ملاحظة: هذا المقال هو جزء من سلسلة من الدراسات حول المعجزات، التكلم باللغات، معمودية الروح القدس، الشفاء الأعجوبي، والمواهب الروحية.
مقدمة:
سبق وتعلمنا أن الغرض من المواهب الروحية هو تأييد الأعمال التي رافقت الكشف عن مشيئة الله للإنسان، وأن هذا العمل قد أنجز خلال فترة حياة الرسل الأصليين.
هدفنا الآن هو النظر في ما إذا كان من المقرر لهذه المواهب، حين تم أنجاز هذا العمل، أن تستمر أم أن الله قد أبطلها؟
يؤمن بعض الناس أن المعجزات والوحي المباشر لا يزالان يحدثان اليوم. هل هذا صحيح، أم أن المواهب قد توقفت؟
سبق لنا أن درسنا خصائص الوحي الحقيقي والمعجزات الحقيقية. تأمل تطبيق ذلك على وجود المعجزات اليوم، إن وجدت البتة.
يحذر الكتاب المقدس من الأنبياء الكذابين:
متي ٧:١٥؛ كورينثوس الثانية ١١:١٣ـ ١٥؛ بطرس الثانية ٢:١؛ يوحنا الأولى ٤:١؛ وغيرها.
اتسقت تعاليم الرجال الملهمين مع الكتاب المقدس دائما، وجاءت تنبؤاتهم بالمستقبل صحيحة دائما.
أمكن تمييز الأنبياء الكذابين من الأنبياء الحقيقيين، في أن تعاليم الأنبياء الكذابين لم تتسق دائما مع الكتاب المقدس وفي أن نبواتهم لم تتحقق دائما (تثنية ١٨:٢٠ـ٢٢؛ غلاطية ١:٦ـ٩؛ يوحنا الثانية ٩ـ ١١).
عند فحص رؤى "الأنبياء" العصريين، نجد بشكل ثابت أنها تتعارض في نهاية المطاف مع الإنجيل و/أو أن توقعاتهم تبوء بالفشل.
استشهدنا في وقت سابق بالعديد من الأمثلة على هذا. لإثبات صحة ذلك في أية قضية محددة، ما عليك ببساطة سوى أن تفحص "رؤاهم" وفقا لهذه المبادئ. ومن ثم، لابد أن يكونوا أنبياء كذابين، وليس حقيقيين.
يحذر الإنجيل من المعجزات المزيفة:
أعمال ٨:٩ـ١٣؛ تسالونيكي الثانية ٢:٩ـ١٢؛ متي٢٤:٢٤؛ وغيرها.
كما سبق دراسته، تميزت كل معجزة حقيقية دائما بجميع الخصائص التالية:
* كان هناك دليل دامغ على أن الحدث قد وقع فعلا.
* وقع الحدث في الحال (أو في الوقت المحدد الذي عينه الله بالضبط)
* لم تبوء أية محاولة للقيام بمعجزة بالفشل (سواء من قبل يسوع أو رسله بعد تلقيهم لمعمودية الروح القدس).
* حققت النتائج الغرض المقصود منها دائما بشكل كامل وتام.
* كان من الواضح أن الحدث مستحيل عن طريق القانون الطبيعي.
أمكن تمييز الرجال الذين تمتعوا بقوى خارقة حقا من أولئك الذين صنعوا معجزات كاذبة بمقارنة خصائص أعمالهم .
لإثبات أنهم حقا من عند الله، كان الرجال الذين تمتعوا حقا بقوى خارقة على استعداد لصنع المعجزات حتى في حضرة المعلمين الكذابين، وتميزت جميع معجزاتهم دائما بجميع خصائص المعجزات الحقيقية. كان صانعي المعجزات المزيفة معروفين بحقيقة أن أعمالهم افتقرت إلى الخصائص المميزة للمعجزات الحقيقية (أعمال ٨:٥ـ١٣؛ ١٣:٦:١٢؛ ١٩:١١ـ١٧؛ ملوك الأول ١٨:٢٠ـ ٤٠؛ خروج ٧ـ ١٢(وخصوصا ٨:١٧ـ ١٩)؛ راجع أيضا الأمثلة المعطاة سابقا.
بفحصها بدقة، نجد أن أعمال جميع "صانعي المعجزات" في العصر الحديث تفتقر إلى بعض أو كل خصائص المعجزات الحقيقية.
سبق وأعطينا أمثلة على هذا. مرة أخرى، لإثبات ذلك في أية قضية محددة، ما عليك ببساطة سوى أن تقارن الأحداث التي زعم الناس أنها "معجزات" بخصائص معجزات الكتاب المقدس.
عمليا، عادة ما يرفض هؤلاء صنع معجزة في حضور أشخاص لا يؤمنون بأنهم قادرين على صنعها أو أولئك الذين يزعم "صانعي المعجزات" أنهم "معلمين كذابين". بدلا من ذلك، تراهم يعتمدون على "شهادة" أولئك الذين "أبرئوهم" سابقا. لكن هذا يبرهن ببساطة على أنهم دجالين، لأن الرجال القادرين على صنع معجزات حقيقية لم يرفضوا صنعها لهذه الأسباب.
نسمع اليوم باستمرار عن أناس يزعمون أنهم قد تلقوا معجزات أو أنهم قادرين على صنعها. إذا كانت هذه المواهب موجودة اليوم، فينبغي أن يكون هناك العديد من الأمثلة التي تتسم بخصائص معجزات الإنجيل الحقيقية. لكن كل ما نجده هو زائف دائما. لذلك لابد لنا أن نستنتج بأن المواهب قد توقفت، وأن جميع أولئك الذين يزعمون تمتعهم بالمواهب هم دجالين.
راجع الملاحظات السابقة حول الأدلة المحددة.
منحت بعض المواهب لغرض تسليم مشيئة الله.
تم إنجاز هذا العمل بحلول نهاية حياة الرسل الأصليين. تسلم الرسل الحق كله من الله وسلموه إلى الناس لكي يعرف الإنسان كيف يرضي الله وينال الخلاص. ثم دونوا هذه الرسالة في الكتاب المقدس.
بعد ذلك، وعد الله بالحفاظ على هذه الرسالة لجميع الأجيال في الكلمة المكتوبة. أي أن لدينا اليوم الكشف الكامل عن مشيئة الله مدونا في الكتاب المقدس (تيموثاوس الثانية ٣:١٦، ١٧).
نحن لسنا في حاجة إلى مزيد من الوحي اليوم، إذ قد تم إنجاز الغرض من مواهب الوحي المباشر.
منحت بعض المواهب لغرض تأييد الوحي الذي أعطاه الله.
ربما خدمت المواهب أغراضا أخرى، لكن هذا كان الغرض الرئيسي وكان العامل الذي يحدد ما إذا كان سيتم صنع معجزة أم لا. عندما لم تكن هناك حاجة إلى معجزة لتحقيق هذا الغرض، لم تصنع المعجزات.
يوحنا ٢٠:٢٩ـ ٣١ ـ ـ بالإضافة إلى تسجيل الكشف عن مشيئة الله، يسجل الكتاب المقدس أيضا شهادة شهود العيان بخصوص المعجزات التي تؤكد أن الرسالة هي من عند الله. نحن لسنا في حاجة إلى معجزات اليوم لإقناعنا بالإيمان بالله وبالإنجيل. لدينا أدلة وافية في الكلمة المكتوبة.
يترتب على هذا أنه حين لم تعد هناك حاجة إلى الوحي المباشر، لم تعد هناك حاجة إلى موهبة تأييد الوحي. تم إنجاز هذا العمل خلال فترة حياة الرسل الأصليين، لذلك لم تعد هناك حاجة إلى هذه المواهب.
تأمل بعض الأمثلة:
قام الله بجميع هذه الأعمال ذات مرة لكنها توقفت لأنها قد أنجزت الغرض منها. لاحظ أيضا أن الكثير منها هي معجزات. هل تستطيع أن تسمي أي عمل واصل الله القيام به بعد أن أنجز الغرض منه، عندما لم تعد هناك حاجة إليه؟
كنا قد فحصنا في جزء سابق من هذه الدراسة، المحاولات التي يقوم بها البعض لإثبات أن هناك حاجة إلى المعجزات اليوم. لكننا أظهرنا أنهم يزعمون، إما أمورا لا حاجة بنا إليها اليوم وفقا للإنجيل، أو أمورا لم يقصد لها في أيما وقت أن تكون الغرض من المعجزات.
النسق الواضح هو أن الله يتوقف عن القيام بأعمال، بما في ذلك صنع المعجزات، عندما تنجز الغرض منها. قد أتمت جميع المعجزات الآن الغرض منها، لذلك ينبغي أن يقنعنا النسق الذي عمل الله وفقه في الماضي بأنها قد توقفت جميعا.
كما درسنا في وقت سابق، لم تعد الوسائل التي يستطيع الناس بواسطتها تلقي هذه المواهب موجودة اليوم.
١. معمودية الروح القدس
لم تكن معمودية الروح القدس أبدا شرطا أو حتى وعدا موجها إلى جميع الناس. لم يقل الله أبدا أنه سيواصل منحها للناس على مدى الأجيال.
كان الغرض من معمودية الروح القدس هو منح الناس قدرات خارقة. إلا أن هذه القدرات قد أتمت الغرض منها ولم يعد هناك حاجة إليها. وبما أن هذه المواهب نفسها قد توقفت، يترتب على ذلك أنه لم تعد هناك حاجة إلى معمودية الروح القدس لمنح هذه القدرات.
أفسس ٤:٣ـ ٦ ـ ـ هناك معمودية واحدة اليوم.
قد درسنا أن ماء المعمودية هو وصية لكل الناس من جميع الأجيال. في الواقع، تمارس اليوم كل الجماعات تقريبا شكلا من أشكال المعمودية، بما في ذلك أولئك الذين يزعمون أيضا معمودية الروح القدس.
معمودية الروح القدس ومعمودية الماء هما معموديتين منفصلتين ومتميزتين (أعمال ١:٥). لكن الفصل الرابع من رسالة أفسس يقول بشكل واضح، أنه حين كتب بولس رسالته إلى أفسس، لم تكن هناك سوى معمودية واحدة فقط. لا يمكننا اليوم ممارسة معموديتين منفصلتين ومتميزتين بأكثر مما يمكننا عبادة أبوين سماويين!
أي أنه في حين كانت هناك عدة معموديات تمارس في أوقات مختلفة، بحلول الوقت الذي كتبت فيه الرسالة إلى أفسس، كانت جميع هذه المعموديات قد توقفت باستثناء واحدة. لكننا نعرف أنه يجب مواصلة التعميد بالماء على مدى الأجيال. لذلك، فلابد أن تكون معمودية الروح القدس قد توقفت قبل كتابة الرسالة إلى أفسس.
٢. وضع أيدي الرسل
تلقى الناس المواهب الروحية أيضا عن طريق وضع أيدي الرسل. لكننا سبق ورأينا أن الرسل كانوا الوحيدين القادرين على نقل المواهب بهذه الوسيلة. وحتى عندما تلقى الناس هذه المواهب من الرسل لم يستطيعوا بدورهم نقلها إلى الغير.
قد أتم تلقي المواهب بهذه الوسيلة الغرض منه أيضا وتوقف، كما سنرى، بما أنه لا يوجد رسل اليوم.
سواء عن طريق معمودية الروح القدس أو بوضع أيدي الرسل، لم يتلقى أي شخص على الإطلاق القوى الفائقة بعد قيامة يسوع إلا عن طريق المشاركة الشخصية والمباشرة من قبل أحد الرسل.
لكننا رأينا أيضا أنه لا يوجد اليوم من يستوفي مؤهلات الرسل.
شارك الرسل دائما في تلقى أي شخص لقوى الروح الخارقة، لكن الرسل ليسوا موجودين اليوم. لذلك، ليست هناك وسيلة يستطيع الناس بواسطتها اليوم تلقي المواهب. لابد أن تكون المواهب قد توقفت حين توفى آخر الرسل. ينسجم هذا مع الأدلة المقدمة سابقا.
يناقش السياق في الفصول ١٢، ١٣، و١٤المواهب الروحية.
يعدد الفصل الثاني عشر المواهب (١٢:٤ـ١١) ويبين أنه كان لكل منها غرضا نافعا في فترة وجودها. لكن ١٢:٣١ يباين المواهب بما هو "أفضل منها كثيرا".
يبين الفصل الثالث عشر أن "الطريق الأفضل منها كثيرا" هو المحبة. المحبة هي أعظم من المواهب الروحية لأن المحبة سوف تدوم إلى الأبد، في حين أن المواهب كانت مؤقتة وفي طريقها إلى الزوال.
يشرح الفصل الرابع عشر الأنظمة المتعلقة بالاستخدام السليم للمواهب الروحية خلال فترة وجودها المؤقت.
متى ولماذا ستتوقف المواهب الروحية؟ ـ ١٣:٨ ـ١٠
ستتوقف المواهب لأنها كانت "ناقصة" (آية ٩، ١٠) ـ لم تكن كاملة وافتقرت إلى الكمال.
ستتوقف "عندما يأتي الكامل" (آية ١٠). لاحظ التباين بين "الكامل" و "الناقص" (المواهب الروحية). سوف يكمل "الكامل" ما كان ناقصا أو يفتقر إلى الكمال من المواهب الروحية. إذا استطعنا تحديد ماذا كان "ينقص" المواهب الروحية كان بوسعنا أن نفهم متى ولماذا ستتوقف.
بأي معنى كانت المواهب "ناقصة"
الجواب المنطقي الوحيد هو أنه في الوقت الذي كتب فيه بولس هذه الكلمات، كانت المواهب قد أنجزت الغرض منها جزئيا فقط.
عملت المواهب عندئذ على تسليم مشيئة الله إلى الإنسان (كثيرا ما يرد هذا الاستخدام للمواهب في الفصول ١٢ـ١٤). لكن هذا العمل لم يكن قد اكتمل بعد عندما كتب بولس هذه الرسالة.
طالما أن هناك تباينا بين "الكامل (التام)" و "الناقص"، نستنتج أن "الكامل" لابد وأن يشير إلى الكشف الكامل عن الحق كله. عندما تم تسليم الوحي بكامله، كانت المواهب الروحية قد أنجزت الغرض منها ولم تعد هناك حاجة إليها، لذلك توقفت.
متى حدث هذا؟ قرب نهاية حياة الرسل الأصليين، كما رأينا! تذكر أنه كانت هناك حاجة إلى المواهب لأن الكلمة المكتوبة لم تكن متوفرة للتداول بين الناس. في الحقيقة كانت هناك حاجة إلى المواهب لإعطاء الناس الكلمة المكتوبة. عندما اكتمل الكتاب المقدس، لم تعد هناك حاجة إلى الوحي المباشرـ لذلك توقف.
توضيح:
لا يستطيع الطفل الكلام أو المشي بشكل جيد. يشرب الحليب فقط، يحتاج إلى من يغير له ملابسه، إلى آخره. فيما ينمو، فإنه يبطل ما هو للطفل. وبالتالي، عندما بدء الله في الكشف عن البشارة، كانت هناك حاجة إلى موهبة النبوة، الألسنة، وغيرها لتسليم الكلمة. لكن عندما بلغت الكلمة مرحلة النضج ـ أي سلمت بالتمام ـ لم تعد هناك حاجة إلى المواهب الخاصة بتسليمها لذلك توقفت.
توضيح آخر: يحتاج المرء إلى مطرقة، منشار وغيرها لبناء منزله. عندما يكتمل بناء المنزل، لا تعود هناك حاجة إلى الطرق والنشر، لذلك يتوقفان. وبالتالي كانت هناك حاجة إلى المواهب أثناء فترة الكشف عن البشارة، لكنها توقفت عندما اكتمل الوحي.
يصف يعقوب ١:٢٥ البشارة بأنها "شريعة الحرية الكاملة".
يعتقد البعض أن "ما هو كامل" يشير إلى مجيء يسوع المسيح الثاني (إما يسوع المسيح نفسه أو ثمة حدث آخر عند عودة يسوع).
* أين يشير السياق إلى عودة يسوع؟ كيف تتباين المواهب الروحية ("ما كان ناقصا") مع يسوع ("ما كان كاملا ")؟ لا ينطبق مجيء يسوع الثاني على السياق ولا يتسق مع منطق الأحداث.
* هناك تباين بين المواهب الثلاثة المدرجة (النبوة، الألسنة، والمعرفة ـ آية ٨) مع الصفات الثلاثة الدائمة: الإيمان، الرجاء، والمحبة (آية ١٣).
كانت المواهب الروحية مؤقتة ـ ستزول "عند مجيء الكامل" (آية ١٠). لكن الإيمان، الرجاء، والمحبة سوف تبقى بالمقارنة مع المواهب. ومن ثم، فإنها لن تزول "عند مجيء الكامل".
لا يمكن أن يشير هذا إلى مجيء يسوع الثاني، لأن ذلك يعني أن الإيمان والرجاء سوف يتوقفان (رومية ٨:٢٤؛ كورينثوس الثانية ٥:٧؛ عبرانيين ١١:١). القول بأن المواهب الروحية سوف تستمر حتى عودة يسوع يعني أن المواهب ستدوم مثل الإيمان والرجاء؛ لكن هذا هو عكس ما يقوله المقطع تماما.
لابد للمواهب الروحية من أن تتوقف قبل مجيء يسوع الثاني. الوقت الوحيد المعقول لحدوث ذلك هو عند الانتهاء من تدوين الكتاب المقدس.
إصرار البعض على أننا بحاجة إلى المواهب الروحية اليوم هو شيء غير عقلاني كإلباس رجل بالغ حفاظ طفل وإرضاعه من زجاجة حليب!
ترجمت "مرة واحدة" إلى "مرة وإلى الأبد" (طبعة الملك جيمس الجديدة، الطبعة الأمريكية الموحدة، وغيرها). تستخدم للتعبير عما قد "تم إنجازه بطريقة تجعله صالحا دائما وأبدا دون حاجة إلى تكرار" ـ ثاير
عبرانيين ٩:٢٦، ٢٨؛ ١٠: ١٠؛ ٧: ٢٦، ٢٧؛ بطرس الأولى ٣:١٨ ـ ـ "مرة واحدة" (نفس الكلمة اليونانية) تصف موت يسوع بالتباين مع ذبائح الحيوانات.
لم تمحو ذبائح العهد القديم الخطايا بالكامل، لذلك تعين مواصلة تقريبها. لكن موت يسوع كان كاملا وكافيا لإزالة جميع خطايا جميع الناس من جميع الأجيال بالكامل، لذلك حدث "مرة واحدة" فقط. ليست هناك حاجة إلى تكراره، لذلك لن يتكرر أبدا. القول بأننا نحتاج إلى مزيد من الذبائح هو إنكار لتضحية يسوع الكاملة.
بالمثل، سلم الإيمان "مرة واحدة" (إلى الجميع).
استمرت المواهب الروحية ما دام الكشف عن عهد الله الجديد والكامل لم يكتمل بعد. لكن العهد الجديد الكامل قد سلم تماما وكلية إلى الناس في القرن الأول. ليست هناك حاجة إلى تسليمه مرة أخرى، لذلك لن يتم أبدا تسليمه مرة أخرى. وعليه، فإن المواهب الروحية التي سلم بواسطتها قد توقفت. القول بأننا ما زلنا بحاجة إلى المواهب الروحية هو إنكار لكمال العهد الجديد.
كل شيء صنعه يسوع كان كاملا. إنه لم يعطينا ضحية كاملة عن الخطيئة فقط، بل أعطانا أيضا العهد الجديد الكامل ليدلنا على وسيلة الحصول على الغفران (عبرانيين ١:١، ٢؛ يعقوب ١:٢٥). لن يعاد تسليم العهد الجديد مرة أخرى، لأن الوحي الذي بين يدينا لا يحتاج إلى تحسينات، تماما مثلما لن يتكرر موت يسوع أبدا لأنه لا يحتاج إلى تحسينات.
إن ما يقوله كل من يطمح إلى المواهب الروحية اليوم (ربما عن غير قصد) هو أنه يفتقر إلى الإيمان بالإنجيل ككشف كامل وتام عن مشيئة الله. أولئك الذين يجدون كفايتهم في الإنجيل يدركون إدراكا كاملا أنهم لا يحتاجون إلى أي وحي آخر، وبالتالي يؤمنون بما يقوله الله من أنه لن تكون هناك إيحاءات أخرى.
قد سبق وأجبنا على العديد من هذه الحجج، لكن إليك ما تبقى منها:
يقدم هذا الاعتراض عندما نتحدى أولئك الذين يؤمنون بالمعجزات لكي يثبتوا لنا أنها موجودة اليوم من خلال القيام ببعض منها (أنظر أيضا متي ١٦:١؛ يوحنا ٢:١٨؛ ٦:٢٦ـ٣٠؛ كورينثوس الأولى١:٢٢).
وقد قاموا بذلك في حضور المعلمين الكذابين وغير المؤمنين، لكي يتمكن الناس من فحص المعجزات ورؤية الفروق بينها وبين المعجزات المزيفة. من الواضح أنهم لم يعتقدوا بأن طلب الناس للآيات، في العهد الذي تواجدت فيه، كان "شرا أو فسقا".
على العكس من ذلك، لقد أظهرنا عن طريق الكتاب المقدس بأن الغرض من المعجزات كان تأييد الرسالة. صنعت المعجزات عمدا لتقديم أدلة للحاضرين.
يوحنا الأولى ٤:١ ـ ـ يأمرنا الله بوضع المعلمين موضع الاختبار لمعرفة ما إذا كانوا يقولون الحق. هذا هو كل ما نسعى إلى القيام به.
لم يوبخ هؤلاء الذين طلبوا آية ليستطيعوا تحديد ما إذا كان من عند الله أم لا، بل أولئك الذين شهدوا العديد من الآيات (أنظر متي ٤ـ١٢، وخصوصا ١٢:٩ـ١٤، ٢٢ـ ٢٤). لكنهم بدلا من الإيمان والتوبة (آية ٤١)، طلبوا مزيدا من الآيات.
لكن هذا ليس حالنا. نحن لم نرى أية آيات على الإطلاق!! يكون المرء "شريرا وفاسقا" فقط عندما يكون قد عاين بالفعل ما يكفي من الأدلة لكنه رغم ذلك لا يزال يرفض الإيمان ويطلب المزيد من الأدلة.
عندما نتحدى أولئك الذين يؤمنون بالمعجزات الحديثة، فإنهم يستجيبون بالاستشهاد بسلسلة لا تنتهي من الحجج والشهادات في محاولة لإثبات أن لديهم معجزات حقا. وقد شارك بعض منهم في العديد من المناظرات العامة لإثبات وجود مثل هذه المعجزات!
يسوع لم يناقش أو يجادل أو يدلي بشهادات لإثبات أنه يستطيع صنع المعجزات. عندما علم أن الناس بحاجة إلى رؤية معجزة، قام بصنعها. عندما علم أنهم قد عاينوا ما يكفي من الأدلة ورغم ذلك لم يؤمنوا، وبخهم وتركهم. لم يحاول قط مناقشتهم لكي يؤمنوا بأنه يستطيع صنع المعجزات.
من شأن هذه الآية أن ترضينا. فليقيموا أحدا من الموت، حيث يمكننا أن نرى ونعرف أن ذلك قد حدث فعلا، ولن نطلب بعد ذلك أية معجزة أخرى!
لقد تم منحهم بالفعل أدلة كافية من المعجزات كما هم مدون في الكتاب المقدس (يوحنا ٢٠:٣٠، ٣١). لكنهم لا يقتنعون بتلك المعجزات، لذلك يواصلون طلب المزيد! هذا هو بالضبط ما وبخ عليه يسوع.
نحن مقتنعون بالمعجزات التي قام بها يسوع ورسله والأنبياء في ذلك العصر. كانت كافية لإنجاز مقاصد الله، لذلك توقفت. هؤلاء الذين يزعمون أن المعجزات لا تزال موجودة اليوم هم الذين لا يكتفون بالمعجزات التي صنعها الله في ذلك الحين.
لذلك يجادلون أنه، إذا كان قد صنع المعجزات "بالأمس"، فلابد أنه لا يزال يصنعها "اليوم".
إذا كانت هذه الحجة صحيحة، فلابد لله من أن يواصل صنع المعجزات إلى الأبد. لكن ذلك يتعارض بوضوح مع كورينثوس الأولى ١٣:٨ ـ١٠، والتي يتفق الجميع على أنها تقول أن المعجزات سوف تتوقف في يوم ما.
سبق وأدرجنا العديد من الأمور التي قام بصنعها، بما في ذلك المعجزات. النقطة الأساسية من سياق الرسالة إلى العبرانيين هي أنه قد توقف عن القيام بالعديد من الأمور التي قام بها في ظل العهد القديم.
إذا كان قد توقف عن القيام بجميع هذه الأعمال، بما في ذلك هذه المعجزات، دون انتهاك عبرانيين ١٣:٨، فلماذا لا يستطيع التوقف عن القيام بجميع المعجزات دون انتهاك عبرانيين ١٣:٨؟
لا تزال صفاته دون تغيير. إنه محب، رحيم، عادل، وكلي القدرة دائما ـ ليس في هذا أي تغيير. لكن أعماله ومشيئته للناس أجمعين قد تغيرت، بما في ذلك المعجزات.
يقال لنا أنه، عن طريق معجزاته، أظهر الله محبته ومنح بركاته للناس في العهد القديم وفي القرن الأول. توقفه عن ذلك، يعني أنه يحابي الوجوه وأنه لا يحبنا كما أحب هؤلاء.
لم يمنح بعض المؤمنين أية مواهب روحية على الإطلاق، وأولئك الذين منحت لهم اختلفوا في مواهبهم. كما سبق وأظهرنا أيضا أن بعض الناس تلقوا معجزات (مثل الشفاء الأعجوبي) وآخرين لم يتم لهم ذلك. (راجع الملاحظات حول الغرض من المعجزات).
هل جعل ذلك من الله شخصا محابيا للوجوه؟ ألم يحب الله جميع هؤلاء الناس؟
هل يمتلك كل مؤمن اليوم جميع القدرات الروحية التي يمتلكها سائر المؤمنين بالضبط؟ هل يتلقى كل مؤمن اليوم نفس المعجزات التي يتلقاها سائر المؤمنين؟
إذا كان الجواب بالنفي، هل يجعل هذا من الله شخصا محابيا للوجوه؟ ألا يحب الجميع اليوم بنفس القدر؟ لماذا يستطيع الناس أن يؤمنوا بأن الله يمنح مختلف الهبات إلى مختلف الناس وأنه ليس في هذا أي تحيز أو نقص في المحبة، لكن إذا قلنا أن الجميع متساوون اليوم (لا يمتلك أي شخص أية مواهب)، يتهموننا بأننا نجعل من الله شخص متحيزا يفتقر إلى المحبة؟
إنه يفترض بأننا، رغم أن لدينا الكتاب المقدس، أقل فضلا بعض الشيء من أولئك الذين تمتعوا بالمواهب الروحية. صحيح أننا لا نمتلك مواهب روحية مثلهم؛ لكن صحيح أيضا أن لدينا الكتاب المقدس الكامل الذي لم يكن متوفرا لهم. في الواقع، كان سبب توقف المواهب هو أن لدينا الإنجيل الآن، وبالتالي فإن المواهب لم تعد ضرورية.
نحن لسنا أقل فضلا من الناس في عصر المعجزات، لذلك فإن الله ليس محابيا للوجوه ولم يظهر أي نقص في المحبة تجاهنا. الإيمان بخلاف ذلك يشكل استخفافا ببركة الكتاب المقدس.
مرة أخرى، يثبت هذا النقاش أن أولئك الذين يطمحون إلى المعجزات اليوم لا يقدرون الإنجيل حق قدره!
على وجه الخصوص، ليس مطلوبا منه إطلاقا أن يمنح الجميع قدرات أو بركات متساوية. إذا كانت المحبة والنزاهة تتطلبان منه أن يصنع المعجزات اليوم كما في الماضي، فلماذا لا نجادل أنه يتعين عليه أن يباركنا بالتساوي في جميع المجالات الأخرى؟ هل يجب أن نتمتع جميعا بنفس القدرات، الصحة، الرخاء المادي، وما إلى ذلك؟
النقطة الرئيسية في كورينثوس الأولى ١٢ هي، رغم أن الله يمنح مختلف المواهب إلى مختلف الناس، لا ينبغي لهذا أن يكون سببا في إثارة المشاكل بيننا. بوسع الجميع أن يرضوا الله بالتساوي إذا استخدموا القدرات التي يعطيها.
أعمال ١٠:٣٤، ٣٥ ـ ـ يتعلق حياد الله بما إذا كنا مقبولين لديه أم لا. وليس بالقدرات والنعم التي نحصل عليها في هذه الحياة.
القول بأن المحبة والنزاهة تتطلبان منه أن يمنح الجميع مواهب متساوية يتعارض بشكل قاطع مع الآيات المقدسة التي تناقش المواهب الروحية!
يقال لنا أن الله هو كلي القدرة، لذلك يمكنه دائما القيام بالمعجزات. وحين نقول أنه قد توقف عن صنعها، فإننا ننكر أو نحد من قدرته.
انظر قائمة النقاط التي نوقشت سابقا. لاحظ أن القائمة تشتمل حتى على بعض المعجزات. إذا كان الله قد توقف عن القيام بها، هل يثبت ذلك أنه يفتقر إلى القدرة على القيام بها؟
هل تنكر أنت أن الله قد توقف عن القيام بهذه الأعمال؟ إذا كنت موافقا على أن الله قد توقف عن القيام ببعض هذه الأعمال، هل يعني ذلك أنك تحد من قدرته؟
إذا كان بإمكانك أن تفهم كيف يمكن لله أن يتوقف عن القيام بأي من هذه الأعمال، وأن يبقى مع ذلك كلي القدرة، ففي وسعك أن تفهم بنفس السهولة، أنه يستطيع أن يتوقف عن صنع جميع المعجزات وأن يبقى مع ذلك كلي القدرة.
هناك العديد من الأمور التي يمتلك الله القدرة على القيام بها، لكنه يختار عدم القيام بها، لأنها لا تنسجم مع مشيئته تعالى. فيما يتعلق بالأعمال التي أثبتنا أن الله قد توقف عن القيام بها، سبب توقفه عن القيام بها هو أنه لا يشاء القيام بها وليس لأنه يفتقر إلى القدرة على القيام بها.
لقد أظهرنا منذ البدء أن الله يتوقف عن القيام بالأعمال التي تم إنجاز الغرض منها. ليست المسألة أنه يفتقر إلى القدرة على القيام بها، لكنها ببساطة لم تعد تنجز مقاصده. لذلك توقفت.
نحن لا ننكر قدرة الله. إذا كانت مشيئته هي القيام بها، فإنه قادر على ذلك. لكنها ليست مشيئته.
ليست المشكلة هي أننا ننكر قدرة الله. المشكلة هي أن أولئك الذين يصرون على وجود المعجزات اليوم ينكرون مشيئة الله!
يقال لنا أن ذلك يشير إلى المؤمنين الذين تم لهم الخلاص (آية ١٦). لا يزال الناس يؤمنون اليوم، لذلك يقال لنا أنه لابد للآيات من أن تكون موجودة اليوم.
مع ذلك فإن كورينثوس الأولى ١٣:٨ ـ١٣ تقول بالتأكيد أن المواهب الروحية ستتوقف في حين أن الإيمان سيستمر.
هذه الحجة التي تستند إلى الفصل السادس عشر من إنجيل مرقس تتناقض بشكل صريح مع الفصل الثالث عشر من كورينثوس الأولى!
إذا كانت "هم الذين يؤمنون" في آية ١٧، ١٨ تعني جميع الذين تم لهم الخلاص (آية ١٦)، فلابد أن يصنع جميع المؤمنين الحاصلين على الخلاص الآيات المدرجة.
يترتب على ذلك أن أولئك الذين لا يصنعون المعجزات لا بد وأن يكونوا غير مؤمنين، وبالتالي سوف يدانون! هل هذا هو حقا ما تؤمن به؟
في الواقع، يعرف العديد من الأشخاص الذين يؤيدون هذه الحجة أناسا ممن يعتقدون بأنهم قد نالوا الخلاص لكنهم لا يستطيعون صنع المعجزات. وكثيرون منهم لا يستطيعون هم أنفسهم أن يصنعوا أية معجزة!
لكن إذا كان مرقس ١٦:١٧، ١٨ يشير إلى جميع المؤمنين، كان لدينا إذن تناقضا مع غيرها من الآيات.
إذا كانت هذه الآيات سوف تصحب الذين يؤمنون، وهذا يعني جميع الذين نالوا الخلاص في آية ١٦، فينبغي أن تتجلى جميع هذه الآيات إذن بين المؤمنين.
مع ذلك، فإن العديد من مؤيدي هذه الحجة لا يصنعون جميع هذه المعجزات ولم يعاينوا صنع بعض منها قط. لما لا؟
مع ذلك فإن العديد ممن يزعمون وجود المعجزات في العصر الحديث لا يؤمنون حقا بما تقوله آية ١٦ حول ضرورة المعمودية، أو يناقضون بعض تعاليم الكتاب المقدس الأخرى.
علاوة على ذلك، فإن أولئك الذين يزعمون صنع المعجزات غالبا ما يناقضون بعضهم البعض، على الرغم من حقيقة أن جميعهم يعطون شهادات مماثلة. من منهم يجري تأييده؟ هل يؤيد الروح تعاليم كاذبة؟
يجادل أولئك الذين يؤمنون بوجود المعجزات في يومنا هذا بأن آية ١٧، ١٨ تشيران إلى أولئك في آية ١٦ الذين هم بحاجة إلى الإيمان. لكنهم يتجاهلون السياق الذي يذكر جماعة أخرى هي بحاجة إلى الإيمان. هؤلاء التي أوصاهم يسوع أن يعلنوا الأخبار السارة كانوا بحاجة إلى الإيمان (آية ١١ـ ١٥) تماما مثل أولئك الذين سمعوا البشارة (آية ١٥، ١٦). أي هي الجماعة التي سوف تؤمن وتصنع المعجزات وفقا للآيات ١٧، ١٨؟
يتحدث يسوع هنا إلى الرسل. إنهم هم الذين في حاجة إلى الإيمان لكي يصنعوا هذه الآيات.
تجيب الآية الثانية عشر موضحة من هم الذين صنعوا الآيات. كان الخطباء هم الذين صنعوا الآيات (الرسل). لذلك، فإنهم هم الذين يشار إليهم في آية ١٧، ١٨ وليس أولئك الذين يسمعون ويؤمنون (آية ١٦). ينسجم هذا مع التعاليم الأخرى التي سبق لنا دراستها عن المعجزات.
وبالتالي فإن مرقس ١٦:١٧، ١٨ يعني ببساطة أن الرسل كانوا في حاجة إلى الإيمان لكي يتمكنوا من صنع المعجزات. تؤكد آية ٢٠ أنهم هم الذين صنعوا المعجزات. عندما يزعم البعض أن المقطع يعد جميع المؤمنين بصنع المعجزات، فإنهم يناقضون السياق، يناقضون مقاطع أخرى، ويناقضون الواقع.
لعبت المعجزات والمواهب الروحية دورا أساسيا في خطة الله. يجب علينا أن نفهم هذا الدور وأن نقدره حق قدره.
كانت القوى الفائقة عنصرا أساسيا في الكشف عن كلمة الله وتدوينها في الكتاب المقدس وتأييدها لتصبح مشيئة الله. نحن بحاجة إلى احترام وتقدير هذه الرسالة حق قدرها.
لكن عندما اكتملت الرسالة، لم تعد هناك حاجة إلى المواهب الروحية، ولذلك توقفت. الإيمان بغير ذلك ينم عن إساءة فهم مشيئة الله وعن عدم تقدير الكتاب المقدس. نتيجة لذلك يجري الإيمان بالكثير من المعتقدات الباطلة وممارستها.
حقوق الطبع محفوظة ٢٠٠٠،
ديڤيد أي. پرات
Please bookmark our site in your favorites.
We welcome links to us from other sites :
gospelway.com
- The Gospel Way: Free Bible Study Materials & Guides
Scripture quotations are generally from the New King James Version (NKJV), copyright 1982, 1988 by Thomas Nelson, Inc. used by permission. All rights reserved.