي القدرة، وأنه يحافظ على وعوده دائما، فلابد من أن نؤمن بأنه قد حفظ إرادته للإنسان بدقة في الكتاب المقدس. من الواضح أن هذا هو ما اعتزم أن يفعله، وأن إنكار ذلك إنما هو إنكار لقدرة الله أو لصدقه في إنجاز وعوده.
لم يعد الله بحفظ كلمته للأجيال القادمة فقط، لكنه أعطى توضيحا مقنعا يثبت بأنه قد حافظ وسوف يحافظ على وعوده. هذا التوضيح هو العهد القديم.
في كلا العهدين القديم والجديد، سبق واستشهدنا بمقاطع تظهر أن الروح القدس قد أعطى رجال الله الكلمات التي ينبغي لهم أن يكتبوها بالضبط.
يشك بعض النقاد في دقة العهد الجديد، لأنه كتب من قبل عدة أشخاص في أماكن مختلفة. جمعت الكتابات بصورة تدريجية وحددت كقانون كنسي، ثم ترجمت إلى لغات أخرى. يقول البعض أنهم ليسوا على ثقة من أن كل ذلك قد تم بدقة، طالما أن بعض المشاركين في هذا العمل كانوا رجالا عاديين.
لكن كل ما يقال عن العهد الجديد يمكن قوله عن القديم. كتب كلا العهدين تدريجيا، جمعا، نسخا، ثم طورت لائحة بالأسفار المعترف بها. ترجم كلاهما لكي تتمكن شعوب أخرى من الاطلاع عليهما. على سبيل المثال، التوراة السبعينية هي ترجمة العهد القديم من العبرية إلى اليونانية، والتي تمت قبل عهد يسوع بعدة قرون.
فإذا ثبت في النهاية أن العهد القديم قد تم الحفاظ عليه بدقة بإتباع الطرق المشار إليها، فمن ذا الذي يستطيع أن يشك في أن العهد الجديد قد تم الحفاظ عليه بدقة طالما أن نفس الطرق قد اتبعت بشأنه.
سبق واستشهدنا بمقاطع تبين أن الله قد قصد أن يعمل الناس وفق الوحي المكتوب، أن يدرسوه، أن يطيعوه، وأن يمرروه للأجيال القادمة. هذا هو نفس السبب الذي دعا الناس إلى نسخ، تعميم، وترجمة الكتاب المقدس لكي يكون في متناول جميع من يحتاجون إليه.
يقول البعض أنه لا يمكننا أن نكون على يقين من أن لدينا نسخة دقيقة من العهد الجديد اليوم، بسبب أنه قد مر وقت طويل على الزمن الذي عاش فيه الرجال الملهمون لتأكيد صحته. بينما يدعي آخرون أن أجزاء من العهد الجديد قد حرفت أو فقدت خلال العصور التي أهمل الناس فيها الإنجيل عموما أو انتشر بينهم الارتداد عن الدين على نطاق واسع.
لكن العهد القديم قد مر هو الآخر خلال أجيال أهمله فيها شعب الله وارتدوا عن العقيدة بالجملة. مرت عدة أجيال لم يعش فيها أي نبي ولم يكتب فيها أي كتب مقدسة جديدة. على وجه التحديد، هناك أكثر من ٤٠٠ عام بين الوقت الذي كتب فيه آخر كتاب من العهد القديم وميلاد يسوع.
إذا أمكننا إثبات أن العهد القديم قد حفظ بدقة على الرغم من هذه المشاكل، فمن يستطيع أن يشك في أن نفس الشيء يصدق عن العهد الجديد؟
سبق واستشهدنا بمقاطع لوعد الله بحفظ العهدين القديم والجديد إلى الأبد. ما وعد الله به أحد العهدين، وعد به الآخر أيضا. يعني هذا، أن العهد الجديد هو "كتاب مقدس" بكل معنى الكلمة مثل العهد القديم بالضبط.
إذا استطعنا الآن أن نبين بوضوح بأن الله قد أبقى في الواقع على وعوده وحافظ على العهد القديم بدقة خلال قرون عديدة، فلابد من أن نستنتج دون أدنى شك، بأنه قد أبقى وسوف يبقي بالمثل على وعوده بالحفاظ على الكتاب المقدس بأكمله، بما فيه العهد الجديد. دعونا إذا نتأمل الأدلة على محافظة الله على العهد القديم.
بدأت كتابات العهد القديم حوالي ١٤٠٠ عام قبل الميلاد. (جميع التواريخ في هذا الجزء هي تقريبية). يمكننا تتبع تاريخ هذه الكتب المقدسة خلال الفترة المتبقية من العهد القديم إلى زمن المسيح ورسله، ونستطيع أن نرى ما إذا كان قد تم الحفاظ عليها بدقة أم لا، وما إذا كان من المنتظر أن يستمر الناس في اتخاذها كمرجع موحى به أم لا.
سفر يشوع ١: ٧، ٨ ــــ بعد أن كتب موسى بحوالي ٤٠ سنة، أمر الله يشوع أن يتأمل ليلا ونهارا في كلمات موسى، وأن يحرص على العمل بها وطاعتها دون أن يحيد عنها يمنة أ يسرى. تم حفظ الكتابات بدقة، وتوجب دراستها وطاعتها كمعيار جدير بالاعتماد.
سفر يشوع ٢٣: ٢، ٦ ـــــ مات يشوع بعد حوالي ٦٠ سنة من الوقت الذي كتب فيه موسى. لكنه قبل موته مباشرة، أوصى شعب إسرائيل بحفظ جميع ما كتبه موسى حرفيا. كانت الكتب قد حفظت تماما حتى ذلك الوقت وتوجب دراستها وطاعتها باعتبارها شريعة الرب.
سفر الملوك الأول ٢: ٣ (حوالي ٩٦٠ قبل الميلاد) ـــــ بعدما كتب موسى بحوالي ٤٠٠ عام، أمر الملك داود ابنه سليمان بأن يحفظ وصايا الله كما كتبت في شريعة موسى. كانت الكتب لا تزال صحيحة وموثوق بها.
سفر أخبار الأيام الثاني ٣٤: ١٤ـ ١٩، ٢٩ـ ٣١ (حوالي ٦٠٥ عام قبل الميلاد) ـــــ بعد موسى بحوالي ٨٠٠ عام، وجد يوشيا كتاب شريعة موسى. فقام بإصلاح العبادة والخدمة للرب بإقامة جميع الوصايا التي وجدها مكتوبة هناك.
لاحظ أن الكتب كانت لا تزال صحيحة وموثوق بها، على الرغم من أنها قد حفظت لمدة قرون، وعلى الرغم من أن شعب الله قد أهملها وارتد عنها لسنوات. مع ذلك فكل ما كان مطلوبا لتجديد الخدمة المخلصة لله هو مجرد ممارسة ما ورد في الكتاب. [قارن الفصل ٣٥؛ سفر الملوك الثاني ٢٢، ٢٣.]
سفر نحميا ٨: ١ـ ٣، ٨ (حوالي ٤٥٠ قبل الميلاد) ـــــ ربما نحو ٩٠٠ عام أو أكثر بعد موسى، أعاد شعب إسرائيل تأسيس الخدمة لله في فلسطين. حدث ذلك في أعقاب ردة عظيمة أدت إلى الأسر بأيدي البابليين. مع ذلك فإن الكتب كانت لا تزال محفوظة بدقة بحيث يمكن فهمها وطاعتها كمرجع للسلطة [قارن آية ١٣ـ ١٨، ٩: ٣].
من الواضح أن الله قد أبقى على وعده بالحفاظ على الكلمة المكتوبة. بالإضافة إلى هذا، كان لا يزال يتوقع من الناس دراستها وتكريمها ككشف موحى به وكنموذج ينبغي عليهم إتباعه في حياتهم.
نأتي الآن إلى فترة حياة يسوع وتلاميذه، كان هذا بعد حوالي ١٤٠٠عام من الوقت الذي بدأ فيه موسى بالكتابة، وبعد أكثر من ٤٠٠ عام من الوقت الذي دون فيه آخر كتاب من العهد القديم. كان هؤلاء الرجال منقادين هم أنفسهم بإلهام من الروح القدس. من الواضح أنهم قد وبخوا اليهود في أيامهم بخصوص أية ذنوب اقترفوها، ومما لا شك فيه أنهم كانوا سيشيرون إلى أية مشاكل في كتب اليهود المقدسة، إذا وجدت مثل هذه المشاكل.
ماذا نجد؟ هل قالوا أن بعض الأجزاء الهامة من كتب العهد القديم قد فقدت أو أن أجزاء أخرى غير موحى بها قد أضيفت؟ هل قالوا أنه لم يعد بالإمكان الوثوق بالكتب بعد الآن ككشف صحيح عن إرادة الله؟
إنجيل لوقا ٤: ١٦ـ ٢١ـ ـ قرأ يسوع في المجمع في الناصرة من سفر النبي أشعيا، وقال أن تلك الآية قد تحققت في يسوع نفسه.
كتاب أعمال الرسل ٨: ٢٨ـ ٣٥ ـ ـ كان صاحب الخزانة الأثيوبي يقرأ في سفر أشعيا. أغتنم فيليبس تلك الفرصة وأخذ يحدثه عن يسوع.
كتاب أعمال الرسل ١٥: ٢١ـ ـ لأجيال عديدة، كان لكل مدينة نسخة من الكتاب المقدس (كتب موسى)، وكانت تقرأ في المجمع كل سبت. كانت الرسالة لا تزال محفوظة، وكانت قد نسخت وتداولها الشعب، وكانت تدرس ويستشهد بها كمرجع. هل أقر يسوع ورسله أساليب التعامل مع الكتب المقدسة؟
إنجيل متي ٤: ٤، ٧، ١٠ ـ ـ اقتبس يسوع عن كتب العهد القديم لقهر إغراءات الشيطان.
إنجيل متي ١٥: ١ـ ٩ ـ ـ استشهد يسوع بالعهد القديم باعتباره وصية من الله، ووبخ أولئك الذين لا يطيعونه.
إنجيل متي ٢٢: ٢٩ـ ٣٣ ـ ـ أنب يسوع الشعب لأنهم لا يعرفون الكتب. ثم اقتبس عن موسى قائلا، إن الله قال هذا "لكم" (للشعب في أيام يسوع). مع أن هذا المقطع ربما كان قد كتب قبل ١٤٠٠عام. كان يسوع لا يزال يتوقع من الشعب في أيامه أن يفهموا الكتب ويجلونها كرسالة لهم من الله.
رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس ١٠: ١١؛ ١٥: ٤ـ ـ قال بولس أن كتب العهد القديم قد كتبت لتعليم وتنبيه الناس في أيامه، مع أنهم عاشوا بعد عدة قرون من كتابتها.
كتاب أعمال الرسل ١٧: ١١ـ ـ كان يهود بيرية ذوو طباع نبيلة، لأنهم كانوا راغبين في فحص الكتب ليتأكدوا من صحة التعاليم.
من الواضح أن يسوع ورسله قد توقعوا من الشعب اتخاذ الكتب المقدسة كشريعة يجب دراستها وإجلالها كوحي من الله، على الرغم من كونها في الوجود منذ ما يقارب ١٤٠٠عام. مما يعني بالضرورة أن الكتب قد حفظت بدقة. هذا هو بالضبط ما نقوله بصدد نظرتنا إلى الكتب المقدسة واستخدامنا لها اليوم.
إنجيل لوقا ٢٤: ٢٧، ٤٤ـ ٤٦ ـ ـ أعلن يسوع أنه قد أتم موسى، والمزامير، وسائر الأنبياء. يحتكم يسوع هنا إلى العهد القديم بأكمله ككتاب موثوق به.
كتاب أعمال الرسل ١٧: ٢، ٣ ـ ـ برهن بولس على أن يسوع هو المسيح بمناقشة الشعب مستندا إلى حجج من الكتاب المقدس.
إنجيل يوحنا ٥: ٣٩، ٤٥ـ ٤٧ـ ـ قال يسوع أن موسى والكتاب يشهدان له.
(لاحظ أن يسوع ورسله قد علموا أن البشارة سوف تحل محل العهد القديم كوصية الله لشعبه، لأن الشريعة القديمة كانت قد حققت الغرض منها، ولأن الله كان قد قصد منذ البدء أن يستبدلها ـ الرسالة إلى العبرانيين ٨: ٦ـ ١٣؛ ١٠: ١ـ ١٠؛ رسالة بولس إلى أهل رومية ٧: ٢ـ ٧؛ رسالة بولس إلى أهل كولوسي ٢: ١٤، ١٦؛ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٣: ٢٣، ٢٤؛ إلى آخره. لم يحدث أبدا أنهم لمحوا إلى أن الشريعة يجب أن تستبدل بسبب أن السجل المدون قد فقد أو حرف محتواه).
إنجيل متي ٢٢: ٣١، ٣٢ ــــــ بعد أن أنب الرجال لجهلهم في الكتب المقدسة، أثبت يسوع حقيقة القيامة لأن الله قال، "أنا إله إبراهيم ..." [قارن رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٣: ١٦.]
أسس يسوع برهانه بالاقتباس عن موسى ـــــ الجزء الأقدم من الكتاب المقدس، وقد اعتمد بهذا على صحة الكلمة المكتوبة من حيث صيغة الفعل الدالة على زمانه، فلو كان هناك أدنى احتمال بأن الكلمة المكتوبة قد حرفت، لكان هذا الاقتباس عديم المعنى.
من الواضح أن الرجال الملهمين قد نظروا إلى الكتاب المقدس كوحي صادق من الله، وتوقعوا من بقية الشعب في يومهم أن يحذو حذوهم. لكن تذكر أن هؤلاء الرجال قد وبخوا اليهود في أيامهم في كل نقطة أخطئوا فيها. فلو كانت هناك أية أخطاء في كتب اليهود، لأشار إليها هؤلاء الرجال، لكنهم بدلا من ذلك، اقتبسوا عنها وأجلوها كشريعة من الله.
لكن العهد الجديد كان قد كتب، نسخ، عمم، جمع، ترجم، وحفظ بنفس الطريقة التي حفظ بها العهد القديم بالضبط. وصف الله العهد الجديد ﺑ "الكتب"، تماما كما وصف العهد القديم، وقد صرح بوضوح أن العهد الجديد ينبغي أن يستخدم كبينة مكتوبة عن إرادته للإنسان، تماما كما كان العهد القديم. وقد وعد بالحفاظ على العهد الجديد، تماما كما كان قد وعد بالحفاظ على العهد القديم.
إذا كان الله قد حافظ على العهد القديم بدقة مدة قرون عديدة حتى زمن يسوع لكي يفي بوعوده، فمن ذا الذي يستطيع أن يشك في أنه قد حافظ على الإنجيل بأكمله خلال العصور وحتى يومنا هذا؟ يجب على جميع الذين يؤمنون بقدرة الله أن يقبلوا الإنجيل اليوم ككلمة الله ويجب عليهم استخدامه بمثابة المعيار المطلق والمعصوم من الخطأ لمعرفة إرادة الله لحياتنا.
نحن نقبل بإنجيلنا المعاصر كتدوين دقيق لكلمة الله بسبب إيماننا بقدرة الله ووعوده بالحفاظ على كلمته. على أن الوفاء بهذه الوعود بشأن العهد الجديد، كان لابد من أن يحصل بعد اكتمال العهد الجديد. نستطيع أن ندرك مقدار الدقة التي أنجز بها الله وعده في حفاظه على كلمته بفحص مخطوطات قديمة من الكتاب المقدس.
لا نملك اليوم أي من "المخطوطات الأصلية" ــــ المخطوطات الأصلية للإنجيل المكتوبة بخط يد المؤلفين. لكن كما ذكرنا آنفا، فقد نسخت، نقلت، عممت، وترجمت كلمة الله بعناية كبيرة عبر السنين. نتيجة لذلك، لدينا اليوم مجلدات من الأدلة لإثبات ما كان عليه النص الأصلي.
بعض هذه المخطوطات هي كاملة، والبعض الآخر ليس سوى أجزاء أو شظايا. يرجع تاريخ بعض منها إلى بضعة قرون من زمن كتبة العهد الجديد، بينما يرجع تاريخ قليل منها إلى بضعة عقود من أيامهم.
في الواقع، يمكن استخراج نسخة كاملة من العهد الجديد ما خلا بضعة آيات، من هذه الاقتباسات في الكتابات العادية فقط.
لدينا أدلة دامغة على محتوى الإنجيل بالمقارنة مع غيره من كتابات المؤلفين القدماء. في ما يتعلق بالكتابات الأخرى، قد تتألف "الأدلة المقنعة" من بضعة مخطوطات تعود تواريخها إلى ما يقل عن ١٠٠٠ عام من الزمن الذي عاش فيه هؤلاء الكتاب. أما بالنسبة إلى الإنجيل، فإن لدينا ألآلاف من المخطوطات التي يعود تاريخها إلى أقل من ١٠٠٠ عام من الزمن الذي عاش فيه يسوع، وكثير من المخطوطات المؤرخة خلال بضعة قرون فقط من ذلك الزمن.
نسخت هذه المخطوطات من قبل "الكتبة" في عهد يسوع الذين عرفوا بدقة العمل إلى درجة التعصب، حيث فحصوا عملهم بإحصاء عدد الحروف والكلمات في كل سطر، وفي الصفحة الواحدة، إلى آخره. كما عرف عنهم عدم التساهل فيما يتعلق بالأخطاء. تذكر أن يسوع كثيرا ما اختلف مع هؤلاء الأشخاص حول تفسيرهم للكتاب المقدس، لكنه لم ينتقد على الإطلاق دقة نسخهم للكتاب المقدس.
لكن ما هي "الآلاف من الأخطاء" التي يزعم النقاد بوجودها في النص؟ هذه فوارق أو اختلافات يمكن العثور عليها عند مقارنة مخطوطات قديمة مع بعضها البعض. مع كل هذا العدد من النسخ المكتوبة بخط اليد، فمن الطبيعي أن نتوقع تسلل بعض الاختلافات إلى النص، على الرغم من أفضل جهود الناسخين له.
لكن السبب الرئيسي لوجود هذا العدد الكبير من الاختلافات هو أن لدينا الكثير من المخطوطات للمقارنة بينها. على سبيل المثال، إذا تهجأت ٢٠٠٠مخطوطة كلمة ما بطريقة معينة، وتهجأت ٢٠٠٠ مخطوطة أخرى نفس الكلمة بفارق بسيط، أحصيت تلك على أنها "الآلاف من الاختلافات".
وبالتالي فإن حجم الأدلة التي لدينا هو الذي يؤدي إلى هذا العدد الكبير من الاختلافات. ينبغي أن يؤخذ هذا كدليل مساند على الحفاظ على الإنجيل، بدلا من اتخاذه كدليل ضده. هل يكون النقاد أكثر اقتناعا لو كان لدينا عدد أقل بكثير من المخطوطات وبالتالي عدد أقل بكثير من الاختلافات؟
ما هي طبيعة هذه القراءات المختلفة للنص؟
يفسر هذا نصف عدد القراءات المختلفة! هذه فوارق كتلك التي بين "إلياس" و "إيليا" في الترجمات الإنجليزية. لا يمكن للطالب المجد أن يسيء فهم كلمة الله بسبب اختلافات كهذه.
من هذه الأمثلة "الرب يسوع المسيح" مقارنة ﺑ "يسوع المسيح الرب". لا يمكن تضليل أي قارئ في مثل هذه الحالات. وبناء على بنية القواعد في اللغة، فإن مثل هذا الاختلاف في ترتيب الكلمات هو أقل أهمية بكثير في اللغة العبرية أو اليونانية مما هو عليه في اللغة الإنجليزية.
من الأمثلة على هذا "الله أباكم" مقارنة ﺑ "الله ألآب" أو ببساطة "ألآب".
قد تبدو هذه كمشاكل حقيقية، لكن في الواقع، لا تؤثر أي من هذه الاختلافات على فهمنا لكلمة الله، لأن بإمكاننا العثور على التعليم في النص المشكوك فيه، مبينا بوضوح في نصوص ومقاطع أخرى لا جدال في صحتها، ويمكننا في كثير من الأحيان أن نجد العبارة المشكوك فيها (قد تكون إحدى العبارات في إنجيل متي على سبيل المثال) مذكورة حرفيا في إنجيل مواز لا يرقى إليه الشك (ربما مثلا، إنجيل مرقس).
في حالات أخرى، قد لا يتواجد التعليم في مكان آخر حرفيا، لكننا نستطيع دون أدنى شك أن نجد المفهوم في مكان آخر. لقد صرح الأشخاص الذين درسوا العهد الجديد أن هذه المشاكل تؤلف ١/ ١٠٠٠ من نص العهد الجديد، وأنها لو جمعت كلها سوية، لما بلغت أكثر من نصف صفحة، كما أن أي منها لا يؤثر على المحتوى الكلي لتعاليم كلمة الله!
قال السير فريدريك كنيون، الذي شغل منصب المدير والمسئول الأول في مكتبة المتحف البريطاني مدة ٢١ عاما (يضم المتحف البريطاني العديد من المخطوطات القديمة الهامة من الإنجيل): "يستطيع المسيحي أن يأخذ الإنجيل كله بيده، وأن يقول دون خوف أو تردد أنه يمسك بكلمة الله الحقيقية التي سلمت إلينا دون خسارة تذكر من جيل إلى آخر عبر القرون". يمكن اقتباس عبارات مماثلة عن أشخاص آخرين غيره.
(جمعت المواد في هذا القسم في الدرجة الأولى من:
How We Got the Bible, by Neil Lightfoot; The Theme of the Bible, by Ferrell Jenkins; and A Book about the Book, by John Jarrett)
تشير الأپوكريفا إلى سبعة من كتب العهد القديم بالإضافة إلى أجزاء من كتب أخرى، والتي تقبل بها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ككتب موحى بها، بينما يرفضها غير الكاثوليك باعتبارها غير موحى بها. تأمل هذه الملاحظات المتعلقة بوحي الأپوكريفا.
يتعلق الخلاف بكتب العهد القديم فقط. لكن وصايا الله ليومنا هذا هي في العهد الجديد، وليس القديم. وبالتالي فإن تعاليم الأپوكريفا هي قليلة الأهمية. من المؤكد أن بإمكان الإنسان أن يتعلم الحق حول كيفية حصوله على الخلاص بدراسة الإنجيل الكاثوليكي، شريطة أن يطيع النص الوارد في العهد الجديد، وليس القديم (وبالتأكيد، بدون الحواشي غير الموحى بها التي أضافتها الكنيسة الكاثوليكية).
هذه حقيقة لا جدال فيها أيضا. على سبيل المثال، تعترف الأناجيل الكاثوليكية بصراحة في مقدمة سفر المكابيين الأول وهو أحد كتب الأﭘوكريفا، بما يلي: "لا يعتبر اليهود والپروتستانت هذه الكتب ضمن الكتب المقدسة..." (مقتبس من طبعة القديس يوسف الكاثوليكية الجديدة).
لكن تذكر أن يسوع ورسله استخدموا العهد القديم كما قبله يهود فلسطين، فقد علموا اليهود من الكتب اليهودية المقدسة وصححوا اليهود في كل نقطة أخطئوا فيها، لكنهم لم يختلفوا معهم أبدا حول الكتب التي قبلوا بها في الكتاب المقدس. من الواضح أن يسوع ورسله يتفقون مع اليهود حول الأسفار المعترف بها في العهد القديم. لم تكن الأپوكريفا من ضمن تلك الأسفار.
اقتبس يسوع ورسله مرارا عن كتب العهد القديم، لكنهم لم يقتبسوا عن، أو يحتكموا إلى سلطة أي من كتب الأپوكريفا.
بينما تزعم الكنيسة الكاثوليكية أن هذه الكتب هي من ضمن الأسفار المعترف بها في قانون الكنيسة بحسب المعجم الكاثوليكي بقلم آديس وآرنولد (صفحة ١٠٧ـ ١١٠)، فإنها تعترف في نفس الوقت بالحقائق التالية: (١) أن تقليد يهود فلسطين في زمن يسوع لم يقبل بالأﭘوكريفا (تذكر، أن يسوع كان يهوديا فلسطينيا عاش حياته وعلم بين يهود فلسطين). (٢) أن "آباء" الكنيسة كان لهم وجهات نظر مختلفة حول هذه المسألة، وأن مؤتمرا كاثوليكيا واحدا على الأقل قد رفض الاعتراف بهذه الكتب كقانون كنسي. (٣) وأخيرا أعلن مؤتمر ترنت أنه يجب القبول بهذه الكتب "كقانون كنسي مقدس" تحت عقوبة الحرم.
توجد أدلة أكثر بكثير، لكن هذا يكفي لإثبات أنه لا ينبغي النظر إلى الأپوكريفا على أنها كتب مقدسة حقيقية. ومرة أخرى لا يوجد أي جدال حول الكتب التي ينبغي أن تدرج في العهد الجديد، والتي يجب أن نطيعها لنخلص.
تم الحفاظ على كلمة الله لنا اليوم بشكل كامل وموثوق به. يجب أن نؤسس إيماننا فيما يتعلق بالحفاظ على الإنجيل على وعد الله بأنه سوف يحافظ على كلمته، وقد أثبت على مر التاريخ بأنه قد أبقى على وعوده وسوف يواصل القيام بذلك.
ينبغي أن نحتكم إلى الكتب المقدسة بوصفها المصدر الوحيد المعصوم من الخطأ لإرادة الله، ويتوجب علينا أن نواظب على دراستها باجتهاد، وأن نطيع وصاياها، وأن نعلم الآخرين ليحذوا حذونا. إذا لم يكن هذا هو موقفك تجاه الإنجيل، فنحن نحثك على أن تبدأ الآن بدراسته وطاعته.
حقوق الطبع محفوظة ١٩٩٨، ٢٠٠٠ ديڤيد پرات
يسمح للأفراد وكذلك للكنائس المحلية بتوزيع هذا المقال كنسخة مطبوعة أو كبريد الكتروني، بشرط أن يستنسخ بكامله حرفيا وبدون تغيير المحتوى أو تحريف المعنى بأي طريقة كانت، وبشرط أن يظهر اسم المؤلف وعنوان صفحتنا الالكتروني بصورة واضحة (David E. Pratte, https://gospelway.com)، وبشرط عدم فرض أجور مادية من أي نوع كان لهذه المواد. تستطيع الصفحات الالكترونية أن تتبادل الاتصال مع هذه الصفحة ولكن لا يسمح لأي منها أن تعيد إنتاج هذا المقال على صفحات الكترونية أخرى.
اضغط هنا لدراسة الإنجيل باللغة الانجليزية
عد إلى الصفحة الرئيسية من أجل مقالات أخرى لدراسة الإنجيل باللغة العربية.
ترجمة ساهرة فريدريك
Please bookmark our site in your favorites.
We welcome links to us from other sites :
gospelway.com
- The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides
Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.